يحتفي مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" بالتزامن مع الأعياد الوطنية لمملكة البحرين، بمرور عشرة أعوام من تكامل الفكر والإنجاز، كرسته كإحدى المنارات البحثية في المنطقة، ومنتدى للفكر والحوار للتصدي التحديات التي تواجه المملكة والمنطقة والعالم.

منذ تأسيسه في 10 ديسمبر 2009، يتطلع مركز "دراسات" لممارسة دوره بوصفه منبراً رائداً يلتزم بأعلى درجات المهنية، وبالقواعد المتعارف عليها في كبريات المؤسسات البحثية، من خلال توظيف مختلف أدواته المعرفية، لرصد وتحليل واستشراف الاستراتيجيات والسياسات في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والمتعلقة بالطاقة.

كما يسعى المركز إلى تمكين النخب المحلية والعربية والدولية، من مناقشة مختلف القضايا في أجواء من الانفتاح والإيجابية، والتي تعكس توجهات مملكة البحرين، كونها جزءًا أصيلاً في منظومة السِّلم والتنمية والعمل المشترك، تجاه تحقيق أهداف الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

يسترشد المركز في أنشطته وأعماله بالرؤى والمعالم التي رسمها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، وتتوزع على عدة محاور يأتي في مقدمتها: توثيق منجزات مملكة البحرين لتكون للوطن ذاكرته المدوَّنة، لتجنب احتمالات التحريف والتزوير في الوثائق والحقائق، ومن بينها إصدار كتاب "عَقدان مُزهران"، الذي يرصد في عشرة فصول مسيرة إنجازات العاهل المفدى على مدى عقدين كاملين، والتي رسخت دولة القانون والمؤسسات، وتمت ترجمته إلى اللغة الانجليزية، وجاري ترجمته إلى لغات أخرى، وكتاب "العدوان القطري على الديبل عام 1986م"، الذي يتضمن الحقائق التاريخية الدامغة لحقوق البحرين في السيادة على أراضيها، والكتاب يُعد وثيقة تاريخية وشهادة أمينة، يتناول من خلال السرد والوثائق والصور، تفاصيل أحداث العدوان القطري المسلح على ضحال الديبل.

يقوم المركز كذلك بالتنسيق مع المؤسسات الوطنية المعنية من أجل توحيد الخطاب الوطني في مملكة البحرين، المستند على رؤى جلالة الملك وتوجيهاته السديدة، ليكون للمملكة خطاباً جامعاً وشاملاً وعصرياً.

يستلهم المركز، الذي تم تصنيفه ضمن أفضل 5 مراكز بحثية على مستوى الشرق الأوسط عمله من التوجهات الملكية السامية، بضرورة العمل على فتح آفاق التنسيق والتكامل بين مؤسسات الدولة، وفي هذا الإطار تم توقيع عددٍ من مذكرات التفاهم مع كل من مجلسي الشورى والنواب، لإقامة مشاريع وبرامج في المجالين البحثي والتدريبي، لتكريس روح العمل الوطني، بما يخدم القيم التي صاغها ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين، للارتقاء بالعمل التشريعي والرقابي والبحثي، إلى جانب إجراء استطلاعات الرأي والدراسات المسحية التي تشكل دعماً ومساندةً لعمل المجلسين.

وخلال الفترة الماضية، تم توقيع مذكرات تعاون وتفاهم مع مؤسسات عديدة، منها: وزارة الشباب والرياضة، وصندوق العمل "تمكين"، ومعهد البحرين للدراسات المصرفية، وجمعية الصحفيين، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات المشتركة من مؤتمرات وورش عمل وحلقات نقاشية وندوات، بهدف تعزيز كفاءة الوصول للمعلومات.

كما تم توقيع مذكرات تعاون مع مؤسسات بحثية في كل من السعودية والإمارات والأردن ومصر وتونس والمغرب وروسيا، والصين، والمركز الأوروبي الخليجي.

ويشارك "دراسات" بفاعلية في برنامج تقييم مراكز الخدمة الحكومية "تقييم"، وفق مبادئ التميز والجودة والتنافسية، ودعم ثقافة الإبداع والابتكار، واستناداً إلى رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

تشغل الجهود الرامية لمكافحة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره، والقضاء على مصادر تمويله، أولوية في اهتمامات وتحركات المركز على مستوى الفعاليات المتنوعة والبرامج المتخصصة.

وعمل مركز "دراسات" على إطلاق مبادرة لتأسيس اتحاد مراكز الدراسات والبحوث الاستراتيجية العربية، لخدمة قضايا السلام والتنمية، وتعزيز التعاون البحثي، من خلال إقامة الفعاليات المشتركة، والتبادل المعرفي، وبناء القدرات، وصولاً إلى شراكة وثيقة وعميقة، لمواجهة التحديات التي تواجه دول الاعتدال، وتسليط الضوء على دور المراكز البحثية في دعم صناعة القرار وتنوير وتوعية الرأي العام.

وشارك مركز "دراسات" كطرف فاعل لتقديم الدعم اللوجستي والفكري لمعرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع (بايدك) ونظم المؤتمر المصاحب للمعرض في نسختيه الأولى والثانية. كما يحظى منتدى "دراسات" السنوي باهتمام إقليمي كبير، باعتباره منصة تقدم خيارات استراتيجية، وكأحد أهم فعاليات المنطقة من حيث المشاركة والمتابعة.

من جهة أخرى، قام "دراسات" بتوطيد علاقاته بالعديد من المنظمات والهيئات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، ومكاتبها وأجهزتها المختلفة، لا سيما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث ساهم التعاون المشترك في التحديث الإحصائي لآخر دليل للتنمية البشرية، في ارتقاء مرتبة مملكة البحرين ستة مراكز على المستوى العالمي، للفترة بين 2013 - 2018، وهي النسبة الأكبر بين جميع الدول العربية.

وأصدر المركز بالتعاون مع البرنامج الأممي، التقرير الوطني للتنمية البشرية، بعنوان "النمو الاقتصادي المستدام" ويقدم مؤشرات رصينة بمعايير دولية، وتوصيات بناءة، لتوفير أفضل الممارسات المؤسسية.

ويتولى مركز "دراسات" حالياً دوراً محورياً في إعداد تقرير المدن العربية 2020، بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، الذي يعتبر أول "تقرير رسمي" حول المدن العربية منذ عام 2012، وسيتم تدشين التقرير، خلال المنتدى الحضري العالمي العاشر، وسيعقد في مدينة أبوظبي في شهر فبراير 2020، كما سيمثل التقرير أول "تقرير إقليمي" تشارك في إعداده مملكة البحرين. وهذه المساهمة من جانب "دراسات" مع الأمم المتحدة، تعكس الإسهامات الكبيرة والنوعية للمركز في إعداد التقارير الدولية، ونجاحه في تطوير كادر بحثي وطني محترف.

من جهة أخرى، يتفاعل مركز "دراسات" بزخم كبير مع الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، باعتبارها خطوة مهمة، لاستنهاض وعي المجتمع، بالتنسيق مع وزارة الداخلية.

وقد وضع مركز "دراسات" كافة إمكاناته المتاحة، لتنفيذ ما ورد في المرسوم الملكي السامي رقم (22) لسنة 2019، بشأن إنشاء "مركز الطاقة المستدامة"، ثم تأسيس "هيئة الطاقة المستدامة"، وذلك من خلال تشجيع مبادرات ومشاريع الطاقة المستدامة، وبناء القدرات والتدريب، وإعداد ونشر برامج التوعية والتثقيف في مجال استخدام مصادر الطاقة المستدامة والمحافظة عليها ورفع كفاءتها.

ويسعى "دراسات" إلى بناء جيل من الباحثين البحرينيين المزودين بالمعرفة والخبرة والكفاءة، لإنجاز مهامه وأعماله، والارتقاء بأدائه ليصبح أحد المراكز الدولية المعتمدة في إنتاج المعرفة، ويعطي المركز أولوية للتدريب الأكاديمي عبر الابتعاث لكوادره البحثية، تبلورت من خلال ابتعاث ثلاثة باحثين شباب لدراسة الماجستير في أرقى الجامعات العالمية، واشراك الباحثين في دورات علمية لمختلف التخصصات البحثية، كما يهتم المركز بتشجيع البحث العلمي عبر استقطاب الباحثين المتميزين، ونشر كتبهم ودراساتهم وأبحاثهم التي تتناول شتى القضايا التنموية والعلمية.

كما يشارك المركز في الكثير من أنشطة التعاون العلمي مع مختلف الجامعات والمعاهد والمؤسسات والمراكز البحثية، والمنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة، وكذلك التعاون في مجال تنفيذ المشروعات البحثية التعاقدية والمشتركة، وتبادل الخبرات والزيارات والإصدارات العلمية، والمشاركة في تنظيم المؤتمرات العلمية وورش العمل والبرامج التدريبية.

ويوظف المركز -من أجل تحقيق أهدافه بوصفه مؤسسة فكرية رائدة في المنطقة- مجموعة جديدة من الأدوات، كاستطلاعات الرأي لقياس توجهات الرأي العام، والقيام بدراسات ومسوحات ميدانية حول القضايا المحلية والإقليمية والعالمية المختلفة، بدقة وموضوعية وحيادية، كما يشجع المركز على بناء الجسور بين وجهات النظر المختلفة، وتهيئة منتديات للمناقشات المفتوحة، مع تبني رؤية استراتيجية لتعزيز التفاهم والفكر الجديد الذي يمكن أن يقدم الحلول المبتكرة لاستتباب السلام والأمن والاستقرار في المستقبل.

وتمكن المركز منذ تأسيسه من تحقيق العديد من المنجزات، والتي يسعى للتأسيس عليها لإحداث نقلة نوعية في دوره ومشاركته في تحقيق رؤى صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، والانطلاق منها في خطة طموحة لتطوير أعماله، ومن بينها:

الانتظام في متابعة آخر التطورات الاستراتيجية، وإعداد الدراسات الاستشرافية، وتقارير الموقف الاستراتيجي لدعم صناع القرار، وتقديم التحليلات المعمقة والمنهجية حول أبرز التحديات المحلية والإقليمية والدولية.

اعتماد مهمّات تنفيذية إدارية وبحثية "قصيرة وطويلة الأمد" ضمن غايات أهداف الخطة الاستراتيجية للمركز.

إنجاز العديد من التقارير الاستراتيجية، ونشر الإصدارات العلمية النوعية، بالإضافة إلى الإسهامات المعرفية، لبناء الفكر الاستراتيجي، وتقديم التوصيات والمقترحات، لمعالجة التحديات القائمة.

زيادة التعاون مع المراكز والمنظمات العلمية المحلية والإقليمية والدولية، وبناء شبكة علاقات مع معاهد الأبحاث العالمية المتميزة.

إعطاء الأولوية للتدريب الأكاديمي عبر التأهيل المستمر والتعاون المشترك، وكذلك الابتعاث لكوادر المركز البحثية.

تصميم موقع إلكتروني حديث للمركز برؤية واضحة، حيث يتبنى الموقع أفضل الممارسات، وأحدث النظم والتقنيات الرقمية، لضمان التواجد الفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي.

توفر مكتبة المركز الدعم والمعلومات للباحثين والطلاب وعامة الجمهور، من خلال آلاف العناوين من الكتب والمصادر المطبوعة والإلكترونية في موضوعات رئيسية مثل: الدراسات الاستراتيجية والأمنية والدولية والطاقة، بالإضافة إلى مختلف مجالات العلوم الاجتماعية والتكنولوجيا والتاريخ.

ويمكن القول: إن مركز "دراسات" وهو يشهد مطلع عقده الثاني، يسير بخطى ثابتة ومدروسة نحو تحقيق رسالته وأهدافه، والمساهمة في التنمية المستدامة، ونشر الفكر المستنير، والمضي قدماً للمساهمة في تحقيق عالمٍ أكثر أمناً وازدهاراً.