بناـ محمد شحات
تحتفل البحرين بأعيادها الوطنية إحياء لذكرى قيام الدولة البحرينية في عهد المؤسس أحمد الفاتح كدولة عربية مسلمة العام 1783، وذكرى انضمامها في الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، وذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى مقاليد الحكم.
وتؤكد احتفالات هذا العام عدداً من المعاني والدلالات، فإضافة إلى تجديد أبناء المملكة ولاءهم والتفافهم حول قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وتأكيد الاعتزاز بانتمائهم لهذه الأرض الطيبة، فإنها تعكس أيضاً حجم الجهود المبذولة لتطوير البلاد في شتى القطاعات والمجالات، والخطوات الحثيثة التي يتم اتخاذها عاماً بعد عام وفق منهج ثابت ومدروس لتحقيق مزيد من النجاحات والمكتسبات.
ويبدو ذلك واضحاً بالنظر إلى ما شهده العام 2019 من تحولات، وصفت بأنها لبنات إضافية تدعم صرح المسيرة التنموية الشاملة المباركة التي قادها عاهل البلاد المفدى طوال السنوات الماضية، فحازت بها المملكة المراكز المتقدمة ضمن المؤشرات العالمية رغم الظروف والأوضاع الدولية والإقليمية الراهنة.
مستوى آخر من التطور
وعلى الصعيد السياسي، استطاعت البحرين التأكيد مجدداً على مدى حيوية مجتمعها وتوقه الدائم للنهوض والرفعة، وهو ما يمكن النظر له من خلال عدد من المؤشرات التي أثبتت أن المسيرة التنموية الشاملة عملية مستمرة، لا تستهدف فحسب تقوية وتدعيم مكانة الدولة، وإنما نقلها لمستوى آخر من التطور في مسار متوازن دون قفز على المراحل أو تجاوز لها.
يشار هنا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى استمرارية نجاح التجربة النيابية كنموذج متطور للديمقراطية الوطنية، وتجدد العهد بقدرتها على الوفاء باستحقاقاتها ومتطلباتها مع استيعاب احتياجات الشعب وطموحاته، والتعبير عنها وصهرها في بوتقة من التماسك والدعم المؤسسي.
إضافة إلى التوافق النيابي الحكومي على برامج عمل السنوات الأربع المقبلة، والتعاون بين السلطتين لما فيه خير البلاد وشعبها الكريم. وجسدت هذه الاستمرارية حقيقة الإرادة المجتمعية في المملكة وإصرارها، كما عمقت ثقافة المشاركة الشعبية وانخراط الشارع في مسيرة العمل العام، والوعي به عند كل أفراد المجتمع، إضافة إلى تأصيل مؤسسية الدولة والمساواة وسيادة القانون، وحجم النجاح في بناء منظومة قيمية حديثة تعكس الحرص على الإعلاء من المصالح القومية العليا لكل البحرينيين، والرغبة في الانفتاح والعمل السياسي، بما يتضمنه ذلك من مستويات عالية من المساءلة وحريات الرأي وشفافية الأداء.
أداء دبلوماسي فاعل
وبفضل النجاح في تطوير الأداء الداخلي، تمكنت البحرين عبر دبلوماسيتها الرفيعة من دعم مكانتها الخارجية، وتعزيز صورتها بلداً آمناً للتعايش والتسامح، وتكريس هويتها بوتقة انصهار لمختلف الثقافات، كما كان بارزاً حضور المملكة في كافة المحافل الإقليمية والدولية للدفاع عن القضايا الخليجية والعربية والإسلامية والدولية ذات الاهتمام، فضلاً عن حماية المصالح الحيوية للبلاد.
بدا ذلك واضحاً بالنظر إلى طبيعة التحركات الخارجية التي شهدها العام 2019، ومسارات العمل الدبلوماسي خلاله، وتكللت بالانضمام لمعاهدة الصداقة مع أكبر تكتل اقتصادي عالمي وهو الآسيان في نوفمبر، وكشفت جملة هذه التحركات عن قدرة الدبلوماسية الوطنية التي يقودها العاهل المفدى على حشد الدعم الإقليمي والدولي للبلاد، ومواجهة التدخلات الخارجية في شؤونها، والتصدي لأي محاولات لزعزعة الأمن، ناهيك عن فتح آفاق التعاون مع دول العالم أجمع لتدعيم العلاقات وإبرام المعاهدات والاتفاقات التي تصب في خدمة الوطن وشعبه.
ويمكن الإشارة هنا إلى غيض من فيض كتخصيص يوم للاحتفال بالدبلوماسية البحرينية، في منتصف يناير 2019، والحضور البحريني الفاعل في القمة العربية ـ الأوروبية بشرم الشيخ في فبراير، هذا فضلاً عن الزيارات السامية لعاهل البلاد المفدى لتركمانستان وفرنسا والمجر وبريطانيا ومصر وقمم مكة الثلاث وإسبانيا، في مارس وابريل ومايو ويونيو وسبتمبر ونوفمبر على التوالي، علاوة على استقبال البحرين لخادم الحرمين الشريفين والزيارة التاريخية لرئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي للبحرين.
وهو ما يضاف بالتأكيد إلى اللقاءات والاتصالات المتبادلة بين كبار المسؤولين في المملكة ونظرائهم من دول العالم المختلفة، ومن ذلك الزيارات المتعددة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، علاوة على الوزراء وكبار التنفيذيين، وشملت العديد من الدول والفعاليات والمؤتمرات في المنطقة والعالم.
واستهدفت كل هذه التحركات الدبلوماسية تكريس الحضور البحريني في المحافل الخارجية المختلفة، فضلاً عن دعم شبكة التحالفات والعلاقات القائمة بين المملكة ومحيطها، ثم ضمان أكبر دعم في المواقف يمكن أن تحصله البلاد بهدف تحقيق مزيد من التقدم والتطور والنماء على كل الصعد.
نجاحات أمنية
على الصعيد الأمني، الذي كان له أولوية قصوى في فكر وتوجيهات جلالة العاهل المفدى، نجحت البحرين في تبني الخطط والمشروعات الرامية للتصدي للجريمة والإرهاب بكافة أشكالهما وأنواعهما، واستمرت وتيرة تنفيذ التمرينات والتدريبات والمناورات الأمنية والعسكرية. كما زادت قدرة الأجهزة المعنية على تنظيم واستقطاب المؤتمرات الدفاعية والأمنية، التي وضعت بين أهم أهدافها ليس فقط دعم الأجهزة المعنية بأحدث التقنيات والمعدات اللازمة لمكافحة الجريمة، وتزويد منتسبيها بالمهارات والخبرات الضرورية لأداء دورهم الوطني، وإنما أيضاً تكريس الحضور الوطني على هذه الساحة، ومواكبة المستجدات التي جعلت من أمن العالم والإقليم كلاً متكاملاً لا ينفصل بعضه عن الآخر.
في هذا الشأن، يشار مثلاً إلى الاحتفالات بذكرى تأسيس الحرس الوطني وقوة الدفاع في يناير وفبراير، وإطلاق مشروع الانتماء الوطني والعقوبات البديلة والإسعاف الوطني في مارس وأبريل ومايو على التوالي، فضلاً عن استضافة الاجتماع الـ11 لمجموعة الدول المختصة بمكافحة داعش، وافتتاح المكتب الإقليمي للاتجار بالأشخاص بالمملكة في يونيو، وإقامة معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع (بايدك) في أكتوبر، واستضافة قمة حوار المنامة الأمنية في نوفمبر، ومؤتمر الأمن البحري في أكتوبر، والاحتفال بمئوية الشرطة في ديسمبر، وغيرها من المناسبات التي حفل بها هذا العام.
وعبرت كل هذه الفعاليات عن سعي المملكة الدؤوب للتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية النظيرة في مجالات مكافحة الجريمة بأنواعها، وتبادل الخبرات معها بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من مستويات الأمن والأمان للشعب البحريني، وعبرت عنها عدة شهادات دولية مهمة، منها تقرير الخارجية الأمريكية الأخير حول مكافحة الإرهاب الذي أكد النجاح اللافت الذي حققته المملكة في جهودها لمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، رغم تزايد المخاطر الإرهابية في المنطقة والعالم. فضلاً عن تقرير التنافسية العالمي الذي وضع الشرطة البحرينية في المرتبة الـرابعة دولياً في مؤشر الأمن بين 141 دولة، وصدر في أكتوبر 2019، وأكد أن مستويات الأمن التي يعيشها المواطن والمقيم على أرض المملكة تضاهي نظيراتها في أكثر الدول تقدماً. وكذلك تقرير الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالبشر الصادر في يونيو، الذي أكد استمرار وجود البحرين ضمن فئة الدول المتقدمة والأكثر نجاحاً في مكافحة الاتجار بالأشخاص.
بنية اقتصادية قوية
وكان للنجاح الداخلي بشقيه السياسي والأمني، والأداء الدبلوماسي الفاعل، أثرهما في توظيف كل إمكانات وموارد المملكة لزيادة معدلات الناتج المحلي، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من ميزات الإنتاج النسبية التي تملكها البلاد، وتوفير الأجواء المناسبة للتدفقات الرأسمالية، لا سيما في القطاعات غير النفطية كالسياحة والصناعة والمال والمصارف.
وهو ما تزامن مع كثير من الجهود والمبادرات الحكومية والخاصة لتنمية المبادرات الفردية، والتعويل على القطاع الخاص لدعم جهود الدولة وقيادة قاطرة النمو خلال الفترة المقبلة، مع العمل على زيادة قدرة الأجهزة المختصة على تنظيم واستقطاب الفعاليات الكبرى كالمؤتمرات والمعارض والفعاليات المهمة وغيرها.
ومن أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الاقتصادية البحرينية خلال 2019 مواصلة متابعة الاستكشافات النفطية، وحضور البحرين للقمة الاقتصادية العربية ببيروت في يناير، والإعلان في فبراير عن المشروع الوطني للتوظيف ورفع إعانة البطالة، ونجاح تخفيض العجز الكلي في ميزانية 2018 مقارنة بالعام 2017 بنسبة 35%، فضلً عن تحديث مصفاة بابكو في مارس، وافتتاح أول وأكبر متنزه للغوص في سبتمبر، وأخيراً وليس آخراً افتتاح خط المصهر السادس بمصنع ألبا في نوفمبر وغيرها.
وضمنت هذه المشروعات الاقتصادية الكبرى للبحرين تحقيق كثير من المنجزات، يأتي في مقدمتها: الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة، وتوفير البنى التحتية والتنظيمية الضرورية لها، التي تسهم بالتالي في تنويع مصادر الدخل عامة، وتدفق موارد الاستثمار الأجنبي بشكل خاص، ويعول عليها كعنصر رئيس في تمويل عملية التنمية، إضافة إلى ضمان الاستجابة لتطلعات المجتمع وتحقيق طموحاته عبر توسيع هامش الحركة والعمل أمام أبنائه.
وانعكس كل ذلك على مستويات التنمية البشرية والأوضاع الاجتماعية للمواطنين. وبدا ذلك واضحاً بالنظر إلى نجاح مسيرة التنمية المستدامة في المملكة، وهو ما ضمن لها معدلاً متدنياً للبطالة لا يزيد على 4.2 % وينخفض لـ3.8 %، ومواصلة احتلال البحرين قائمة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة في دليل التنمية البشرية الذي يقيس حجم التطور التنموي في مجالات الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المقدمة للمواطن.
{{ article.visit_count }}
تحتفل البحرين بأعيادها الوطنية إحياء لذكرى قيام الدولة البحرينية في عهد المؤسس أحمد الفاتح كدولة عربية مسلمة العام 1783، وذكرى انضمامها في الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، وذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى مقاليد الحكم.
وتؤكد احتفالات هذا العام عدداً من المعاني والدلالات، فإضافة إلى تجديد أبناء المملكة ولاءهم والتفافهم حول قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وتأكيد الاعتزاز بانتمائهم لهذه الأرض الطيبة، فإنها تعكس أيضاً حجم الجهود المبذولة لتطوير البلاد في شتى القطاعات والمجالات، والخطوات الحثيثة التي يتم اتخاذها عاماً بعد عام وفق منهج ثابت ومدروس لتحقيق مزيد من النجاحات والمكتسبات.
ويبدو ذلك واضحاً بالنظر إلى ما شهده العام 2019 من تحولات، وصفت بأنها لبنات إضافية تدعم صرح المسيرة التنموية الشاملة المباركة التي قادها عاهل البلاد المفدى طوال السنوات الماضية، فحازت بها المملكة المراكز المتقدمة ضمن المؤشرات العالمية رغم الظروف والأوضاع الدولية والإقليمية الراهنة.
مستوى آخر من التطور
وعلى الصعيد السياسي، استطاعت البحرين التأكيد مجدداً على مدى حيوية مجتمعها وتوقه الدائم للنهوض والرفعة، وهو ما يمكن النظر له من خلال عدد من المؤشرات التي أثبتت أن المسيرة التنموية الشاملة عملية مستمرة، لا تستهدف فحسب تقوية وتدعيم مكانة الدولة، وإنما نقلها لمستوى آخر من التطور في مسار متوازن دون قفز على المراحل أو تجاوز لها.
يشار هنا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى استمرارية نجاح التجربة النيابية كنموذج متطور للديمقراطية الوطنية، وتجدد العهد بقدرتها على الوفاء باستحقاقاتها ومتطلباتها مع استيعاب احتياجات الشعب وطموحاته، والتعبير عنها وصهرها في بوتقة من التماسك والدعم المؤسسي.
إضافة إلى التوافق النيابي الحكومي على برامج عمل السنوات الأربع المقبلة، والتعاون بين السلطتين لما فيه خير البلاد وشعبها الكريم. وجسدت هذه الاستمرارية حقيقة الإرادة المجتمعية في المملكة وإصرارها، كما عمقت ثقافة المشاركة الشعبية وانخراط الشارع في مسيرة العمل العام، والوعي به عند كل أفراد المجتمع، إضافة إلى تأصيل مؤسسية الدولة والمساواة وسيادة القانون، وحجم النجاح في بناء منظومة قيمية حديثة تعكس الحرص على الإعلاء من المصالح القومية العليا لكل البحرينيين، والرغبة في الانفتاح والعمل السياسي، بما يتضمنه ذلك من مستويات عالية من المساءلة وحريات الرأي وشفافية الأداء.
أداء دبلوماسي فاعل
وبفضل النجاح في تطوير الأداء الداخلي، تمكنت البحرين عبر دبلوماسيتها الرفيعة من دعم مكانتها الخارجية، وتعزيز صورتها بلداً آمناً للتعايش والتسامح، وتكريس هويتها بوتقة انصهار لمختلف الثقافات، كما كان بارزاً حضور المملكة في كافة المحافل الإقليمية والدولية للدفاع عن القضايا الخليجية والعربية والإسلامية والدولية ذات الاهتمام، فضلاً عن حماية المصالح الحيوية للبلاد.
بدا ذلك واضحاً بالنظر إلى طبيعة التحركات الخارجية التي شهدها العام 2019، ومسارات العمل الدبلوماسي خلاله، وتكللت بالانضمام لمعاهدة الصداقة مع أكبر تكتل اقتصادي عالمي وهو الآسيان في نوفمبر، وكشفت جملة هذه التحركات عن قدرة الدبلوماسية الوطنية التي يقودها العاهل المفدى على حشد الدعم الإقليمي والدولي للبلاد، ومواجهة التدخلات الخارجية في شؤونها، والتصدي لأي محاولات لزعزعة الأمن، ناهيك عن فتح آفاق التعاون مع دول العالم أجمع لتدعيم العلاقات وإبرام المعاهدات والاتفاقات التي تصب في خدمة الوطن وشعبه.
ويمكن الإشارة هنا إلى غيض من فيض كتخصيص يوم للاحتفال بالدبلوماسية البحرينية، في منتصف يناير 2019، والحضور البحريني الفاعل في القمة العربية ـ الأوروبية بشرم الشيخ في فبراير، هذا فضلاً عن الزيارات السامية لعاهل البلاد المفدى لتركمانستان وفرنسا والمجر وبريطانيا ومصر وقمم مكة الثلاث وإسبانيا، في مارس وابريل ومايو ويونيو وسبتمبر ونوفمبر على التوالي، علاوة على استقبال البحرين لخادم الحرمين الشريفين والزيارة التاريخية لرئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي للبحرين.
وهو ما يضاف بالتأكيد إلى اللقاءات والاتصالات المتبادلة بين كبار المسؤولين في المملكة ونظرائهم من دول العالم المختلفة، ومن ذلك الزيارات المتعددة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، علاوة على الوزراء وكبار التنفيذيين، وشملت العديد من الدول والفعاليات والمؤتمرات في المنطقة والعالم.
واستهدفت كل هذه التحركات الدبلوماسية تكريس الحضور البحريني في المحافل الخارجية المختلفة، فضلاً عن دعم شبكة التحالفات والعلاقات القائمة بين المملكة ومحيطها، ثم ضمان أكبر دعم في المواقف يمكن أن تحصله البلاد بهدف تحقيق مزيد من التقدم والتطور والنماء على كل الصعد.
نجاحات أمنية
على الصعيد الأمني، الذي كان له أولوية قصوى في فكر وتوجيهات جلالة العاهل المفدى، نجحت البحرين في تبني الخطط والمشروعات الرامية للتصدي للجريمة والإرهاب بكافة أشكالهما وأنواعهما، واستمرت وتيرة تنفيذ التمرينات والتدريبات والمناورات الأمنية والعسكرية. كما زادت قدرة الأجهزة المعنية على تنظيم واستقطاب المؤتمرات الدفاعية والأمنية، التي وضعت بين أهم أهدافها ليس فقط دعم الأجهزة المعنية بأحدث التقنيات والمعدات اللازمة لمكافحة الجريمة، وتزويد منتسبيها بالمهارات والخبرات الضرورية لأداء دورهم الوطني، وإنما أيضاً تكريس الحضور الوطني على هذه الساحة، ومواكبة المستجدات التي جعلت من أمن العالم والإقليم كلاً متكاملاً لا ينفصل بعضه عن الآخر.
في هذا الشأن، يشار مثلاً إلى الاحتفالات بذكرى تأسيس الحرس الوطني وقوة الدفاع في يناير وفبراير، وإطلاق مشروع الانتماء الوطني والعقوبات البديلة والإسعاف الوطني في مارس وأبريل ومايو على التوالي، فضلاً عن استضافة الاجتماع الـ11 لمجموعة الدول المختصة بمكافحة داعش، وافتتاح المكتب الإقليمي للاتجار بالأشخاص بالمملكة في يونيو، وإقامة معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع (بايدك) في أكتوبر، واستضافة قمة حوار المنامة الأمنية في نوفمبر، ومؤتمر الأمن البحري في أكتوبر، والاحتفال بمئوية الشرطة في ديسمبر، وغيرها من المناسبات التي حفل بها هذا العام.
وعبرت كل هذه الفعاليات عن سعي المملكة الدؤوب للتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية النظيرة في مجالات مكافحة الجريمة بأنواعها، وتبادل الخبرات معها بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من مستويات الأمن والأمان للشعب البحريني، وعبرت عنها عدة شهادات دولية مهمة، منها تقرير الخارجية الأمريكية الأخير حول مكافحة الإرهاب الذي أكد النجاح اللافت الذي حققته المملكة في جهودها لمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، رغم تزايد المخاطر الإرهابية في المنطقة والعالم. فضلاً عن تقرير التنافسية العالمي الذي وضع الشرطة البحرينية في المرتبة الـرابعة دولياً في مؤشر الأمن بين 141 دولة، وصدر في أكتوبر 2019، وأكد أن مستويات الأمن التي يعيشها المواطن والمقيم على أرض المملكة تضاهي نظيراتها في أكثر الدول تقدماً. وكذلك تقرير الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالبشر الصادر في يونيو، الذي أكد استمرار وجود البحرين ضمن فئة الدول المتقدمة والأكثر نجاحاً في مكافحة الاتجار بالأشخاص.
بنية اقتصادية قوية
وكان للنجاح الداخلي بشقيه السياسي والأمني، والأداء الدبلوماسي الفاعل، أثرهما في توظيف كل إمكانات وموارد المملكة لزيادة معدلات الناتج المحلي، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من ميزات الإنتاج النسبية التي تملكها البلاد، وتوفير الأجواء المناسبة للتدفقات الرأسمالية، لا سيما في القطاعات غير النفطية كالسياحة والصناعة والمال والمصارف.
وهو ما تزامن مع كثير من الجهود والمبادرات الحكومية والخاصة لتنمية المبادرات الفردية، والتعويل على القطاع الخاص لدعم جهود الدولة وقيادة قاطرة النمو خلال الفترة المقبلة، مع العمل على زيادة قدرة الأجهزة المختصة على تنظيم واستقطاب الفعاليات الكبرى كالمؤتمرات والمعارض والفعاليات المهمة وغيرها.
ومن أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الاقتصادية البحرينية خلال 2019 مواصلة متابعة الاستكشافات النفطية، وحضور البحرين للقمة الاقتصادية العربية ببيروت في يناير، والإعلان في فبراير عن المشروع الوطني للتوظيف ورفع إعانة البطالة، ونجاح تخفيض العجز الكلي في ميزانية 2018 مقارنة بالعام 2017 بنسبة 35%، فضلً عن تحديث مصفاة بابكو في مارس، وافتتاح أول وأكبر متنزه للغوص في سبتمبر، وأخيراً وليس آخراً افتتاح خط المصهر السادس بمصنع ألبا في نوفمبر وغيرها.
وضمنت هذه المشروعات الاقتصادية الكبرى للبحرين تحقيق كثير من المنجزات، يأتي في مقدمتها: الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة، وتوفير البنى التحتية والتنظيمية الضرورية لها، التي تسهم بالتالي في تنويع مصادر الدخل عامة، وتدفق موارد الاستثمار الأجنبي بشكل خاص، ويعول عليها كعنصر رئيس في تمويل عملية التنمية، إضافة إلى ضمان الاستجابة لتطلعات المجتمع وتحقيق طموحاته عبر توسيع هامش الحركة والعمل أمام أبنائه.
وانعكس كل ذلك على مستويات التنمية البشرية والأوضاع الاجتماعية للمواطنين. وبدا ذلك واضحاً بالنظر إلى نجاح مسيرة التنمية المستدامة في المملكة، وهو ما ضمن لها معدلاً متدنياً للبطالة لا يزيد على 4.2 % وينخفض لـ3.8 %، ومواصلة احتلال البحرين قائمة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة في دليل التنمية البشرية الذي يقيس حجم التطور التنموي في مجالات الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المقدمة للمواطن.