كمال الذيب
قد يقود الطابع الاحتفالي باليوبيل الذهبي لأسرة الأدباء والكتاب إلى التوقف عند الإشكالية الفكرية التي تدور حولها بعض المناقشات منذ ستينيات القرن الماضي، وهي "هل للمثقف دور رسالي؟ وهل المطلوب منه تغيير العالم أو الاكتفاء بفهمه وتحليله...؟"، وما يتفرع عن هذه المسألة من رؤى وأفكار متناقضة.
وقد يعترض البعض على هذا النوع من التساؤلات، بأنها (زائفة)، ولم تعد مطروحة بهذه الصورة في الوقت الحاضر. وأن طرحها على هذا النحو مفارق للحظة التي نحياها. لأن الوسط الثقافي برمته قد تجاوزها، فأصبح من يؤمن بأن العمل الإبداعي هو مشروع شخصي، ومن يؤمن بأن هذا العمل يحمل رسالة اجتماعية بالضرورة، يتعايشان في نوع من المجاورة، من دون أي إشكال.
وأسرة الأدباء والكتاب في البحرين، تجاوزت - في تقديري- هذه الثنائية الصراعية، وحدث فيها تحول مهم، وهو التحرر من عقدة الصراع والاستقطاب، حيث أصبحت تتعايش فيها التيارات والاتجاهات الفنية والفكرية والثقافية.
وعلى الرغم من وجاهة هذا الاعتراض، فإن الواقع ما يزال ينطوي على بعض آثار ترسبات هذه المفارقة – وإن خفت نسبيا مقارنة بالمراحل السابقة - فهنالك من الأدباء والكتاب ممن يزال على خط الرسالة والالتزام، ضمن دائرة الإيمان بقدرة المثقف على التغيير.. وأن أي أدب لا يضع في اعتباره الوظيفة الاجتماعية يبقي بقيمة محدودة... وأنه إذا كان صحيحا أن دور المثقف قد تطور، فإن رسالته لم تتغير تماما. في حين يرى آخرون أن المجتمع في السابق كان في حاجة إلى الدور التنويري للمثقف في عصر كانت فيه الأمية سائدة.
ولعب المثقف دورا بارزا في التنوير والتأسيس. أما اليوم فقد تغير الوضع، لأن المجتمع تطور وأدوات الاتصال تنوعت وتطورت... ولذلك فإن دور المثقف اختلف عن ذي قبل. ولم يعد المطلوب منه أن يغير العالم (بصورة إرادية)... إنما أن يكرس جهده في فهم العالم وتحليله في شكل تراكم يمكن أن يسهم في النهاية في تغييرهذا العالم نحو الأفضل.
وأحسب أن موضوع (الأسرة) ليس ببعيد عن هذا التحليل، فقد حدث تغير في موضوع الثقافة نفسه، وأصبح هناك توجه متزايد نحو التخصص، تبحث فيه (الأسرة) عن دور جديد في سياق مجتمعي ومعرفي وإعلامي متحول... كما أن التحولات التي حدثت في آليات إنتاج الثقافة لها دور في إشكالية الثقافة نفسها.
فلم تعد هناك مؤسسة واحدة لإنتاج الثقافة، يتحدث من خلالها المثقفون.. فهناك الكثير من المؤسسات التي تنافس الأسرة في تسويق الثقافة، ولم تعد الأسرة هي الجهة الوحيدة التي توفر لمرتاديها فرصة للبروز وتحقيق ذواتهم الثقافية... كما أن التغير قد حدث أيضاً في دور المثقف الذي بات مشغولا بتكريس مقولاته وذاته أكثر مما هو مهتم برسالته الاجتماعية.
قد يقود الطابع الاحتفالي باليوبيل الذهبي لأسرة الأدباء والكتاب إلى التوقف عند الإشكالية الفكرية التي تدور حولها بعض المناقشات منذ ستينيات القرن الماضي، وهي "هل للمثقف دور رسالي؟ وهل المطلوب منه تغيير العالم أو الاكتفاء بفهمه وتحليله...؟"، وما يتفرع عن هذه المسألة من رؤى وأفكار متناقضة.
وقد يعترض البعض على هذا النوع من التساؤلات، بأنها (زائفة)، ولم تعد مطروحة بهذه الصورة في الوقت الحاضر. وأن طرحها على هذا النحو مفارق للحظة التي نحياها. لأن الوسط الثقافي برمته قد تجاوزها، فأصبح من يؤمن بأن العمل الإبداعي هو مشروع شخصي، ومن يؤمن بأن هذا العمل يحمل رسالة اجتماعية بالضرورة، يتعايشان في نوع من المجاورة، من دون أي إشكال.
وأسرة الأدباء والكتاب في البحرين، تجاوزت - في تقديري- هذه الثنائية الصراعية، وحدث فيها تحول مهم، وهو التحرر من عقدة الصراع والاستقطاب، حيث أصبحت تتعايش فيها التيارات والاتجاهات الفنية والفكرية والثقافية.
وعلى الرغم من وجاهة هذا الاعتراض، فإن الواقع ما يزال ينطوي على بعض آثار ترسبات هذه المفارقة – وإن خفت نسبيا مقارنة بالمراحل السابقة - فهنالك من الأدباء والكتاب ممن يزال على خط الرسالة والالتزام، ضمن دائرة الإيمان بقدرة المثقف على التغيير.. وأن أي أدب لا يضع في اعتباره الوظيفة الاجتماعية يبقي بقيمة محدودة... وأنه إذا كان صحيحا أن دور المثقف قد تطور، فإن رسالته لم تتغير تماما. في حين يرى آخرون أن المجتمع في السابق كان في حاجة إلى الدور التنويري للمثقف في عصر كانت فيه الأمية سائدة.
ولعب المثقف دورا بارزا في التنوير والتأسيس. أما اليوم فقد تغير الوضع، لأن المجتمع تطور وأدوات الاتصال تنوعت وتطورت... ولذلك فإن دور المثقف اختلف عن ذي قبل. ولم يعد المطلوب منه أن يغير العالم (بصورة إرادية)... إنما أن يكرس جهده في فهم العالم وتحليله في شكل تراكم يمكن أن يسهم في النهاية في تغييرهذا العالم نحو الأفضل.
وأحسب أن موضوع (الأسرة) ليس ببعيد عن هذا التحليل، فقد حدث تغير في موضوع الثقافة نفسه، وأصبح هناك توجه متزايد نحو التخصص، تبحث فيه (الأسرة) عن دور جديد في سياق مجتمعي ومعرفي وإعلامي متحول... كما أن التحولات التي حدثت في آليات إنتاج الثقافة لها دور في إشكالية الثقافة نفسها.
فلم تعد هناك مؤسسة واحدة لإنتاج الثقافة، يتحدث من خلالها المثقفون.. فهناك الكثير من المؤسسات التي تنافس الأسرة في تسويق الثقافة، ولم تعد الأسرة هي الجهة الوحيدة التي توفر لمرتاديها فرصة للبروز وتحقيق ذواتهم الثقافية... كما أن التغير قد حدث أيضاً في دور المثقف الذي بات مشغولا بتكريس مقولاته وذاته أكثر مما هو مهتم برسالته الاجتماعية.