حسن الستري

أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق ومستشار رئيس الجمهورية اليمنية عبدالملك المخلافي أن اليمن تعيش مأساة حقيقة بسبب التدخلات الايرانية، مشيراً إلى أن المشروع الإيراني يلتقي مع المشروع الإسرائيلي في تحول دولنا إلى طوائف، وتحويل الجيوش إلى ميليشيات، موضحا أن العالم سيخنق إذا سيطرت إيران على هرمز وباب المندب، وذكر أن الخلافات العربية العربية جزء من مشكلات اليمن، مفيدأ أن دولة قطر تتدخل في اليمن بشكل سلبي، وأشار في هذا الصدد أن الأمر كان سيكون أخطر لو لم يأت التحالف العربي.

وخلال محاضرة له بمنزل عبدالله الحويحي الأحد، أكد الخلاقي أن الأوضاع في اليمن أصبحت أحد الجروح العربية النازفة في هذه المرحلة، ولا يراد لها أن تلتئم بسبب التدخلات الخارجية، وأفاد أن اليمن تعيش مأساة كبيرة وحربا مدمرة وحروبا مجزأة ومأساة إنسانية تضاف إلى مآسيها التي سبقت كالتخلف وانعدام التنمية، مشيرا إلى أن ما يحدث منذ الانقلاب الحوثي يفوق كل المآسي السابقة، لأنه ليس مجرد انقلاب على السلطة بل هو انقلاب على الدولة والوحدة والوطنية، والفرق بينهم كبير فلو كان انقلاب على السلطة لتعايش اليمنيون، لكنه انقلاب مرتبط بالتدخلات الإيرانية.

وقال: المشروع الإيراني يلتقي مع المشروع الإسرائيلي في تحول دولنا إلى طوائف وتحويل الجيوش إلى ميليشيات، وهذا يلتقي مع المشروع الصهيوني القائم على أن هذه المنطقة ليست واحدة بل هي فيسفساء، وهذا الأمر يحققه المشروع الإيراني، الحوثيون امتداد لفكرة الإمامية التي راجت في الستينات، والحوثيون يشكلون حالة نقيض للأهداف التي سعى لها اليمنيون، فقد قامت ثورة في 1962، وأخرجت اليمن من دائرة التخلف والظلم والخوف، وضعت نظاما جمهوريا لأن النظام الإمامي يقوم على فكرة عنصرية بأنه لا يجوز أن يحكم اليمن إلا من كان هاشميا من آل البيت، وهذا يعني أنه ليس من حق اليمنيين الحكم، وقد واجه اليمنيون الإمامة بالستينات بعد تضحيات قدرت بمئتي ألف شهيد على مدى 7 سنوات و27 ألف شهيد مصري، وكان يفترض أن تندثر فكرة الإمامة، ولكن بفضل المشروع الإيراني أعيد تخليق الإمامة عبر دعم جماعة الحوثيين، وكل المعلومات تؤكد أنها جاءت بعد مجئ نظام الملالي.

وأضاف: حدث تفجير في 1984، وفي 2004 بدأت الحركة الحوثية في صعدة وخاضوا مع الدولة 6 حروب بمعدل حرب كل سنة، ولم يكن النظام اليمني يدير الصراع على طريقة صحيحة، بل كان يلعب على التوازنات السياسية، أنا كنت وسيطا في الحرب الحوثية عدة مدة، وكان لي تصريح بأن الرئيس صالح ليس جادا لا في الحرب ولا في السلام، وبدعم التدخل الإيراني، تحولت جماعة الحوثي لجماعة طائفية، فالمساجد كانت واحدة في اليمن، وكان يقال على الزيدية بأنهم شيعة السنة وسنة الشيعة، إلى أن جاءت المبادرة الخليجية في 2011 بأن يتم حل جميع المشكلات وإشراك الحوثيين في الحوار الوطني، من المهم استيعاب هذا الأمر، شارك في الحوار جميع القوى السياسية، كنا نعتقد أننا سندخل في مرحلة جديدة، انتهى الحوار بتقسمه لفرق منها فرقة خاصة بقضية صعدة، وكان للحوثيين أن يطرحوا كل ما يريدون، وقد طرح كل شيء بما فيه الانفصال الجنوبي، وكانت هذه المرحلة تعتبر مرحلة تحول، وكان المجتمع الخليجي والدولي شريكا في هذه المرحلة.

وتابع: شكلت لجنة لإعادة صياغة الدستور وكان الحوثيون مشكلين فيها بأكثر من حجمهم، وتم صياغة دستور طرحت فيه كل أمالي اليمنيين وبإجماع وطني، ولكن وسط هذا الأمر حدث الانقلاب الحوثي، لم يكن هناك أي إقصاء يبرر للحوثيين للقيام بما قاموا به، الحوثيون وجدوها فرصة للتحالف مع الرئيس السابق الذي لم يكن راضيا بإبعاده عن السلطة، وسلم لهم الجيش الذي كان جيشه، ما جرى في صنعاء كان مهزلة، الإيرانيون في تلك الفترة، كانوا لديهم وجهتا نظر، بأن يستنسخوا باليمن نموذج حزب الله اللبناني أو النموذج العراقي، وفي نهاية الأمر تعاونوا مع علي عبدالله صالح وغزوا صنعاء، ثم يحدث انقلاب على السلطة، وميليشيات غزت العاصمة من الخارج وحاصروا الرئيس الشرعي المنتخب وكانوا يرغبون في قتله ولكن المطامع التي حدثت هي التي أنجت الرئيس، فقد كان الرئيس علي صالح يظن أنه سيستخدم الحوثيين كقراصنة صغار يستولون على السلطة ويصفون خصومه ثم يصفيهم هو ويقف الناس معه لأنه أفضل ألف مرة من الحوثيين، ولكن ما جرى أن الحوثيين ذهبوا للرئيس عبدربه منصور هادي وطالبوا منه أن يعين نائبا له منه ويسلمهم الدولة، وعلي عبدالله صالح خشي أنه إذا عين الصماد نائبا للرئيس أن يصبح معه، بيد أن الرئيس هادي قدم استقالته وذهبت الاستقالة للبرلمان الذي كان يسطير عليه الرئيس صالح، والحوثيون منعوا انعقاد البرلمان لمنع تعيين رئيس موال لصالح.

وفي سبتمبر طرحت اتفاقية السلم والشراكة بين الحوثيين والحكومة رغم أنهم غزوا العاصمة، وكان من المفترض أن يحضر الحوثيون ويوقعوا الاتفاقية، وذهب الجميع في انتظار مجيء المندوب الحوثي، ولكن بدل أن يصل تم استكمال للسيطرة على العاصمة، حتى وصلوا للبنك المركزي، وواصلوا انقلابهم وحاصروا بيت الرئيس والحكومة، وغزوا عددا من المحافظات، وحوصر الرئيس واستطاع الخروج لعدن، ولحقوا بالرئيس إلى عدن، وكنت مع الرئيس هادي وكان طيران الحوثيين يقصف وكانوا يريدون قتله بعدن، ووصلوا إلى عدن 25 مارس وبعدها بيوم جاء التحالف العربي، وكان الأمر سيكون أخطر لو لم يأت التحالف العربي لأن معهم طيرانا وقتها.

واستطرد: أنا ذهبت للحوثي موفداً من الرئيس في أبريل 2014، وعرضنا عليهم استيعاب عناصرهم في الجيش والأمن، وحل قضايا القتل والثارات التي حدثت في صعدة، وإعادة إعمار صعدة، واعتبار قتلاهم في الحرب شهداء يدفع لهم مرتبات من الدولة، مقابل تسليم سلاحهم والتحول للعمل السياسي، ولكن كان من الواضح أن نواياهم مختلفة، وذهبت ضمن وفد آخر في سبتمبر 2014، وكان مطلبهم إسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وإسقاط الجرعة، ويقصد بالجرعة زيادة سعر البنزين 1000 ريال، واتفقنا على تغيير الحكومة، وتخفيض الزيادة إلى 500، وتساءلنا عن باقي عجز الموازنة، فقالوا بأن الدول الثورية تدفع عجز الموازنة كإيران وفنزويلا!، ففشل هذا الاتفاق وغزوا صنعاء.

وقال: الحوثيون سعوا لتصفية جميع خصومهم، استخدموا أقصى وسيلة في الترويع، نحن مجتمع قبلي والأعراف تحد من السلطة والعنف، بيد أن الحوثيين ليس لديهم مرجع، قتلوا رؤساء القبائل واستخدموا أقصى درجات الترويع، أنت لا تستطيع التعامل مع أي شكل من أشكال الدولة خلال تعاملك مع الحوثيين، عبدالملك الحوثي لا يقابله أحد، حتى المبعوث الأممي قابل الحوثي عبر شاشة، وبعد أشهر من الحرب ذهبنا إلى مفاوضات، وكان هناك مدن محاصرة ومنها تعز، حاولنا أن نتفق على هذا الموضوع، ولكنهم لم يوافقوا حتى على إدخال المساعدات الإنسانية للمدن التي يسيطرون عليها، وكان هناك اتفاق على استمرار المحادثات ولم يحضروا إلا بعد 100 يوم، قدمنا كل التنازلات وليس لنا إلا مطلب واحد، ألا يكون هناك سلاح خارج الدولة، رغم أن الحوثي لا يمثل أحدا من القوى السياسية، رفضوا ذلك، ونحن لا يمكننا قبول مشاركة جماعة مسلحة وأن نعود تحت سيطرة الحوثيين.

وأضاف: المبادرة الخليجية تنتهي بإقرار دستور جديد وانتخاب مجلس نواب جديد، ولم تستكمل حتى الآن، والمرجعية الثانية هي مخرجات الحوار والثالثة قرار مجلس الأمن 2217، وهم لا ينكرون هذه المراجع الثالثة وإن حاولوا التنصل منها، وقد قيل لنا في الكويت أنتم الطرف العاقل اقبلوا، ولكن المشكلة أن الطرف المجنون لا يكتفي ولا يقبل، وافقنا على تجزئة الانسحاب وتسليم السلاح، بأن ينسحبوا من العاصمة وتعز والحديدة وأن يشاركوا في الحكومة، ضغطوا علينا اقبلوا هذا وقلنا سنقبل من أجل تأكيد حرصنا على السلام، قالوا تبدأ الحكومة بالتوقيع ونسلم التوقيع وأن يوقعوا باليوم التالي، ولكن في اليوم التالي ذكروا أنهم لن يوقعوا واقترحوا شيئا آخر بأن يبعثوا رسالة للمبعوث الأممي وأمير الكويت، وووافقنا وانتظرنا منهم توقيع ورقتهم، ولم يوقعوا، لقد رأينا أشخاصا من السفارة الإيرانية باعتبارهم خبراء يدعمون الحوثيين في المحادثات، وللأمانة الأشقاء في الكويت بذلوا جهدا عظيما، ولكنّ الحوثيين لا يريدون سلاما بل أمرا واقعا.

وتابع: تم توقيع اتفاق في ستوكولهم ولم ينفذ منه شيء، فتهريب السلاح الإيراني عبر البحر ما زال قائما، ويدعي الحوثيون أن سلاحهم يمني، نحن يمنيون ونعرف قدراتهم، هناك تدخلات من جهات كثيرة ومن حق كل جهة أن تعارض، ولكن التدخل ما جاء إلا بسبب الحوثيين، كنا نريد أن يكون الأشقاء العرب معنا في الإعمار وليس الحرب، ولكن من الذي فرض الحرب، فرضها الحوثيون، فبعد أن استولوا على صنعاء عملوا مناورة على الحدود السعودية، وكانوا يتحدثون أنهم في الطريق إلى مكة، نحن لا نسعى إلى أن نخلق أزمة مع إيران، ولكن إذا كان لدينا من خيار بين العروبة أو التفريس فالعروبة هي الخيار، والآن نريد الحفاظ على الدولة العربية من التفكك والطائفية، فالطوائف لا تبني أوطانا.

وأردف: هناك حديث عن تسوية في اليمن، ولكن لا أرى أن هناك متغيرا، الحوثي ذاق طعم السلطة ولن يتخلى عنها، هو يذهب بمقاتلين غير مدربين للقتال، وفي مناطق سيطرة الحوثي لا تدفع مرتبات، والحوثيون لم يوافقوا على أن تدفع المرتبات للمواطنين في المناطق التي يسيطروا عليها، يريدون أخذ المرتبات للمجهود الحربي، لا نريد طرفا مسلحا يسيطر على البلد، ولكن السلام يعوقه أمران، تاريخ الإمامة باعتباره إرث الأجداد، والتدخلات الإيرانية، فاذا تخلى النظام الإيراني عن الحوثيين لا تبقى منهم إلا الإمامة والشعب اليمني كفيل بها.

وبين أن الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح لعب دورا في توريطنا مع الحوثيين، فالحوثيون في طريقهم إلى عدن تاهوا في الطريق، ولكن ساعدهم أعوان علي عبدالله صالح واستقبلوهم، استقبلوهم بتعليمات وفتحوا لهم المقرات، ولكنهم غيروا الولاءات لصالحهم، فقتلوه ولم يعد معهم أحد، افقدوا علي عبدالله صالح أي قدرة للتواجد، الرئيس صالح أحس بالورطة، وكان يريد أن يحاربهم، ولكن تدخلات خارجية لإيران وحزب الله أجلت انتفاضة علي عبدالله صالح ضد الحوثيين إلى أن استقووا عليه

وتابع: الصورة النمطية لدى بعض الدول أن اليمن فقير وجواره بلدان غنية، وجعل الصورة النمطية بأن البلدان الغنية تضرب البلد الفقير، ولكن المشكلة يمنية أولا، والحوثيون أخطر من أي مشكلة أخرى، لذلك لا يوجد انقسام دولي حول اليمن، وجميع الدول الكبرى تقول إنهم مع السلام وفق المرجعيات الثلاث

وأشار إلى أن الجنوبيين شاركوا في الحكومة بعد ثورة 2011، فبعض الجنوبيين كانوا مرتبطين بإيران قبل أن يتحولوا، لأن إيران كانت تدعم الانفصاليين وكانت لديهم قناة تبث من بيروت، وكان من ضمن الأهداف السيطرة على باب المندب باعتبار أن الجنوب يطل عليه، وسيخنق العالم إذا سيطرت إيران على هرمز وباب المندب.