حسن الستري

أوصت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الشورى برفض مشروع قانون نيابي بتعديل قانون الميزانية العامة، بحيث ينص على أن الرسوم تفرض في حدود القانون، ويكون تحديد فئاتها ونسب زيادتها أو تخفيضها بقرار من الوزير المختص بعد موافقة مجلس الوزراء، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وفي جميع الأحوال لا يجوز فرض أي زيادة على الرسوم السارية إلى أن يصدر قانون بتحديد حدودها القصوى.

وأكدت اللجنة أن "التعديل المقترح الوارد ضمن مشروع القانون غير متوافق مع التشريع الصحيح لمعالجة مسألة زيادة الرسوم، حيث أن التشريع المنطقي هو القانون الخاص بكل ترخيص أو خدمة عامة تقدمها الوزارة المعنية من وزارات الدولة، وليس قانون الميزانية العامة للدولة، وأن نظر أي معالجة لزيادة الرسوم يتطلب معالجة منفصلة لكل رسم على حدة في القانون الذي ينظمه وليس في القانون الذي يتعلق بوعاء المالية العامة، أي قانون الميزانية العامة" .

وأوضحت اللجنة أن المادة 107 فقرة "أ" من الدستور مايزت بين الضرائب والرسوم والتكاليف العامة، فالضرائب نوعان؛ المباشرة وهي ما يفرض على الدخل، وغير المباشرة مثل ضريبة الجمارك وضريبة القيمة المضافة، والضريبة تختلف عن الرسم، فهي نسبة مئوية بينما الرسم هو مبلغ محدد مقطوع، أما التكاليف العامة فهي أسعار الخدمات أو التسهيلات العامة مثل أسعار تعرفة الكهرباء والماء.

وذكرت اللجنة أن "فكرة مشروع القانون ليس محلها قانون الميزانية العامة، بل القوانين الخاصة المنظمة لكل رسم من الرسوم حيث أن قانون الميزانية العامة للدولة هو القانون المالي العام الذي يرتب وعاء الميزانية العامة المؤلف من الإيرادات والنفقات العامة، وكيفية التصرف في إدارتها، ومسؤوليات الوزارات المختلفة وواجباتها، والميزانيات التابعة والملحقة والمستقلة، وما يتصل بكل ذلك، وفقاً لأحكام الدستور ذات الصلة. ويأتي ذكر الرسوم في قانون الميزانية العامة توافقاً مع النص الدستوري المذكور المتعلق بالضرائب والرسوم، بهدف بيان مصادر تمويل الميزانية العامة، وليس لتنظيم شؤون إنشاء أو فرض أوزيادة الضرائب أو الرسوم أو التكاليف العامة، فذلك شأن القوانين الخاصة بكل منها، ومن ثم فإن قانون الميزانية العامة للدولة ليس هو القانون الذي ينبغي أن يكون موضع التعديل المقترح بمشروع القانون الماثل، إذ إن موضعه الصحيح هو القانون الخاص بكل ترخيص أو خدمة تقدمها الدولة".

وبينت اللجنة أن "الحكم الوارد بمشروع القانون بتقييد التفويض الصادر للسلطة التنفيذية بزيادة الرسوم في القوانين السارية إلى حين تحديد سقف أعلى لها، ذو طبيعة انتقالية أو بالأحرى مؤقتة، إذ جاء لمعالجة وضع الرسوم خلال مدة زمنية محددة بتدخل المشرع -لاحقًا- لوضع سقف أعلى للرسوم، ويزول عندئذ ما للنص من أثر، ويضحى غير ممكن التطبيق. ولهذا السبب فإن الأحكام الانتقالية لا يجوز تضمينها في صلب القوانين، فلا ثالث لأمرين: إما إيرادها تحت باب الأحكام الانتقالية، وإما إصدار قانون خاص بشأنها".

وأوضحت اللجنة أن "السلطة التنفيذية بما تملكه من وسائل تنفيذية مناسبة لتحديد أوعية الرسوم تفصيلاً، وتقدير قيمتها، لا بد أن يكون لها دور في تحديد الرسوم وتقديرها، أو تحديد التكاليف العامة بجميع أنواع الخدمات التي تقدمها سواء من حيث طبيعتها، أو ما يطرأ عليها من زيادة أو نقصان. فإذا كانت السلطة التشريعية هي التي تنشئ الرسم ـ بقانون تصدره- فإنها تفوض السلطة التنفيذية في بيان تفصيلاته وتحديد جزئياته، وذلك كله في حدود القانون، أي في ضوء الأسس والملامح الرئيسية التي وضعتها السلطة التشريعية. وذلك من شأنه أن يحقق المرونة اللازمة في فرض الرسوم من جهة ومجابهة الظروف المتغيرة في تحديد الرسوم أوتغيير تكاليف أداء الخدمة من جهة أخرى".

وأضافت اللجنة أن "السلطة التنفيذية ملزمة دستورياً في كل الأحوال، ودون الحاجة إلى النص الوارد بمشروع القانون، بمراعاة مقتضيات العدالة بمفهومها الواسع، بحيث لا يتحول الرسم إلى وسيلة جباية لا تتوافق مع متطلبات إصدار التراخيص أو زيادة التكاليف العامة بما لا يعادل ما تقابلها من خدمة، فإن فعلت كان الرسم غير مشروع من الناحية الدستورية لمخالفته نص المادة (15) من الدستور التي جعلت من العدالة الاجتماعية أساس فرض الضرائب والرسوم، كما أن التعديل الوارد في مشروع القانون بمنع أي زيادة في الرسوم السارية إلى حين تدخل المشرع لمعالجة جميع القوانين النافذة، في غير صالح المالية العامة للدولة، إذ من شأنه التأثير سلباً على الإيرادات المتحصلة من الرسوم باعتبارها أحد المصادر الرئيسية المهمة لإيرادات الدولة، وبما ينعكس سلباً على قدرة الحكومة في الوفاء بالتزاماتها".

وأشارت اللجنة الى أن "القانون هو الأداة التشريعية التي تنشأ بموجبها رسوم إصدار التراخيص أو تكاليف الحصول على الخدمة الحكومية، ولكل وزارة خدمية قانون خاص بها ينظم شؤون التراخيص أو الخدمات التي تقدمها. فالقانون يمنح التفويض اللازم لمجلس الوزراء أو الوزير المختص، لتقدير الرسوم أو التكاليف عند إنشائها، وفيما بعد لتقدير الزيادة فيها إذا اقتضت الحاجة، وذلك لقدرة السلطة التنفيذية على معرفة تفاصيل متطلبات إصدار الترخيص أوكلفة تقديم الخدمة في كل وقت. وهو ما يتوافق مع ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية عند تفسيرها لنص المادة (107) من دستور البحرين، حيث قررت أن قيمة الرسم أو تكاليف الخدمة الحكومية لا بد أن تتناسب مع متطلبات الإصدار أو الإنتاج ومقتضيات العدالة".