واستضاف متحف البحرين الوطني الأربعاء محاضرة بعنوان "المنامة: سيرة المكان والإنسان" قدمها د.نادر كاظم، بحضور رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وعدد كبير من المهتمين بتاريخ وتراث البحرين.
وتوجه د.كاظم بالشكر للشيخة مي بنت محمد لجهودها في إعادة إحياء مدينة المنامة القديمة وإلقاء الضوء عليها كواجهة ثقافية وعمرانية أصيلة للمملكة، مؤكداً أن مدينتي المنامة والمحرق التاريخيتين تشكلان نافذة أساسية لفهم تاريخ البحرين الحديث.
وقال د.كاظم إن "المنامة لا تكمن أهميتها كعاصمة مملكة البحرين وواجهتها التجارية الأولى فقط، بل هي مهمة كونها شهدت بداية تأسيس العمل البلدي والجمركي والإدارات الأولى كالصحة والشرطة والكهرباء وغيرها من أنشطة المؤسسات الأهلية والمدنية، إضافة إلى أنها كانت مركزاً خلال مرحلة الاستقلال وما تبعه من تطور سياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي في البحرين".
وأشار د.كاظم إلى أن "مدينة المنامة مرت بأربعة تحولات رئيسة نقلتها من مرحلة إلى أخرى. فالتحول الأول كان في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر حيث تحولت من قرية صغيرة إلى مدينة مزدهرة للتجارة واستقرار الوفود الأجنبية، موضحاً أن هذا التحول كان بسبب سعي بريطانيا إلى ربط مستعمراتها ببعضها البعض من الشرق إلى الغرب إضافة إلى ظهور الثورة الصناعية في بريطانيا بشكل خاص وفي أوروبا بشكل عام، وهو ما ساهم في انتعاش طرق التجارة وتطور أساليب العيش وازدياد الطلب على اللؤلؤ الذي كانت البحرين تنتج أجود أنواعه".
وتابع "خلال التحول الثاني للمنامة، أصبحت المدينة مركزاً للتجارة والترفيه باحتوائها عدداً كبيراً من دور السينما والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، في بداية القرن العشرين. أما المرحلة الثالثة فشهدت تحول المنامة من مدينة عتيقة إلى مدينة فقيرة ذات غالبية سكانية من العمالة الأجنبية بداية من ستينيات القرن الماضي، موضحاً أن هذا التحول جاء بسبب التوقف عن استخدام فرضة المنامة وافتتاح ميناء سلمان وجسر الملك فهد، حيث توقفت الحركة بين فرضة المنامة التي كانت عاملاً أساسياً في ازدهار المدينة، إضافة إلى ظهور طفرة النفط التي سببت استقطاب عمالة أجنبية إضافية من أجل تنفيذ المشاريع العمرانية والاقتصادية الجديدة في المملكة. أما التحول الرابع والأخير فحول المنامة إلى منطقة جذب للسياحة والاستثمارات العقارية الضخمة بسبب الاهتمام بالمدينة على كافة المستويات والاهتمام بإعادة ترميم وإحياء المباني التاريخية، فظهرت مشاريع كبيرة كالمرفأ المالي، جزيرة الريف وغيرها من المشاريع العمرانية المهمة".
وقال د.كاظم إن التغييرات التي شهدتها مدينة المنامة جاءت بسبب عدد من العوامل أهمها انتعاش وكساد تجارة اللؤلؤ، انتعاش تجارة الاستيراد وصناعة الترفيه، التوسع العمراني، الطفرة السكانية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، الطفرة النفطية، تراجع دور الفرضة واحتضار السوق والتحول الديمغرافي ونمو العمالة الأجنبية في المدينة".
وتوقف د.كاظم خلال المحاضرة عند أعداد سكان المنامة والعمالة الوافدة فيها منذ العام 1889 وحتى 2018. وعرض عدداً من الخرائط للمنامة التي تعود إلى مطلع القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين، كما عرض عدداً من الصور التي تظهر أهم معالم مدينة المنامة والتطور العمراني فيها.