الأنس بالله أن تسعد بشريعته، وتشكر لنعمه، وتتفكر في ملكوته، وتطرب لذكره، وتتلذذ بسماع كلامه. الأنس بالله أن ترضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وجبت له الجنة»، وقال صلى الله عليه وسلم قال: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً».

المستأنس بالله جنته في صدره، وبستانه في قلبه ونزهته في رضاء ربه، وسياحته في مغاني الكمال، ومراتع الوصال، ومواطن الجمال.

المؤمن يأنس بالله في وحشته، ويسلو به في خلوته، ويسعد به في غربته، لا شيء أمتع لدى المحبين من الخلوة بمحبوبهم، والحديث إليه، ومناجاته في أوقات السحر، إذا هدأت العيون، وسكنت النفوس، واستثقلت المضاجع بالنائمين: قام المحبون ليعيشوا لحظات الإنس، ودقائق السعادة في ثلث الليل الآخر.

صح في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له».

إن المحب لله جل وعلا يأنس به، ويأنس بطاعته، ويأنس بذكره، ويستوحش إذا شغل عنه، قيل: العارف بالله أنس بالله فاستوحش من غيره، وافتقر إلى الله فأغناه عن خلقه، وذل لله فأعزه الله في خلقه.