كم تقدر تكلفة الأجهزة التي تعتمدون عليها؟كشف الخبير في إدارة الأدلة المادية التابعة للنيابة العامة المستشار قطامي القطامي عن أن التطور الكبير في أجهزة كشف العينات قد مكن الإدارة من تحديد هوية صاحب العينة وجنسيته، وإلى أي شعوب العالم ينتمي، مؤكداً الدعم الكامل من النائب العام لميزانية الأجهزة الحديثة كي تساير تطور الجريمة وتقنياتها، وأوضح أن مادة «الكيميكال» التي ظهرت في الكويت لم تدخل إلى البحرين، حيث تقف الأجهزة الأمنية والجمارك بالمرصاد لأي محاولات تهريب مواد مخدرة، كما وضعت الإدارة بروتوكولا خاصا باستلام العينات لحماية العاملين من فيروس كورونا. وقال في حوار مع «الوطن»: إن طبيعة عمل الأدلة الجنائية مرتبطة بالبحث والتحري الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، وبعد القبض على المتهمين بشتى أنواع القضايا والجرائم وأخذ عينات منهم أو ضبط أحراز في الجريمة، يتم إخطار النيابة العامة، وهنا تبدأ مرحلة عمل إدارة الأدلة المادية، حيث يحال إليها كل ما تم ضبطه خلال مرحلة البحث والتحري، لفحص المضبوطات من خلال قرارات تصدرها النيابة العامة لانتداب الأدلة المادية، أما في حال رفع البصمات في مختلف القضايا، فيتم إحالتها إلى شعبة البصمات بإدارة الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، وذلك لعدم توافر مثل هذه الفحوصات بإدارة الأدلة المادية بالنيابة العامة.
وأضاف: هناك فحوصات لا تتم في الأدلة المادية بالنيابة العامة، ولذلك نحرص على عدم الازدواجية في العمل، حيث تصدر قرارات من النيابة العامة إلى الجهات المعنية بوزارة الداخلية، لفحص هذه المواد من خلال الأجهزة المتوافرة لديهم وغير المتوافرة في الأدلة المادية.
- إن إدارة الأدلة المادية تلقى كامل الدعم من النائب العام في سبيل شراء الأجهزة الحديثة والتقنيات المتطورة بهدف تطوير العمل في العلوم الجنائية ومواكبة تطور الجريمة وتمكين الخبراء من أداء مهامهم بالكفاءة والسرعة الممكنة في سبيل التعرف على المواد المجهولة، وإمكانية الكشف عن التركيز والأوزان الضئيلة جداً لهذه المواد التي لا يمكن فحصها إلا من خلال هذه الأجهزة الحديثة.
وكما هو معروف فإن الأجهزة التحليلية باهظة التكلفة؛ فمنها ما يستخدم في فحص المواد الكيميائية والمواد المتفجرة والمواد المخدرة والمجهولة كذلك.
كشفت الكويت عن قضية مشهورة لمادة تسمى «كيميكال» فهل تم ضبط مثل هذه المواد في البحرين؟
- لا يخفى على الجميع كفاءة الأجهزة الأمنية وأن من الصعوبة إمكانية إدخال مثل هذه المواد إلى المملكة، حيث تقف الأجهزة الأمنية بالمرصاد أولا بأول.
نسمع اليوم عن بيع للمواد المخدرة على شبكة الإنترنت فهل هذا يحدث في البحرين؟
- البيع عبر الإنترنت أوجد إحدى الوسائل لطلب المتعاطين ومروجي المواد المخدرة لهذه المواد، ودخولها إلى البحرين من الصعوبة تماماً، وتعد شؤون الجمارك خط الدفاع الأول لحماية البحرين وشبابها من مخاطر هذه السموم، بمتابعة حثيثة من الأجهزة الأمنية للتصدي لمثل هذه الوسائل.
ما أقسام ومختبرات إدارة الأدلة المادية؟
- تقسم إدارة الأدلة المادية إلى «مختبرات السموم والعقاقير»، و«مختبرات الكيمياء والفيزياء»، و«مختبر الأحياء والبصمة الوراثية»، و«قسم التزوير والتزييف»، وقسم «الطب الشرعي»، ولكل منها تخصص. ففي مختبر السموم والعقاقير يتم فحص المواد المخدرة والعقاقير بجميع أنواعها، وفي مختبر الأحياء والبصمة الوراثية، نفحص السوائل الحيوية من جسم الإنسان، وكذلك فحص البصمة الوراثية DNA، وفي مختبر الكيمياء والفيزياء يتم فحص المواد المجهولة ومعايرتها، أما مختبر الفيزياء فيختص بفحوصات الأصباغ والأحبار والطلقات النارية وصلاحية الأسلحة، وما يندرج منها تحت طائلة القانون من عدمه.
وفي قسم التزوير والتزييف يفحص كل ما يندرج تحت تزييف وتزوير المستندات الرسمية والهويات والعملات والعقود والتلاعب فيها بالكشط أوالإضافة، بينما يختص قسم الطب الشرعي بالكشف عن حالات الوفيات في حالة الشبهة الجنائية أو الحالات الجنائية وتحديد سبب الوفاة، وذلك من خلال أخذ عينات وإحالتها إلى المختبرات المختصة في الإدارة؛ لكي تمكن الطبيب الشرعي وتساعده على تحديد أسباب الوفاة بالإضافة إلى الكشف عن حالات تقدير الإصابات والعجز.
ماذا يحدث بالنسبة إلى الجثث المتحللة؟
- في هذه الحالة تتدخل الأجهزة الأمنية للبحث عن هوية صاحب الجثة، ثم يحدد الطبيب الشرعي سبب الوفاة لتحديد ما إذا كان ثمة شبهة جنائية من عدمها، واليوم استطاعت التقنيات الحديثة، ومن أبرزها البصمة الوراثية من تيسير عمليات البحث، وخاصة مع وجود قاعدة بيانات لعينات الـDNA مثل بصمة الأصابع في السابق.
هل هناك جديد في عالم الـDNA؟
- اليوم يمكن من خلال فحص الـDNA معرفة عرق صاحب العينة، ويقوم بذلك الاختصاصيون البيولوجيون؛ فالبحرين تحتضن شعوبا وثقافات متنوعة وقد مكننا الـDNA من كشف جنسية المتهم.
هل يمكن إطلاعنا على إحصائيات إدارة الأدلة المادية خلال عامي 2018 و2019؟
- بالنسبة إلى عدد القضايا فقد أحيل للإدارة 5974 قضية في 2018، بعينات بلغت 18637 عينة، ويقابلها 59662 فحصاً على تلك العينات، بينما في عام 2019 بلغ عدد القضايا 5442 قضية، يقابلها 14345 عينة، بـ43552 فحصاً.
هذا يعطي انطباعاً بأن كل قضية يقابلها 10 أضعاف الفحوصات.. لماذا؟
- لكي نضع تقريراً فنياً شاملاً أمام القاضي أو المحقق، يكون العمل وفق آلية تضمن الوثوق بما وصلت إليه نتائج الفحوصات، حيث تبدأ بالفحوصات المبدئية من خلال فحص العينة لمعرفة ما إذا كانت إيجابية أو سلبية، وفي حالة إيجابيتها يتم إجراء الفحوصات التأكيدية، و يتم ذلك من خلال فحصها بأجهزة تأكيدية اعتماداً على نوعية العينة إذا كانت في قسم السموم أو الأحياء والكيمياء والفيزياء، إضافة إلى أنه تتم مراجعتها من قبل الفاحص ورئيس المختبر لاعتماد النتيجة، ولذلك يصدر التقرير بتوقيع الفاحص ورئيس المختبر؛ حتى لا يكون هناك مجال للخطأ البشري. كما أن آلية استلام العينات في قسم الاستقبال دقيقة جداً، بحيث تتم المطابقة والتدقيق على جميع البيانات مع العينات المرسلة في القرار، وبعد التأكد من عملية المطابقة تحال إلى القسم المعني ليتم توثيقها من خلال تصويرها وترقيم كل صورة وبياناتها، ثم عملية وصف العينة في التقرير من حيث الشكل واللون والسُمك والحجم والعلامات المميزة، وبعدها تبدأ مرحلة الفحوصات الأولية «إيجابية أو سلبية» وأخيراً الفحوصات التأكيدية بالأجهزة التحليلية.
ما وظيفة أجهزة وزن الكتلة وأهميتها في عمل الإدارة؟
- كل مادة في هذا الكون لها كتلة فريدة لا تتكرر في مادة أخرى، وتتم برمجة الأجهزة التحليلية على تلك الكتل وأكوادها المسجلة سابقاً، ولدينا عينات قياسية للمواد الاعتيادية مثل المورفين لمقارنة الكتلة مع المضبوطات، ويصنف الجهاز المادة بحسب المكتبة المحفوظة بداخله.
يقال دائما: إن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته، والشك يفسر لمصلحة المتهم، فهل هذه المقولة موجودة على أرض الواقع في مختبرات الأدلة المادية؟
- هذه العبارات تطبق عملياً لدينا، ولا يُكتب التقرير النهائي إلا بعد التأكد تماماً من أن العينة التي تم فحصها إيجابية، ويتم تسجيل كافة تفاصيلها بالوزن والنوع والوصف.
هل هناك عينات لم يتم التوصل إلى معرفة نوعها؟
- لا يحدث ذلك مطلقاً، ولكن في بعض الأحيان يصاغ التقرير موضحاًَ فيه «تعذر التوصل للنتيجة النهائية» وهذا يحدث في قضايا البنوة التي تتطلب حضور كافة الأطراف «الأب والأم والطفل»، ولا يمكن في حال غياب أحدهم تحديد البنوة وتأكيدها، وكذلك الأمر في العينات المجهولة المحرزة والتي لا يوجد لها عينات قياسية.
ماذا عن قضايا التزوير والتزييف؟
- من خلال الإحصاءات بلغت قضايا التزوير والتزييف في عام 2018، قرابة 441 قضية بعينات قدرها 1152 عينة وبفحوصات قدرها 2876 فحصاً، بينما في عام 2019 بلغ عدد القضايا 567 قضية بعينات قدرها 1643 عينة وبفحوصات قدرها 3072، وذلك يؤكد أن هناك زيادة في عدد القضايا وتضاعف حجم العمل.
وقبل معرفة طبيعة العمل بالقسم لا بد من التعريف بالأساسيات المهمة:
- تعريف التزوير: هو تغيير الحقيقة في محرر بقصد الغش بإحدى الطرق (طرق التزوير) وهذا التغيير من شأنه أن يحدث ضرراً بالغير، ويكون في غياب أحد الأطراف أو (الطرف الآخر).
- تعريف التزييف: تطلق كلمة تزييف على غش العملة المتداولة قانوناً من قبل الدولة لأفراد الشعب سواء كانت ورقية أو معدنية، ويدخل في ذلك كل مستند يصدر من الدولة مثل: (جوازات السفر، ورخص سوق، وبطاقات الهوية...).
- تعريف المستند: هو كل مكتوب له معنى وله حجية، أو هو الشاهد الصامت الذي إذا تم عمل الفحص الفني عليه بالأسس الفنية السليمة نطق بالحقيقة.
- مهام قسم التزوير والتزييف: يفحص القسم جميع المستندات سواء كانت ورقية أو مطبوعة، وجميع التوقيعات، والعقود، والشيكات، والإقرارات، والتوكيلات، والعملات، وجوازات السفر، وبطاقات الهوية، ورخص السوق...، سواء كانت محلية أو دولية، وبصمات الأختام الخاصة بمؤسسات الدولة أو الأفراد والشركات والمؤسسات.
كل ذلك من خلال الانتداب من قبل النيابة العامة، والنيابة العسكرية، والمحاكم المدنية والجنائية، أو المحاكم العسكرية فقط.
بالنسبة إلى المستندات، يتم انتداب الخبير الفاحص من خلال قرار الانتداب لمعرفة ما هو مطلوب فحصه جيداً وظروف الواقعة. ثم يتم فض الحرز ومطابقة البيانات مع ما يحتويه، ومن ثم فحص المستندات جيداً بالعين المجردة، وهذا يعد فحصاً أولياً، ومن ثم يتم عمل الاستكتاب اللازم لطرفي الدعوى والاستكتاب هو أخذ عينات من خط أطراف الدعوى سواء كانت تواقيع أو بيانات. وإذا ما استوفيت الأوراق أمام الفاحص يقوم بعمل الفحص الأساسي والمضاهاة ما بين المستندات المطعون عليها وخط أطراف الدعوى (الاستكتاب) وفي هذه الحالة يقف الخبير الفاحص على المميزات الخطية التي يتميز بها كل من الخط المحرر به المستندات المطعون عليها وأوراق الاستكتاب. وذلك باستخدام العين المجردة والعدسات المكبرة والأجهزة الفنية المساعدة والتي تحتوي على الأشعة المرئية وغير المرئية والميكروسكوب. ومن خلال ذلك يقوم الخبير الفاحص بإعداد تقرير مصور بالإجراءات التي قام بها، والنتيجة التي خلص إليها.
أما بالنسبة إلى العملات وجوازات السفر والأختام وبطاقات الهوية وبطاقات الفيزا، فلا بد من وجود عينة أصلية صحيحة مناظرة وصادرة من الجهة المخول لها إصدار مثل تلك المستندات، ويتم الفحص بالعين المجردة والأجهزة الفنية المختلفة، ومقارنة وسائل التأمين المرئية وغير المرئية وأوضاعها النسبية وكذا أنواع الطباعة، ومساحة السطح والسُمك ونوعية الورق المستخدم.
وعليه يستخلص الرأي الفني ويصدر التقرير المصور بذلك مشفوعاً بالنتيجة التي خلص إليها الخبير الفاحص.
إن من يقوم بهذا العمل كخبير لا بد من أن يكون حاملاً لمؤهل عالٍ (بكالوريوس) ويفضل كلية العلوم، وأن يكون حسن السيرة والسلوك وأن يتمتع بالأمانة المطلقة، ولا يتأثر بأي من أحاديث الأطراف.
وأن يتمتع بالصبر والتحمل في أثناء الفحص أو في أثناء سماع أطراف الدعوى ولا يُستفز أو ينحني أمام أحد الأطراف عند عمل الاستكتاب، وأن يتمتع بسرعة البديهة وردة الفعل.
هل يعني انخفاض نسبة القضايا لكم شيئا؟
- ربما يعتقد البعض أنها فرصة للراحة، لكن على العكس، فجميع العاملين في المختبرات لديهم مهام عديدة غير الفحص، ومن أبرزها معايرة الأجهزة وتحضير العينات القياسية، وتحديث الطرق المستخدمة في تجهيز العينات والطرق القياسية، وكذلك متابعة الدوريات العلمية، ومتابعة أحدث ما توصلت إليه المختبرات العالمية، وما ينشر في المجلات المتخصصة.
هل تم تحديث الإجراءات في الإدارة تزامنا مع جائحة «كورونا»؟
- قمنا بوضع بروتوكول خاص بالإدارة يبدأ منذ لحظة وصول واستلام العينات حتى إعادة إرسالها وكتابة تقاريرها، ونركز في هذا الصدد على العينات البيولوجية والتعامل معها على أنها موجبة للفيروس، حيث تم تجهيز غرفة خاصة ترسل إليها العينات، ويتم فيها التعامل مع العينات وفق آلية علمية بهدف تقليل خطورة هذه العينات وحماية الموظفين، ومن ثم فحصها داخل المختبرات.