حسن الستري

دافع النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالنبي سلمان عن أدائه في البرلمان الحالي، ورد على الذين انتقدوا أداءه مقارنة ببرلمان 2002، قائلاً إن «السياسي يجب أن يتعامل بواقعية مع الأوضاع والأحداث، فالوضع اليوم يختلف سياسياً واقتصادياً واجتماعياً عما كان عليه الحال عام 2002».

وفي حوار مع «الوطن»، أكد سلمان أن الإعلام هو من روج لفكرة العلاقة المتوترة بينه وبين رئيس مجلس النواب فوزية زينل، لافتاً إلى أن ما يحدث مجرد خلاف وجهات نظر، وكلاهما يعمل لصالح البحرين.

وانتقد سلمان كثرة الرغبات غير المستعجلة التي يطرحها النواب في بند ما يستجد من أعمال، مشيراً إلى أنه في إحدى الجلسات تم تقديم مقترح متحقق على أرض الواقع، وهو ما أوقع المجلس في حرج مع الحكومة.

وفي الوقت الذي تحدث فيه سلمان عن واقع الصناديق التقاعدية، تمنى أن تخيب الأيام ظنونه، وطالب بوضع حلول سريعة للمشاكل التي تواجهها.

كما طالب سلمان بفرض ضرائب على الشركات الأجنبية، وأن تكون العلاقة بين نسبتها ونسبة البحرنة في هذه الشركات علاقة عكسية، داعياً إلى التريث في تطبيق قانون الضمان الصحي لحين دراسته من جديد بعد ما كشفته جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) في أغلب دول العالم، مؤكداً وجود لجان تحقيق في الدور المقبل في ملفات سوق العمل والبطالة والصيد البحري. وفيما يلي نص الحوار:



ما هو تقييمك لأداء مجلس النواب الحالي؟

- كان هناك كثير من الطموح لدى الأعضاء الجدد والبالغ عددهم 37 عضواً، والكثير من الأعضاء كانوا يحاولون إعادة سمعة المجلس نحو الأفضل، وبالفعل كانت هناك جدية، وهذه الجدية مازالت موجودة لدى الأعضاء.

النواب أخذهم الطابع الخدمي أكثر، وهذه طبيعة المجالس النيابية في دولنا العربية، وهو الميل للجانب الخدمي على حساب الجانب الرقابي، ورغم ذلك فإن المجلس لم يقصر صراحة في تقديم الكثير من المقترحات بقانون والأسئلة.

ربما يكون مجلسنا أكثر مجلس قدم أسئلة نوعية للحكومة في مواضيع حيوية، تتركز في مواضيع أساسية تهم المواطن البحريني، كقضايا الإسكان والتعليم والأجور والبطالة، والعمالة الأجنبية وتنظيميها والقضايا الاقتصادية والمالية.

كذلك جرت مناقشة عامة في الفيزا المرنة والتعليم والصيادين، ولجان التحقيق.

التحدي هو كيف يفرض المجلس إرادته كمجلس لتغيير الوضع إلى الأفضل، وكيف تستطيع الحكومة أن تثبت أنها قادرة على التفكير بشكل أفضل لأخذ البلد إلى بر الأمان.

لاحظنا بالدور الماضي كثرة المواضيع المطروحة على بند ما يستجد من أعمال، والتي وصلت في إحدى الجلسات إلى 20 بنداً، وأغلبها اقتراحات غير مستعجلة، ألا توجد لديكم خطة بهيئة المكتب للحد منها؟

- نواجه مشكلة مع النواب، هو ربما يريد أن يخدم فيقدم مقترحاً يراه مستعجلاً، وباتت لا تقل عن 10 مواضيع في كل جلسة، ونحن نحسب لها ألف حساب بهيئة المكتب، فحين نضع جدول الأعمال نضع مجالاً لما يستجد من أعمال.

أتفق معك بأن العملية سلبية ولا تعطي مجالاً للمجلس لدراسة المقترحات على الأرض، نحاول قدر الإمكان إحالة المقترحات للجان لدراستها، لأن من المخجل أن نطلب أمراً غير مدروس أو متحقق على أرض الواقع كما حصل بالدور الماضي.

لنتحدث بصراحة، المراقبون الذين اعتبروك أفضل نائب في برلمان 2002، وعولوا عليك الكثير، واليوم نسمع بعضهم يقول: صدمنا أداء عبدالنبي سلمان وخيب آمالنا، ما هو تعليقك؟

- من يعمل بالعمل السياسي، يجب أن يتعامل بواقعية مع الواقع السياسي الذي يعيشه البلد، فالوضع السياسي والاقتصادي في عام 2002 يختلف تماماً عن الوضع السياسي والاقتصادي عن برلمان 2018، وبالتالي فإن القضايا يجب أن تطرح وتعالج بما يتناسب مع الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

فهناك ملفات طرحناها في برلمان 2002، لا يمكن أن نطرحها بنفس القوة في برلمان 2018، هناك معطيات على الأرض تغيرت كثيراً خلال هذه المدة، وبالتالي فإن ملامسة هذه القضايا يجب أن تكون بحذر وواقعية لما لها من انعكاسات على الشارع وعلى مجلس النواب.

فالمسؤولية الوطنية تحتم علينا طرح القضايا التي تكفل استمرار المسيرة الديمقراطية، وتطويرها، ولو بالتدرج البطيء، فنحن حريصون على استمرار المؤسسة التشريعية.

أنا راضٍ عن أدائي في برلمان 2018، نعم لا يمكن المقارنة بعام 2002، ولكن عبدالنبي سلمان لم يتغير، وهو الشخص الذي يحمل الحب للبلد وشعبه وقيادته، ولكن أتعاطى بواقعية.

هل أثر موقعك القيادي بالمجلس على أدائك كنائب؟

- أعطاني جوانب إيجابية، وسلب بالمقابل جوانب إيجابية أخرى، صرت أقرب لموقع القرار في المؤسسة التشريعية، واستفدت من حضوري لإغناء المشاريع التي تطرح في المجلس، وأعطاني مجالاً لقراءة أفضل وضوحاً عند مناقشة المشاريع، وهذا جانب إيجابي لأنك تتكلم عن اطلاع.

الواقع الإداري كنائب رئيس المجلس أخذ من وقتي بعض الشيء، ولكن ليس على حساب أدائي البرلماني.

علاقتك مع رئيس مجلس النواب فوزية زينل، شابها توتر، ما هو تعليقك؟

-الإعلام ساهم كثيراً في الترويج لهذه الفكرة، العلاقة تسبق دخولنا المجلس، وتربطني علاقات صداقة مع عائلة الرئيسة، فهي تحتاجني وأنا أحتاجها للعمل معاً لخدمة الناس.

تباين وجهات النظر خاصة السياسية والاقتصادية عامل طبيعي، أنا قادم من عمل سياسي، وهي من جانب عملي وأكاديمي مختلف، وبالتالي تتباين الرؤى لكن لا نختلف على خدمة البحرين.

كنت مقرر لجنة التحقيق في الصناديق التقاعدية في برلمان 2002، ما هي قراءتك لواقع الصناديق التقاعدية بعد 16 عاماً؟

- أكثر ما يرعبني هو واقع الصناديق التقاعدية، وأرجو أن تخيب الأيام ظنوني، نحن مقبلون على مشكلة كبيرة، قدمنا تقريراً في عام 2004، ولم ترتقِ المعالجات الحكومية للطموح، والسكوت عن واقع الصناديق التقاعدية وعجزها الذي بدأ قبل الموعد الذي حددناها بعام 2028.

هذا أمر مسكوت عنه، والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والحكومة تتعامل مع المشكلة بخجل، لا نريد أن نخيف الناس، ولكن يجب التعامل بواقعية ووضع حلول سريعة.

إلى أي مدى أثرت جائحة كورونا (كوفيد 19) على برنامج التوازن المالي؟

- طرحنا السؤال على المسؤولين بالدولة، وكانت إجابتهم بأنه لم يعد الحديث عن التوازن المالي، وبالفعل فإن التوازن المالي كنا يمكن أن نصل له عام 2022، ولكن في ظل جائحة فيروس كورونا، أعتقد أن الحديث لم يعد مجدياً عن التوازن المالي في ظل هذه الظروف.

نحتاج بعد الجائحة إلى مؤتمر اقتصادي موسع في البحرين لتقييم الأمور ووضع برنامج إنقاذ اقتصادي كبير يتجاوز ما طرح في برنامج التوازن المالي، وكثير من الدول الخليجية تعيد طرح برامجها الاقتصادية بناء على المستجدات.

أزمة كورونا كشفت المستور، هناك فوضى في سوق العمل وفي التحويلات المالية للخارج، كل هذه الأمور تنعكس على الاقتصاد.

تحدثت عن خطة إنقاذ، هل تتوقع أن يكون ضمنها تعديل قانون الضريبة المضافة كما حدث في دول أخرى؟

- لا يصح أن نتلقف مشاريع دول الجوار وتطبيقها، يجب دراسة ما هو ممكن في سوق العمل، فواقعهم الاقتصادي والمالي يختلف عنا خصوصاً حجم السوق ومستوى الرواتب والأجور، هناك إمكانات كامنة في اقتصادياتها تختلف عن البحرين.

لا نريد فرض ضرائب على المواطنين، ولكن هناك بدائل تطرح في جميع دول العالم.

ما هي الحلول؟

- بالإمكان فرض ضرائب على الدخل المرتفع، وعلى الشركات الأجنبية.

ولكن الضرائب على الشركات الأجنبية تحد من تنافسية البحرين على جذبها؟

- لم يعد المجال للحديث عن تنافسية، لا نريد أن نذهب لجيب المواطن في ظل وجود شركات تحقق الملايين على الأرض ولا تقدم إلا الفتات.

ولكن هذه الشركات توظف البحرينيين؟

بالإمكان ربط نسبة الضريبة بنسبة البحرنة فيها وأن تنفذ بشكل حازم، فكل ما ارتفعت نسبة البحرنة، انخفضت نسبة الضريبة المفروضة على الشركة الأجنبية.

إذا استثنينا الضرائب، ما هي رؤيتكم لزيادة الإيرادات؟

- يجب تنويع مصادر الدخل، وليكن هذا منهج لا مجرد شعار، خصوصاً بعد تدني أسعار النفط، صرنا محاصرين في مواردنا المالية، وهذا ما يجب طرحه في المؤتمر الاقتصادي الذي ندعو له.

لا يمكن تطبيق أجندة صندوق النقد الدولي بحذافيرها من دون النظر لواقعنا الاقتصادي، يجب تنويع القاعدة الاقتصادية والحد من الفساد.

ما هي رؤيتكم لتقليص المصروفات؟

- أنا معها، ولكن لست مع تقليص الرواتب والأجور وإن كانت تغطي نسبة كبيرة من الموازنة.

يجب دمج الوزارات، وهناك أبواب صرف غير مبررة، هناك مبانٍ مؤجرة بعشرات الملايين، هناك أكثر من 7000 موظف أجنبي بالحكومة، يجب التخلص منهم وليس تقليصهم. يجب تحديد أولوياتنا في الفترة القادمة.

ما هو تقييمك للوضع المالي بالبلد؟

- الوضع صعب، ومن الحكمة عدم الحديث عنه، ولكن يجب الجلوس ووضع الحلول، والبحرينيون بهم عقول تستطيع وضع الحلول، ولا يجب أن تضع ذلك الحكومة بعيداً عن الرأي الآخر، هناك كفاءات اقتصادية تطلب الإشراك في القرار لإيجاد حلول.

الأحداث عادة هي التي تكشف عن الحاجة للتعديلات التشريعية. ما هي أهم التشريعات التي نحتاجها في هذه الفترة؟

- الجائحة فاجأت كبرى الدول، ومجلس النواب كان على تواصل يومي مع المسؤولين عن التصدي لهذه الجائحة، والبحرين نجحت لأن الدولة كانت سباقة.

يجب الاستعداد لأي كوارث قد تطرأ في المستقبل، كما أن الجائحة كشفت الكثير من العيوب، منها سكن العمال ووضع العمالة الوافدة وكيفية تنظيم سوق العمل وعدم دفع شركات لرواتب، وهناك تشريعات ستطرح بالدور القادم.

ما هي أبرز القوانين التي ستعدل؟

- قانون العمل في القطاع الأهلي، فهو لم يأتِ في صالح العامل البحريني، كذلك مشروع قانون الضمان الصحي الذي أقر عام 2018، فالتجربة أثبتت الحاجة لاستمرار الضمان الصحي والتعليمي والوظيفي.

هل أفهم من كلامك أنها دعوة لتأجيل العمل بقانون الضمان الصحي، وإعادة دراسته مجدداً على ضوء المتغيرات؟

- نعم، يجب التريث في تطبيقه وإعادة دراسته لتطويره للأفضل، فقد أثبتت التجارب أن غياب الوضع الصحي يسبب كوارث، وأكثر البلدان المتضررة هي التي لا يوجد بها نظام صحي.

ما هي توقعاتك للميزانية القادمة؟

- الموازنة القادمة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، يهمنا تثبيت المكتسبات وأهمها استمرار بناء 25 ألف وحدة سكنية، فالوزارة ورثت تركة ثقيلة.

يجب تقليل النفقات وإعادة هيكلة الموازنة على أسس تنموية حقيقية، ويجب أن تكون هناك خطة استراتيجية يلتزم بها.

كم تتوقع سعر برميل النفط في الموازنة القادمة؟

-أعتقد أن 40 دولاراً رقم واقعي.

أبرز الملفات التي سيطرحها مجلس النواب بالدور المقبل؟

- البطالة والتربية والتعليم والنظام الصحي، والميزانية، وسأطرح مسألة التقاعد من جديد، لا يجب إرهاق الصناديق التقاعدية.

هل تتوقع تشكيل لجان تحقيق أو استجوابات بالدور المقبل؟

-هناك توجه لدى النواب لتشكيل لجان تحقيق في قضايا تتعلق بسوق العمل والبطالة والصيد البحري.

أما الاستجوابات، فهي ليست هدفاً، وإنما وسيلة للوصول لأمور أكبر، وهو إصلاح الخلل في هذه الشركات.