وجه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بتوثيق شامل لمسيرة التعليم الوطنية تخليداً لذكراها المئوية، من منطلق "الاعتزاز الكبير بإسهامات كل من حمل رسالة التعليم السامية من رجالنا ونسائنا الكرام".
وقال جلالته، خلال مهرجان البحرين أولاً، إن الذكرى المئوية "ذكرى تاريخية عزيزة، جعلت من بلادنا مركزاً للإشعاع الحضاري، والتنوير المعرفي، والبناء المدني، وصولاً لنموذجنا الوطني الحي، بتراثه الإنساني العريق، وبقدرته على العمل والإنتاج في كافة المجالات".
وتفضل حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى فشمل برعايته الكريمة، الأربعاء، مهرجان البحرين أولاً في نسخته الثانية عشرة للعام 2019، الذي نظمته وزارة التربية والتعليم باستاد البحرين الوطني، وخصص هذا العام للاحتفال بمرور 100 عام على بدء التعليم النظامي الحكومي في البحرين.
وبارك العاهل المفدى في كلمة خلال الحفل النتائج المميزة التي حققتها البحرين مؤخراً، في عدد من المحافل والتقارير الدولية، مشيراً إلى أن فضل ذلك "يعود، من بعد الله، للجهود الحثيثة والمتواصلة لكوادرنا التعليمية، واجتهاد طلبتنا وطالباتنا، وحرصهم جميعاً على رفع راية بلادنا عالياً".
وأعلن جلالته يوم غد (الخميس) إجازة للطلاب "تقديراً منا لأبنائنا وبناتنا"، معرباً عن أمله في أن يصل مؤتمر وزراء التربية العرب، الذي تستضيفه البحرين، إلى "قرارات نوعية تسهم في تسليح أجيالنا بعتاد المستقبل، استعداداً لتحولاته المتسارعة نحو الاقتصاد المعرفي والرقمي، وبما يحقق النماء والرخاء المستحق لشعوبنا العربية".
ولدى وصول موكب جلالة الملك المفدى كان في الاستقبال وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي، الذي قدم لجلالته وزراء التربية والتعليم بالدول العربية، والمديرين العامين لعدد من المنظمات التربوية الإقليمية والدولية، إضافة إلى ممثل لجامعة الدول العربية، الذين يحضرون المهرجان الوطني بدعوة كريمة من جلالته للمشاركة في احتفالات المملكة بمئوية التعليم.
وقوبل العاهل المفدى بالترحيب والهتاف من الطلبة المشاركين في المهرجان الذين تجاوزت أعدادهم 30 ألف طالب وطالبة من المدارس الحكومية والخاصة.
وبدأ الاحتفال بالسلام الملكي، ثم ألقى عرفاء الحفل الطالب عبدالله عبدالجليل من مدرسة مدينة عيسى الثانوية للبنين، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة المدمجين بالمدارس الحكومية، والطالبتان بلقيس العوضي وآمنة بوسميط من مدرسة الاستقلال الثانوية للبنات، والطالب جاسم محمد جمعة من مدرسة التعاون الثانوية للبنين، والطالبة رتاج العباسي من مدرسة الحد الثانوية للبنات، كلمة قالوا فيها:
"حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، يشرفنا جميعاً أن نرحب بجلالتكم أجمل ترحيب في هذا المهرجان الوطني السنوي الكبير، الذي يتزامن هذا العام مع احتفالات الوزارة بمرور 100 عام على بدء التعليم النظامي الحكومي، والذي تحول في ذاكرتنا الوطنية إلى حلم سنوي ننتظره بكل شغف، للتعبير عن خالص محبتنا لكم، ولاستعراض جانب من الإنجازات العديدة التي تحققت في ظل قيادتكم الحكيمة، مرحبين بكل الاعتزاز بضيوف جلالتكم في هذا المهرجان الوطني الكبير".
وألقيت آيات بينات من القرآن الكريم من قبل الطالب: عبدالرحمن مهيدي مطلق من مدرسة الإمام الغزالي الإعدادية للبنين، وهو من الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة المدمجين بالمدارس الحكومية.
المركز الأول عربياً في مؤشرات التعليم
وألقى وزير التربية كلمة قال فيها: "بمزيد من التقدير والاعتزاز يسعدني أن أقف بين يدي جلالتكم في هذه اللحظة الرائعة، لأعبر لكم عن أسمى معاني الشكر والامتنان، أصالة عن نفسي، ونيابة عن جميع منتسبي الوزارة، لتفضلكم حفظكم الله بالرعاية السنوية لهذا المهرجان الوطني، الذي يقام هذا العام احتفاء بمئوية التعليم النظامي الحكومي، حيث إن تشريف جلالتكم الكريم لهذا الاحتفال يعد تقديراً للدور الكبير الذي تضطلع به المسيرة التعليمية المباركة في تنمية الإنسان، وتعزيز قيم المواطنة والانتماء، بما سيترك أطيب وأبلغ الأثر في الميدان التربوي، وسوف يبقى احتفال هذا العام في ذاكرة الأجيال، لجمعه بين البعدين الوطني التاريخي من ناحية، والبعد العربي من ناحية ثانية، بحضور الأشقاء من وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي الكبير، والذين جاءت دعوتهم بناء على توجيهات جلالتكم الكريم، ويتزامن مؤتمرهم الوزاري في مملكة البحرين مع الاحتفال بمئوية التعليم، تأكيداً لما يجمع بين دولنا من أواصر الأخوة والمحبة والتضامن".
وأشار الوزير إلى أن البحرين، بفضل دعم ومساندة جلالة الملك المفدى، حققت مزيداً من النتائج المميزة في التقارير الدولية المرتبطة بمجالي التربية والتعليم، والتنمية البشرية، ومنها ما جاء في تقرير مجموعة بوسطن الاستشارية للعامين 2018 و2019، والذي أظهر أن المملكة احتلت المركز الأول عربياً والثالث على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يخص المؤشرات المتعلقة بالتعليم، إضافة إلى تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام 2018، وتقرير منظمة اليونسكو العالمي بشأن رصد التعليم للعام 2019، وتقرير البنك الدولي بشأن مؤشر رأس المال البشري للعام 2018، وتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بشأن التنافسية والفجوة بين الجنسين للعام 2018، وأكدت جميعها المكانة الرفيعة التي تحتلها البحرين في مؤشرات التعليم.
وأكد الوزير أن الوزارة، بفضل الدعم الذي تحظى به من جلالة الملك المفدى، واصلت تحقيق مزيد من الإنجازات على كافة الأصعدة، وخاصة استيعاب جميع الطلبة من مختلف المراحل الدراسية، وضمان المقعد الدراسي لهم، وتوفير فرص الدمج للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى أصبحت 40% من المدارس الحكومية مطبقة للدمج، تجسيداً لتوجيهات العاهل المفدى بأن يكون التعليم متاحاً للجميع. وأضاف الوزير "كما عملت الوزارة على تنفيذ توصيات جلالته المتعلقة بالتعليم العالي، حيث تم افتتاح كلية عبدالله بن خالد للدراسات الإسلامية، مع البدء في إجراءات تأسيس الجامعة التي تفضل جلالة الملك المفدى بإصدار الأمر الملكي السامي بإنشائها، وهي جامعة عيسى الكبير-الهداية الخليفية، التي ترتبط باسم قائد بارز في تاريخنا الوطني، وهو صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة طيب الله ثراه، والذي بدأ في عهده التعليم النظامي، وترتبط الجامعة أيضاً باسم مدرسة الهداية الخليفية، وهي المدرسة التي نحتفل اليوم بمرور 100 عام على إنشائها، ومن المؤمل أن تشكل هذه الجامعة إضافة غير مسبوقة في التعليم العالي بالمملكة".
وقال الوزير إن الوزارة عملت على تنفيذ توجيهات جلالة الملك المفدى المتصلة بتعزيز التربية للمواطنة، وتوثيق جهود أبناء البحرين ومساهماتهم في ساحات الشرف والفداء، من أجل وطنهم وأمتهم، حيث تم تعميم مشروع المدارس المعززة للمواطنة وحقوق الإنسان، ليشمل جميع المراحل الدراسية، وتم تنفيذ العديد من الأنشطة الطلابية التي تجاوز عددها أربعة آلاف نشاط.
تسليح الأجيال بعتاد المستقبل
وتفضل جلالة الملك المفدى بإلقاء كلمة سامية هذا نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الأساتذة الأفاضل،،
أولياء الأمور الكرام،،
أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات الأعزاء،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
نرحب بداية بضيوفنا الكرام من وزراء ومسؤولين بحقل التربية والتعليم في وطننا العربي، الذين نسعد بحضورهم بداية احتفالات "موسم أفراحنا الوطنية" هذا العام، بمناسبة الذكرى المئوية لانطلاق التعليم النظامي، متمنين لمؤتمرهم، الذي تستضيفه البحرين بالتزامن مع هذه المناسبة الوطنية الهامة، كل توفيق ونجاح، والوصول إلى قرارات نوعية تسهم في تسليح أجيالنا بعتاد المستقبل، استعداداً لتحولاته المتسارعة نحو الاقتصاد المعرفي والرقمي، وبما يحقق النماء والرخاء المستحق لشعوبنا العربية.
وبكل محبة وفخر، أحيي أبنائي وبناتي في هذا التجمع الطلابي السنوي، الذي نحرص على مشاركتهم أفراحه بما يقدمونه من لوحات فنية تعبر عن تقديرهم وحبهم للوطن العزيز، الذي يسمو بهم، ويحمي مصالحهم، على طريق مستقبلهم الواعد، بإذن الله تعالى.
ومن منطلق اعتزازنا الكبير بإسهامات كل من حمل رسالة التعليم السامية من رجالنا ونسائنا الكرام، فقد وجهنا بتوثيق شامل لمسيرة التعليم الوطنية تخليداً لذكراها المئوية، فهي ذكرى تاريخية عزيزة، جعلت من بلادنا مركزاً للإشعاع الحضاري، والتنوير المعرفي، والبناء المدني، وصولاً لنموذجنا الوطني الحي، بتراثه الإنساني العريق، وبقدرته على العمل والإنتاج في كافة المجالات.
وختاماً، لا يفوتنا أن نبارك لكم النتائج المتميزة التي حققتها مملكة البحرين مؤخراً، في عدد من المحافل والتقارير الدولية، ويعود فضل ذلك، من بعد الله، للجهود الحثيثة والمتواصلة لكوادرنا التعليمية، واجتهاد طلبتنا وطالباتنا، وحرصهم جميعا على رفع راية بلادنا عالياً.
كما يسعدنا تقديراً منا لأبنائنا وبناتنا أن يكون يوم غد إجازة لهم، وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
هدية من الطلبة للملك
وتشرف منتسبو الوزارة بتقديم هدية تذكارية إلى عاهل البلاد المفدى، وهي عبارة عن لوحة فنية رسمت خطوطها ونسجت ألوانها الطالبة غدير إبراهيم علي، مستخدمة حواسها وقدرتها على التأمل، حيث تعتبر هذه الطالبة ثمرة طيبة من ثمار دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي.
وشهد المهرجان تقديم أوبريت البحرين أولاً بعنوان "100 عام من التعليم النظامي الحكومي"، وتضمن سبع فقرات غنائية، هي فقرة "الحضارات" من كلمات الشاعر عقيل علواني وغناء الفنان محمد الحلو، وفقرة "الغوص والتحميده" من كلمات الشاعر إبراهيم الأنصاري وغناء الفنان ناصر السعدي والطالب راشد خالد، وفقرة "فتح البحرين" من كلمات الشاعر عبدالله الرمزان النعيمي وغناء الفنان محمد عبده والفنان محمد الكعبي، وفقرة "الهداية" من كلمات د.يعقوب يوسف الغنيم وغناء الفنان محمد التميمي، وفقرة "تعليم البنات واكتشاف النفط وتطوير التعليم الفني والمهني" وهي من كلمات الشاعر محمد الجلواح وغناء الفنان محمد البكري، وفقرة "التطور التعليمي في عهد جلالة الملك حفظه الله" من كلمات الشاعر حسن كمال وغناء الفنانة دنيا بطمه، وفقرة "حمد ملاذ الدار" من كلمات الشاعر يونس سلمان وغناء الفنان حسين الجسمي، وتولى تلحين الأوبريت والإشراف العام عليه جاسم محمد بن حربان.
وتخللت الأوبريت مشاهد تمثيلية طلابية تناولت أبرز المحطات المضيئة للمسيرة التعليمية خلال 100 عام.
وفي ختام الحفل ودع عاهل البلاد المفدى بمثل ما استقبل به من حفاوة وترحيب.
وبمناسبة الأمر الملكي السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بالتوثيق الشامل لمسيرة التعليم الوطنية، تخليداً لذكراها المئوية، أعرب وزير التربية عن خالص الشكر وفائق التقدير لجلالته على هذا التوجيه الملكي السامي الذي يسهم في تخليد الجهود المبذولة عبر مئة عام من التعليم النظامي الحكومي.