أكدت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى جميلة سلمان تسخير كافة الأدوات التشريعية لحفظ التوازن الاقتصادي للمملكة والمحافظة على مكتسبات المواطنين.
وبينت في حوار مع «الوطن» أن الميزانية الجديدة من أهم المشاريع التي تنتظر دور الانعقاد الثالث، مؤكدة أن الميزانية العامة للسنتين الماليتين 2021-2022، ستحال للسلطة التشريعية خلال الربع الأول من العام المقبل.
ودافعت سلمان عن تعديل قانون غرفة تجارة وصناعة البحرين الذي أقره مجلس الشورى كونه يحقق التوازن والعدالة في التصويت في انتخابات الغرفة، كما توقعت إحالة قانون المحاماة من مجلس النواب لمجلس الشورى قريباً. ولفتت السلمان إلى أن قانون «العدالة الإصلاحية» الذي يخضع للدراسة حالياً يجييز لمحكمة العدالة الإصلاحية أن تلزم الطفل بعدم مبارحة منزله تحت رقابة ولي أمره أو المسؤول عنه لفترة معينة وإخضاعه للمراقبة الإلكترونية وفقا لضوابط معينة. وفيما يلي نص الحوار.
أيمن شكل
كيف أسهمت جميلة علي سلمان في تطوير القوانين بحسب خبرتها القانونية وعلى مدار 12 سنة في المجلس؟
- العمل التشريعي جهد جماعي وقد أسعفتني في هذا المجال خبرتي كمحامية. ولا شك أن تقديم مقترحات لتعديل القوانين النافذة أو اقتراح قوانين جديدة تصب في تطوير المنظومة التشريعية وترسيخ أسس دولة المؤسسات والقانون وهي من أولويات دورنا كأعضاء مجلس تشريعي.
لماذا وافق المجلس على إنشاء لجنة منازعات إيجارية ثم عاد وألغاها؟
- ليس أخطر على القوانين من الجمود، والمرونة سمة من سمات السياسات التشريعية الرشيدة.
وقد استهدف التعديل الأخير لقانون إيجار العقارات رقم (27) لسنة 2014 تطويرَ المنظومة القضائية بإلغاء لجنة المنازعات الايجارية، وجعلِ المحكمة الكبرى المدنية هي المحكمة المختصة بمنازعات قانون إيجار العقارات وذلك بهدف تسريع وتيرة الفصل في القضايا وزيادة معدلات الإنجاز.
كما فتح التعديل باب الطعن بالاستئناف على الأحكام التي تصدر من المحكمة الكبرى المدنية في الدعاوى التي تجاوز قيمتها ألف دينار أمام محاكم الاستئناف العليا المدنية و من ثم فتح باب الطعن عليها أمام محكمة التمييز في الأحوال المنصوص عليها، بعد أن كان موصدا بنص المادة (43) من قانون إيجار العقارات قبل تعديله الذي جعل حكم المحكمة الكبرى المدنية في الطعن على قرارات اللجنة نهائيا.
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ترى في قانون الغرفة الجديد إجحافاً فما تعليقكم؟
- التشريع الناجح لايستهدف تحقيق كافة مصالح المخاطبين بأحكامه على اختلافهم، فتلك غاية لا تدرك، بل هو الذي يرسي أكبر قدر ممكن من التوازن بين المصالح وكفالة أدناها إلى تحقيق المصلحة العامة في إطار السياسة التشريعية للدولة وسياستها العامة.
وبشكل عام جاء قانون الغرفة بتعديلات تخدم القطاع التجاري والصناعي في المملكة، وذلك لكون الغرفة تمثل هذه القطاعات. وتم تعديل جدول تحديد الأصوات التي يمتلكها كل عضو في الغرفة بشكل أكثر عدالة ليتمكن أصحاب السجلات من تمثيل مؤسساتهم وشركاتهم على الوجه الذي يضمن التفاعل مع كيان الغرفة التي تعتبر الممثل القانوني لهم، وذلك من خلال الأخذ بعدة معايير عند تعديله منها حجم رأس المال وتأثيره على الاقتصاد الوطني ومساهمته في الناتج المحلي وتوفير فرص عمل للمواطنين، بالإضافة إلى مبدأ العدالة والتناسب في توزيع عدد الأصوات، وأهمية إعطاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الدور الفعال في المساهمة في إدارة أعمال الغرفة بما يضمن تحقيق التوازن والعدالة بين الجميع.
هل يمكن استبدال الحبس أو مراكز التأهيل في قانون العدالة الإصلاحية للأطفالى بأساور؟
- تمت إحالة مشروع قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة إلى المجلس، وهو قيد الدراسة أمام لجنة المرأة والطفل.
ويستند المشروع إلى الفلسفة التشريعية التي تبنتها مملكة البحرين والتي تتمثل في اتساق التشريعات مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها أو انضمت إليها، إضافة إلى حرص المملكة على مواكبة منظومتها التشريعية للمتغيرات التي يشهدها العالم أجمع.
وحيث إن قانون الأحداث رقم 16 لسنة 1976 قد أضحى في حاجة إلى مواكبة المتغيرات ذات العلاقة بالعدالة الجنائية للأطفال، ولاسيما فيما يتعلق بعدم مطابقة السن المقرر للحدث مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي انضمت إليها البحرين، والحاجة إلى تعزيز مطابقته للمعايير الدولية المتبعة في محاكمة الأطفال، وكذلك الحاجة إلى تعديل الفلسفة الجنائية بإيلاء الأولوية إلى مسألة تقويم الطفل وإعادة تأهيله أكثر من الزجر والردع.
وعليه فإن مشروع القانون الذي نحن بصدده أملته اعتبارات المصلحة العامة المتمثلة في إيجاد الحماية القانونية للأحداث خارج إطار النظم القانونية الجنائية التقليدية التي تعطي الأولوية لحماية المجتمع من الأفعال الخطرة دون البحث عن العوامل الشخصية والاجتماعية التي تدفعهم لارتكاب الجريمة، وهو ما اهتم به مشروع القانون.
وبخصوص إمكانية المراقبة الإلكترونية فقد نص مشروع القانون في الباب الثاني على الحالات التي يعد فيها الطفل معرض للخطر والتدابير التي يجوز اتخاذها بهذا الشأن حيث أجازت إحدى مواده لمحكمة العدالة الإصلاحية أن تلزم الطفل بعدم مبارحة منزله تحت رقابة ولي أمره أو المسؤول عنه لفترة معينة وإخضاعه للمراقبة الإلكترونية خلال هذه الفترة وفقا لضوابط معينة.
لماذا لم يتحرك قانون المحاماة حتى الآن من الأدراج للنقاش؟
- المحاماة التي أتشرف بالانتماء إليها، جناحٌ من أجنحة العدالة، ولا يتصور تطوير منظومة العدالة دون محاماة متطورة من حيث نظامها القانوني ووسائل عملها وضمانات القائمين برسالتها. وقد نظم المشرع مهنة المحاماة وفقاً للمرسوم بقانون رقم (26) لسنة 1980، حيث حدد شروط ممارستها، وحقوق المحامين وواجباتهم، وكل ما يتعلق بأتعابهم وإجراءات التأديب.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع، وحاجة المحامين إلى مواكبة التطوير الذي طرأ على مهنة المحاماة، فقد وجه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ووزارة شؤون مجلسي الشورى والنواب إلى التعاون مع جمعية المحامين البحرينية فيما يتعلق بمشروع قانون ينظم مهنة المحاماة في مملكة البحرين.
والموضوع حالياً لدى مجلس النواب، حيث وضعت الحكومة مؤخراً مرئياتها ومن المتوقع أن يتم إقراره قريباً من مجلس النواب تمهيداً لإحالته إلى مجلس الشورى.
لماذا تم تجميد قانون الصحافة والإعلام؟
- المسار التشريعي لا تضبط إيقاعَه معدلات السرعة والتؤدة والإحجام والإقدام، بل تحدد وتيرتَه مقتضياتُ الصالح العام والسياسة العامة للدولة في كل مرحلة ومتطلّبات التطوير العقلاني الرشيد. لا سيما في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع الإعلامي والتحديات التي تفرضها على جميع دول العالم الأشكالُ الجديدة للإعلام الاجتماعي ووسائل التواصل الحديثة.
وقد انتهت وزارة شؤون الإعلام من إعداد مسودة مشروع قانون الصحافة، وسيتم إحالته للسلطة التشريعية في الفترة المقبلة لدراسته.
هل هناك ازدواجية في صرف رواتب وتقاعد الشوريين كما أثير من قبل؟
- عضو مجلس الشورى لا يحصل إلا على ما كفله له القانون من مزايا.
وعضو السلطة التشريعية يحصل على مكافأة شهرية نظير عمله في المجلس، وهو بذلك لا يجمع بينها وبين الوظيفة العامة، إنما يحق له الحصول أيضاً على المعاش المستحق له عن مدة الخدمة في غير عضوية المجلس.
وفي هذا الخصوص، وعند مناقشة مشروع قانون التقاعد عام 2018 أيد أعضاء مجلس الشورى الموافقة على المشروع بهدف تحقيق المصلحة العامة رغم أن القانون يمس مكتسباتهم، حيث سيحرمهم من استلام راتبين باعتبار أنه سيحظر الجمع بينهم.
يواجه التصريح المرن هجومًا كبيرًا من النواب فما هو موقف مجلس الشورى؟
- يعتبر التصريح المرن من التشريعات التي استرعت قدراً كبيراً من النقاش في المجتمع البحريني. وهذا دليل على حيوية هذا المجتمع واهتمامه بالجوانب التشريعية. وهو ما يعكس النضج القانوني والحقوقي للمجتمع البحريني.
وكيفما كان الرأي بشأن مواقف مختلف الأطراف ذات العلاقة، فإن الهدف الذي يصبو إليه هذا النظام هو تقليص أعداد العمالة المخالفة أو غير النظامية، وبسط الرقابة بشكل واسع على العمالة الأجنبية ممن يحملون تصاريح منتهية الصلاحية أو ممن يعد وجودهم غير قانوني، وكل ذلك في سبيل تنظيم وجودهم في مملكة البحرين والإبقاء على المنافسة المفتوحة دون الإضرار بسوق العمل البحريني.
ما استعدادات المجلس في دور الانعقاد القادم مع استمرار أزمة «كورونا»؟
- لا شك في أن جائحة كورونا أثرت بشكل ملحوظ على الاقتصاد العالمي، إلا أن المبادرات الحكومية والخطوات التي اتخذها فريق البحرين لمكافحة تداعيات جائحة كورونا بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين حفظه الله قد قلصت الآثار السلبية.
أما بالنسبة لما سيكون على طاولة المجلس فيما لو استمرت الأزمة، فأنا أجزم أن السلطة التشريعية بمجلسيها ستكون الداعم لكافة التشريعات التي تحفظ لمملكة البحرين توازنها الاقتصادي مع المحافظة على مكتسبات المواطنين كما حدث مع مشروع قانون التأمين ضد التعطل، كما ستسخّر أيضًا كافة أدواتها التشريعية في سبيل ذلك.
لماذا يلجأ المجلس لتمرير مشاريع قوانين مع وجود ملاحظات عليها على أن تعدل بمقترحات قوانين؟
- المبدأ العام هو أن «ما لا يُدرك كله، لا يُترك جلّه»، والمرونة مَغنم للمشرّع وليست مَغرما. ومجلس الشورى هو أحد الأركان الأساسية في العملية التشريعية، فكل مشروع قانون يمر على المجلس تتم دراسته بمنتهى الدقة، فقد يحدث في المجلس أثناء تبادل وجهات النظر والآراء أن تتبلور فكرة حول إحدى مواد مشروع القانون، فمن حق أي عضو من أعضاء المجلس أن يدلي برأيه، فلو كان هناك ما يستدعي التعديل العاجل، فالمجلس يصوت على التعديل إما في ذات الجلسة أو يتم إرجاء المشروع وإعادته إلى اللجنة المختصة لمزيد من الدراسة.
كما يمكن أن تكون هناك أكثر من وجهة نظر وكلها صحيحة، فالقانون حمال أوجه، فلا ضير من ترجيح كفة الأغلبية بالموافقة على مشروع القانون، حتى تتمكن السلطة التنفيذية من إنفاذه بعد مصادقة جلالة الملك عليه، فمن خلال الممارسة يمكن التعرف على السلبيات التي تواجه جهة الإدارة أثناء تطبيق القانون ومواطن العلة التي بحاجة إلى تقويم، فهنا يبرز دور الاقتراحات بقوانين التي تعد الخطوة الأساسية الأولى لبناء مشروع قانون صادر من السلطة التشريعية.
ما أهم المشاريع التي تنتظر دور الانعقاد المقبل؟
- من أهم المشاريع التي تنتظر دور الانعقاد المقبل هو مشروع قانون الميزانية العامة للسنتين الماليتين 2021-2022، حيث من المتوقع أن يُحال إلى السلطة التشريعية خلال الربع الأول من العام القادم هذا المشروع الهام والذي ستعكف لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى على دراسته وذلك في اجتماعات مشتركة مع لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب والحكومة. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدة مواضيع لا تزال قيد الدراسة في شتى لجان المجلس، فصحيح أن دور الانعقاد العادي الثاني قد انتهى، لكن ذلك لا يعني توقف اجتماعات لجان المجلس.
تمت إعادة السؤال للشوريين.. ما أهمية ذلك خاصة أنه لا تتم مناقشته في الجلسة ولم نر أثر لاقتراح قانون بناء على ما وجه من أسئلة؟
- السؤال البرلماني ليس بالضرورة مَدخلا إلى صياغة مقترحات القوانين. بل هو من الأدوات الهامة التي تفعّل دور السلطة التشريعية في الرقابة، ويمكن أن يساعد في حسن إعداد وصياغة التشريعات. ويهدف إعادة حق السؤال البرلماني لمجلس الشورى إلى تسهيل عمل أعضاء المجلس من خلال الاستيضاح والاستفسار حول الموضوعات ذات الأهمية في المجتمع، وبشكل يساهم في دفع العمل البرلماني للأفضل، حيث إن الكثير من الاقتراحات بقانون التي تحتاج قبل تقديمها إلى دراسة مكثفة في مختلف الجوانب، والسؤال البرلماني يؤدي إلى وصول عضو المجلس للمعلومات والإحصائيات الرسمية، وبالتالي تطوير الاقتراح بقانون ودراسته قبل التقدم به.
كما أن الممارسة العملية لأعضاء مجلس الشورى في تقديم الأسئلة البرلمانية أثبتت أهمية إعادة السؤال البرلماني لهم، حيث وجه أعضاء المجلس مجموعة من الأسئلة في مجالات متعددة أسهمت في نشر الوعي والمعلومات التي تشكل رأياً عاماً للجمهور والصحافة، فضلاً عن تطوير دراسة الاقتراحات بقانون التي سيتم تقديمها.