طارق مصباح

إذا حصلت المراقبة يحصل القرب من الرب سبحانه، والقرب منه جل وعلا يوجب الأنس. قال الإمام ابن القيم: «والقرب يوجب الأنس والهيبة والمحبة». ويقول كذلك رحمه الله: «وقوة الأنس وضعفه على حسب قوة القرب فكلما كان القلب من ربه أقرب كان أنسه به أقوى، وكلما كان منه أبعد كانت الوحشة بينه وبين ربه أشد».

وإذا ارتقى العبد إلى تحقيق مقام المشاهدة والمعاينة لآثار أسمائه وصفاته في الكون بحيث يتنور قلبه حصل الأنس، ووجهه أن منشأ الأنس بالله تعالى ومبدؤه التعبد بمقتضى أسمائه تعالى وصفاته بعد التفهم لمعانيها. إن التفهم لمعاني الأسماء والصفات يحمل العبد على معاملة ربه بالمحبة والرجاء وغيرهما من أعمال القلوب.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «هذا الأنس المذكور مبدؤه الكشف عن أسماء الصفات التي يحصل عنها الأنس ويتعلق بها كاسم الجميل، والبر، واللطيف، والودود، والحليم، والرحيم، ونحوها».

قال ابن عطاء: «المعرفة على ثلاثة أركان: الهيبة، والحياء، والأنس»، وقال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: «فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات».

ويقول العلامة السعدي رحمه الله: «إن معرفة الله تعالى تدعوا إلى محبته وخشيته ورجائه وإخلاص العمل له، وهذا عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، والتفقه في فهم معانيها».