ياسمين العقيدات

اشتهرت البحرين منذ القدم بمزاولة أبنائها مهنة "الصفارة" القائمة على تطويع المعدن الثقيل لصناعة الصناديق والأواني المعدنية، ثم عزف كثير من البحرينيين عن المهنة متجهين إلى مهنة "التناكة" القائمة على صناعة أدوات متنوعة تستخدم رقائق معدن الحديد المعروف محلياً باسم "الجينكو".

وضم سوق المنامة القديم أكثر من 25 محلاً للتناكة قديماً، حتى أجاد حبيب الصفار وهو من الجيل الخامس هذه الصناعة التي ورثها أباً عن جد، ويقاوم اليوم الزمن بمهنته وحيداً وسط مجموعة من المحلات الحديثة في السوق، بعد أن ترك المهنة أصحابها بسبب غزو أواني الألمنيوم والبلاستيك بأسعار رخيصة.

يقول حبيب "زاولت المهنة منذ الصغر في المرحلة الابتدائية، ومضى الآن أكثر من 50 عاماً، وأنا أستمتع بصوت المطرقة ورقائق المعدن، حتى بت لا أستطيع مفارقتها".

ويضيف حبيب أن المهنة تعيش "اليوم غربة كبيرة فلا الأبناء يرغبون باحترافها ولا الجهات الرسمية تدعمها أو تشجع على إحيائها. الأبناء اليوم يفضلون العمل بوظائف ذات دخل ثابت شهرياً، عوضاً عن المكوث بين أصوات المطارق بدخل محدود"، مؤكداً أنه حاول تكراراً ترغيب أبنائه بهذه المهنة لكنها لم تستهوهم".

وبدا التعب واضحاً على التناك حبيب الصفار أثناء صناعته صندوقاً كبيراً يعده لأحد الزبائن، لكنه رفع يده إلى السماء داعياً الله عز وجل أن يحفظ هذه المهنة.

يقول حبيب "الجهات الرسمية لا تقدم الدعم الكافي لهذه المهنة التراثية، فنحن لا نملك سوقاً مخصصاً أو امتيازات معينة لمساعدتنا على نشر ثقافة المهن التقليدية الشعبية، فكما ترون هذا الصندوق ضمن مجموعة أخرى لأحد الزبائن من المملكة العربية السعودية. تعاني المهنة شح الزبائن، فأنا أجلس أحياناً عشرات الأيام دون أن يأتي أحد إلى المحل".

وعن الأدوات التي يصنعها، يقول حبيب "أصنع عدداً من براميل القمامة، وأوعية الغسيل والحلوى، والأواني القديمة للسكر والرز، والمناقيش، والمنقلة، والبادقير. واتجهت حديثاً إلى صناعة الصواني الخاصة بمكيفات الهواء والأفران وخزانات الماء وبعض الأدوات المعدنية للشركات وبعض الأدوات المستخدمة في الوقت الحاضر لمواكبة التطور الحضاري ومحاولة جذب الزبائن من الجيل الجديد"، مؤكداً أن "الأسعار في متناول الجميع فالصندوق المعدني المخصص لحفظ الملابس لا يتجاوز سعره 35 ديناراً، أما الصناعات الخفيفة فتباع بدينار ونصف أو دينارين".