إن الأصل في العقود، أن العقود ترتب آثارها على عاقديها ولا تتعداهم إلى الغير فلا يفيد من العقد ولا يضار به سوى طرفيه وهذا هو الأثر النسبي للعقود، إلا أن بعض العقود ترتب آثاراً لطرف ثالث وهو عقد الاشتراط لمصلحة الغير والذي سوف يكون موضوعنا هذا.ويعرف عقد الاشتراط لمصلحة الغير بأن يتعاقد شخص يسمى المشترط مع شخص آخر يسمى المتعهد أو الواعد أو الملتزم على أن يلتزم هذا الأخير لشخص ثالث أجنبي عن التعاقد يسمى المنتفع، فينشأ بذلك حق مباشر للمنتفع تجاه المتعهد. إذن هذا العقد يتضمن طرفين "المشترط والمتعهد" ويكون الحق المنصب عليه العقد لصالح طرف أجنبي عن التعاقد يسمى "المنتفع أو المستفيد".يخضع عقد الاشتراط لمصلحة الغير لجميع شروط الصحة والانعقاد التي ينبغي توافرها في العقود عامة ، إذ يجب أن تتوافر أركانه من أهلية العاقدين ورضائهما ومشروعية السبب والمحل، ويجب أن تتوافر فيه بالإضافة إلى الشروط العامة شروط خاصة وأول هذه الشروط الخاصة يجب أن يكون للعاقد مصلحة في المشاركة سواء أكانت مادية أو أدبية ويغلب فيه أن يكون الباعث للمشترط مصلحة أدبية كما في عقود التأمين على الحياة إذ يؤول بدل التأمين بوفاة المشترط لمصلحة الغير ويمكن أن يكون للمشترط مصلحة مادية مثل التامين الذي يعقده الناقل لضمان الأضرار التي تصيب المنقول أو التأمين الذي يعقده رب العمل لضمان الإصابات التي تصيب عماله.كما أنه من شروطه الخاصة تعيين المنتفع ويمكن تعيينه بشخص مسمى كما يمكن أن يكون المنتفع شخصاً غير معينا بالاسم شريطة تعيينه بحسب شروط العقد. ويمكن أن يكون المنتفع شخصاً مستقبلياً متى كان وجوده قابلاً للتحقق مثال ذلك الناقل يتعاقد بوصفه مشترطاً مع شركة للتأمين بوصفها متعهدة تلتزم بتأمين الغير وهو هنا المنقول الذي لم يتعاقد مع المتعهد أصلاً ولم يكن طرفاً في العقد الأصلي وفي هذا توكيد على أن المشترط يتعاقد باسمه لا باسم المنتفع.ومن الشروط أيضاً انصراف إرادة الطرفين "المشترط والمتعهد إلى إنشاء حق مباشر للمستفيد ويكتسبه بمجرد اتفاقهما دون أن يمر هذا الحق بذمة احدهما فلا تنطبق أحكام الاشتراط لمصلحة الغير إذا اشترط الحق لنفسه ثم أحاله للمستفيد أي أن الحق الذي يكتسبه المستفيد لا ينشأ من عقد بينه وبين المشترط ولا من عقد بينه وبين المتعهد وأنما نشأ مباشرة من العقد الذي تم بين المشترط والمتعهد".إن نشوء عقد الاشتراط لمصلحة الغير تتولد عنه ثلاث علاقات أولها بين العاقدين وثانيها بين المتعهد والمستفيد والأخيرة بين المستفيد والمشترط، فالعلاقة الأولى بين المشترط والمتعهد "العقدان" تحكمها نصوص العقد وتنصرف آثاره عليهما فيما عدا الحق المشروط لمصلحة المستفيد ويترتب على ذلك أن تخلف أحد العاقدين عن الوفاء بالتزاماته يخول المتعاقد الآخر إلزامه بالتنفيذ أو الفسخ مع التعويض والمشترط لا يعد دائناً بالحق المشروط ولا يملك حق المطالبة به لنفسه ويبقى له حق الرقابة على تنفيذ المتعهد لالتزامه.أما العلاقة بين المتعهد والمستفيد فبمجرد نشوء العقد يترتب حق مباشر للمستفيد في ذمة المتعهد وتصبح للمنتفع دعوى مباشرة يحق له بمقتضاها مخاصمة المتعهد ومطالبته بالوفاء بالتزامه ويترتب على ذلك أن الحق المترتب للمستفيد يدخل في ذمته المالية وينتقل من بعده لورثته.أما العلاقة الثالثة بين المستفيد والمشترط إذ إنه بمجرد إعلان المستفيد بالمشارطة فلا يحق للمشترط نقض المشارطة أو تعديلها أو استبدال المستفيد.إن الاشتراط لمصلحة الغير يجد أساسه في الحقوق التي يجب أن تضمن من المشترط للمنتفع الذي تربطه به علاقة عمل ومصلحة مشتركة،كما أن هذا الأخير "المشترط" يعفى من التزامات كثيرة في حال حدوث خطر "حريق- تسمم العمال-..."، في حالة إذا كان له عقد تأمين مع المتعهد في عقد الاشتراط لمصلحة الغير وهو مثال فقط، فلا يقتصر هذا العقد على علاقة الشغل والأجير برب العمل.المحامي بندر بن شمال الدوسري