وتتمثل الدعوى بإصدار وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني قراراً باستملاك جزء من العقار موضوع الدعوى في عام 2004 من أجل تطوير أحد الطرق في منطقة القضيبية، وذلك حسب طلب وزارة الأشغال والإسكان آنذاك، وبعد اتخاذ كافة إجراءات اللازمة المنصوص عليها في قانون الاستملاك، وإشعار الجهات المعنية ذات العلاقة، تم تقدير سعر التثمين بواقع 740/376 دينار للمتر المربع للأرض، وبعد إشعار المالك بالسعر وانتهاء الفترة القانونية للتظلم على قرار لجنة التثمين من دون رد، تم استكمال إجراءات التعويض من خلال إيداع قيمة التعويض باسم المالك لدى المسجل العام بوزارة العدل.
وفي 2/8/2016 تقدم المدعي بالطعن أمام محكمة الكبرى الإدارية مطالباً رفع قيمة التثمين إلى 200,67813 دينار كتعويض مؤقت، وانتداب خبير تكون مهمته بيان القيمة السوقية للعقار موضوع التداعي، واحتساب القيمة الكلية للتعويض.
وحيث تداولت المحكمة بالبحث والتمحيص الأوراق والمستندات المقدمة من المدعي، وبعد سماع المرافعة والمداولة قانوناً، قررت المحكمة بأن الثابت صدور قرار استملاك عام 2004 باستملاك ملك المدعي الكائن في القضيبية من المنامة، وبتاريخ 14/2/2004 تم اخطار المدعي بأن هيئة التثمين قد ثمنت العقار موضوع التداعي بسعر 740/376 ديناراً للمتر المربع للأرض، وكما أن الثابت بأن المدعي لم يبادر إلى إقامة دعواه طعناً على قرار هيئة التثمين المذكور، إلا تاريخ 2/8/2016 أي بعد فوات مدة تجاوز اثني عشر عاماً على صدور القرار المطعون عليه، ومن ثم يسقط حقه في الطعن على ذلك القرار، الأمر الذي تغدو معه الدعوى الماثلة قائمة على غير سند من القانون وتكون جديرة بالرفض.
وأضافت المحكمة أنه لا ينال من ذلك، ما ذهب إيه المدعي من عدم علمه بقرار هيئة التثمين كونه خارج البلاد، وذلك أن الثابت من كتاب شؤون الجنسية والجوازات والإقامة المؤرخ في 4/5/2016 أن المدعي غادر البلاد في الفترة من 16/7/2011 حتى 2/5/2016، أي بعد صدور القرار المطعون عليه بما يجاوز سبع سنوات، بما يغدو معه الدفع في غير محله ومتعيناً الالتفات عنه.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وألزمت المدعي المصروفات.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى مالك العقار، فطعن عليه بالاستئناف الماثل بلائحة قدمها عام 2018، ضد كلاً من إدارة الاستملاك والتعويض بوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني ووزارة الإسكان، وانتهى فيها إلى المطالبة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير تكون مهمته بيان القيمة السوقية للعقار واحتساب القيمة الكلية للتعويض وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم مجدداً بما جاء بلائحة الدعوى المستأنف حكمها وإلزام المستأنف ضدهم بالرسوم والمصاريف واتعاب الخبير ومقابل أتعاب المحاماة على درجتي التقاضي.
وبعد الاطلاع والمداولة قانوناً أمام المحكمة المذكورة، قد أصدرت حكمها المقرر بأن لمحكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد وطالما أن تلك الأسباب كافية لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لأسباب الاستئناف، وكما أنه من المقرر أيضاً أن لمحكمة الاستئناف أن تؤيد الحكم الابتدائي وأن تحيل على ما جاء فيه سواء بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله، ومن ثم يكون الحكم المستأنف قد أنزل صحيح الحكم القانوني على ماديات الدعوى واتخذ بها المحكمة وتعتبرها مكملة لأسباب حكمها ويكون الاستئناف برمته لم يقم على سند من الواقع والقانون، فيكون جديراً بالرفض الأمر الذي تقضي معه المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف لما بني عليه من أسباب لا تتعارض تلك التي ساقتها هذه المحكمة.
وفي 26/11/2019 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن الأحكام القضائية الصادرة قد وافقت ما استقر عليه القضاء في محكمة التمييز من أن استطالة الأمد بين صدور القرار الإداري المطعون عليه وتاريخ إقامة الدعوى يقيم قرينة قانونية على تحقق العلم اليقيني بالقرار والرضاء الضمني به، والادعاء بغير ذلك من شأنه أن يؤدي إلى أهدار المراكز القانونية التي استتبت على مر السنين، مع الأخذ بالاعتبار إلى أن إيداع قيمة التعويض لدى المسجل العام بوزارة العدل بعد تنفيذ إجراءات العرض بالوفاء والإيداع المنصوص عليه بقانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم رقم (12) لسنة 1971 والمعدل بموجب المرسوم بقانون رقم (8) لسنة 1978، يؤكد سلامة الإجراءات القانونية والإدارية في حفظ الحقوق المالية لملاك العقارات المستملكة، مع مراعاة ما تقتضيه معايير العدالة والانصاف المنصوص عليها في قانون الاستملاك.