أكد النائب الثاني لرئيس مجلس النواب علي زايد أن البحرين ستحقق توازناً في ميزانيتها السنوات الأربع المقبلة حتى العام 2022، وقال إن عجز الميزانية شهد تقلصاً هذا العام، ولأول مرة منذ أكثر من 11 عاماً، مشيراً إلى أن الاقتصاد البحريني سيشهد انتعاشاً غير مسبوق مع استثمار الكميات الهائلة من النفط الصخري والغاز المصاحب الذي أعلنت عنه الحكومة.ولفت زايد إلى أن "الخطوة التي اتخذتها البحرين في ما يتعلق بفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع الواردة غير الأساسية، كانت أمراً استثنائياً، وهناك مؤشرات إيجابية بدأت تظهر على الاقتصاد مع تحصيل هذه الضريبة"، مؤكداً أن "أي تحسن يطرأ على الاقتصاد البحريني تعود منافعه مباشرة على المواطن البحريني، ونأمل أن تنتهي الضريبة مع تحسن الاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة".وأكد زايد أهمية تنفيذ الحكومة سياسة التقاعد المبكر. وقال إن مجلس النواب توصل إلى ضمانات حكومية كافية لتمويل التقاعد المبكر إذا حدث أي عجز لصندوق التعطل الذي يمول هذه السياسة، داعياً المؤسسات ذات الصلة إلى "تقديم كافة التسهيلات والمساعدات الفنية والمالية لرواد الأعمال والشرائح الشابة من الشعب، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ليتحولوا من باحثين عن عمل إلى أصحاب أعمال، فالقطاع الخاص هو الركيزة الأساسية التي يقوم عليها أي اقتصاد ناجح".شر لا بد منهوقال زايد "يجب أن نسلم أن موضوع ضريبة القيمة المضافة شر لا بد منه، رغم التبعات المالية التي يمكن أن تترتب على المواطن مع تطبيقها، فإن الظرف الدقيق الذي يمر به الاقتصاد العالمي، واقتصادات منظومة دول مجلس التعاون، تحتم على كل دولة اتخاذ التدابير والسياسات المالية التي تجنبها مغبة الوقوع في مشكلات مالية أشد وطئاً وخطراً على المواطن نفسه، لذلك نحن على قناعة بأن هذه الضريبة لم تطبق إلا بعد التأكد من أن تطبيقها يصب في صالح الاقتصاد الوطني، وفي صالح المواطن في نهاية المحصلة، فالقيادة البحرينية حريصة كل الحرص على توفير الحياة الكريمة لكل مواطن، ويتأكد ذلك إذا قسنا نسبة ضريبة القيمة المضافة (5%)، وهي غير مفروضة بالطبع على السلع الأساسية والسلع محلية الصنع، بحجم الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة البحرينية لمواطنيها، سواء في صورة سلع أساسية مدعومة، أو ما سواها من أشكال الدعم الذي تقدمه عبر مختلف مؤسساتها، لا سيما في ما يتعلق بالتوظيف والدعم المباشر وغير المباشر الذي يحصل عليه المواطنون الذين يتم إلحاقهم بمؤسسات القطاع الخاص، والباحثون عن عمل، والعاطلون الذين تعتبر نسبتهم في البحرين من أدنى النسب على المستوى العالمي".وأضاف "ضريبة القيمة المضافة أنشىء لها جهاز مختص وهو يعنى بكل ما يتعلق بها ونظم تطبيقها وآليات استحصالها، وهي تعمل اليوم بشكل جيد بما يتماشى مع النظم المعمول بها عالمياً في هذا المجال".ولفت زايد إلى أن "الدولة ملتزمة بشكل أو بآخر بإنفاق مئات الملايين من الدنانير سنوياً على مختلف أوجه الصرف الخاصة بمشاريع البنى التحتية والإسكان وغيرها من المشاريع التي تصب في صالح المواطن، لكنها في المقابل تحتاج إلى موارد ومصادر إضافية للدخل يمكن أن تقابل بها المصاريف التي ترتفع مؤشراتها سنة تلو الأخرى. ونؤكد هنا أننا مؤمنون بأن تنويع مصادر الدخل بات أمراً حيوياً، وهو ما ننادي الحكومة بتفعيله باستمرار".تقليص العجزوقال زايد "اتفق الجميع في برنامج عمل الحكومة على خلق توازن مالي للدولة بين الإيرادات والمصروفات، وهناك معضلة كبيرة قد لا يعرفها كثيرون وهي أن البحرين تدفع سنويا 750 مليون دينار كخدمة لديونها الخارجية، وهو مبلغ مرهق لأي ميزانية لا سيما في حالة مثل حالة البحرين التي مازالت ملتزمة التزاماً صارماً بتطوير مشاريع البنى التحتية والإسكان والمصروفات المتكررة وأجور وغيرها من مصادر الإنفاق. ونحن في برنامج عمل الحكومة وكنواب للشعب، حريصون أشد الحرص على ألا يتحمل المواطنون تبعات هذا الإنفاق الحكومي، ونجد دعماً وسنداً كبيرين من قبل الحكومة على اتباع جميع السياسات التي تبعد المواطنين عن تحمل أي تبعات قد تطرأ على مؤشر الاقتصاد البحريني الذي يؤثر ويتأثر بالاقتصاد العالمي، ولكن يجب أن ينعم المواطن البحرني بكل أمن وأمان واستقرار نفسي ومالي ومعنوي، ليس هذا فحسب، بل إننا سعينا في إطار برنامج عمل الحكومة إلى أن يكون هناك برنامج ما لتعويض الأسر المتضررة من تبعات اهتزاز الاقتصاد العالمي".وأضاف زايد "وجدنا تعاوناً من قبل الحكومة الموقرة ونطمح في مزيد من التعاون مع كل ما نطرحه من اقتراحات في هذا الجانب، وما تجاوبها مع برنامج التقاعد المبكر رغم تكلفته العالية والمرهقة، إلا انعكاس لهذا التجاوب الذي نجده من الحكومة، ولكن تكلفتها التي يتم تمويلها في الواقع من صندوق التعطل أقل من تكلفة استمرار الشرائح التي تنطبق عليها شروط التقاعد المبكر من الموظفين العاملين في مختلف المؤسسات الحكومية، وفلسفة التقاعد المبكر تنبني على أساس حيوي واستراتيجي هام جداً وهو تخفيف العجز في الميزانية العامة للدولة وهو عجز باتت مؤشراته تتزايد سنة بعد سنة، منذ دخول العالم في أزمته الاقتصادية الأخيرة التي استمرت من أواخر 2007 إلى 2011، والهبوط الكبير الذي منيت به أسعار النفط".ضمانات للتقاعد المبكروعن تأثير التقاعد المبكر على ميزانية صندوق التعطل، قال زايد "ليس هناك أي مؤشرات على أن يتعرض صندوق التعطل إلى عجز ما في الوقت الراهن، بل على العكس من ذلك، فإن هناك نمواً لمدخرات هذا الصندوق لكننا تحسباً، توصلنا مع الحكومة إلى ضمانات على أن يتم تمويل التقاعد المبكر من قبل الحكومة إذا حدث ذلك لا قدر الله، وهناك نحو 11 ألف موظف خضع لبرنامج التقاعد المبكر منذ طرح الفكرة حتى اليوم، فضلاً عن ألف موظف من خارج المؤسسات الحكومية التي تخضع لقوانين ديوان الخدمة المدنية".وأضاف "لم تكن تبعات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وهبوط أسعار النفط الذي يشكل المورد الرئيس لدخل الحكومة أمراً هيناً، وكنا قلقين كثيراً على أن تتمادى تأثيرات تلك الأزمة الحدود التي وصلت إليها، وتخرج عن السيطرة وتؤثر على سعر صرف الدينار مقابل العملات العالمية، لكن ولله الحمد لم يحدث ذلك. وهنا لا يفوتنا أن نثمن عاليا الوقفة الأخوية الكبيرة التي بادرت بها حكومات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت مع الحكومة والشعب البحريني، حين التزمت ببرنامج الدعم المالي الذي يتم توظيفه في تنفيذ مشاريع بنى تحتية ومشاريع إسكانية مهمة، وبهذه الوقفة الأخوية الكبيرة تمكنت البحرين من إنجاز كثير من المشاريع الحيوية، وهي على أية حال مبادرة معهودة من أشقائنا الخليجيين، وليست غريبة عليهم"، مشيراً إلى أن "كل هذه السياسات والمبادرات مجتمعة، أدت وللمرة الأولى في تاريخ هذا العجز، إلى تقليص العجز والحد من نموه، ونتوقع أن نصل إلى حالة من التوازن بيين إيرادات الدولة ومصروفاتها، خلال السنوات الأربع المقبلة، ونثمن هنا دور معالي وزير المالية لتعانونه التام مع مجلس النواب، فقد كان يعمل معنا بشكل مهني كبير، ويضع الحلول المناسبة التي ننشدها بمرونة كبيرة، كما نشيد بالتعاون الكبير الذي لمسناه فيبرنامج اللجنة الحكومية برئاسة الشيخ خالد بن عبدالله نائب رئيس مجلس الوزراء".حذر في الإنفاقوكشف النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عن أن "المجلس يعمل في الوقت الراهن، بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، بحذر شديد على الإنفاق بشكل عام، لكننا نستبشر خيراً مع إعلان الحكومة حول اكتشاف كميات كبيرة من النفط الصخري والغاز، لكن ذلك لن يكون بين عشية وضحاها، بل إنه سيستغرق بعض الوقت والجهد، حتى تكتمل عملية الوصول إلى ذلك المخزون واستخراجه واستثماره، أي في العام 2022، وفق ما أعلنت عنه الحكومة".وقال زايد "سواء تم استثمار كميات النفط والغاز المكتشفة أم لا، فإن البحرين بحاجة إلى تعزيز سياسات تنويع مصادر الدخل، فالمملكة نجحت إلى حد ما في تنويع مصادر دخلها، لكن ما زال النفط هو مصدر الدخل والمورد المالي الرئيس، وهو بالإضافة إلى أنه مادة ناضبة، فإنه سلعة شديدة التقلبات، وتخضع تقلباتها للأزمات المالية والاقتصادية العالمية، فإذا شكل النفط المورد الرئيس لأي دولة، فإن اقتصادها معرض لتقلبات حادة ولكل اضطراب أو أزمة تحدث في أي بقعة من العالم".وأضاف "نولي اهتماماً كبيراً في مجلس النواب بتشجيع الأجيال الشابة وخريجي الجامعات، على أن يدخلوا مجالات ريادة الأعمال ويكونوا أصحاب عمل في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بدلاً من الدخول في سوق العمل كباحثين عن وظيفة، وعلى الجهات المعنية في الدولة، تقديم كافة أنواع الدعم الذي تحتاج إليه هذه الشريحة الأساسية من المجتمع البحريني، فالاقتصادات الناجحة تقوم على أكتاف القطاع الخاص، والنجاحات الاقتصادية حول العالم، تتحقق من خلال المستثمرين الأفراد والشركات، وليس من خلال الحكومات، حيث يقتصر دور الحكومات على الدور التشريعي والرقابي، وما إلى ذلك من الأمور التنظيمية".