منذ أن بدأ مصطلح كورونا (كوفيد 19) بالظهور والكل يتساءل عن معناها وما صاحبه من هلع وخوف بين أفراد المجتمع وخصوصاً الأطفال الذين يصعب تفسير كل الأمور لهم بحسب مراحلهم العمرية وما يتناسب مع مستوى تفكيرهم.

ومن خلال هذه الجائحة التي ألمت بهذه الأمة والعالم أجمع ونتيجة لتواجدنا معظم الأوقات في البيوت أصبحنا أكثر قرباً من أطفالنا وبدأنا نلاحظهم أكثر ونحتضنهم ونستمع اليهم كما أصبح لدينا متسع من الوقت لتوجيههم وتصويب الأخطاء لديهم وتعزيز ما يقومون به من أقوال أو أفعال إيجابية وبذلك فهم يحصلون خلال هذه الأزمة على فرص تدريبية ممتازة.

ولم نغفل عن اكتشاف وتشجيع المواهب المتنوعة لديهم ويظهر ذلك جلياً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، هذا بالإضافة إلى إلمامهم بالكثير من المعلومات الصحية وكيفية تطبيقها ناهيك عن الأساليب المتعددة للنظافة والتعقيم والإرشادات التي تصدر يوميا من الجهات المختصة.

ولكي نأخذ الجانب الإيجابي لهذه الجائحة ونتعلم منها ونعلم أطفالنا كيفية التصرف وقت الشدائد ولنغرس في نفوسهم الكثير من القيم والمبادئ التي طالما حلمنا بغرسها ولم نكن نجد متسع من الوقت ، وذلك لانشغالنا خارج المنزل معظم الوقت سعياً لطلب الرزق والتزاماتنا بالمناسبات الاجتماعية.

ما مررنا به من أحداث وصعوبات وتضحيات كان له أثراً بالغاً في بلورة رؤيتنا للأمور بشكل أوضح وقد علمنا وتعلمنا الكثير من القيم والمبادئ الأخلاقية والدينية والاقتصادية والجمالية خلال هذه الأزمة.

علمناهم معها معنى الصبر وكيف أنه هناك أمور خارجة عن إرادة الإنسان لذلك نجدهم تدربوا على أن متطلباتهم قد لا يمكن للوالدين توفيرها في هذا الوقت لاقتناعهم بأن هناك مشكلة تمنعهم من تحقيقها فيتعلمون بذلك معنى القناعة والرضا بما هو بين أيديهم.

علمناهم معها أهمية الدعاء والتضرع لله والإلحاح في الطلب لتنفرج هذه الغمة وأن ما يصيب الإنسان هو ابتلاء واختبار من رب العالمين..

علمناهم معها معنى الإيثار والتضحية في ترك مصالحنا ورغباتنا والمكوث في المنزل خوفاً على صحة أهلنا وأحبابنا ..

علمناهم معها معنى التعاون فيما بيننا وتطبيق الإجراءات الاحترازية تماشياً مع أوامر وزارة الصحة في مملكتنا الحبيبة

علمناهم معها قيمة الوقت الذي نقضيه في كنف العائلة نتلمس احتياجاتهم ونتعرف على اهتماماتهم وننمي هواياتهم بكل حب.

تعلم أطفالنا مبدأ مساعدة الآخرين وخصوصاً كبار السن في المنزل ومد يد العون لهم بدون تذمر.

تعلموا أساليب البحث والتدقيق في الإنترنت ومعرفة التفاصيل لكل مجريات الأمور.

تعلموا تنظيم أوقاتهم وخصوصاً تقنين أوقات اللعب والمحافظة على وقت الطعام مما ينعكس على الصحة إيجاباً.

هل نتوقع بزوال هذه الغمة أن يكون أطفالنا قد حصلوا على كم كبير من القيم والمبادئ التي تعينهم في حياتهم المقبلة؟

وأن يقوم المربون والجهات المعنية بالطفل بوضع الخطط والمناهج المدروسة لكي يتم تهيئتهم لما بعد هذه الأزمة؟

سلمان بن أحمد النصار الدوسري

عضو المجلس الاستشاري بالمنظمة العالمية لحماية الطفل