سماهر سيف اليزل
قال الشيخ هشام الرميثي مدير المعهد الديني وخطيب جامع البوفلاسة إنه وفي ظل ما يعيشه العالم اليوم من حجر صحي بسبب فيروس كورونا، ومنع غالب سلطات العالم الصلوات في المساجد، سيشهد هذا العام خلو المساجد في رمضان من صلاة الجماعة وكذلك من صلاة التراويح، بالإضافة إلى منع الاعتكاف في المساجد.
وأضاف: "ومع صلاة الناس في البيوت، ووجود ما يعرف بـ(مسجد البيت)، وهو تخصيص مكان للصلاة في البيوت لأجل صلاة الجماعة، يتبادر إلى أذهان بعض المسلمين الحريصين على إقامة السنن واتباع الهدي التفكير في الاعتكاف في البيوت، ويتساءلون عن مدى شرعيته، خاصة مع كونه ينافي قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.
فالاعتكاف هو المكث والاحتباس، وهو يعني في اللغة أن يحبس الإنسان نفسه عما كان معتادا أن يفعله، وهو عند الفقهاء أن يمكث المسلم في المسجد بنية العبادة. قال البجيرمي في حاشيته عل ىشرح المنهج 2/ 91: الاعتكاف: اللبث بمسجد من شخص بنية. والأصل فيه قبل الإجماع آيَةُ (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، وقوله تعالى (وَعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ)".
وأوضح الرميثي: "لا شك أن اشتراط المسجد ظاهر بنص القرآن الكريم، وبفعل الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة، إلا أن هذا يخرج مخرج الأصل والقاعدة، وهو يجري في الأحوال العادية؛ عمارة للمسجد، ولأن في المسجد يتحقق مقصود الاعتكاف من حبس النفس عن الشهوات والشبهات والانقطاع للعبادة، واعتكاف الرجل في بيته يمنعه من تحصل مقصود عبادة الاعتكاف".
وأردف: "إلا أن بقاء الناس في بيوتهم، والتزام الحجر الصحي الذي يعيشه الناس، يرجح رأي بعض المالكية بجواز الاعتكاف في مسجد البيت، وذلك بشروط وهي: أن يكون ذلك في مسجد البيت، وليس كل البيت، بمعنى أنه لابد من وجود مسجد أو مكان خاص بالصلاة، لا يستعمل إلا للصلاة. وأن يلتزم المعتكف مسجد بيته، لا يخرجه إلا لضرورة، كقضاء الحاجة ونحوها، فيمكث فيه طوال فترة الاعتكاف، أما أن يبقى فيه بضع ساعات ثم يعيش حياته الاعتيادية، فليس باعتكاف. وأن ينشغل المسلم بعبادات الاعتكاف في مسجد بيته، من الصلاة والذكر وقراءة القرآن، وبذلك يتحقق مقصود الاعتكاف. وأن هذا الاختيار مبني على مراعاة الظروف التي يعيشها الناس، فإن زال العذر؛ عاد الحكم إلى أصله، وهو اشتراط المسجد للاعتكاف، ويبقى الاعتكاف في مسجد البيت للمرأة، على ما ذهب إليه الحنفية والشافعي في القديم. وإن القول بجواز الاعتكاف في بيوت المسلمين له حظ كبير من النظر في ظل هذه الظروف؛ لأن فيه إعمالا وحفظا للشعيرة، والإعمال مع سقوط بعض الشروط أولى من الإسقاط بالكلية. إلا أن هذا الحكم يبقى بالاختيار، بناء على أن الاعتكاف -في أصله- سنة، فليس بواجب، فللناس أن تمكث وقتا في مسجد بيتها تتعبد لله تعالى، ولا يسمى هذا اعتكافا، لكنهم يتحصلون على أجر العبادة التي يقومون بها".
وواصل: "الأمر في أصله فيه سعة، فليس كل المسلمين في العالم الإسلامي يعتكفون في المساجد في الأحوال الاعتيادية، وإنما المقصود هو القول بجواز الاعتكاف في مسجد البيت بالشروط المذكورة، لمن شاء، ومن التزم برأي الجمهور في اشتراط المسجد، فله ذلك، وقد قرر الفقهاء في قواعدهم: "لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المتفق عليه". ولو نظرنا إلى مآل القول بجواز الاعتكاف في مسجد البيت بالشروط، رأينا أنها أفضل وأعظم من القول بإسقاط الاعتكاف بالكلية، خاصة أن ما حصل للناس من ترك المساجد هو من باب الجبر وليس من باب الاختيار، والاجتهاد في الوقائع المستجدة يجب أن يراعي التفريق بين ما كان جبرا؛ فيخفف فيه، وبين ما كان اختياراً، فيرجع فيه إلى الأصل والعزيمة، يضاف إلى هذا ما فيه من الحث على العبادة والتقرب إلى الله تعالى، في الوقت الذي سينشغل فيه الناس في بيوتهم بالمسلسلات الرمضانية وضياع أوقاتهم في معصية الله، فكان القول بالجواز؛ أولى مراعاة للمآل، وإعمالاً لمقصد الاعتكاف، على أنه يبقى حكم خاص في زمن خاص، فهو من باب الرخصة وليس العزيمة".
وختم الرميثي: "قال – عليه السلام -: «من أراد أن يعتكف، فليعتكف العشر الأواخر». ولو كان واجبا لما علقه بالإرادة. وأما إذا نذره، فيلزمه؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه». رواه البخاري. وعن عمر، أنه قال: «يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: أوف بنذرك»".
قال الشيخ هشام الرميثي مدير المعهد الديني وخطيب جامع البوفلاسة إنه وفي ظل ما يعيشه العالم اليوم من حجر صحي بسبب فيروس كورونا، ومنع غالب سلطات العالم الصلوات في المساجد، سيشهد هذا العام خلو المساجد في رمضان من صلاة الجماعة وكذلك من صلاة التراويح، بالإضافة إلى منع الاعتكاف في المساجد.
وأضاف: "ومع صلاة الناس في البيوت، ووجود ما يعرف بـ(مسجد البيت)، وهو تخصيص مكان للصلاة في البيوت لأجل صلاة الجماعة، يتبادر إلى أذهان بعض المسلمين الحريصين على إقامة السنن واتباع الهدي التفكير في الاعتكاف في البيوت، ويتساءلون عن مدى شرعيته، خاصة مع كونه ينافي قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.
فالاعتكاف هو المكث والاحتباس، وهو يعني في اللغة أن يحبس الإنسان نفسه عما كان معتادا أن يفعله، وهو عند الفقهاء أن يمكث المسلم في المسجد بنية العبادة. قال البجيرمي في حاشيته عل ىشرح المنهج 2/ 91: الاعتكاف: اللبث بمسجد من شخص بنية. والأصل فيه قبل الإجماع آيَةُ (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، وقوله تعالى (وَعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ)".
وأوضح الرميثي: "لا شك أن اشتراط المسجد ظاهر بنص القرآن الكريم، وبفعل الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة، إلا أن هذا يخرج مخرج الأصل والقاعدة، وهو يجري في الأحوال العادية؛ عمارة للمسجد، ولأن في المسجد يتحقق مقصود الاعتكاف من حبس النفس عن الشهوات والشبهات والانقطاع للعبادة، واعتكاف الرجل في بيته يمنعه من تحصل مقصود عبادة الاعتكاف".
وأردف: "إلا أن بقاء الناس في بيوتهم، والتزام الحجر الصحي الذي يعيشه الناس، يرجح رأي بعض المالكية بجواز الاعتكاف في مسجد البيت، وذلك بشروط وهي: أن يكون ذلك في مسجد البيت، وليس كل البيت، بمعنى أنه لابد من وجود مسجد أو مكان خاص بالصلاة، لا يستعمل إلا للصلاة. وأن يلتزم المعتكف مسجد بيته، لا يخرجه إلا لضرورة، كقضاء الحاجة ونحوها، فيمكث فيه طوال فترة الاعتكاف، أما أن يبقى فيه بضع ساعات ثم يعيش حياته الاعتيادية، فليس باعتكاف. وأن ينشغل المسلم بعبادات الاعتكاف في مسجد بيته، من الصلاة والذكر وقراءة القرآن، وبذلك يتحقق مقصود الاعتكاف. وأن هذا الاختيار مبني على مراعاة الظروف التي يعيشها الناس، فإن زال العذر؛ عاد الحكم إلى أصله، وهو اشتراط المسجد للاعتكاف، ويبقى الاعتكاف في مسجد البيت للمرأة، على ما ذهب إليه الحنفية والشافعي في القديم. وإن القول بجواز الاعتكاف في بيوت المسلمين له حظ كبير من النظر في ظل هذه الظروف؛ لأن فيه إعمالا وحفظا للشعيرة، والإعمال مع سقوط بعض الشروط أولى من الإسقاط بالكلية. إلا أن هذا الحكم يبقى بالاختيار، بناء على أن الاعتكاف -في أصله- سنة، فليس بواجب، فللناس أن تمكث وقتا في مسجد بيتها تتعبد لله تعالى، ولا يسمى هذا اعتكافا، لكنهم يتحصلون على أجر العبادة التي يقومون بها".
وواصل: "الأمر في أصله فيه سعة، فليس كل المسلمين في العالم الإسلامي يعتكفون في المساجد في الأحوال الاعتيادية، وإنما المقصود هو القول بجواز الاعتكاف في مسجد البيت بالشروط المذكورة، لمن شاء، ومن التزم برأي الجمهور في اشتراط المسجد، فله ذلك، وقد قرر الفقهاء في قواعدهم: "لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المتفق عليه". ولو نظرنا إلى مآل القول بجواز الاعتكاف في مسجد البيت بالشروط، رأينا أنها أفضل وأعظم من القول بإسقاط الاعتكاف بالكلية، خاصة أن ما حصل للناس من ترك المساجد هو من باب الجبر وليس من باب الاختيار، والاجتهاد في الوقائع المستجدة يجب أن يراعي التفريق بين ما كان جبرا؛ فيخفف فيه، وبين ما كان اختياراً، فيرجع فيه إلى الأصل والعزيمة، يضاف إلى هذا ما فيه من الحث على العبادة والتقرب إلى الله تعالى، في الوقت الذي سينشغل فيه الناس في بيوتهم بالمسلسلات الرمضانية وضياع أوقاتهم في معصية الله، فكان القول بالجواز؛ أولى مراعاة للمآل، وإعمالاً لمقصد الاعتكاف، على أنه يبقى حكم خاص في زمن خاص، فهو من باب الرخصة وليس العزيمة".
وختم الرميثي: "قال – عليه السلام -: «من أراد أن يعتكف، فليعتكف العشر الأواخر». ولو كان واجبا لما علقه بالإرادة. وأما إذا نذره، فيلزمه؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه». رواه البخاري. وعن عمر، أنه قال: «يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: أوف بنذرك»".