قال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى "نفخر بأننا لم نستشعر قط بأن نهج التسامح في بلادنا هو "نهج مفتعل" أو "ممارسة طارئة"، بل نجده متجسداً "كسلوك حضاري وممارسة متأصلة"، تؤكده العديد من الشواهد المادية والمعنوية، المتمثلة في التعايش السلمي بين أصحاب الديانات المختلفة، وفي التوافق والانسجام بين الثقافات المتعددة، وعبر مبادئ دستورية ثابتة وقوانين ملزمة تنبذ كافة أشكال الكراهية والعنف والتمييز".

واستقبل جلالة الملك المفدى، في قصر الصخير الإثنين، رئيس وأعضاء مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي بالتعاون مع هذه هي البحرين، بمناسبة يوم الأمم المتحدة العالمي للتسامح بحضور الرئيس الأسبق لجمهورية البوسنة والهرسك حارث سيلاذيتش والوفد المرافق، والممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ميغيل موراتينوس، للسلام على جلالة الملك المفدى بمناسبة زيارتهما البلاد.

وأكد العاهل المفدى أن البحرين كانت ولا تزال موطناً حاضناً للتعددية ومركزاً للتلاقي الثقافي وللتعايش الديني والإنساني، مضيفاً "استطعنا من خلال هذه التجربة الرائدة ولله الحمد، أن نحافظ على استقرار وطننا ووحدة شعبنا، المعروف بتحضره وتمسكه بالقيم الإنسانية المرسخة للسلام والوئام، والقائمة على احترام كافة الشعوب والأديان، وهي قيم نابعة من جوهر شريعتنا الإسلامية السمحاء".

واستهل اللقاء بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم. وتفضل حضرة جلالة الملك بإلقاء كلمة سامية في ما يلي نصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة والأخوات،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

يسعدنا أن يتجدد اللقاء بجمعكم المبارك، وأن نرحب بالأخ الكريم فخامة الرئيس حارث، شاكرين له حضوره معنا اليوم ومتمنين له طيب الإقامة في البحرين، وننتهز هذه الفرصة الطيبة بالإعراب عن ارتياحنا وتقديرنا لما تشهده أعمالكم من نشاط متواصل في الداخل والخارج، وبتعاون مثمر بين المؤسسات المعنية، للتعريف بتجربتنا البحرينية بتقاليدها المتميزة والمتحضرة في التعامل المجتمعي المتسامح والمتآلف والمرن، وبنائها المدني العريق تحت ظل دولة القانون والمؤسسات المنظمة للحقوق والحامية للحريات.

واستطعنا من خلال هذه التجربة الرائدة ولله الحمد، أن نحافظ على استقرار وطننا ووحدة شعبنا، المعروف بتحضره وتمسكه بالقيم الإنسانية المرسخة للسلام والوئام، والقائمة على احترام كافة الشعوب والأديان، وهي قيم نابعة من جوهر شريعتنا الإسلامية السمحاء.

الحضور الكريم، يحتفي العالم سنوياً في هذا الشهر، بأهمية التسامح في حياة الشعوب، كوسيلة أساسية لتحقيق السلام ولبقاء الإنسانية واستمرار تحضرها. ونفخر بالقول هنا، بأننا لم نستشعر قط بأن نهج التسامح في بلادنا هو "نهج مفتعل" أو "ممارسة طارئة"، بل نجده متجسداً "كسلوك حضاري وممارسة متأصلة"، وتؤكده العديد من الشواهد المادية والمعنوية، المتمثلة في التعايش السلمي بين أصحاب الديانات المختلفة، وفي التوافق والانسجام بين الثقافات المتعددة، وعبر مبادئ دستورية ثابتة وقوانين ملزمة تنبذ كافة أشكال الكراهية والعنف والتمييز.

ونجد بأن الانفتاح والتفاعل الحضاري لمجتمعنا قد أسهم بشكل كبير في تقوية قدرتنا على التواصل الإنساني، فكانت البحرين ولا تزال موطناً حاضناً للتعددية ومركزاً للتلاقي الثقافي وللتعايش الديني والإنساني.

وسنستمر، بعون الله، وبمساندة الجميع، في حمل ونشر رؤيتنا ورسالتنا الداعية للسلام، وللتقريب بين الشعوب على اختلاف ثقافاتهم ومعتقداتهم، إيماناً والتزاماً منا بقيم المحبة والتسامح والتآلف، والتي نادى لها وعمل بها رسولنا الكريم، عليه أفضل الصلاة والسلام.

والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".



التسامح أولوية في البحرين

وألقى الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ميغيل موراتينوس كلمة قال فيها:

"حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه.

أصحاب المعالي، الضيوف الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يشرفني يا صاحب الجلالة أن أكون من بين حضوركم، كوني ممثلاً لتحالف الأمم المتحدة، لأقود منظمة هدفها الرئيسي يتماشى مع الكلمات الطيبة ورؤيتكم التي تقودونها في مملكة البحرين في تعزيز التعايش السلمي والتنوع والتسامح والتعددية وهي من أولويات مملكة البحرين، شكراً لرؤية صاحب الجلالة.

وكما ذكرنا بأن عالم التعددية والتسامح والتنوع في المملكة يغذي ويثري مجتمع البحرين ويحتضنه ويغذيه في جوهر هذا البلد.

وقد أثبتم بأن التعددية تشكل أهمية وبالتالي من أهمية العناصر في الحياة كما ينبغي.

إنها ليست بصدفة بأن مملكة البحرين تضم أكثر من مئة مكان ديني من ضمنها المسيحية والبوذية وغيرها من الأديان. إن أماكن العبادة هذه تشكل مجتمعاً متعدد الثقافات والأديان وعاشت على مدى سنين. وإن إعلان مملكة البحرين يعكس هذه الأهمية وينبذ جميع أشكال الكراهية والتمييز التي تعزز الجوانب السلبية. إن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي يعكس هذه المفاهيم على أرض الواقع، وقد وجدناها في الأعمال التي قمنا بها بالتعاون مع الأمم المتحدة وتحالف الحضارات في تعزيز هذه الخطابات.

صاحب الجلالة، أصحاب المعالي والسعادة..

قبل يومين احتفلنا باليوم الدولي للتعايش والتسامح وهو يرمز إلى أهمية الامم المتحدة في جمع الأفراد، ومن أجل تعزيز التسامح وتعايش الاشخاص فيما بينهم. إن هذه القيم الإنسانية تشكل رمزية لجميع الأشخاص من مختلف الأديان، وبالتالي علينا أن نلتزم في تعزيز مثل هذه المفاهيم، والنظرة الشمولية هي الإجابة للتحدي لمثل هذه المشكلات. وعلينا أن نأخذ هذا المنطلق من أجل الابتعاد عن أي شكل من أشكال الكراهية عبر مجتمع شمولي في تعزيز التعايش السلمي ونبذ الكراهية من المجتمعات المحلية إلى المجتمعات الدولية لاحترام الجميع، أياً كانت مستوياتهم وعرقياتهم ودياناتهم. وكوننا قد استلهمنا من البند الأول من الفصل الدولي للسلام، فإنه يبين أن جميع البشر ولدوا أحراراً بهويتهم وحقوقهم ويجب عليهم أن يحترموا بعضهم البعض بناء على الأخوة وأن جميع الأديان والانبياء قد أرسلوا بجميع الرسالات التي تبنى على الحب وبالتالي فالمبادئ الاسلامية كلها مشتقة من هذه المبادئ.

الإسلام يعامل جميع الناس كأنهم عائلة واحدة. إن الاسلام هو دين الحب والإنسانية وهذا ما نتحدث عنه في الإسلام، وأنا أستشهد بما جاء في القرآن الكريم من أن جميع الأشخاص خلقوا من ذكر وأنثى ليتعارفوا مع بعضهم البعض وذلك ليس فقط من أتباع هذه الديانة بل جميع الأديان والعقائد حول العالم. وبالتالي نحن في العالم نرى هذه القيم الكونية كتعددية وتنوع، وذلك يذكرني بخطة الأمم المتحدة لتعزيز التقارب بين الحضارات التي ذكرها الأمين العام للأمم المتحدة. وفي طور بعض الهجمات كالهجمات على بعض الديانات كما حدث في نيوزيلندا أو سريلانكا هناك بعض الإجراءات التي علينا اتخاذها مع أصحاب المصلحة من أجل حماية المجتمعات، وأن نكون مستعدين على نحو أفضل لحماية جميع الأشخاص من مختلف الديانات ومن أجل منع مثل هذه الأمور. وكون مملكة البحرين تعد نموذجاً من النماذج الناجحة، من المؤمل أن نتعاون مع بعضنا البعض مع مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي لنأخذ مثل هذه الخطة قدماً لا سيما في مجال التعليم وتعزيز حريات المعتقدات والأديان.

حضرة صاحب الجلالة..

سيداتي وسادتي.. إن تحالف الأمم المتحدة للحضارات يحتضن العديد من الثقافات ضمن إطار إنساني واحد وتعزيز الحوار والنقاش بين الأديان من أجل تحقيق هذه الأهداف ونحن نؤمن بأننا يمكننا أن ننجح كخطوة إنسانية موحدة من أجل تحقيق هذه الأهداف بناء على الاحترام بعضنا البعض.

دعوني اختتم بأن أقتبس من الإنجيل "أحب جارك كما تحب لنفسك" ومن التوراة أيضا "الذي تحبه لنفسك يجب أن تحبه لغيرك".

أشكر جلالتكم جزيل الشكر على استقبالكم لي وأشكر مركز الملك حمد للتعايش السلمي .. جزيل الشكر لكم".



برنامج الملك حمد للقادة الشباب

وألقت الأمين العام لاتحاد الجاليات الأجنبية في المملكة بيتسي ماثيسون كلمة هذا نصها:

"صاحب الجلالة،

أصحاب السمو، أصحاب السعادة،

السيدات والسادة،

صاحب الجلالة،

نقف أمام جلالتكم اليوم مع خالص الاحترام والفخر، احتراماً لملكنا الحبيب وفخرنا بإنجازاته العديدة التي شهدتها مملكة البحرين وجعلتها رائدة في العديد من المجالات. ومن هذه المجالات الرائدة مجال التعليم حيث تحتفل البحرين بمرور 100 عام على إنشاء أول مدرسة في البحرين وفي المنطقة، فقد دعا جلالتكم إلى زيادة التركيز على التعليم في العصر الرقمي وعلى تمكين الشباب من أجل ضمان استمرار دور البحرين القيادي في مجال التعليم.

استجابة لنداء جلالتكم، نقدم إلى جلالتكم اليوم بكل تواضع ثمار العمل الجاد والتعاون بين مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وجمعية "هذه هي البحرين".

ووفقاً لإنشاء كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة سابينزا في روما مع انطلاقته الناجحة في العام 2018 وافتتاح برنامج حمد الأكاديمي في روما في سبتمبر من هذا العام، والذي شهد إقبالاً شبابياً من جميع أنحاء العالم ليجتمع سوياً لدراسة كلمات جلالة الملك المؤثرة في "إعلان مملكة البحرين"، نقدم إلى جلالتكم اليوم، أول مجموعة من المشاركين في برنامج "الملك حمد للإيمان بالقادة الشباب لنشر قيم التسامح".

يرتبط برنامج "الملك حمد للإيمان بالقادة الشباب لنشر قيم التسامح" بكل من جامعتي أكسفورد وكامبردج وتقدمه مؤسسة التدريب الرائدة في المملكة المتحدة في هذا المجال "الإيمان في القيادة".

وقد حصل السيد كريش رافال، مدير ومؤسس منظمة "الإيمان في القيادة"، على وسام الإمبراطورية البريطانية من قبل صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث بسبب تفانيه في تطوير التعليم ويؤيد أهداف منظمته النبيلة صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز.

صاحب الجلالة،

على مدار عام واحد، تطور المشاركون من خلال ثلاث وحدات تدرس هنا في البحرين من خلال زيارة كلية من المملكة المتحدة حيث يتم تعليم المشاركين مهارات القيادة التي ستمكنهم من التفوق في دراساتهم ومسيرتهم المهنية وطوال حياتهم كأفراد عطوفين ومراعيين.

صاحب الجلالة،

يعد رد الجميل جزءاً من التعهد الذي يقدمه زملاؤنا لبلدهم من خلال توجيه الشباب الآخرين، وتبادل معارفهم ومهاراتهم وإلهام الآخرين لاحتضان رؤية جلالتكم.

صاحب الجلالة،

منذ إطلاق أول مجموعة من عشرين مشاركاً من "الملك حمد للإيمان بالقادة الشباب لنشر قيم التسامح"، قاموا بالفعل بتوجيه شباب آخرين خلال احتفالاتنا بيوم الأمم المتحدة العالمي للتسامح بمشاركة أكثر من 1000 طالب.

صاحب الجلالة،

نفتخر اليوم بأن نعلن مدى استجابة شبابنا للبرنامج وأننا قد تلقينا أكثر من 1300 طلب من الشباب الذين يتوقون إلى تبني رؤية صاحب الجلالة وأن يصبحوا جزءاً من برنامج "الملك حمد للإيمان بالقادة الشباب لنشر قيم التسامح".

واستجابة لهذا الطلب الذي لم يسبق له مثيل، تجرى الاستعدادات لتوسعة نطاق برنامج "الملك حمد للإيمان بالقادة الشباب لنشر قيم التسامح" بشكل سريع والتأكد من أننا لا نترك أحداً في سعينا لخدمة أحلام وتطلعات جميع شبابنا.

صاحب الجلالة،

غالباً ما يقال إن "الشباب هم مستقبلنا" ولكننا نعلم أن فلسفة جلالتكم هي أن الشباب هم الحاضر وأنه يجب علينا تمكينهم بالمهارات والمعرفة والثقة لكي يأخذوا مكانهم في العالم اليوم.

صاحب الجلالة،

يتبع مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وجمعية "هذه هي البحرين" رؤية جلالتكم في هذا الشأن، ونتعهد بمواصلة العمل بلا كلل لخلق فرص تعليمية على مستوى عالمي لشباب البحرين ستمكنهم من التألق وجعل جلالتكم فخورين بشبابنا وإنجازاتهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلده مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ)

صاحب الجلالة،

بصفتك والد الجميع، نشكركم من أعماق قلوبنا على هذه الهدية الثمينة لأبنائكم وبناتكم.

بارك الله في مساعيكم الحكيمة وقيادتكم الشريفة ورؤيتكم البصيرة لمملكة البحرين وشعبها العزيز".

ثم التقطت صورة تذكارية لجلالة الملك المفدى مع الفوج الاول من الطلبة الخريجين من برنامج الملك حمد للإيمان بالقادة الشباب لنشر قيم التسامح، والذين حصلوا على شهادات معتمدة من جامعتي اكسفورد وكامبردج البريطانيتين.