أكدت القاضي الفرنسية آن روزنزويغ أن الوسائل البديلة لفضّ النزاعات، تعتبر ضرورة وطنية لخدمة الاقتصاد وتنمية الاستثمارات الأجنبية، مشيرة إلى أن المستثمرين الأجانب يجدون في الوسائل البديلة أداة إضافية لصيانة حقوقهم وحفظ رؤوس أموالهم من العبث والضياع.

جاء ذلك خلال حوارية نظمتها كلية الحقوق في جامعة البحرين مؤخراً، بعنوان: "الدور الفعال للوسائل البديلة في فض النزاعات في القانون الفرنسي".

وعرفت القاضي الفرنسية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، بأنها الطرق والآليات التي يلجأ إليها الأطراف لحل نزاعاتهم خارج نطاق المحاكم والهيئات القضائية الرسمية.

وأوضحت أن الوسائل البديلة تشمل: التحكيم، والوساطة، والتوفيق، التي عرفت انتشاراً واسعا في الآونة الأخيرة، بفعل تطور ظروف التجارة والاستثمار على الصعيدين الوطني والدولي، لما تتضمنه من اقتصاد في الوقت والنفقات لحل النزاعات".

وكانت عضو هيئة التدريس المختصصة في هذا المجال في قسم القانون الخاص بكلية الحقوق في الجامعة د.وفاء الوافي، قدمت القاضي الفرنسية في كلمة ألقتها باللغة الفرنسية، مشيرة إلى أهمية موضوع الوسائل البديلة في تسوية النزاعات.

وقالت الوافي: "يعد موضوع الوسائل البديلة من أهم الموضوعات القانونية اليوم، نظراً إلى التزايد المستمر في معدلات تسوية النزاعات بطريقة ودية، وهو الأمر الذي يدلل على نجاح هذه الوسائل".

وأضافت: "لدينا في مملكة البحرين تشريعات حديثة تنظم اللجوء إلى هذه الوسائل في فض النزاعات"، ضاربة عدة أمثلة في هذا السياق.

وأقيمت الجلسة في مدرج كلية الحقوق في الحرم الجامعي بالصخير، بحضور القائم بأعمال عميد الكلية صلاح محمد أحمد، وأساتذة الكلية وطلبتها، وأدار الحوارية رئيس قسم القانون الخاص في الكلية الدكتور محمد سعود العنزي.

ورأت القاضي الفرنسية - التي تعد إحدى المدربات والاستشاريات في مجال الوسائل البديلة - أن هذه الوسائل ترسخ ثقافة الحوار والتسامح، وتنمي العلاقات الاجتماعية والأسرية، إضافة إلى ما تتميز به من مرونة من حيث إجراءات حل النزاع والقواعد المطبقة عليها.

وقالت آن روزنزويغ: "أضحت الوسائل البديلة لحل المنازعات من الوسائل الملائمة للفصل في مجموعة مهمة من المنازعات، كما هو الشأن بالنسبة لمنازعات التجارة الدولية، وحماية المستهلك، والملكية الفكرية، والمنازعات الناشئة في بيئة الإنترنت، والتجارة الإلكترونية، ومنازعات عقود المقاولات، بل حتى المنازعات الأسرية".

وشرحت المحاضرة مفاهيم: التحكيم، والوساطة، والتوفيق، وأسباب لجوء الأطراف إلى كل نوع من الوسائل لفض نزاعاتهم، ونوع النزاعات التي تستهدفها كل وسيلة، وأهم الفروق بينها.

وذكرت أن الوسائل تختلف من ناحية الصلاحيات الممنوحة للمحكم، وللوسيط، وللموفق. كما أنها تختلف من ناحية التكلفة، حيث إن التحكيم حكمه ملزم ويعد مكلفاً مادياً، لذلك يتم غالباً اللجوء إليه في النزاعات التجارية، بعكس التوفيق فهو مجاني في فرنسا.

أما الوساطة فهي ليست مكلفة من ناحية النفقات - بحسب القاضي - ولها دور حيوي خصوصاً في النزاعات الأسرية التي صدر بشأنها قانون في فرنسا مؤخراً سنة 2016م، منوهة إلى أن القانون يشترط على الوسيط أن يجتاز تدريباً مخصصاً، ويحصل على شهادة تخصصية، ليتمكن من فض هذا النوع من النزاعات.

وتحدثت القاضي عن تجربة فرنسا في فض النزاعات الإدارية باللجوء للوسائل البديلة، وعن تجربتها في نظام إدارة الدعاوى، ثم استعرضت آخر التشريعات الفرنسية والأوروبية التي في هذا المجال.

وجرى خلال النقاش مقارنة تشريعات الوسائل البديلة الموجودة في البحرين بالتشريعات الفرنسية من ناحية النطاق والإجراءات.