توصلت دراسة علمية جديدة فريدة من نوعها على مستوى المملكة في مجال الاتصال الحكومي قام بها مؤخراً الباحث علي الجودر، إلى أن أبرز العوامل المؤثرة في نجاح عملية الاتصال الحكومي للبحرين من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي هي: سهولة استخدام الروابط التشعبية والبينية من قبل المستخدمين بالإضافة إلى المشاركة التفاعلية بين هذه الجهات الحكومية والجمهور والشفافية فيما ينشر على هذه المنصات.ويعد المنتدى الدولي للاتصال الحكومي التجمع الأكبر في المنطقة، لمناقشة أفضل الممارسات العالمية في الاتصال الحكومي، وهو يحرص على ضرورة بلورة منصة موثوقة للتحاور ومناقشة أفضل الأساليب المتبعة في الاتصال الحكومي في العالم، وذلك للارتقاء بالأداء الحكومي وأساليب الاتصال بين الحكومات والجمهور، وقد شارك الباحث في هذه الدراسة متحدثاً في منصة "باحثون".وتطور استخدام الوزارات والهيئات الحكومية في مملكة البحرين لشبكات التواصل الاجتماعي في اتصالها بالجمهور، حتى أصبحت جميع المؤسسات الحكومية تمتلك أكثر من حسابين على الأقل على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه علاوة على ندرة الدراسات السابقة التي تناولت نشاط العلاقات العامة الحكومي في البحرين، فإنها لم تتناول شبكات التواصل الاجتماعي، لا من حيث خصائصها أو تطور استخدامها أو إطارها التنفيذي.ومن هنا تأتي الدراسة الحالية لتحديد الإطار التنفيذي لوسائل التواصل الاجتماعي في عملية الاتصال الحكومي للمملكة مع تحديد آليات قياس الأثر والفاعلية لتلك الوسائل، ومعرفة مدى نجاعتها في تحقيق الأهداف المرجوة.وتتلخص إشكالية الدراسة في التعرف على آلية توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في عملية الاتصال الحكومي للجهات الحكومية في مملكة البحرين، مع دراسة كيفية قياس أثر وفاعلية هذه الوسائل والتقنيات لأغراض تطوير الاتصال الحكومي في البحرين.وتبحث الدراسة في الإجابة عن التساؤلات الرئيسية المتمثلة في: الدور المحوري الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في عملية الاتصال الحكومي، وإمكانية أن تقود وسائل التواصل الاجتماعي عملية التحول في واقع الاتصال الحكومي الراهن.وتكمن أهميتها في التعرف على الجدوى الحقيقية والدور المرجو من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي حكومياً وآليات التعامل مع المخاطر، وتحديد الإطار التنفيذي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي الحكومية وقياس الفاعلية والأثر، دراسة الواقع الحالي استخدام الجهات الحكومية لوسائل التواصل الاجتماعي في البحرين.يذكر أن قلة الدراسات السابقة في مجال الاتصال الحكومي عموماً ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص في مملكة البحرين تجعل من هذه الدراسة قيمة مضافة لصناع القرار والمختصين بقطاع الاتصال والإعلام الحكومي في المملكة.تنتمي هذه الدراسة إلى الدراسات الوصفية، لاستخدامها في دراسة الأوضاع الراهنة من حيث خصائصها، وأشكالها وعلاقتها والعوامل المؤثرة في ذلك.وتهدف الدراسة الوصفية إلى تصوير وتحليل وتقويم خصائص مجموعة معينة أو موقف معين يغلب عليه صفة التحديد، وذلك بهدف الحصول على معلومات كافية ودقيقة عنها، من دون التدخل في أسبابها أو التحكم فيها، كما تستهدف تقدير تكرار حدوث ظاهرة معينة ومدى ارتباطها بظاهرة أو مجموعة أخرى من الظواهر.واعتمد منهج الدراسة، على منهج المسح الإعلامي Media Survey Method وهو منهج رئيس في البحوث والدراسات الوصفية باعتباره جهدًا علميًا دقيقًا ومنظمًا للحصول على بيانات ومعلومات وأوصاف عن الظاهرة محل الدراسة في وضعها الحالي، وفي إطار هذا المنهج يتم استخدام أسلوب المسح لعينة من حسابات التواصل الاجتماعي للجهات الحكومية، وعينة من الجمهور المستهدف في البحرين.أما بالنسبة إلى الإجراءات المنهجية للدراسة التحليلية، فاعتمدت الدراسة على المنهج التجريبي من حيث الدراسة النوعية وتحليل المضمون.وشكل مجتمع الدراسة جميع المواطنين والمقيمين في مملكة البحرين، في حين كانت عينة الدراسة عينة عشوائية بسيطة لـ800 شخص "تشمل مواطنين ومقيمين من شرائح مختلفة من المجتمع"، بالإضافة إلى دراسة تحليل المضمون والمحتوى لحسابات شبكات التواصل الاجتماعي للوزارات الحكومية. وكانت الأدوات المستخدمة في هذه الدراسة: الاستبانة، وتحليل المضمون، والمقابلة الشخصية.وقسم الباحث الدراسة إلى 5 فصول، الفصل الأول تناول الإطار المنهجي واستعراضًا مستفيضاً لجميع جوانب عملية الاتصال الحكومي ولمجموعة من الدراسات السابقة التي شكلت نتائجها أهمية كبرى للباحث للوقوف على مناح جديدة لم تتطرق إليها تلك الدراسات، والفصل الثاني تناول الإطار المنهجي للدراسة التحليلية، وتضمن الفصل الثالث نتائج الدراسة التحليلية، والفصل الخامس نتائج الدراسة الميدانية واختبار فرضيات الدراسة باستخدام برنامج حزمة التحليل الاحصائي للعلوم الاجتماعية SPSS من خلال تحليل البيانات ومقارنة النتائج بدقة عالية.وأشارت أهم نتائج الدراسة إلى أن أكثر من 60% من مجمل المبحوثين الذين شملتهم الدراسة التحليلية يستقون المعلومات الحكومية بشكل رئيسي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحكومية وغير الحكومية، في حين أن مستوى توظيف وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الوزارات الحكومية في الاتصال الحكومي للمملكة لا يزال واعداً، حيث أنه مازال بالإمكان الاستفادة القصوى من جميع ما توفره هذه المنصات من مميزات. في حين أنه قد اقتصر استخدام بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية لوسائل التواصل الاجتماعي في الاتصال الحكومي لأغراض ترويجية عن أنشطتها فقط، دون التركيز على بناء السمعة المؤسسية الحكومية، أو الاستفادة من المميزات الأخرى، ولا يزال الاتصال بمنهجية أحادية الجانب في عملية الاتصال الحكومي الحالية للبعض الآخر.وتوصلت الدراسة إلى تصميم نموذج الإطار التنفيذي الموحد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للجهات الحكومية من حيث المحتوى المؤثر الذي يجب أن يرتكز على سهولة الروابط والوصول، والمشاركة التفاعلية، والشفافية والبساطة في جميع ما يطرح، وهي العناصر المؤثرة في عملية الاتصال الحكومي. كما قامت الدراسة باقتراح مجموعة من مؤشرات الأداء وأدوات القياس وذلك لاستخدامها في تحديد الأثر المتوقع والعائد على الاستثمار في هذه التقنيات الحديثة.وأظهرت النتائج اتجاهات عينة الدراسة إلى أن أكثر المصادر التي تعتمد عليها في الحصول على المعلومات هي وسائل التواصل الاجتماعي الحكومية منها وغير الحكومية.كما أظهرت النتائج وجود علاقة ارتباطية قوية بين سهولة الاستخدام، والمشاركة التفاعلية والشفافية والصدق من جهة ونجاح عملية الاتصال الحكومي من جهة أخرى.وجاءت التوصيات بناء على ما توصلت إليه الدراسة الحالية من نتائج، وهي مأسسة الممارسات الحكومية الخاصة بتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي من خلال استحداث دليل استرشادي لصياغة المحتوى على الحسابات الرسمية للجهات الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي، مراعياً طبيعة هذه المؤسسات بأقصى استفادة ممكنة من التقنيات التي توفرها هذه الوسائل، جنباً إلى جنب مع دليل تواجد هذه الجهات على منصات التواصل الاجتماعي، وصياغة سياسة حكومية موحدة تعتمد على بناء السمعة المؤسسية الحكومية للجهات الحكومية، وتشجيع مزيد من البحوث والدراسات العلمية في هذا المجال، للتعرف على العناصر الأخرى المؤثرة في نجاح عملية الاتصال الحكومي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.كما أوصت بضرورة التعرف على سمات وثقافة الجمهور المستهدف، ما يسهم في تخطيط واختيار وسائل التواصل الاجتماعي المناسبة بشكل علمي لتحقيق النتائج المطلوبة، وتفعيل دور المتحدثين الرسميين للجهات الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي.وتمهد الدراسة لمزيد من الأبحاث العلمية في مجال دراسة أثر وسائل التواصل الاجتماعي في بناء وتعزيز السمعة الحكومية، دور وسائل التواصل الاجتماعي في عملية تقييم جودة الخدمات (المراكز الحكومية، والمتسوق السري)، وقياس مدى فاعلية وسائل التواصل الاجتماعي في بناء وتصميم الخدمات والسياسات الحكومية عن طريق المشاركة التفاعلية مع المواطنين والمقيمين، ودراسة العلاقة بين الابتكار في توظيف تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة التنافسية الحكومية.يشار إلى أن الباحث نال حصل على درجة الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف في الإدارة العامة والسياسات الحكومية من جامعة مرسيليا بالجمهورية الفرنسية، وشارك سابقاً في مسابقة الابتكار الحكومي "فكرة" لمكتب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بمقترح المنصة الوطنية لمكافحة الشائعات الإلكترونية "بيان" والتي تهدف إلى تشكيل فريق عمل من الجهات الحكومية ذات العلاقة لرصد ومكافحة الشائعات على وسائل الاجتماعي.واشتق اسم المقترح من الآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ، فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" صدق الله العظيم.