حينما فكرت ثلة من الكتاب الشباب في نهاية ستينيات القرن الماضي، تفكيراً جدياً في إنشاء مؤسسة تحتضن كتاب الشعر والسرد والنقد الأدبي، عقدت اللقاءات والتشاورات التي نتج عنها قليل من الاختلاف وكثير من الاتفاق توج في نهاية الأمر بتأسيس هذه المؤسسة التي سميت منذ تلك الفترة حتى الآن بـ (أسرة الأدباء والكتاب)، وبات الاسم محل استئناس من قبل الكتاب العرب لما يرون فيه من حميمية وتعاضد وتماسك وتحاب اجتماعي قبل أن يكون أدبياً أو ثقافياً. وهذا ما لاحظته شخصياً حين انخرطت في العمل الثقافي فيها منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي.
وها هي الأسرة في سبتمبر الماضي، تدخل في عمرها الواحد والخمسين، كما أن مجلس إدارتها الحالي جعل هذا العام بدءاً من يناير حتى ديسمبر هو عام ذكرى التأسيس. وعلى الرغم من حدوث بعض التحديات والتباينات في مسيرتها، نعتز بما قدمته الأسرة منذ التأسيس حتى اليوم، حيث تمكنت من تحقيق الكثير من أهدافها وطموحاتها.
وكما نعلم أن من يقف عند المحطة غافلاً يذهب عنه القطار، وأن من لا يرصد خطواته يتعثر في الطريق، ومن يقتنع بما هو فيه ولا يتجدد يبقى متلبداً لا يتقدم، بل يتقادم فكراً ومعرفة وعملاً وعطاء، ومن لا يفكر في التطوير والتحديث المستمرين يتراجع ويتخلف عن الركب ويتدهور، وتصاب عينه بعمى الاستشراف.
لذلك علينا أن نعي طبيعة أي عمل رسمي أم أهلي، بأجر كان أم تطوعي، وأن نرسم استراتيجيات تسهم في تطوير دورة العمل، وعليه نتساءل: هل بعد خمسين عاما تخطط أسرة الأدباء لبناء استراتيجية ثقافية ناجعة تخطط من خلالها لبرامج غير اعتيادية وليست تقليدية، وتكون جاذبة معرفياً لجمهور يبحث عن الثقافة والأدب والنقد؟ برامج تشغلنا بالحوار الذي يشكل لنا في النهاية حركة أدبية ونقدية وثقافية تتداخل فيها الفنون والعلوم والتقنية أكثر مما كانت عليه في السابق.