جهود متواصلة تبذلها البحرين سعياً نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة، في سلسلة لا تتوقف من الخطوات والمبادرات الرائدة التي تجعل من المملكة واحدة من الدول الأكثر نشاطاً على الصعيد الدولي في مجال التنمية المستدامة، بفضل مساعيها لتكريس المزيد من الاهتمام العالمي بهذه الأهداف وغاياتها النبيلة في خدمة البشرية.

إن هذه الجهود ترتكز على قاعدة قوية من المنجزات التنموية والحضارية التي حققتها المملكة، طوال مسيرة ممتدة على مدى عقود من البناء والتطوير القائم على رؤية طموحة وفكر مستنير، يضع الأولويات بما يتوافق مع متطلبات المواطن، وينفذها في صورة مشروعات في كافة القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية وغيرها، بحيث يتحقق الهدف الأسمى من أي عملية تنموية ألا وهو "رفاهية المواطن".

استطاعت الحكومة خلال السنوات الماضية أن تحقق أهداف وبرامج خططها التنموية في مختلف المجالات، وتمكنت من تعزيز هذه الجهود وتطوير خدماتها من أجل الوصول إلى إقامة مجتمع حديث يؤمن مستويات العيش الكريم لكل المواطنين، وذلك بفضل ما أولته لقضايا التنمية الحضرية والمستدامة من اهتمام متزايد، الأمر الذي أسهم في تحقيق النهضة الشاملة التي تعيشها البحرين في ظل رؤى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، وتطلعاته نحو بحرين أكثر تقدماً وإشراقاً.

وشهدت البحرين في غضون الأيام الأخيرة الماضية على سبيل المثال، حدثين على صلة مباشرة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهما حدثان يعكسان حجم الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة البحرين بالتنمية المستدامة وإيمانها المطلق بأهمية وجدوى العمل الدولي المشترك من أجل الوصول إلى أهدافها، وهو اهتمام يكاد لا ينقطع، حيث تحظى هذه الأهداف بدعم كبير من جانب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، والذي يعد نموذجاً قيادياً في هذا المجال، من خلال مبادراته الدولية الرائدة التي تحظى باحترام وتقدير دولي كبير.

فقد أقيمت في البحرين مؤخرا محاضرة بعنوان "تحقيق التنمية المستدامة في الشرق الأوسط.. التحديات والفرص"، تحدث فيها مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا، وأستاذ التنمية المستدامة في كلية العلاقات الدولية والعامة بالجامعة المفكر الاقتصادي العالمي البروفيسور جيفري ساكس، وتناولت تقييم تجارب دول المنطقة في مجال التنمية المستدامة، والتحديات التي تواجهها في تحقيق هذه الأهداف، وسبل التعامل معها بالشكل الذي يدعم سعي المجتمع الدولي نحو إرساء أسس السلام والأمن والاستقرار.

وجاءت هذه المحاضرة لتجسد سعي البحرين الحثيث لتكريس ما يمكن تسميته بالوعي المستدام، والذي يتمحور حول تثقيف المجتمع وتهيئته ليكون شريكاً فاعلا في دفع جهود تحقيق التنمية المستدامة، وهو أمر من شأنه أن يعطي دفعة قوية للجهود الرسمية في هذا المجال، ويهيئ لها البيئة المواتية لكي تؤتي ثمارها على نحو أسرع، من خلال استيعاب هذه الأهداف والتعامل الإيجابي معها، لبلوغها وتحقيقها على أرض الواقع.

وهذا بالتحديد ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة، من أن الحكومة تؤمن بأن الإرادة العامة للمجتمع قيادة وشعباً ومؤسسات هي الأداة الرئيسية لأي تغيير وتطور في المجتمع وبما يخدم التطوير المنشود وتنظيم حياة الناس وحماية كرامتهم وحقوقهم جميعاً.

ومن الأمور الجديرة بالملاحظة كذلك، في المحاضرة المشار إليها، ما عبر عنه البروفيسور ساكس، من تقدير كبير لجهود حكومة مملكة البحرين واستعدادها وجاهزيتها وإدراكها العميق لأهمية ديمومة الالتزام تجاه تعزيز عرى التنمية المستدامة، وإشادته بالدور الرائد لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، ومبادرات العالمية التي تسهم في تحفيز وتشجيع العمل والتعاون الدولي في مجال التنمية المستدامة وتعزيز قضايا السلام العالمي.

إن رؤية وخبرة ساكس، الذي يعد واحدا من الرموز الفكرية العالمية في مجال التنمية المستدامة، تعني صحة وكفاءة النموذج التنموي الذي تتخذه مملكة البحرين، لما ينطوي عليه من أهداف بعيدة وخطط مدروسة تتوجه نحو هدف وغاية التنمية من أجل الإنسان.

كما نالت النقاشات التي شهدتها المحاضرة تفاعلاً واهتماماً إعلامياً واسعاً، لما اتسمت به من ثراء في الفكر والمضمون، حيث تناولها العديد من كتاب الرأي والأعمدة في الصحف المحلية بالرأي والتحليل، وأجمعوا على أهمية ما جاء فيها من مضامين ترتبط بأهداف التنمية المستدامة وأثرها في تعزيز وضمان مستقبل البشرية، وضرورة وضع الحلول الناجعة للمشكلات التي يعاني منها العالم.

أما الحدث الثاني فكان الاجتماع الذي عقدته لجنة جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء للتنمية المستدامة، والذي تطرق إلى جملة من الموضوعات، أبرزها الاحتفال الأول بيوم الضمير العالمي، وجائزة الأمير خليفة بن سلمان للتنمية المستدامة والمرشحين لها، إضافة إلى الاستعدادات الخاصة بمنتدى "رؤى البحرين" الذي تنظمه البحرين سنويًا بمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك.

وجاء هذا الاجتماع ليؤكد مرة أخرى على مدى ما توليه البحرين من التزام بتعزيز العمل والتضامن العالمي في مجال التنمية المستدامة، باعتبارها الطريق الأمثل لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار والتعاون بين شعوب العالم أجمع.

لقد باتت "جائزة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة"، تشكل عنصراً فاعلاً في تحفيز جهود التنمية على مستوى العالم، وخاصة في المجتمعات الفقيرة، من خلال دورها في إبراز وتقدير النماذج المتميزة في تعزيز التنمية وتحقيق أهدافها النبيلة في خدمة المجتمعات.

أما فيما يخص المبادرة الأممية التي أطلقها سموه بتدشين يوم الضمير العالمي، والذي سيجرى الاحتفال الأول به عالمياً في الخامس من ابريل 2020، فستكون حدثاً تاريخياً يعكس عمق التزام البحرين وجهودها النشطة لخدمة الأسرة الدولية، وتعزيز تضامنها نحو إرساء القيم الإنسانية في الأمن والاستقرار.

وعلى صعيد آخر، ناقش الاجتماع كل ما يتعلق بالاستعدادات الخاصة بمنتدى "رؤى البحرين" الذي تنظمه البحرين سنويًا بمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة في سبتمبر 2020، إذ يعد هذا المنتدى منصة للقيادات والرموز والشخصيات الدولية لتبادل الرؤى والأفكار في مواجهة التحديات التي تتعلق بالتنمية المستدامة والسلام والاستقرار.

والمتأمل في ذلك، يستطيع أن يرى بوضوح مقدار الزخم الذي تحظى به التنمية المستدامة في البحرين، من خلال حركة دؤوبة ونشاط مكثف لغرس فكر التنمية المستدامة في المجتمع البحريني، في خط مواز لجهود حكومية متواصلة، نجحت في دمج هذه الأهداف في برامج عمل الحكومة لتأخذ مسارها نحو التنفيذ الفعلي، وتحقيق أهدافها وغاياتها النبيلة في خدمة البشرية، ما يعزز الأمل في مستقبل أفضل يقوم على ثقافة التعاون والبناء من أجل السلام والاستقرار الذي مازال حلماً يراود شعوب العالم.