مريم بوجيري
مساكن عمالة مشتركة متهالكة تفتقد أبسط مقومات السكن اللائق.. فبعضها تقطن مزارع وأماكن غير صحية قرب الحيوانات ما يتسبب بخطورة على الصحة العامة، وأخرى تلغي مطابخ وتحولها إلى غرف وفتح مطبخ على سطح المنزل من مواد قابلة للاشتعال ما يؤدي إلى حرائق لا سمح الله.
إلا أن جائحة كورونا (كوفيد 19)، جاءت «كقذيفة» هوت بتلك المساكن وحولت ليلها إلى نهار، لتدق ناقوس الخطر أمام مشكلة قد تتفاقم وتسبب كارثة صحية وإنسانية لا تحمد عقباها، نظراً لغياب التشريع الذي ينظم المسألة ويضع حداً للتجاوزات التي تعرض حياة الجميع للخطر.
الجهات المعنية عملت خلال الفترة الماضية لمحاولة رصد المخالفين، لكن لا قانون يمكنه أن يردع ولا تشريع يمكنه أن يلزم الملاك بتحمل مسؤوليتهم الإنسانية أمام كم العمالة التي تقطن أماكن لا ترقى لأن تسمى «مساكن»، فيما اتفق الجميع على ضرورة اتخاذ وقفة جادة ووضع حل عاجل لتحريك المياه الراكدة حول هذا الملف الهام والذي شبهه البعض بـ «القنبلة الموقوتة»، مطالبين بأهمية وضع اشتراطات تسمح للمستثمرين ببناء مساكن نموذجية للعمالة بهدف حلحلة الملف.
العاصمة
وحصلت «الوطن» على رصد لإجمالي عدد العمالة القاطنة بمحافظة العاصمة، حيث بلغ عددهم 241760 عاملاً أغلبهم بمجمع 604 في سترة حيث بلغ عددهم 4568 عاملاً، وفقاً للبيانات الرسمية التابعة للرصد وذلك حتى نهاية أبريل العام الماضي.
وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة تنظيم سوق العمل، فإن من ضمن إجمالي عدد العمالة المذكور 105607 عمال متزوجون، فيما لم يسبق الزواج لـ 135699 عاملاً، منهــم 268 مطلقــــون و175 أرملة، فيما سجلت الإحصائية 8 عمال أقل من 21 سنة و3 عمال لم يحدد لهم أي تصنيف.
وأشارت الأرقام الرسمية إلى أن أكثر عدد للعمالة القاطنة بالمنامة يقعون ضمن الفئة العمرية من 30-34 عاماً حيث بلغ عددهم 54,452 عاملاً، وأقلهم ضمن الفئة العمرية أكثر من 75 عاماً ويبلغ عددهم 112 عاملاً.
وتصدرت العمالة الهندية أكثر عدد للعمالة الوافدة والتي تقطن المنامة، حيث بلغ عددهم 119,605 عمال، يليها العمالة البنغلاديشية والذين يصلون إلى 53,113 عاملاً، ثم العمالة الفلبينية بواقع 20,430 عاملاً، بعدها العمالة الباكستانية بـ 17,933 عاملاً.
أما بشأن العمالة الوافدة من الدول العربية، فبلغ عدد العمالة من جمهورية مصر القاطنة بالمنامة نحو 4 آلاف عامل، و961 عاملاً من اليمن، 516 عاملاً من لبنان، 452 عاملاً من سوريا، 417 عاملاً من تونس، 427 عاملاً من السودان، و237 عاملاً من العراق، و180 عاملاً من فلسطين، و63 عاملاً من الجزائر.
وبحسب تصنيف الأجور للعمالة القاطنة بمحافظة العاصمة، يحصل نحو 93 ألف عامل على أجر من 1-99 ديناراً بينما يتقاضى نحو 10 آلاف عامل منهم أجراً أكثر من ألف دينار، ويعمل الغالبية العظمى منهم في مجال البناء بأكثر من 60 ألف عامل، ونحو 59 ألف عامل منهم في مجال البيع وتصليح السيارات، بينما يعمل نحو 32 ألف عامل منهم في مجال توريدات الأغذية، وما يقارب 22 ألف عامل في القطاع الصناعي.
وأكد رئيس مجلس أمانة العاصمة صالح طرادة على ضرورة حل مشكلة السكن المشترك للعمالة الوافدة وإيجاد التشريعات المناسبة التي تفتقرها تلك المسألة، مطالباً بدراسة الموضوع من ناحية اقتصادية من خلال مساهمة التجار والمستثمرين.
وقال: «لماذا لا يتم التطرق لحل الموضوع من خلال الاستثمار في خلق بيئة سكن مناسبة للعمالة بعد دراسة الجدوى الاقتصادية بحيث يتم تشييد مبانٍ بمواصفات محددة وقانونية»، مشيراً إلى أهمية أن يكون للقطاع الخاص دور في تلك العملية خصوصاً وأن أغلب العمالة الوافدة تعمل ضمن القطاع الخاص.
واعتبر أن المسألة من الناحية الاستثمارية لها مردود اقتصادي لاسيما وجود عدد كبير من العمالة والتي تضمن استمرارية الجدوى الاقتصادية، مما يعود بمردود كبير على الاقتصاد الوطني.
وكانت المحافظة أعلنت في وقت سابق انتهاء اللجنة المشتركة من رصد 267 مبنى مخالفاً في وسط المنامة خلال يونيو الماضي، حيث تم إنذار الملاك لتصحيح الأوضاع وتقليل الكثافة السكانية بالمباني الخاصة بهم، فيما قطع التيار الكهربائي عن 235 مبنى منها، في حين تم إرجاع التيار إلى 186 مبنى عدّلت أوضاعها، لتصل نسبة المباني المعدلة إلى 70%، لتنخفض كثافة العمالة في المباني المكتظة بمجموع بلغ 4349 عاملاً.
المحرق
وكانت المحرق أولى المحافظات التي سجلت أول عقار في البحرين ضمن قاعدة بيانات وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني كسكن مشترك مستوفٍ للشروط مطلع العام الجاري، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء لتنظيم السكن المشترك أو ما يعرف بسكن العمالة، من خلال تشكيل فريق عمل مع المختصين بالبلدية بالتعاون والتنسيق مع محافظة المحرق ومديرية أمن محافظة المحرق لحصر المباني المخالفة للاشتراطات التي يتم استغلالها كسكن مشترك وإخطار أصحاب العقارات المخالفين لضرورة تصحيح الأوضاع.
وكانت بلدية المحرق أحالت 15 مخالفاً للاشتراطات إلى النيابة العامة، فيما رصدت 420 منزلاً للسكن المشترك بالمحافظة، في حين وافق مجلس المحرق البلدي مطلع يونيو الماضي على قطع الكهرباء والماء على المخالفين لحين تصحيح أوضاعهم.
وقامت «الوطن» بزيارة ميدانية برفقة الفريق المختص بالسكن المشترك، حيث التقت مدير الخدمات الهندسية والاستثمار بمحافظة المحرق هشام شريدة، والذي كشف أن عدد منازل السكن المشترك التي تم رصدها بالمحافظة بلغ نحو ألف و70 مسـكناً قبل الجائحة، حيث لا يزال الفريق يواصل زياراته لرصد المنازل والمخالفات.
وكانت الزيارة الأولى انطلقت للتأكد من امتثال تلك المساكن للقانون والالتزام بالإجراءات الاحترازية مطلع يونيو الماضي.
وأكد شريدة أنه تم خلال الزيارة الأولى تغطية نحو 49 بيتاً منهم 19 قطع عنها التيار الكهربائي أما بقية المنازل فكان عليها مخالفات بسيطة وقامت بتصحيح أوضاعها، مبيناً أن الفريق سيستمر في عملية البحث والرصد خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن اللجنة تلقت عدة شكاوى من الأهالي بشأن مخالفة المساكن المشتركة للإجراءات الصحية الاحترازية من جائحة كورونا (كوفيد 19)، إلى جانب مخالفات البناء وتكدس العمالة.
وبشأن أبرز المخالفات التي تم رصدها خلال الزيارات الميدانية، أكد شريدة وجود تسليكات كهربائية خاطئة وتكدس العمالة في غرفة واحدة وحالات قديمة للبناء أو إضافات على البناء بشكل خاطئ، حيث يقوم بعض العمالة بإلغاء المطبخ وتحويله إلى غرفة وفتح مطبخ على سطح المنزل من مواد قابلة للاشتعال ووضع إسطوانه للغاز مكشوفة مما يؤدي لحرائق ووقوع كوارث مؤكداً وقوع مثل تلك الحوادث المؤسفة مسبقاً لذات الأسباب.
وأشار إلى أن الهدف من اللجنة، تصحيح أوضاع السكن المشترك في محافظة المحرق، مؤكداً قيام محافظة المحرق بالتعاون مع الجهات المعنية بمخاطبة الملاك واستدعائهم وإبلاغهم بوجود المخالفات لتصحيح الأوضاع لكن لم يتعاون منهم إلا عدد قليل.
وأكد استمرار الحملات التفتيشية إلى حين تغطية الأعداد بالكامل على الرغم من صعوبة الأوضاع الصحية الحالية إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة.
ولفت إلى أن اللجنة غطت عدة مناطق بالمحافظة منها قلالي والحد وعراد والدير وسماهيج ومناطق المحرق القديمة والهدف تغطية المحافظة كاملة، ورصدت خلال تلك الزيارات توصيلات خطرة للكهرباء وتمديدات غير قانونية للأسلاك الكهربائية إلى جانب الوضع الصحي الخاطئ، مؤكداً تفعيل القانون لتقليص عدد العمالة في كل غرفة.
من جانبه أكد محافظ المحرق سلمان بن هندي، أن المحافظة قامت منذ أكثر من 10 أعوام بعملية حصر ورصد سكن العمالة الوافدة من فئة العزاب الآسيوين داخل الأحياء السكنية بتوجيهات من وزير الداخلية الفريق أول الركن الشيح راشد بن عبدالله آل خليفة، حيث أعدت ملفاً كاملاً حول مواقع وجود تلك العمالة وأعدادها وأعداد المنازل القاطنين بها، والمستوى الصحي لتلك المنازل مع الأخذ بعين الاعتبار التوصيلات الكهربائية وعدد الساكنين بكل منزل على حدة.
وأوضح لـ «الوطن»، أن المحافظة حالها حال أجهزة الدولة تنفذ كل ما يصدر من قرارات وتوجيهات من الفريق الوطني الصحي لمحاربة كورونا (كوفيد 19)، مؤكداً أن المحافظة قامت بعمليات التوعية للجنسيات القاطنة بالمحرق، كما تم حصر أعداد العمالة الوافدة والمناطق التي تتمركز بها وتم وضع الحلول والاقتراحات لحلحلة الوضع القائم.
وقال المحافظ: «قمنا بتشكيل لجنة بناءً على توجيهات وزير الداخلية تعمل على استقبال ملاك منازل السكن المشترك لحثهم على تقليل عدد القاطنين في تلك المنازل خصوصاً خلال الأوضاع الاحترازية الراهنة، بالإضافة إلى ضم عدد من الجهات ذات العلاقة إلى تلك اللجنة فور تفشي جائحة كورونا (كوفيد 19) في كافة دول العالم.
وتقوم تلك اللجنة بزيارة المنازل التي تقطنها تلك العمالة الوافدة حسب قاعدة البيانات التي رصدتها المحافظة في وقت سابق وتعمل على تحديثها باستمرار وتتخذ الإجراءات القانونية في ذات الوقت.
وأشار إلى أن اللجنة تضم، بالإضافة إلى ممثلي المحافظة، ممثلين عن وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني وهيئة الكهرباء والماء ووزارة الصحة والمجلس البلدي ومديرية شرطة محافظة المحرق والإدارة العامة للدفاع المدني وغيرها من الجهات ذات العلاقة.
الشمالية
في حين كشف مصدر لـ «الوطن» بالمحافظة الشمالية عن رصد ما لا يقل عن 550 منزلاً للسكن المشترك حتى الآن، مؤكداً أن الفريق المعني بالمحافظة لتصحيح أوضاع المساكن المشتركة ما زال يعمل بشكل مكثف لتغطية الأعداد الحقيقية لتلك المساكن.
وأكد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن المحافظة غطت حتى الآن ما لا يقل عن 30 مسكناً مشتركاً، مشيراً إلى أن العدد الواقعي أكثر من ذلك بكثير لكن الفترة المقبلة سيتم رصدها بشكل أكبر من خلال الزيارات الميدانية والتي تكشف وجود مساكن غير موجودة في الكشوف الرسمية ما يعني وجود التأجير بالباطن لبعض المساكن من قبل مالكيها.
واعتبر المصدر أن السبب الرئيس في تفاقم مشكلة السكن المشترك تعود لنقص التشريع خصوصاً مع عدم وجود ما يلزم المالك أو يشترط عليه عدداً محدداً.
وقال: «المشكلة تكمن في التأجير من الباطن كما إن خلاف بعض الأشخاص على المنازل الخاصة بالورثة ووجود القضية في المحكمة لسنوات لحين البت فيها يكون العقار حينها مؤجراً بالحال التي هو عليها إما أن يكون عقاراً قديماً أو آيلاً للسقوط».
وطالب الجهات المعنية، بضرورة وضع تشريع واضح ينظم العملية وجهاز رقابة من الجهات المعنية بمسألة السكن المشترك خصوصاً وأنها الآن تمر بمرحلة حرجة وخطرة على الصحة بوجود تكدس العمالة في الغرف بجانب الثقل على الأحمال الكهربائية وخدمات المياه معتبراً أن المسأله شائكة وتحتاج لحل سريع وعاجل.
وتساءل المصدر بقوله: «ماذا بعد الزيارات والمخالفات؟ الجميع يتساءل عن الإجراء المتخذ والجميع متفق على أن الوضع خاطئ يجب أن يصحح ولا بد من أن تكون المساكن معروفة بحيث تطبق عليها الاشتراطات من جميع الجهات المعنية، ونحتاج لتنظيم المسألة بشكل عاجل لتفادي تفاقم الأمور مستقبلاً».
من جانبه، طالب رئيس مجلس بلدي الشمالية أحمد الكوهجي، بضرورة التحرك الجاد لتنظيم مسألة السكن المشترك، من خلال وضع الحلول بالتعاون مع الجهات المعنية، معتبراً أن العشوائية الحالية في التعامل مع الملف خلقت فوضى خصوصاً أن بعض المناطق السكنية لها خصوصية عائلية مع وجود العمالة فيها.
وأضاف أن العمالة تحتاج سكناً مناسباً، مؤكداً سكن بعض العمالة بالشمالية في «مزارع وأماكن غير صحية بالقرب من الحيوانات ما يتسبب بالخطورة على الصحة العامة، مشيراً إلى أن الوضع أصبح لا يحتمل خصوصاً مع جائحة كورونا (كوفيد 19).
وقال: «حان الوقت للتنسيق الجماعي مع كافة الجهات المعنية وأرباب العمل لإيجاد حلول جذرية وبأسرع وقت لسكن العمال المشترك الذي أصبح ظاهرة مؤرقة وتشكل ظاهرة غير مرغوبة من قبل المواطنين وخصوصاً في الأحياء السكنية لخطورة وجود العمالة في هذه المناطق وسلب الخصوصية للمجتمع البحريني».
فيما أشاد الكوهجي بجهود وزارة الداخلية بالحملات التي تمت في الآونة الأخيرة لاحتواء المشكلة وطالب بتكاتف كافة الأجهزة المعنية بما فيها القطاع الخاص لحل هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن.
وأفاد أن المساكن المشتركة تبلغ أكثر من 80 مسكناً بالشمالية في عدد من القرى والمناطق منها جبلة حبشي ومقابة وكرانة وسار وبني جمرة وجد الحاج والهملة ومدينة حمد وغيرها.
الجنوبية
من جانبه، أكد رئيس مجلس بلدي الجنوبية بدر التميمي، أنه آن الأوان لوضع حل جذري ينظم مسألة السكن المشترك بجانب إيجاد تشريع عاجل لتفادي تفاقم المشكلة التي اعتبرها «قنبلة موقوتة».
وأشار التميمي إلى أن المجلس البلدي تلقى عروضاً من مستثمرين لإقامة مساكن نموذجية خاصة بالعمالة تقارب تكلفتها 7 ملايين دينار، لكن ما يعوق إقامة تلك المساكن النموذجية عدم وجود التشريع والضمانة للمستثمر والتي تمكنه من إقامة مثل تلك المشاريع والتي ستستهم بحل جذري للمشكلة.
وقال: «الجميع يعانون من عشوائية تنظيم السكن المشترك ولنا النصيب الأكبر بالجنوبية بحكم وجود المصانع الكبيرة كما إن الكثافة السكانية بالمحافظة زادت بعد إلغاء المحافظة الوسطى وأصبح لنا من الكثافة السكانية ما نسبته 60%».
واعتبر أن بعض الأهالي في بعض المناطق بالجنوبية يدفعون الثمن بوجودهم في مناطق أصبح بها كثافة، مؤكداً أهمية التحرك العاجل لأن يكون هناك مكان مخصص للعمالة وفق اشتراطات ومعايير معينة.
غياب التشريع
وكانت الحكومة أحالت إلى مجلس النواب مشروع قانون بشأن سكن العمال في يوليو 2010 والذي لا يزال في أدراج لجنة الخدمات بالمجلس وبذلك يكون القانون أكمل 10 سنوات كاملة في أدراج المجلس، بعد آخر طلب للتمديد من قبل اللجنة لدراسته في أبريل الماضي.
ويتألف مشروع القانون من 10 مواد، حيث يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن 5 دنانير ولا تجاوز ألف دينار كل من يخالف أحكام القانون مع إغلاق المكان أو المبنى لحين إزالة المخالفة وتعدد العقوبة بتعدد المخالفات وتكون العقوبة الغرامة التي لا تقل عن 3 آلاف دينار ولا تجاوز 10 آلاف دينار في حالة العود. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أعوام ولا تزيد عن 7 أعوام، إذا كانت المخالفة سبباً في وفاة أحد العمال، فإذا كان المسؤول عن سكن العمال شخصاً طبيعياً كانت العقوبة الغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف دينار ولا تجاوز 30 ألف دينار مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، وفي حالة تعدد ملاك سكن العمل يكون المسؤول هو الشخص الذي يتولى إدارته. وبحسب مشروع القانون، لا يجوز التأجير خارج المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس البلدي في حدود اختصاصاته بحيث تكون بعيدة عن مساكن الأسر مع إصدار تصريح بتخصيص المسكن كسكن للعمال، كما يلتزم المؤجر بتحديد أسماء العمال في السكن وتحديث بياناتهم كما تلتزم المؤسسة المعنية بتحديد السكن واستيفاء الاشتراطات اللازمة، ويخول المفتشين من وزارة العمل للتأكد من عدم وجود المخالفات.
التشريعات الحالية
وكانت السلطة التشريعية أجرت تعديلاً على قانون إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية، والذي يجيز بموجبه إقامة مبان سكنية للعمال في المناطق السكنية من قبل مالك المشروع الصناعي لإسكان العمالة في الأرض المخصصة للمشروع وكذلك المستثمرين الراغبين في إنشاء المساكن لأغراض سكن العمال بعد الحصول على ترخيص من لجنة شؤون المناطق الصناعية بمراعاة الشروط المتعلقة بأمن وسلامة العاملين وصحتهم وذلك وفقاً لما تقرره اللائحة التنفيذية.
في حين أقر مجلس الوزراء في مارس 2015 قراراً يقضي بإلزام مالك أي عقار إخطار البلدية المختصة حال تأجيره كسكن مشترك أو جماعي مع توفير الاشتراطات الصحية واشتراطات الأمن والسلامة في سكن العمال، خلال 30 يوماً من تاريخ توقيع العقد، إضافة لتخصيص مساحة لا تقل عن 40 قدماً م2 لكل فرد، شرط ألا يقل ارتفاع الغرفة عن 10 أقدام، وألا تستخدم الغرفة الواحدة في السكن لنوم أكثر من 8 أشخاص، وذلك في سياق إجراءات معالجة الظواهر السلبية المرتبطة بالعمالة الأجنبية كما قرر المجلس فرض عقوبات جنائية على المخالفات المتعلقة بالمعدات والتمديدات الكهربائية في سكن العمال.
فيما يتم العمل أيضاً بالقرار الوزاري رقم (35) لسنة 2015 بشأن إضافة مادة جديدة برقم (34) مكرراً إلى اللائحة التنفيذية لقانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 والصادرة بالقرار رقم (16) لسنة 2002 والذي يلزم مالك العقار بإخطار البلدية المختصة التي يقع في دائرتها العقار في حالة قيامه بتأجيره كسكن مشترك أو جماعي بتوفير الاشتراطات الصحية واشتراطات الأمن والسلامة طبقاً للقوانين والقرارات والأنظمة المعمول بها وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ توقيع العقد.
مجلس النواب
وقدم النواب خلال الفصول التشريعية السابقة عدة اقتراحات تتعلق بتنظيم مسألة سكن العمالة وهي كالتالي:
1- الاقتراح بقانون بشأن سكن العمال، قدم في الدور الرابع الفصل التشريعي الثاني، ديسمبر 2009: يهدف لتنظيم سكن العمال خارج المناطق السكنية بحيث يكون بعيداً عن مساكن الأسر نظراً لوجود العمالة الأجنبية بين الأسر في المناطق السكنية وتزايد شكاوى الأهالي بعد رصد ممارسات تخل بالذوق العام والعادات والتقاليد وتحسين ظروف العمالة السكنية التي تفتقر لأدنى شروط النظافة والصحة
2-اقتراح برغبة مستعجل لإعادة مراجعة جميع العقود المتعلقة بسكن العمال ومسح شامل لسكن العزاب في المناطق وضرورة إلزام جميع ملاك العقارات بتوفيق أوضاعهم، قدم بالدور الثالث من الفصل التشريعي الرابع، يناير 2017 وذات المقترح تم تقديمه في الدور الرابع الفصل التشريعي الرابع ديسمبر 2017.
3- اقتراح برغبة لإيجاد حل جذري لمشلكة العمالة العزاب الأجانب بالمملكة بشكل عام وبالمحافظة الجنوبية بشكل خاص، قدم بالدور الثاني الفصل الخامس، أبريل 2019 نظراً لاستياء أهالي المحافظة من سكن العمال العزاب وسط الأحياء السكنية وما يترتب عليها من مشاكل أخلاقية واجتماعية وأمنية وبيئية وزيادة المشاكل التي يتسبب فيها العمالة الأجانب بسبب المواقف والازدحام الشديد والتسبب في ازدحام شديد.
4- اقتراح برغبة بشأن إعطاء ترخيص سنوي لسكن العمال الأجانب قدك بالدور الثالث من الفصل التشريعي الثالث أبريل 2013.
5- الاقتراح برغبة بشأن وضع آليات وأنظمة لعلاج مشكلة سكن العمال العزاب في المناطق التي تسكنها الأسر البحرينية، قدم بالدور الأول الفصل التشريعي الثاني أبريل 2007.
رصد «البلديات»
وكانت وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني أعلنت مايو الماضي رصد 1604 مساكن مشتركة مخالفة في المحافظات الأربع حيث تم إخطار ما يقارب 65% من المساكن المرصودة ويوجد حتى الآن 206 عقارات في طور التصحيح، بينما تم إحالة 49 عقاراً إلى القضاء كما تم تصحيح وضعية 70 عقاراً.
فيما أعلن لاحقاً في أبريل الماضي تسجيل الوزارة لـ 1315 عقاراً لسكن مشترك غير مسجل لديها، بينما يبلغ عدد المساكن المسجلة 2200 منشأة.
مساكن عمالة مشتركة متهالكة تفتقد أبسط مقومات السكن اللائق.. فبعضها تقطن مزارع وأماكن غير صحية قرب الحيوانات ما يتسبب بخطورة على الصحة العامة، وأخرى تلغي مطابخ وتحولها إلى غرف وفتح مطبخ على سطح المنزل من مواد قابلة للاشتعال ما يؤدي إلى حرائق لا سمح الله.
إلا أن جائحة كورونا (كوفيد 19)، جاءت «كقذيفة» هوت بتلك المساكن وحولت ليلها إلى نهار، لتدق ناقوس الخطر أمام مشكلة قد تتفاقم وتسبب كارثة صحية وإنسانية لا تحمد عقباها، نظراً لغياب التشريع الذي ينظم المسألة ويضع حداً للتجاوزات التي تعرض حياة الجميع للخطر.
الجهات المعنية عملت خلال الفترة الماضية لمحاولة رصد المخالفين، لكن لا قانون يمكنه أن يردع ولا تشريع يمكنه أن يلزم الملاك بتحمل مسؤوليتهم الإنسانية أمام كم العمالة التي تقطن أماكن لا ترقى لأن تسمى «مساكن»، فيما اتفق الجميع على ضرورة اتخاذ وقفة جادة ووضع حل عاجل لتحريك المياه الراكدة حول هذا الملف الهام والذي شبهه البعض بـ «القنبلة الموقوتة»، مطالبين بأهمية وضع اشتراطات تسمح للمستثمرين ببناء مساكن نموذجية للعمالة بهدف حلحلة الملف.
العاصمة
وحصلت «الوطن» على رصد لإجمالي عدد العمالة القاطنة بمحافظة العاصمة، حيث بلغ عددهم 241760 عاملاً أغلبهم بمجمع 604 في سترة حيث بلغ عددهم 4568 عاملاً، وفقاً للبيانات الرسمية التابعة للرصد وذلك حتى نهاية أبريل العام الماضي.
وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة تنظيم سوق العمل، فإن من ضمن إجمالي عدد العمالة المذكور 105607 عمال متزوجون، فيما لم يسبق الزواج لـ 135699 عاملاً، منهــم 268 مطلقــــون و175 أرملة، فيما سجلت الإحصائية 8 عمال أقل من 21 سنة و3 عمال لم يحدد لهم أي تصنيف.
وأشارت الأرقام الرسمية إلى أن أكثر عدد للعمالة القاطنة بالمنامة يقعون ضمن الفئة العمرية من 30-34 عاماً حيث بلغ عددهم 54,452 عاملاً، وأقلهم ضمن الفئة العمرية أكثر من 75 عاماً ويبلغ عددهم 112 عاملاً.
وتصدرت العمالة الهندية أكثر عدد للعمالة الوافدة والتي تقطن المنامة، حيث بلغ عددهم 119,605 عمال، يليها العمالة البنغلاديشية والذين يصلون إلى 53,113 عاملاً، ثم العمالة الفلبينية بواقع 20,430 عاملاً، بعدها العمالة الباكستانية بـ 17,933 عاملاً.
أما بشأن العمالة الوافدة من الدول العربية، فبلغ عدد العمالة من جمهورية مصر القاطنة بالمنامة نحو 4 آلاف عامل، و961 عاملاً من اليمن، 516 عاملاً من لبنان، 452 عاملاً من سوريا، 417 عاملاً من تونس، 427 عاملاً من السودان، و237 عاملاً من العراق، و180 عاملاً من فلسطين، و63 عاملاً من الجزائر.
وبحسب تصنيف الأجور للعمالة القاطنة بمحافظة العاصمة، يحصل نحو 93 ألف عامل على أجر من 1-99 ديناراً بينما يتقاضى نحو 10 آلاف عامل منهم أجراً أكثر من ألف دينار، ويعمل الغالبية العظمى منهم في مجال البناء بأكثر من 60 ألف عامل، ونحو 59 ألف عامل منهم في مجال البيع وتصليح السيارات، بينما يعمل نحو 32 ألف عامل منهم في مجال توريدات الأغذية، وما يقارب 22 ألف عامل في القطاع الصناعي.
وأكد رئيس مجلس أمانة العاصمة صالح طرادة على ضرورة حل مشكلة السكن المشترك للعمالة الوافدة وإيجاد التشريعات المناسبة التي تفتقرها تلك المسألة، مطالباً بدراسة الموضوع من ناحية اقتصادية من خلال مساهمة التجار والمستثمرين.
وقال: «لماذا لا يتم التطرق لحل الموضوع من خلال الاستثمار في خلق بيئة سكن مناسبة للعمالة بعد دراسة الجدوى الاقتصادية بحيث يتم تشييد مبانٍ بمواصفات محددة وقانونية»، مشيراً إلى أهمية أن يكون للقطاع الخاص دور في تلك العملية خصوصاً وأن أغلب العمالة الوافدة تعمل ضمن القطاع الخاص.
واعتبر أن المسألة من الناحية الاستثمارية لها مردود اقتصادي لاسيما وجود عدد كبير من العمالة والتي تضمن استمرارية الجدوى الاقتصادية، مما يعود بمردود كبير على الاقتصاد الوطني.
وكانت المحافظة أعلنت في وقت سابق انتهاء اللجنة المشتركة من رصد 267 مبنى مخالفاً في وسط المنامة خلال يونيو الماضي، حيث تم إنذار الملاك لتصحيح الأوضاع وتقليل الكثافة السكانية بالمباني الخاصة بهم، فيما قطع التيار الكهربائي عن 235 مبنى منها، في حين تم إرجاع التيار إلى 186 مبنى عدّلت أوضاعها، لتصل نسبة المباني المعدلة إلى 70%، لتنخفض كثافة العمالة في المباني المكتظة بمجموع بلغ 4349 عاملاً.
المحرق
وكانت المحرق أولى المحافظات التي سجلت أول عقار في البحرين ضمن قاعدة بيانات وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني كسكن مشترك مستوفٍ للشروط مطلع العام الجاري، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء لتنظيم السكن المشترك أو ما يعرف بسكن العمالة، من خلال تشكيل فريق عمل مع المختصين بالبلدية بالتعاون والتنسيق مع محافظة المحرق ومديرية أمن محافظة المحرق لحصر المباني المخالفة للاشتراطات التي يتم استغلالها كسكن مشترك وإخطار أصحاب العقارات المخالفين لضرورة تصحيح الأوضاع.
وكانت بلدية المحرق أحالت 15 مخالفاً للاشتراطات إلى النيابة العامة، فيما رصدت 420 منزلاً للسكن المشترك بالمحافظة، في حين وافق مجلس المحرق البلدي مطلع يونيو الماضي على قطع الكهرباء والماء على المخالفين لحين تصحيح أوضاعهم.
وقامت «الوطن» بزيارة ميدانية برفقة الفريق المختص بالسكن المشترك، حيث التقت مدير الخدمات الهندسية والاستثمار بمحافظة المحرق هشام شريدة، والذي كشف أن عدد منازل السكن المشترك التي تم رصدها بالمحافظة بلغ نحو ألف و70 مسـكناً قبل الجائحة، حيث لا يزال الفريق يواصل زياراته لرصد المنازل والمخالفات.
وكانت الزيارة الأولى انطلقت للتأكد من امتثال تلك المساكن للقانون والالتزام بالإجراءات الاحترازية مطلع يونيو الماضي.
وأكد شريدة أنه تم خلال الزيارة الأولى تغطية نحو 49 بيتاً منهم 19 قطع عنها التيار الكهربائي أما بقية المنازل فكان عليها مخالفات بسيطة وقامت بتصحيح أوضاعها، مبيناً أن الفريق سيستمر في عملية البحث والرصد خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن اللجنة تلقت عدة شكاوى من الأهالي بشأن مخالفة المساكن المشتركة للإجراءات الصحية الاحترازية من جائحة كورونا (كوفيد 19)، إلى جانب مخالفات البناء وتكدس العمالة.
وبشأن أبرز المخالفات التي تم رصدها خلال الزيارات الميدانية، أكد شريدة وجود تسليكات كهربائية خاطئة وتكدس العمالة في غرفة واحدة وحالات قديمة للبناء أو إضافات على البناء بشكل خاطئ، حيث يقوم بعض العمالة بإلغاء المطبخ وتحويله إلى غرفة وفتح مطبخ على سطح المنزل من مواد قابلة للاشتعال ووضع إسطوانه للغاز مكشوفة مما يؤدي لحرائق ووقوع كوارث مؤكداً وقوع مثل تلك الحوادث المؤسفة مسبقاً لذات الأسباب.
وأشار إلى أن الهدف من اللجنة، تصحيح أوضاع السكن المشترك في محافظة المحرق، مؤكداً قيام محافظة المحرق بالتعاون مع الجهات المعنية بمخاطبة الملاك واستدعائهم وإبلاغهم بوجود المخالفات لتصحيح الأوضاع لكن لم يتعاون منهم إلا عدد قليل.
وأكد استمرار الحملات التفتيشية إلى حين تغطية الأعداد بالكامل على الرغم من صعوبة الأوضاع الصحية الحالية إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة.
ولفت إلى أن اللجنة غطت عدة مناطق بالمحافظة منها قلالي والحد وعراد والدير وسماهيج ومناطق المحرق القديمة والهدف تغطية المحافظة كاملة، ورصدت خلال تلك الزيارات توصيلات خطرة للكهرباء وتمديدات غير قانونية للأسلاك الكهربائية إلى جانب الوضع الصحي الخاطئ، مؤكداً تفعيل القانون لتقليص عدد العمالة في كل غرفة.
من جانبه أكد محافظ المحرق سلمان بن هندي، أن المحافظة قامت منذ أكثر من 10 أعوام بعملية حصر ورصد سكن العمالة الوافدة من فئة العزاب الآسيوين داخل الأحياء السكنية بتوجيهات من وزير الداخلية الفريق أول الركن الشيح راشد بن عبدالله آل خليفة، حيث أعدت ملفاً كاملاً حول مواقع وجود تلك العمالة وأعدادها وأعداد المنازل القاطنين بها، والمستوى الصحي لتلك المنازل مع الأخذ بعين الاعتبار التوصيلات الكهربائية وعدد الساكنين بكل منزل على حدة.
وأوضح لـ «الوطن»، أن المحافظة حالها حال أجهزة الدولة تنفذ كل ما يصدر من قرارات وتوجيهات من الفريق الوطني الصحي لمحاربة كورونا (كوفيد 19)، مؤكداً أن المحافظة قامت بعمليات التوعية للجنسيات القاطنة بالمحرق، كما تم حصر أعداد العمالة الوافدة والمناطق التي تتمركز بها وتم وضع الحلول والاقتراحات لحلحلة الوضع القائم.
وقال المحافظ: «قمنا بتشكيل لجنة بناءً على توجيهات وزير الداخلية تعمل على استقبال ملاك منازل السكن المشترك لحثهم على تقليل عدد القاطنين في تلك المنازل خصوصاً خلال الأوضاع الاحترازية الراهنة، بالإضافة إلى ضم عدد من الجهات ذات العلاقة إلى تلك اللجنة فور تفشي جائحة كورونا (كوفيد 19) في كافة دول العالم.
وتقوم تلك اللجنة بزيارة المنازل التي تقطنها تلك العمالة الوافدة حسب قاعدة البيانات التي رصدتها المحافظة في وقت سابق وتعمل على تحديثها باستمرار وتتخذ الإجراءات القانونية في ذات الوقت.
وأشار إلى أن اللجنة تضم، بالإضافة إلى ممثلي المحافظة، ممثلين عن وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني وهيئة الكهرباء والماء ووزارة الصحة والمجلس البلدي ومديرية شرطة محافظة المحرق والإدارة العامة للدفاع المدني وغيرها من الجهات ذات العلاقة.
الشمالية
في حين كشف مصدر لـ «الوطن» بالمحافظة الشمالية عن رصد ما لا يقل عن 550 منزلاً للسكن المشترك حتى الآن، مؤكداً أن الفريق المعني بالمحافظة لتصحيح أوضاع المساكن المشتركة ما زال يعمل بشكل مكثف لتغطية الأعداد الحقيقية لتلك المساكن.
وأكد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن المحافظة غطت حتى الآن ما لا يقل عن 30 مسكناً مشتركاً، مشيراً إلى أن العدد الواقعي أكثر من ذلك بكثير لكن الفترة المقبلة سيتم رصدها بشكل أكبر من خلال الزيارات الميدانية والتي تكشف وجود مساكن غير موجودة في الكشوف الرسمية ما يعني وجود التأجير بالباطن لبعض المساكن من قبل مالكيها.
واعتبر المصدر أن السبب الرئيس في تفاقم مشكلة السكن المشترك تعود لنقص التشريع خصوصاً مع عدم وجود ما يلزم المالك أو يشترط عليه عدداً محدداً.
وقال: «المشكلة تكمن في التأجير من الباطن كما إن خلاف بعض الأشخاص على المنازل الخاصة بالورثة ووجود القضية في المحكمة لسنوات لحين البت فيها يكون العقار حينها مؤجراً بالحال التي هو عليها إما أن يكون عقاراً قديماً أو آيلاً للسقوط».
وطالب الجهات المعنية، بضرورة وضع تشريع واضح ينظم العملية وجهاز رقابة من الجهات المعنية بمسألة السكن المشترك خصوصاً وأنها الآن تمر بمرحلة حرجة وخطرة على الصحة بوجود تكدس العمالة في الغرف بجانب الثقل على الأحمال الكهربائية وخدمات المياه معتبراً أن المسأله شائكة وتحتاج لحل سريع وعاجل.
وتساءل المصدر بقوله: «ماذا بعد الزيارات والمخالفات؟ الجميع يتساءل عن الإجراء المتخذ والجميع متفق على أن الوضع خاطئ يجب أن يصحح ولا بد من أن تكون المساكن معروفة بحيث تطبق عليها الاشتراطات من جميع الجهات المعنية، ونحتاج لتنظيم المسألة بشكل عاجل لتفادي تفاقم الأمور مستقبلاً».
من جانبه، طالب رئيس مجلس بلدي الشمالية أحمد الكوهجي، بضرورة التحرك الجاد لتنظيم مسألة السكن المشترك، من خلال وضع الحلول بالتعاون مع الجهات المعنية، معتبراً أن العشوائية الحالية في التعامل مع الملف خلقت فوضى خصوصاً أن بعض المناطق السكنية لها خصوصية عائلية مع وجود العمالة فيها.
وأضاف أن العمالة تحتاج سكناً مناسباً، مؤكداً سكن بعض العمالة بالشمالية في «مزارع وأماكن غير صحية بالقرب من الحيوانات ما يتسبب بالخطورة على الصحة العامة، مشيراً إلى أن الوضع أصبح لا يحتمل خصوصاً مع جائحة كورونا (كوفيد 19).
وقال: «حان الوقت للتنسيق الجماعي مع كافة الجهات المعنية وأرباب العمل لإيجاد حلول جذرية وبأسرع وقت لسكن العمال المشترك الذي أصبح ظاهرة مؤرقة وتشكل ظاهرة غير مرغوبة من قبل المواطنين وخصوصاً في الأحياء السكنية لخطورة وجود العمالة في هذه المناطق وسلب الخصوصية للمجتمع البحريني».
فيما أشاد الكوهجي بجهود وزارة الداخلية بالحملات التي تمت في الآونة الأخيرة لاحتواء المشكلة وطالب بتكاتف كافة الأجهزة المعنية بما فيها القطاع الخاص لحل هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن.
وأفاد أن المساكن المشتركة تبلغ أكثر من 80 مسكناً بالشمالية في عدد من القرى والمناطق منها جبلة حبشي ومقابة وكرانة وسار وبني جمرة وجد الحاج والهملة ومدينة حمد وغيرها.
الجنوبية
من جانبه، أكد رئيس مجلس بلدي الجنوبية بدر التميمي، أنه آن الأوان لوضع حل جذري ينظم مسألة السكن المشترك بجانب إيجاد تشريع عاجل لتفادي تفاقم المشكلة التي اعتبرها «قنبلة موقوتة».
وأشار التميمي إلى أن المجلس البلدي تلقى عروضاً من مستثمرين لإقامة مساكن نموذجية خاصة بالعمالة تقارب تكلفتها 7 ملايين دينار، لكن ما يعوق إقامة تلك المساكن النموذجية عدم وجود التشريع والضمانة للمستثمر والتي تمكنه من إقامة مثل تلك المشاريع والتي ستستهم بحل جذري للمشكلة.
وقال: «الجميع يعانون من عشوائية تنظيم السكن المشترك ولنا النصيب الأكبر بالجنوبية بحكم وجود المصانع الكبيرة كما إن الكثافة السكانية بالمحافظة زادت بعد إلغاء المحافظة الوسطى وأصبح لنا من الكثافة السكانية ما نسبته 60%».
واعتبر أن بعض الأهالي في بعض المناطق بالجنوبية يدفعون الثمن بوجودهم في مناطق أصبح بها كثافة، مؤكداً أهمية التحرك العاجل لأن يكون هناك مكان مخصص للعمالة وفق اشتراطات ومعايير معينة.
غياب التشريع
وكانت الحكومة أحالت إلى مجلس النواب مشروع قانون بشأن سكن العمال في يوليو 2010 والذي لا يزال في أدراج لجنة الخدمات بالمجلس وبذلك يكون القانون أكمل 10 سنوات كاملة في أدراج المجلس، بعد آخر طلب للتمديد من قبل اللجنة لدراسته في أبريل الماضي.
ويتألف مشروع القانون من 10 مواد، حيث يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن 5 دنانير ولا تجاوز ألف دينار كل من يخالف أحكام القانون مع إغلاق المكان أو المبنى لحين إزالة المخالفة وتعدد العقوبة بتعدد المخالفات وتكون العقوبة الغرامة التي لا تقل عن 3 آلاف دينار ولا تجاوز 10 آلاف دينار في حالة العود. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أعوام ولا تزيد عن 7 أعوام، إذا كانت المخالفة سبباً في وفاة أحد العمال، فإذا كان المسؤول عن سكن العمال شخصاً طبيعياً كانت العقوبة الغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف دينار ولا تجاوز 30 ألف دينار مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، وفي حالة تعدد ملاك سكن العمل يكون المسؤول هو الشخص الذي يتولى إدارته. وبحسب مشروع القانون، لا يجوز التأجير خارج المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس البلدي في حدود اختصاصاته بحيث تكون بعيدة عن مساكن الأسر مع إصدار تصريح بتخصيص المسكن كسكن للعمال، كما يلتزم المؤجر بتحديد أسماء العمال في السكن وتحديث بياناتهم كما تلتزم المؤسسة المعنية بتحديد السكن واستيفاء الاشتراطات اللازمة، ويخول المفتشين من وزارة العمل للتأكد من عدم وجود المخالفات.
التشريعات الحالية
وكانت السلطة التشريعية أجرت تعديلاً على قانون إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية، والذي يجيز بموجبه إقامة مبان سكنية للعمال في المناطق السكنية من قبل مالك المشروع الصناعي لإسكان العمالة في الأرض المخصصة للمشروع وكذلك المستثمرين الراغبين في إنشاء المساكن لأغراض سكن العمال بعد الحصول على ترخيص من لجنة شؤون المناطق الصناعية بمراعاة الشروط المتعلقة بأمن وسلامة العاملين وصحتهم وذلك وفقاً لما تقرره اللائحة التنفيذية.
في حين أقر مجلس الوزراء في مارس 2015 قراراً يقضي بإلزام مالك أي عقار إخطار البلدية المختصة حال تأجيره كسكن مشترك أو جماعي مع توفير الاشتراطات الصحية واشتراطات الأمن والسلامة في سكن العمال، خلال 30 يوماً من تاريخ توقيع العقد، إضافة لتخصيص مساحة لا تقل عن 40 قدماً م2 لكل فرد، شرط ألا يقل ارتفاع الغرفة عن 10 أقدام، وألا تستخدم الغرفة الواحدة في السكن لنوم أكثر من 8 أشخاص، وذلك في سياق إجراءات معالجة الظواهر السلبية المرتبطة بالعمالة الأجنبية كما قرر المجلس فرض عقوبات جنائية على المخالفات المتعلقة بالمعدات والتمديدات الكهربائية في سكن العمال.
فيما يتم العمل أيضاً بالقرار الوزاري رقم (35) لسنة 2015 بشأن إضافة مادة جديدة برقم (34) مكرراً إلى اللائحة التنفيذية لقانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 والصادرة بالقرار رقم (16) لسنة 2002 والذي يلزم مالك العقار بإخطار البلدية المختصة التي يقع في دائرتها العقار في حالة قيامه بتأجيره كسكن مشترك أو جماعي بتوفير الاشتراطات الصحية واشتراطات الأمن والسلامة طبقاً للقوانين والقرارات والأنظمة المعمول بها وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ توقيع العقد.
مجلس النواب
وقدم النواب خلال الفصول التشريعية السابقة عدة اقتراحات تتعلق بتنظيم مسألة سكن العمالة وهي كالتالي:
1- الاقتراح بقانون بشأن سكن العمال، قدم في الدور الرابع الفصل التشريعي الثاني، ديسمبر 2009: يهدف لتنظيم سكن العمال خارج المناطق السكنية بحيث يكون بعيداً عن مساكن الأسر نظراً لوجود العمالة الأجنبية بين الأسر في المناطق السكنية وتزايد شكاوى الأهالي بعد رصد ممارسات تخل بالذوق العام والعادات والتقاليد وتحسين ظروف العمالة السكنية التي تفتقر لأدنى شروط النظافة والصحة
2-اقتراح برغبة مستعجل لإعادة مراجعة جميع العقود المتعلقة بسكن العمال ومسح شامل لسكن العزاب في المناطق وضرورة إلزام جميع ملاك العقارات بتوفيق أوضاعهم، قدم بالدور الثالث من الفصل التشريعي الرابع، يناير 2017 وذات المقترح تم تقديمه في الدور الرابع الفصل التشريعي الرابع ديسمبر 2017.
3- اقتراح برغبة لإيجاد حل جذري لمشلكة العمالة العزاب الأجانب بالمملكة بشكل عام وبالمحافظة الجنوبية بشكل خاص، قدم بالدور الثاني الفصل الخامس، أبريل 2019 نظراً لاستياء أهالي المحافظة من سكن العمال العزاب وسط الأحياء السكنية وما يترتب عليها من مشاكل أخلاقية واجتماعية وأمنية وبيئية وزيادة المشاكل التي يتسبب فيها العمالة الأجانب بسبب المواقف والازدحام الشديد والتسبب في ازدحام شديد.
4- اقتراح برغبة بشأن إعطاء ترخيص سنوي لسكن العمال الأجانب قدك بالدور الثالث من الفصل التشريعي الثالث أبريل 2013.
5- الاقتراح برغبة بشأن وضع آليات وأنظمة لعلاج مشكلة سكن العمال العزاب في المناطق التي تسكنها الأسر البحرينية، قدم بالدور الأول الفصل التشريعي الثاني أبريل 2007.
رصد «البلديات»
وكانت وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني أعلنت مايو الماضي رصد 1604 مساكن مشتركة مخالفة في المحافظات الأربع حيث تم إخطار ما يقارب 65% من المساكن المرصودة ويوجد حتى الآن 206 عقارات في طور التصحيح، بينما تم إحالة 49 عقاراً إلى القضاء كما تم تصحيح وضعية 70 عقاراً.
فيما أعلن لاحقاً في أبريل الماضي تسجيل الوزارة لـ 1315 عقاراً لسكن مشترك غير مسجل لديها، بينما يبلغ عدد المساكن المسجلة 2200 منشأة.