قال الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إن "مضي الوزارة في الدرب لنرسخ معاً لأجيالنا المقبلة دعائم مجتمع ذي فكر معتدل يروم الوحدة، ويقوم على الإخاء، وينشد الإنجاز والتطوير والنماء، في ظلّ قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، بنظرة طموحة، وسواعد وطنيّة تتسم بالكفاءة وحبّ التحدي وعشق الإنجاز، وتعمل كفريق واحد محوره سعادة المواطن وغايته تقدّم الوطن وازدهاره".وأكد خلال الاحتفال السنوي بذكرى المولد النبوي الشريف، إذ أقيم الحفل الذي بدأ بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم للقارئ عبدالله خليفة حمدان بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، بتنظيم من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبحضور عدد من المشايخ والقضاة، وعدد من السفراء ورجال السلك الدبلوماسي، وجمع من المواطنين والمقيمين، أن "العلم وإتقان العمل والشعور بالانتماء إلى الأرض والبلد سنة نبوية، ومن هذا المنطلق حملت الوزارة على عاتقها مهمة بيان مضامين الوسطية والتعايش وقيم التسامح في ديننا الحنيف، بما يعزّز القيم الأصيلة، والمواطنة الصالحة، والأخلاق الفاضلة، فلقد ذكر القرآن الكريم كلمة البلد، في قوله تعالى: "لا أقسم بهذا البلد، وأنت حل بهذا البلد"، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب بلده مكة المكرمة، فقد قال عليه الصلاة والسلام وقت خروجه منها مهاجراً: "والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت"".وأضاف: "نحتفي اليوم بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة بقول الله جل في علاه: لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، ففي مثل هذا الشهر شهر ربيع الأول أشرق النور وبزغ الفجر وولد خير البشر رسولنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، الذي زكى الله به نفوس المؤمنين وطهر به قلوب المسلمين وجعله رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه دائماً وأبداً إلى يوم الدين".وأوضح أن "سيدنا محمد كان في الدرجة العليا من شرف النفس، وإذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من عرفهم التاريخ، وكان أزكى وأرحم قائد عرفته البشرية، وأشدهم حفاظاً على الزمام، حيث وجه قومه إلى حياة إنسانية رفيعة المقام، ورسخ ركائز الوحدانية المطلقة لله تعالى، ولإنسانية تجمع كل بني البشر على اختلافاتهم إلى اليوم، وعزز قيم المواطنة الصالحة، التي تجعل كل فرد عضوا صالحا في مجتمعه، ولاء وانتماءً وعملاً وسلوكاً".وأضاف: "إن النبي صلى الله عليه وسلم أصّل برسالته لتحصيل العلم بكافة أنواعه، والمعرفة على اختلاف فروعها، فالعلم يسبق العمل، فلا عمل إلا بعلم، وتنويهاً بمقام العلم استشهد الله العلماء على وحدانيته: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم)".وقال وزير العدل: "في مثل هذا اليوم ولد النّبيّ الأسوة، فلتكن هذه الليلة منطلقًا للمراجعة في مدى قربنا من منهاجه صلوات الله وسلامه عليه، ولنتّخذ من ذكرى مولده دافعًا للعمل بروح متفائلة بحاضر زاهر ومستقبل مشرق بإذن الله تعالى، داعياً المولى عز وجل بأن يحفظ على بلادنا نعمة الوحدة والإخاء، والأمن والرخاء، وأن يوفق مليكنا حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، ورئيس وزرائه وولي عهده حفظهما الله لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يعمّ بالخير جميع أوطان المسلمين".من جهته ألقى الشيخ راشد بن حسن البوعينين القاضي بمحكمة التمييز وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كلمة قال فيها: "لقد عاش نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يربي المسلمين على الفضائل والسلوكيات الحسنة، فجاءت أحاديثه الشريفة مركزة على غرس القيم في النفوس، فها هو يبشر بفضائل الأخلاق، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وســلم) يقول: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)".وأضاف: "كان الرسول العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم) يمتاز في قومه بالأخلاق الصالحة، حتى أنه كان أعظمهم مروءة، وأحسنهم خلقاً وأكثرهم حلماً، مصداقاً لقول الله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم)، فاشـتهر عنه مســاعدة المحتاجين، وإعانة المبتلين، وإكرام الضيوف، والإحسان إلى الجيران، والوفاء بالعهد، وعفة اللسان، وكان قمة في الأمانة والصدق حتى عرف بين قومه "بالصادق الأمين"، كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يحث أمته على مكارم الأخلاق، حيث كان يقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)".ولفت إلى أن "حسن الخلق له مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة في الدين الإسلامي، فقد قال الإمام ابن القيم الجوزية: الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، داعياً الجميع إلى التخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم الشريفة، وتعليم أولادهم عليها، فإن صلاح الأمة وفلاحها لا يكون إلا بالاقتداء بنبينا عليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً). سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ مملكتنا الغالية ويجعلها بلدًا آمنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمــد بــن عيســـى آل خليفة عاهل البلاد المفدى".كما ألقى الشيخ منصور علي حمادة عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كلمة قال فيها: "إنّ تخليد مناسبات الأمة وذكريات عظمائها وإحيائها لهو من أهم مقوماتها الفكرية والثقافية والحضارية والإنسانية، فذلك يعطي لأسسها ومبادئها ومفاهيمها الحياة والديمومة، ويصل حاضرها بماضيها، ويربطه بمستقبلها، وهي فرصة مهمة ومنصة رئيسة تتعاهد فيها الأمم ركائزها وأصولها العقدية والمعرفية، وتعمل على ترسيخها وتعزيزها وتثبيتها، وصيانتها من العبث والشطط".وأشار إلى "أننا في البحرين ننعم بفضل من الله تعالى، وبفضل ما حرصت عليه قيادة هذه البلاد على مر تاريخها، ننعم بنعمة إحياء مناسباتنا الدينية برعاية ودعم قلّ نظيرهما في العالم كله من قيادة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى كما ننعم بالحريات الدينية التي صارت نموذجاً يحتذى، ومضرباً للمثل في محيطنا كله، فكل الأديان والطوائف والمذاهب تعبّر عن ضميرها ومشاعرها وتحيي مناسباتها بكل حرية في بلادنا، بل وتحظى بالدعم والمساندة الرسمية أيضًا، وهي نعمة تستحقّ الشكر والثناء، كما أنها تعبّر عن الروح البحرينية التي جبلت على التعايش ومحبة الآخرين".ولفت إلى أنّ "ذكرى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تقف بنا على ركيزتين مهمتين من دعوته ورسالته صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهما: تحقيق الوحدة وإشاعة السلام، فأساس الوحدة موجود في دعوته صلى الله عليه وآله وسلم من خلال توحيد الرب وتحرير البشر من العبودية لغيره، وتوحيد الأمة حول راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتوحيد المنهج بانتهاج العدل والإحسان، وتوحيد الهدف بإعمار الآخرة، فالوحدة المبنية على هذه الأسس قادرة على تحقيق العزة والمنعة والأمن والاستقرار، كما أنها مفتاح الخير والقوة والتقدم".وأوضح حمادة، أن "سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم مليئة بالشواهد الواضحة على سعيه لتوحيد الأمة، وإلغاء التقسيمات الطبقية والعرقية، فقد جعل نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أساس المفاضلة بين الناس هو تقوى الله وطاعته، كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان حريصاً على أن يعم السلام بين البشر عامة؛ وليس أظهر من مصالحته بين الأوس والخزرج، ومؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، ومعاهداته مع أهل الذمة من أهل الكتاب، وصلحه حتى مع المشركين. داعياً الجميع للعمل بمسؤولية وأمانة لنحفظ وحدة بلادنا وسلمها وسلامها وسلامتها من أجل مستقبلها ومستقبل أبنائنا، سائلاً الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم، وأن يحفظ لنا بلادنا وهويتنا، ويحفظ قيادتنا وشعبنا الكريم".