سماهر سيف اليزل

"ذوو الإعاقة يحتاجون لاهتمام من نوعٍ خاص؛ فالإعاقة وإن كانت لا تعرف بطبيعة الحال للظروف والأزمات معنى، إلا أنها تستوجب في زمن مرض كورونا (كوفيد19) تدابير خاصة، الأمر الذي يستوجب حقيقية أخذ كامل التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية والإرشادات الصحية على محمل الجد"، هذا ما أكدته المستشارة في مجال الإعاقة ومدربة في التربية الخاصة د.عبير الجودر خلال حديثها عن ذوي الإعاقة في زمن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19).

وفي ما يخص طرق الاهتمام والتعامل مع ذوي الإعاقة، قالت الجودر: "أهم ما ينبغي العمل عليه للحيلولة دون ذلك اتباع أنظمة الوقاية، وإجراءات التوعية والتثقيف الصحي، واستدامة إجراءات التعقيم والتنظيف الدوري، والكشف الوقائي المنتظم؛ إذ لا يخفى على أحد طبيعة الأوضاع الصحية المتباينة لذوي الإعاقة وخاصة ما يتعلق بنقص المناعة ومشكلات القلب والالتهابات الرئوية والتنفسية والتهابات الغدة الدرقية والقصبات الهوائية وارتجاع المريء وجفاف الحلق، والمشكلات الصدرية والهضمية، وحالات الاستسقاء الدماغي، وحالات الـPKU وارتفاع درجة الحرارة وانخفاض المعادن والفيتامينات في الدم وغيرها من الاعتلالات المرافقة والظروف الصحية المتباينة، علاوة على تدني مستويات الإدراك لحالات التوحد والإعاقات الذهنية بمجملها وافتقارهم لاتباع اجراءات السلامة، الأمر الذي يتطلب تفعيل التدابير الخاصة لضمان الوقاية من الإصابة بالفيروس ومنع انتشاره.

وأضافت: "في ضوء توقف عمل المراكز النهارية لتعليم وتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة، وإلزام ذوي الإعاقة في بيوت ذويهم، فإن الأمر يتطلب في حال ظهور أعراض الإصابة بالفيروس لدى أحد الأشخاص منهم حجراً مؤسسياً في المستشفيات أو المراكز المخصصة للحجر الصحي، وفي حال تعذر ذلك الحجر لأي سبب كان، أو تعذر مراعاة التدابير الخاصة بذوي الإعاقة في مراكز الحجر فإن البديل هو الحجر المنزلي، ضمن ضوابط وشروط محددة، على أن يراعى فيه اتخاذ التدابير اللازمة، وما يشمل ذلك من تقديم الرعاية الطبية والصحية اللازمة، ومراعاة أنماط التغذية، لاسيما أن البعض من ذوي الإعاقة تتطلب أوضاعهم أنواعاً معينة من الأطعمة".

وذكرت الجودر: "إن عدم تمكن بعض ذوي الإعاقة من خدمة أنفسهم أو تعذر مقدرتهم على توفير ما يلزمهم من مستلزمات التعقيم والتنظيف أو استخدامها يستوجب التأكيد على أن تأخذ أسر ذوي الإعاقة أدوارها الحقيقية للحفاظ على سلامتها وسلامة ذوي الإعاقة وسلامة المجتمع بأسره".

ونوهت إلى أن "هناك جانباً آخر مهماً هو مراعاة الظروف النفسية للأشخاص ذوي الإعاقة، ودرجة تأثرهم بالأخبار المتداولة الخاصة بالفيروس، وخاصة من تسمح قدراتهم الذهنية بذلك، وتأثرهم بالظروف النفسية لمن حولهم، وخاصة الوالدين أو من يقومون على رعايتهم. وفي هذا الصدد، من الجميل أن نعزل ذوي الإعاقة عن الأخبار السيئة، أو نقصيهم عنها، أو نقدم لهم الأخبار بطريقة لا تثير الخوف والذعر لديهم على أقل تقدير، فنشر الطمأنينة والسكينة والأمل، وأخذ المعلومات من مصادرها الموثوقة خاصة فيما يتعلق بطرائق الوقاية أو المنتظر من العلاج أمر مطلوب. ومن جانب آخر، فإن مراعاة تهيئة الأجواء الأسرية للتفاعل، وخاصة تفاعلات الأخوة والأخوات مع ذوي الإعاقة، وتهيئة المنازل لحركة ذوي الإعاقة، وتوفير أنشطة الترفيه واللعب لهم، ومتابعة تنفيذ خططهم وبرامجهم التربوية ومراجعتها وتأكيدها، واستدامة تدريبهم في المنزل، والاهتمام بأنظمة الرعاية والتغذية والنظافة بعيداً عن تكريس مظاهر القهرية، ومطالعة أفراد الأسرة ما يختص بالإعاقة وذويها يعد أمراً مفيداً".

وأكدت الجودر أن "على الجهات المعنية بالتوعية في زمن كورونا (كوفيد19) العمل على توحيد سبل إيصال المعلومة، ونشر التوعية الخاصة بالفيروس بطرائق التواصل الفعال وبالطرائق التي يفهمها ذوي الإعاقة أنفسهم والعاملين معهم، والتي تعد من أهم الترتيبات التيسيرية لوصول المحتوى لذوي الإعاقة، سواء أكان ذلك بترجمة الإرشادات الصحية بلغة الإشارة للصم، أو كتابتها بطريقة برايل للمكفوفين الصم".

مختتمة حديثها قائلة: "إن تكريس ما سبق يعكس وصول المجتمعات لأرقى أنماط الترتيبات التيسيرية لتحقيق الدمج المنشود، ولأعلى مستويات تفعيل حقوق ذوي الإعاقة، فالاهتمام بذوي الإعاقة في الأزمات يعكس كذلك إنسانية المجتمع البحريني ورقيه وتقدمه، ففي زمن كورونا (كوفيد19) كل شيء يجب أن يكون متاحاً، خاصة في ضوء الحديث عن احتمال بقاء الأزمة لفترات زمنية طويلة. حيث يبقى الأشخاص ذوو الإعاقة من أكثر فئات المجتمع حاجة للتمكين، خاصة في ظل هذه الظروف ومعرفتنا بخصائصهم، ففي تمكينهم تمكين لأسرهم وللمجتمع على حدٍ سواء، لذا، لنحميهم في بيوتهم فسلامتهم سلامة للجميع".