إدارة الندوة - أنس الأغبش وموزة فريد
"تصوير: سهيل وزير"
اتفق مصرفيون على استمرار تقديم الدعم للأفراد والشركات على حد سواء فيما بعد أزمة كورونا، فيما سيكون تأجيل أقساط التمويلات والقروض اختيارياً وليس تلقائياً خلال الفترة المقبلة، مبينين أن التمويلات والقروض لن تتقلص حتى فيما بعد مرحلة كورونا.
وأضافوا في ندوة نظمتها "الوطن"، حول "توجهات القطاع المصرفي فيما بعد مرحلة كورونا"، أن أزمة "كوفيد19" غيرت منحى العمل المصرفي خلال فترة وجيزة، لافتين إلى أن هناك توجهاً لإعادة جدولة التمويلات والقروض لتتناسب وظروف كل عميل.
وأكدوا أن التركيز خلال الأشهر الـ3 المقبلة وما بعدها، سينصب نحو إعادة جدولة التمويلات والقروض للأفراد والشركات، وخصوصا القطاعات الأكثر تضرراً كقطاع السياحة والضيافة والمواصلات والمطاعم ورياض الأطفال التي بحاجة ملحة للدعم، وتمديد فترة السماح لسداد الأقساط بما لا يقل عن 6 أشهر.
وبينوا أن المشهد العام بحاجة إلى عامين على الأقل كي يستقر الوضع وتنخفض تبعات "كورونا" ومؤثراتها عن الأنشطة التجارية والاقتصادية.
وشارك في الندوة كل من رئيس جمعية مصارف البحرين د.حسن العالي عن "بعد"، بحضور مدير تنفيذي رئيس المجموعة المصرفية للشركات - بيت التمويل الكويتي البحرين محمود غالب آل محمود، ورئيس الخدمات المصرفية للشركات التجارية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في بنك البحرين الوطني عارف جناحي، والخبير المصرفي محمد بوشهري.
وفيما أكد العالي أن تأجيل القروض لن يشمل الكل وسيكون اختيارياً لمن يرغب من المتضررين، ذكر آل محمود أنه سيتم احتساب الأرباح للراغبين في التأجيل مع مراعاة الجوانب الأخرى.
إلا أن جناحي أوضح أن التمويلات ستستمر، ولكن وفق سيناريوهات مختلفة تناسب وضع المصرف والعميل، ليؤكد بوشهري أنه يجب التركيز على دعم المتعثرين خلال الأزمة الحالية.. وإلى نص الندوة:
"الوطن": ما أبرز توجهات القطاع المصرفي فيما بعد أزمة "كورونا"؟
- د. حسن العالي: عملت البنوك بشكل وثيق برعاية جمعية مصارف البحرين، على اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على الاقتصاد الوطني والتسهيل على العملاء للتكيف مع الأوضاع الحالية، فحالياً لدى البنوك توجه لتقديم الدعم والتسهيلات خلال الفترة المقبلة بدعم من مصرف البحرين المركزي.
فقرار مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، يحث البنوك على تأجيل مدفوعات قروض المواطنين المتضررين من جائحة فيروس كورونا حتى نهاية العام، حيث أبدت البنوك تجاوباً بتقديم كافة التسهيلات الممكنة خلال الفترة المقبلة.
- محمود غالب آل محمود: الأزمة التي نشهدها اليوم استثنائية وجديدة ولامست تأثيراتها كل دول العالم. فقد أثرت الأزمة على كل فرد وعلى كل مؤسسة وشركة، وغيرت الأزمة كثيراً من أساليب العمل في فترة قصيرة. واستوجبت تكاتف الجميع وتضافر الجهود من أجل المحافظة على صحة الإنسان بالدرجة الأولى، وسلامة الأعمال والأنشطة التجارية والاقتصادية من تبعات الجائحة السلبية.
وشهدنا في هذه الفترة إبداع الجميع "مؤسسات وأفراد" في التعايش مع تحديات هذه الجائحة بطرق وأساليب مختلفة الأمر الذي أدى إلى اختلاف نظام العمل وساعاته بشكل كلي، وطريقة عقد الاجتماعات عن بعد، وغيرها وذلك للحد من انتشار الفيروس الخطر.
شهدت معظم قطاعات الأعمال انخفاضاً حاداً في الإيرادات الأمر الذي أثّر على ربحية المؤسسات والشركات، وهذا ما دفع العديد من الشركات، ولا سيما المتوسطة والصغيرة إلى تخفيض النفقات وتقليص الأعمال. وهذا يؤثر على الأفراد العاملين في هذه المؤسسات ويزيد من أعبائهم المالية.
إن قرار تأجيل الأقساط مدة 6 أشهر ابتداءً من شهر مارس، قرار شجاع وحكيم للتعامل مع الظروف الحالية وجاء لتخفيف الضغط والعبء المالي والنفسي عن المواطن وصاحب العمل، وترك مجالاً للإعداد للمرحلة المقبلة. هذا القرار ساعد أفراد المجتمع على التكيف مع الواقع الجديد والعمل على إيجاد طرق بديلة للتعامل مع الوضع الراهن.
التعاون والتنسيق بين جميع الجهات والأطراف مطلوب لتجاوز هذه المرحلة الحرجة بأقل الخسائر. فعلى سبيل المثال ستتطلب المرحلة القادمة إعادة جدولة التمويلات والقروض لأصحاب الأعمال، وكون أصحاب الأعمال عادة ما يتعاملون مع أكثر من مؤسسة مالية ومصرفية، من الضروري أن تتم إعادة الجدولة مع جميع المؤسسات التي تتعامل مع ذات التاجر لتنجح العملية.
فالتنسيق والتعاون مطلوب لضمان استمرارية النشاط التجاري وتخطي هذه المرحلة، وبالتالي المحافظة على الأعمال والوظائف القائمة حولها.
- عارف جناحي: أرى أن تأجيل القروض يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حالة كل عميل على حدة، فليس كل عميل يحتاج نفس الطريقة للحل أو المساعدة ولا بنفس المدة.
وبالتالي، قد يكون هناك عملاء يحتاجون إلى إعادة جدولة لمدة أكثر من 3 أو 6 أشهر، ولكن في نهاية المطاف فإنه بكل تأكيد ستستمر البنوك والمصارف في دعم المواطنين خلال الفترة المقبلة، وذلك يعتمد على الأوضاع القائمة.
"الوطن": إذاً هناك اتفاق على استمرار الدعم.. هل من برامج دعم لتجنيب المؤسسات الإفلاس؟
- محمد بو شهري: قامت كافة الجهات بمساعدة وحماية عدد من التجار البحريينين، ولن يتم حماية التاجر واستفادته إلا بالتعاون بين الجميع، لكن أقترح استمرار العمل على مساعدة ودعم المتعثرين، وخصوصاً الأفراد من أجل مساعدتهم على تخطي التعثر.
- عارف جناحي: خلال فترة التأجيلات كان لا بد للبنوك كافة من التشاور فيما بينها لما بعد فترة التأجيل، فعلى سبيل المثال نحن في بنك البحرين الوطني تحدثنا منذ بداية الأزمة عن أهمية مواصلة الدعم، ولكن بأشكال مختلفة.
أتوقع أن "التأجيل من أجل التأجيل" سيكون صعباً. ولكن ما يمكن أن نعمل عليه اليوم هو إعادة جدولة، وإذا كان العميل أقل تضرراً فيتم تأجيل أقساط قرضه فترة معينة، وذلك على الرغم من عدم معرفة وقت انتهاء هذه الجائحة، ما قد يجعل إعادة الجدولة لا تكون على حسابات الوضع.
اليوم، في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن انتهاء الجائحة، فإنه يمكن إعادة الجدولة نحو القطاعات المتأثرة كقطاع المطاعم مثلاً، الذي تأثر بشكل كبير لعدم وجود سياح. أرى أن يتم إعادة الجدولة للأكثر تضرراً في حين يتم تدعيم الأقل تضرراً بطريقة أخرى لتقليل المجهود الذي تبذله البنوك، لذلك فكرنا في منح الاهتمام الأكبر للقطاعات المستعصية.
سنسعى خلال الفترة المقبلة إلى أن يأخذ تأجيل القروض في عين الاعتبار، ضمان حق البنك والعميل في آن واحد من خلال منحه فترة سداد بطريقة مريحة، وهو الأمر المتوقع حدوثه في المستقبل، لكن الطريقة التي سيتم العمل بها ستكون مختلفة عن الأشهر الـ6 الماضية.
- محمود غالب آل محمود: البنوك التجارية عبارة عن مؤسسات مالية تعمل على توظيف أموال المودعين في تمويلات لصالح عملاء آخرين، ولكي تتمكن من تأدية دورها تجاه المودعين يجب أن توظف هذه الأموال في عمليات مدرة للربح؛ ليتسنى لها تحقيق الربح للمودع، وعليه، تكون العلاقة قائمة ومستمرة على أساس تجاري. ولذلك أرى أنه من المهم في الفترة القادمة أن تكون عمليات إعادة الجدولة مع احتساب الأرباح، فهناك قطاعات متأثرة بشكل كبير مثل السياحة والضيافة والمواصلات ورياض الأطفال والمطاعم تتطلب إعادة الجدولة من غير دفع الأقساط "فترة سماح" لفترة 6 أشهر على الأقل، وخصوصا مع تأخر عودة الحركة السياحية عن التقدير المبدئي مع بداية الجائحة.
نرصد ونراقب خلال الفترة الحالية أصحاب الأعمال وتدابيرهم في التعامل مع التحديات الكبيرة، فمنهم من أغلق فروعاً وسرح موظفين لعدم قدرته على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وهناك بعض الشركات العاملة في قطاع التجزئة عمدت إلى تقليص رواتب أو مخصصات العاملين، بلغت في بعض الحالات 50% من أجل المحافظة على جميع الوظائف قدر الإمكان، فهولاء ينبغي أن يتم دعمهم وإعادة جدولة تمويلاتهم. كما اضطرت بعض القطاعات إلى تغيير طريقة عملها واستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الصيرفة الرقمية عوضاً عن التقليدية.
في المرحلة القادمة، أرى أنه من المهم إعطاء الخيار للعملاء من أفراد وشركات لتأجيل الأقساط فترة 6 أشهر على الأقل "مع احتساب الأرباح" وذلك يصب في مصلحة الجميع.
- د.حسن العالي: اتخذت البنوك قراراً بالتوجه نحو مواصلة دعم العملاء من الشركات والأفراد، فهناك دعم كامل من مصرف البحرين المركزي لهذه البنوك لتقديم التسهيلات ورقابة لتطبيق المعايير الرقابية والمخصصات.
كما يوفر "المصرف المركزي" الدعم للبنوك، فخلال الفترة الماضية كان هناك سلسلة اجتماعات بين البنوك ومصرف البحرين المركزي لمناقشة تفاصيل تأجيل التمويلات والقروض.
هناك اتفاق وتوجه لمواصلة الدعم خلال المرحلة المقبلة، ولكن التفاصيل ستعلن خلال أيام، بعد التفاهم بشكل كامل بين البنوك و"المصرف المركزي".
لن يكون الدعم تلقائياً، ولن يشمل الجميع، بل سيكون اختيارياً لمن يرغب من الشركات والأفراد في التأجيل، حيث بالإمكان التقدم بطلب تأجيل الأقساط، ومن ثم يتم دراسته ومدى جدواه. إذا فإننا نتحدث هنا عن حرية الاختيار اعتماداً على الوضع المالي للشركة والفرد على حد سواء.
وفي حال الموافقة على التأجيل، فإنه يتم النظر بشأن الأعباء الإضافية التي ستتحملها، إذ سيكون هناك سقف للتاجيل، ولكن يمكن للشركات أن تتقدم بطلب للتأجيل فترة أقل من 6 أشهر ويمكن أكثر، وفي هذه الحالة فإن البنوك لديها استعداد للنظر في هذه الحالات والتجاوب معها بشكل مرن جداً.
"الوطن": التوجه نحو الرقمنة سيقلص الوظائف على مستوى القطاعات.. كيف ستتأثر الوظائف في المصارف؟
- عارف جناحي: قبل الحديث عن تأثر الوظائف، سأتطرق إلى أهمية التعاملات الإلكترونية، حيث بدأنا العمل بالرقمنة قبل أزمة كورونا "كوفيد19"، وحينما جاءت الجائحة كثفنا تعاملنا بالتقنيات الحديثة، ومن المستحيل العودة إلى التعاملات اليدوية، فقد أصبح هناك سرعة في أداء الأعمال الرقمية، وساهمت في اختصار وقت العميل بشكل كبير.
وبالتالي، فإن التكنولوجيا الحديثة في التعاملات المصرفية اختصرت نسبة كبيرة جداً من الوقت الذي كنا نستغرقه قبل الدخول في هذاالمجال، وفي النهاية ليس هناك مجال للرجوع إلى الوراء حتى بعد انتهاء الجائحة.
أما من ناحية التأثير على الوظائف، فإنها لن تتأثر وإنما طبيعة العمل هي التي ستتغير حتماً، ولكن من الذكاء التوجه نحو الدراسة الصحيحة. هناك عقول بشرية تمتلك خبرات كبيرة ولا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالي يمكن توظيف واستغلال تلك الخبرات بالطريقة الصحيحة.
- محمود غالب آل محمود: "الرقمنة"، أصبحت موضوعاً أساساً وكل الشركات في البحرين والعالم تسعى لتطبيقها بكافة عملياتها في ظل الظروف الاستثنائية الحالية؛ فالشركات والبنوك تتسابق في هذا المجال على اعتبار أننا نتعامل مع جيل صاعد، فهي تختصر التكاليف والوقت إلى أدنى حد ممكن.
قطعنا في بيت التمويل الكويتي - البحرين، شوطاً كبيراً مع تطبيق "جزيل" وهو من أوائل التطبيقات على مستوى البحرين الذي يتيح للعميل فتح حساب رقمي دون الحاجة إلى توقيع ورقة وإدارة معاملاته المصرفية من أي مكان وفي أي زمان. كما نعمل على إضافة باقات جديدة إلى هذا البرنامج.
تجاوزنا اليوم 22 ألف حساب في "جزيل" منذ تدشينه قبل حوالي عامين، ما يؤكد أن التطبيق لاقى قبولاً ونجاحاً كبيرين. يجب علينا ألا ننظر إلى المنافسة المحلية، بل يجب أن نرى التطورات العالمية في مجالات الرقمنة وتطبيقها في البحرين. إذاً نحن نتحدث عن مؤسسات وبنوك طبقت هذه الإستراتيجية لتتوافق ورؤية البحرين الاقتصادية 2030.
أعتقد أن البنوك المحلية وكذلك الشركات أصبحت مهتمة بالصيرفة الرقمية، حيث أكدت جائحة كورونا أن أي مؤسسة لديها قابلية للتغيير والتحول ستنجح حتماً، وبالتالي فإن الوظائف البشرية ستتطلب مهارات مختلفة عن السابق، وعليه ستتحسن نوعية الوظائف. ويمكن تطوير مهارات الموظفين الحاليين لاستيفاء هذه المتطلبات المهنية الجديدة مع الاستفادة من الخبرات البشرية الطويلة.
- د.حسن العالي: لدى الجمعية حالياً مبادرات بالتعاون مع الجامعات في البحرين، بدعم من مصرف البحرين المركزي لإدخال دورات تدريبية وتدريسية حول الصيرفة الرقمية والتكنولوجيا بالتعليم، يستفيد منها الطلبة وبالتالي يستطيعون الانخراط في سوق العمل، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة.
اليوم، أصحبت التكنولوجيا الحديثة مطلباً أساساً في كافة المعاملات، فبالتطرق إلى تطبيق "بنفت باي" نجده حقق نجاحاً كبيراً، حيث زادت التعاملات عبر "فوري بلاس" إلى 507 ملايين دينار خلال الربع الثاني من العام الحالي بعد أن كانت 215 مليون دينار سابقاً، وفقاً لإحصاءات حديثة نشرت مؤخراً. هذا يدل على أن البنوك والمواطنين والعملاء والشركات قادرون على التكيف بسرعة مع هذه التكنولوجيا المالية والصيرفة الرقمية.
رأينا مؤسسات أبدعت في تطوير حلول قائمة على التكنولوجيا لتسويق أعمالها عبر "الأون لاين" والتسوق الإلكتروني، ما ساعد على استمرار مسار هذه الأعمال ومكافحة تداعيات "كورونا".
بادر مصرف البحرين المركزي خلال الأعوام الـ5 الماضية بسن سلسلة تشريعات تمهد الطريق للتكنولوجيا المالية، من خلال إنشاء خليج البحرين للتكنولوجيا المالية والتشريعات الخاصة بالصيرفة المفتوحة، وهي تمثل البيئة المناسبة للتطور التكنولوجي المصرفي؛ فكل تلك الأمور تعد من العوامل الرئيسة التي مكنتنا من التصدي للجائحة.
- محمد بوشهري: لا يوجد تطور بدون ألم، فأي تطور يؤدي إلى التضرر. كنا ننادي بأنه يجب أن نبدأ بمنهج مدرسي نقوم بإحداث التغيير فيه بشكل دوري؛ ففي السابق كان هناك مئات الخريجين سنوياً في تخصص المصارف ولا يحتمل السوق هذا العدد الكبير، الأمر الذي يستدعي معه التوجه نحو الابتكار.
بالطبع سيؤثر التحول الرقمي على عدد الموظفين ويقلصهم؛ فالعملية ستتغير ولكل شيء إيجابياته وسلبياته. أتوقع أن يتسبب هذا التحول الرقمي في تقليص عدد فروع البنوك إلى أدنى حد.
"الوطن": ما بين إيجابيات وسلبيات الاندماجات.. هل تعتقدون أنها مهمة خلال المرحلة الحالية؟
- عارف جناحي: الاندماجات بين البنوك تعد مهمة. تجربتنا في استحواذ بنك البحرين الوطني على بنك البحرين الإسلامي أخيراً كانت ناجحة، وكان لدي تجارب سابقة لنفس المجال.
لدى بنك البحرين الإسلامي تجربة رقمية ناجحة وقوية واستفاد منها بنك البحرين الوطني، وحالياً استفادوا من "البحرين الوطني" من السيولة التي لديه فالعملية متبادلة وأصبحت المجموعة أكبر وأقوى.
أعتقد أن على الشركات الصغيرة والمتوسطة التوجه نحو الاندماج، لكن من الصعوبة اندماج البنوك المملوكة لعدة جهات أو أفراد بعكس الشركات المملوكة لعوائل، ففكرة الاندماجات تتم عن طريق التفكير بها بطريقة إيجابية لتكوين رأسمال كبير.
- محمود غالب آل محمود: الاندماجات الناجحة هي التي تخلق قيمة مضافة سواء للعميل أو حتى للمساهمين. يفضي الاندماج إلى نمو الأعمال وترشيد النفقات، وبذلك تتوزع المصاريف الثابتة على عدد أكبر من المبيعات التي يتم جنيها من وراء عملية الاندماج، وذلك يحسن من ربحية وفاعلية المؤسسة بعد الاندماج.
إذاً، البنوك عليها إجراءات ومتطلبات رقابية كثيرة بحكم تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد المحلي؛ فالقطاع المصرفي اليوم ليس كما كان في السابق، الأمر الذي يتحتم معه أن تكون هناك كيانات كبيرة تعطي المصرف قدرة أكبر على خدمة العملاء بشكل أكثر فاعلية.
المصارف التجارية "التجزئة" عددها كبير بالنسبة إلى سوق البحرين، وبالتالي فإن الاندماج مطلوب لخلق كيانات أكبر بإمكانها تقديم ما هو أفضل للعميل وللاقتصاد، وهذا سيقلل من عدد اللاعبين في السوق. عمليات الاندماج ليست بسيطة، ونجاح أي عملية اندماج متوقف على القادة العاملين في هذه المصارف.
- محمد بوشهري: الاندماج في البحرين لا يمكن أن يتحمل 3 أو 4 اندماجات على حسب توقعاتي، وأتوقع أن يكون هناك اندماجات بين بنوك محلية وخارجية خلال السنوات المقبلة.
هناك فرق بين الدمج والاستحواذ؛ فالدمج في البنك يعني دمج الموظفين في نفس القسم في مصرفين مختلفين، ويتم مقارنتهم بمن سيكون الأفضل على أن يترأس شخص منهم إدارة القسم. أما الاستحواذ فيعني الاستغناء عن أحد الموظفين.
فالبنوك لديها أثر قوي على الاقتصاد، ومن يحرك البنوك هم الموظفون، هناك موظفون ذوو أداء متميز يجبرون على ترك الوظيفة بلا ذنب بسبب الاستحواذ لعدم وجود قانون يمنع حدوث ذلك، فلماذا لا يضع مصرف البحرين المركزي تشريعاً يمنع ذلك؟
- د.حسن العالي: التشريعات والقوانين لدى مصرف البحرين المركزي بشأن الاندماجات والاستحواذات المصرفية، قائمة منذ فترة طويلة.
منذ سنوات ماضية، رأينا العديد من عمليات الدمج والاستحواذ المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي ولدت بنوكاً ضخمة برؤوس أموال كبيرة، ويمكن تسميتها بنوكاً ذات قدرة على المنافسة.
لكن جاءت جائحة كورونا كعامل إضافي للدفع بالاستحواذات والاندماجات. أتوقع أن تسعى معظم المؤسسات إلى تقييم وضعها بشكل مستمر بسبب الجائحة، حيث تخلق تلك الاندماجات كيانات كبيرة تساهم في المشاريع ضمن الإصلاحات الحاصلة، ومن الممكن أيضاً أن تؤدي إلى قدرة البنوك على الانتشار عالمياً؛ فكلما زادت المنافسة تبدأ البنوك بالبحث عن فرصة في الأسواق الناشئة لتعزيز قاعدة حقوق الملكية والمساهمين.
كما تخلق الاندماجات بيئة جيدة بين البنوك لتحفيز قطاع الشركات للقيام بخطوات مماثلة، وبشكل عام هناك اتجاه متنامٍ نحو الاندماجات وسيزيد في الفترة القادمة.
"الوطن": تعاني المؤسسات الصغيرة والمتوسطة جراء جائحة كورونا.. كيف سيتم تمويلها للخروج من أزمتها؟
-عارف جناحي: فيما بعد كورونا سننظر إلى مدى تأثر القطاع، ومن الذي لا يستطيع الصمود، حيث سيتضح ذلك بشكل أوضح خلال عام 2021، فهناك برامج سيتم تقديمها لدعم هذه الشريحة المهمة، ولن تتقلص أو يقنن حجم التمويلات والقروض لتلك الشركات، بل سنستمر في مساعدتها ودعمها لتخطي الأزمة.
يمكن أن تكون هناك خدمات ومنتجات متطورة أكثر رقمية سيقدمها مصرف البحرين المركزي خلال الفترة المقبلة، بحيث يتم الأخذ في الاعتبار مصلحة الطرفين.
- محمود غالب آل محمود: المؤسسات المتوسطة والصغيرة مؤسسات مهمة لأي اقتصاد في العالم، ومن الضروري دعم هذه المؤسسات ومساعدتها لاجتياز هذه المرحلة الحرجة، وجاءت تشريعات مصرف البحرين المركزي لتهيئ الأجواء والبيئة المناسبة للتعامل مع الوضع الحالي وتجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر قدر المستطاع، ونصيحتي للتاجر أو رائد العمل المتضرر أنه من الأفضل إعادة الجدولة مع المصرف الذي يتعامل معه.
بعض الشركات بسبب أزمة "كوفيد19"، وأسباب أخرى منذ عام 2019، كانت تواجه تحديات في أنشطتها التجارية وجاءت الجائحة التي أجبرت تلك الشركات على إعادة النظر في أعمالها.
يجدر بصاحب العمل أن يحصل على الاستشارة التجارية حول نشاطه وعمله وكيفية تطويره، إلى جانب النظر في الأنشطة التي يجب تقليصها أو وقفها، فهي مرحلة إعادة هيكلة لأعمال الشركة.
ما أود تأكيده هو أن بيت التمويل الكويتي - البحرين مستمر في تمويل الأفراد والمؤسسات بانتقائية، وأن تكون عملية التمويل مجدية للعميل، بحيث تساعد على نموه وإعادة هيكلة أعماله وتطوير أنشطته والمحافظة على استمراريته.
- محمد بوشهري: بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة مصيرها الإغلاق بكل تأكيد، ولكن ليس بسبب التمويلات البنكية، بل نتيجة عدم قدرتهم على التعايش مع جائحة كورونا، وعدم قدرتهم على ابتكار كل ما هو جديد.
"الوطن": هل هناك قوانين تعمل عليها جمعية المصارف بالتشاور مع البنوك لرفعها إلى "المركزي"؟
- د. حسن العالي: لدينا بعض الأمثلة، مثل موضوع الخدمة اللاتلامسية التي أطلقها مصرف البحرين المركزي، عبر النقال لاستخدامها في نقاط الدفع، وهي جزء من الجهود لتمكين القطاع المصرفي للتكيف مع هذا وضع بشكل أفضل وخدمة العملاء، وتجنب تداعيات كورونا. أعتقد أن القطاع المصرفي بشكل عام في البحرين أثبت قدرته على التكيف مع هذا الوضع، ويواصل تقديم الأعمال بشكل اعتيادي .
لاحظنا أن البنوك صامدة في وجه كل التحديات بما فيها جائحة كورونا، حيث لوحظ أنه حتى مع استمرار الجائحة، فإن بيانات مصرف البحرين المركزي تبين أن تمويلات البنوك لم تتوقف، حيث ارتفعت التسهيلات الممنوحة للأفراد، بقيمة تصل إلى حوالي 170 مليون دينار.
"تصوير: سهيل وزير"
اتفق مصرفيون على استمرار تقديم الدعم للأفراد والشركات على حد سواء فيما بعد أزمة كورونا، فيما سيكون تأجيل أقساط التمويلات والقروض اختيارياً وليس تلقائياً خلال الفترة المقبلة، مبينين أن التمويلات والقروض لن تتقلص حتى فيما بعد مرحلة كورونا.
وأضافوا في ندوة نظمتها "الوطن"، حول "توجهات القطاع المصرفي فيما بعد مرحلة كورونا"، أن أزمة "كوفيد19" غيرت منحى العمل المصرفي خلال فترة وجيزة، لافتين إلى أن هناك توجهاً لإعادة جدولة التمويلات والقروض لتتناسب وظروف كل عميل.
وأكدوا أن التركيز خلال الأشهر الـ3 المقبلة وما بعدها، سينصب نحو إعادة جدولة التمويلات والقروض للأفراد والشركات، وخصوصا القطاعات الأكثر تضرراً كقطاع السياحة والضيافة والمواصلات والمطاعم ورياض الأطفال التي بحاجة ملحة للدعم، وتمديد فترة السماح لسداد الأقساط بما لا يقل عن 6 أشهر.
وبينوا أن المشهد العام بحاجة إلى عامين على الأقل كي يستقر الوضع وتنخفض تبعات "كورونا" ومؤثراتها عن الأنشطة التجارية والاقتصادية.
وشارك في الندوة كل من رئيس جمعية مصارف البحرين د.حسن العالي عن "بعد"، بحضور مدير تنفيذي رئيس المجموعة المصرفية للشركات - بيت التمويل الكويتي البحرين محمود غالب آل محمود، ورئيس الخدمات المصرفية للشركات التجارية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في بنك البحرين الوطني عارف جناحي، والخبير المصرفي محمد بوشهري.
وفيما أكد العالي أن تأجيل القروض لن يشمل الكل وسيكون اختيارياً لمن يرغب من المتضررين، ذكر آل محمود أنه سيتم احتساب الأرباح للراغبين في التأجيل مع مراعاة الجوانب الأخرى.
إلا أن جناحي أوضح أن التمويلات ستستمر، ولكن وفق سيناريوهات مختلفة تناسب وضع المصرف والعميل، ليؤكد بوشهري أنه يجب التركيز على دعم المتعثرين خلال الأزمة الحالية.. وإلى نص الندوة:
"الوطن": ما أبرز توجهات القطاع المصرفي فيما بعد أزمة "كورونا"؟
- د. حسن العالي: عملت البنوك بشكل وثيق برعاية جمعية مصارف البحرين، على اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على الاقتصاد الوطني والتسهيل على العملاء للتكيف مع الأوضاع الحالية، فحالياً لدى البنوك توجه لتقديم الدعم والتسهيلات خلال الفترة المقبلة بدعم من مصرف البحرين المركزي.
فقرار مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، يحث البنوك على تأجيل مدفوعات قروض المواطنين المتضررين من جائحة فيروس كورونا حتى نهاية العام، حيث أبدت البنوك تجاوباً بتقديم كافة التسهيلات الممكنة خلال الفترة المقبلة.
- محمود غالب آل محمود: الأزمة التي نشهدها اليوم استثنائية وجديدة ولامست تأثيراتها كل دول العالم. فقد أثرت الأزمة على كل فرد وعلى كل مؤسسة وشركة، وغيرت الأزمة كثيراً من أساليب العمل في فترة قصيرة. واستوجبت تكاتف الجميع وتضافر الجهود من أجل المحافظة على صحة الإنسان بالدرجة الأولى، وسلامة الأعمال والأنشطة التجارية والاقتصادية من تبعات الجائحة السلبية.
وشهدنا في هذه الفترة إبداع الجميع "مؤسسات وأفراد" في التعايش مع تحديات هذه الجائحة بطرق وأساليب مختلفة الأمر الذي أدى إلى اختلاف نظام العمل وساعاته بشكل كلي، وطريقة عقد الاجتماعات عن بعد، وغيرها وذلك للحد من انتشار الفيروس الخطر.
شهدت معظم قطاعات الأعمال انخفاضاً حاداً في الإيرادات الأمر الذي أثّر على ربحية المؤسسات والشركات، وهذا ما دفع العديد من الشركات، ولا سيما المتوسطة والصغيرة إلى تخفيض النفقات وتقليص الأعمال. وهذا يؤثر على الأفراد العاملين في هذه المؤسسات ويزيد من أعبائهم المالية.
إن قرار تأجيل الأقساط مدة 6 أشهر ابتداءً من شهر مارس، قرار شجاع وحكيم للتعامل مع الظروف الحالية وجاء لتخفيف الضغط والعبء المالي والنفسي عن المواطن وصاحب العمل، وترك مجالاً للإعداد للمرحلة المقبلة. هذا القرار ساعد أفراد المجتمع على التكيف مع الواقع الجديد والعمل على إيجاد طرق بديلة للتعامل مع الوضع الراهن.
التعاون والتنسيق بين جميع الجهات والأطراف مطلوب لتجاوز هذه المرحلة الحرجة بأقل الخسائر. فعلى سبيل المثال ستتطلب المرحلة القادمة إعادة جدولة التمويلات والقروض لأصحاب الأعمال، وكون أصحاب الأعمال عادة ما يتعاملون مع أكثر من مؤسسة مالية ومصرفية، من الضروري أن تتم إعادة الجدولة مع جميع المؤسسات التي تتعامل مع ذات التاجر لتنجح العملية.
فالتنسيق والتعاون مطلوب لضمان استمرارية النشاط التجاري وتخطي هذه المرحلة، وبالتالي المحافظة على الأعمال والوظائف القائمة حولها.
- عارف جناحي: أرى أن تأجيل القروض يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حالة كل عميل على حدة، فليس كل عميل يحتاج نفس الطريقة للحل أو المساعدة ولا بنفس المدة.
وبالتالي، قد يكون هناك عملاء يحتاجون إلى إعادة جدولة لمدة أكثر من 3 أو 6 أشهر، ولكن في نهاية المطاف فإنه بكل تأكيد ستستمر البنوك والمصارف في دعم المواطنين خلال الفترة المقبلة، وذلك يعتمد على الأوضاع القائمة.
"الوطن": إذاً هناك اتفاق على استمرار الدعم.. هل من برامج دعم لتجنيب المؤسسات الإفلاس؟
- محمد بو شهري: قامت كافة الجهات بمساعدة وحماية عدد من التجار البحريينين، ولن يتم حماية التاجر واستفادته إلا بالتعاون بين الجميع، لكن أقترح استمرار العمل على مساعدة ودعم المتعثرين، وخصوصاً الأفراد من أجل مساعدتهم على تخطي التعثر.
- عارف جناحي: خلال فترة التأجيلات كان لا بد للبنوك كافة من التشاور فيما بينها لما بعد فترة التأجيل، فعلى سبيل المثال نحن في بنك البحرين الوطني تحدثنا منذ بداية الأزمة عن أهمية مواصلة الدعم، ولكن بأشكال مختلفة.
أتوقع أن "التأجيل من أجل التأجيل" سيكون صعباً. ولكن ما يمكن أن نعمل عليه اليوم هو إعادة جدولة، وإذا كان العميل أقل تضرراً فيتم تأجيل أقساط قرضه فترة معينة، وذلك على الرغم من عدم معرفة وقت انتهاء هذه الجائحة، ما قد يجعل إعادة الجدولة لا تكون على حسابات الوضع.
اليوم، في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن انتهاء الجائحة، فإنه يمكن إعادة الجدولة نحو القطاعات المتأثرة كقطاع المطاعم مثلاً، الذي تأثر بشكل كبير لعدم وجود سياح. أرى أن يتم إعادة الجدولة للأكثر تضرراً في حين يتم تدعيم الأقل تضرراً بطريقة أخرى لتقليل المجهود الذي تبذله البنوك، لذلك فكرنا في منح الاهتمام الأكبر للقطاعات المستعصية.
سنسعى خلال الفترة المقبلة إلى أن يأخذ تأجيل القروض في عين الاعتبار، ضمان حق البنك والعميل في آن واحد من خلال منحه فترة سداد بطريقة مريحة، وهو الأمر المتوقع حدوثه في المستقبل، لكن الطريقة التي سيتم العمل بها ستكون مختلفة عن الأشهر الـ6 الماضية.
- محمود غالب آل محمود: البنوك التجارية عبارة عن مؤسسات مالية تعمل على توظيف أموال المودعين في تمويلات لصالح عملاء آخرين، ولكي تتمكن من تأدية دورها تجاه المودعين يجب أن توظف هذه الأموال في عمليات مدرة للربح؛ ليتسنى لها تحقيق الربح للمودع، وعليه، تكون العلاقة قائمة ومستمرة على أساس تجاري. ولذلك أرى أنه من المهم في الفترة القادمة أن تكون عمليات إعادة الجدولة مع احتساب الأرباح، فهناك قطاعات متأثرة بشكل كبير مثل السياحة والضيافة والمواصلات ورياض الأطفال والمطاعم تتطلب إعادة الجدولة من غير دفع الأقساط "فترة سماح" لفترة 6 أشهر على الأقل، وخصوصا مع تأخر عودة الحركة السياحية عن التقدير المبدئي مع بداية الجائحة.
نرصد ونراقب خلال الفترة الحالية أصحاب الأعمال وتدابيرهم في التعامل مع التحديات الكبيرة، فمنهم من أغلق فروعاً وسرح موظفين لعدم قدرته على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وهناك بعض الشركات العاملة في قطاع التجزئة عمدت إلى تقليص رواتب أو مخصصات العاملين، بلغت في بعض الحالات 50% من أجل المحافظة على جميع الوظائف قدر الإمكان، فهولاء ينبغي أن يتم دعمهم وإعادة جدولة تمويلاتهم. كما اضطرت بعض القطاعات إلى تغيير طريقة عملها واستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الصيرفة الرقمية عوضاً عن التقليدية.
في المرحلة القادمة، أرى أنه من المهم إعطاء الخيار للعملاء من أفراد وشركات لتأجيل الأقساط فترة 6 أشهر على الأقل "مع احتساب الأرباح" وذلك يصب في مصلحة الجميع.
- د.حسن العالي: اتخذت البنوك قراراً بالتوجه نحو مواصلة دعم العملاء من الشركات والأفراد، فهناك دعم كامل من مصرف البحرين المركزي لهذه البنوك لتقديم التسهيلات ورقابة لتطبيق المعايير الرقابية والمخصصات.
كما يوفر "المصرف المركزي" الدعم للبنوك، فخلال الفترة الماضية كان هناك سلسلة اجتماعات بين البنوك ومصرف البحرين المركزي لمناقشة تفاصيل تأجيل التمويلات والقروض.
هناك اتفاق وتوجه لمواصلة الدعم خلال المرحلة المقبلة، ولكن التفاصيل ستعلن خلال أيام، بعد التفاهم بشكل كامل بين البنوك و"المصرف المركزي".
لن يكون الدعم تلقائياً، ولن يشمل الجميع، بل سيكون اختيارياً لمن يرغب من الشركات والأفراد في التأجيل، حيث بالإمكان التقدم بطلب تأجيل الأقساط، ومن ثم يتم دراسته ومدى جدواه. إذا فإننا نتحدث هنا عن حرية الاختيار اعتماداً على الوضع المالي للشركة والفرد على حد سواء.
وفي حال الموافقة على التأجيل، فإنه يتم النظر بشأن الأعباء الإضافية التي ستتحملها، إذ سيكون هناك سقف للتاجيل، ولكن يمكن للشركات أن تتقدم بطلب للتأجيل فترة أقل من 6 أشهر ويمكن أكثر، وفي هذه الحالة فإن البنوك لديها استعداد للنظر في هذه الحالات والتجاوب معها بشكل مرن جداً.
"الوطن": التوجه نحو الرقمنة سيقلص الوظائف على مستوى القطاعات.. كيف ستتأثر الوظائف في المصارف؟
- عارف جناحي: قبل الحديث عن تأثر الوظائف، سأتطرق إلى أهمية التعاملات الإلكترونية، حيث بدأنا العمل بالرقمنة قبل أزمة كورونا "كوفيد19"، وحينما جاءت الجائحة كثفنا تعاملنا بالتقنيات الحديثة، ومن المستحيل العودة إلى التعاملات اليدوية، فقد أصبح هناك سرعة في أداء الأعمال الرقمية، وساهمت في اختصار وقت العميل بشكل كبير.
وبالتالي، فإن التكنولوجيا الحديثة في التعاملات المصرفية اختصرت نسبة كبيرة جداً من الوقت الذي كنا نستغرقه قبل الدخول في هذاالمجال، وفي النهاية ليس هناك مجال للرجوع إلى الوراء حتى بعد انتهاء الجائحة.
أما من ناحية التأثير على الوظائف، فإنها لن تتأثر وإنما طبيعة العمل هي التي ستتغير حتماً، ولكن من الذكاء التوجه نحو الدراسة الصحيحة. هناك عقول بشرية تمتلك خبرات كبيرة ولا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالي يمكن توظيف واستغلال تلك الخبرات بالطريقة الصحيحة.
- محمود غالب آل محمود: "الرقمنة"، أصبحت موضوعاً أساساً وكل الشركات في البحرين والعالم تسعى لتطبيقها بكافة عملياتها في ظل الظروف الاستثنائية الحالية؛ فالشركات والبنوك تتسابق في هذا المجال على اعتبار أننا نتعامل مع جيل صاعد، فهي تختصر التكاليف والوقت إلى أدنى حد ممكن.
قطعنا في بيت التمويل الكويتي - البحرين، شوطاً كبيراً مع تطبيق "جزيل" وهو من أوائل التطبيقات على مستوى البحرين الذي يتيح للعميل فتح حساب رقمي دون الحاجة إلى توقيع ورقة وإدارة معاملاته المصرفية من أي مكان وفي أي زمان. كما نعمل على إضافة باقات جديدة إلى هذا البرنامج.
تجاوزنا اليوم 22 ألف حساب في "جزيل" منذ تدشينه قبل حوالي عامين، ما يؤكد أن التطبيق لاقى قبولاً ونجاحاً كبيرين. يجب علينا ألا ننظر إلى المنافسة المحلية، بل يجب أن نرى التطورات العالمية في مجالات الرقمنة وتطبيقها في البحرين. إذاً نحن نتحدث عن مؤسسات وبنوك طبقت هذه الإستراتيجية لتتوافق ورؤية البحرين الاقتصادية 2030.
أعتقد أن البنوك المحلية وكذلك الشركات أصبحت مهتمة بالصيرفة الرقمية، حيث أكدت جائحة كورونا أن أي مؤسسة لديها قابلية للتغيير والتحول ستنجح حتماً، وبالتالي فإن الوظائف البشرية ستتطلب مهارات مختلفة عن السابق، وعليه ستتحسن نوعية الوظائف. ويمكن تطوير مهارات الموظفين الحاليين لاستيفاء هذه المتطلبات المهنية الجديدة مع الاستفادة من الخبرات البشرية الطويلة.
- د.حسن العالي: لدى الجمعية حالياً مبادرات بالتعاون مع الجامعات في البحرين، بدعم من مصرف البحرين المركزي لإدخال دورات تدريبية وتدريسية حول الصيرفة الرقمية والتكنولوجيا بالتعليم، يستفيد منها الطلبة وبالتالي يستطيعون الانخراط في سوق العمل، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة.
اليوم، أصحبت التكنولوجيا الحديثة مطلباً أساساً في كافة المعاملات، فبالتطرق إلى تطبيق "بنفت باي" نجده حقق نجاحاً كبيراً، حيث زادت التعاملات عبر "فوري بلاس" إلى 507 ملايين دينار خلال الربع الثاني من العام الحالي بعد أن كانت 215 مليون دينار سابقاً، وفقاً لإحصاءات حديثة نشرت مؤخراً. هذا يدل على أن البنوك والمواطنين والعملاء والشركات قادرون على التكيف بسرعة مع هذه التكنولوجيا المالية والصيرفة الرقمية.
رأينا مؤسسات أبدعت في تطوير حلول قائمة على التكنولوجيا لتسويق أعمالها عبر "الأون لاين" والتسوق الإلكتروني، ما ساعد على استمرار مسار هذه الأعمال ومكافحة تداعيات "كورونا".
بادر مصرف البحرين المركزي خلال الأعوام الـ5 الماضية بسن سلسلة تشريعات تمهد الطريق للتكنولوجيا المالية، من خلال إنشاء خليج البحرين للتكنولوجيا المالية والتشريعات الخاصة بالصيرفة المفتوحة، وهي تمثل البيئة المناسبة للتطور التكنولوجي المصرفي؛ فكل تلك الأمور تعد من العوامل الرئيسة التي مكنتنا من التصدي للجائحة.
- محمد بوشهري: لا يوجد تطور بدون ألم، فأي تطور يؤدي إلى التضرر. كنا ننادي بأنه يجب أن نبدأ بمنهج مدرسي نقوم بإحداث التغيير فيه بشكل دوري؛ ففي السابق كان هناك مئات الخريجين سنوياً في تخصص المصارف ولا يحتمل السوق هذا العدد الكبير، الأمر الذي يستدعي معه التوجه نحو الابتكار.
بالطبع سيؤثر التحول الرقمي على عدد الموظفين ويقلصهم؛ فالعملية ستتغير ولكل شيء إيجابياته وسلبياته. أتوقع أن يتسبب هذا التحول الرقمي في تقليص عدد فروع البنوك إلى أدنى حد.
"الوطن": ما بين إيجابيات وسلبيات الاندماجات.. هل تعتقدون أنها مهمة خلال المرحلة الحالية؟
- عارف جناحي: الاندماجات بين البنوك تعد مهمة. تجربتنا في استحواذ بنك البحرين الوطني على بنك البحرين الإسلامي أخيراً كانت ناجحة، وكان لدي تجارب سابقة لنفس المجال.
لدى بنك البحرين الإسلامي تجربة رقمية ناجحة وقوية واستفاد منها بنك البحرين الوطني، وحالياً استفادوا من "البحرين الوطني" من السيولة التي لديه فالعملية متبادلة وأصبحت المجموعة أكبر وأقوى.
أعتقد أن على الشركات الصغيرة والمتوسطة التوجه نحو الاندماج، لكن من الصعوبة اندماج البنوك المملوكة لعدة جهات أو أفراد بعكس الشركات المملوكة لعوائل، ففكرة الاندماجات تتم عن طريق التفكير بها بطريقة إيجابية لتكوين رأسمال كبير.
- محمود غالب آل محمود: الاندماجات الناجحة هي التي تخلق قيمة مضافة سواء للعميل أو حتى للمساهمين. يفضي الاندماج إلى نمو الأعمال وترشيد النفقات، وبذلك تتوزع المصاريف الثابتة على عدد أكبر من المبيعات التي يتم جنيها من وراء عملية الاندماج، وذلك يحسن من ربحية وفاعلية المؤسسة بعد الاندماج.
إذاً، البنوك عليها إجراءات ومتطلبات رقابية كثيرة بحكم تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد المحلي؛ فالقطاع المصرفي اليوم ليس كما كان في السابق، الأمر الذي يتحتم معه أن تكون هناك كيانات كبيرة تعطي المصرف قدرة أكبر على خدمة العملاء بشكل أكثر فاعلية.
المصارف التجارية "التجزئة" عددها كبير بالنسبة إلى سوق البحرين، وبالتالي فإن الاندماج مطلوب لخلق كيانات أكبر بإمكانها تقديم ما هو أفضل للعميل وللاقتصاد، وهذا سيقلل من عدد اللاعبين في السوق. عمليات الاندماج ليست بسيطة، ونجاح أي عملية اندماج متوقف على القادة العاملين في هذه المصارف.
- محمد بوشهري: الاندماج في البحرين لا يمكن أن يتحمل 3 أو 4 اندماجات على حسب توقعاتي، وأتوقع أن يكون هناك اندماجات بين بنوك محلية وخارجية خلال السنوات المقبلة.
هناك فرق بين الدمج والاستحواذ؛ فالدمج في البنك يعني دمج الموظفين في نفس القسم في مصرفين مختلفين، ويتم مقارنتهم بمن سيكون الأفضل على أن يترأس شخص منهم إدارة القسم. أما الاستحواذ فيعني الاستغناء عن أحد الموظفين.
فالبنوك لديها أثر قوي على الاقتصاد، ومن يحرك البنوك هم الموظفون، هناك موظفون ذوو أداء متميز يجبرون على ترك الوظيفة بلا ذنب بسبب الاستحواذ لعدم وجود قانون يمنع حدوث ذلك، فلماذا لا يضع مصرف البحرين المركزي تشريعاً يمنع ذلك؟
- د.حسن العالي: التشريعات والقوانين لدى مصرف البحرين المركزي بشأن الاندماجات والاستحواذات المصرفية، قائمة منذ فترة طويلة.
منذ سنوات ماضية، رأينا العديد من عمليات الدمج والاستحواذ المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي ولدت بنوكاً ضخمة برؤوس أموال كبيرة، ويمكن تسميتها بنوكاً ذات قدرة على المنافسة.
لكن جاءت جائحة كورونا كعامل إضافي للدفع بالاستحواذات والاندماجات. أتوقع أن تسعى معظم المؤسسات إلى تقييم وضعها بشكل مستمر بسبب الجائحة، حيث تخلق تلك الاندماجات كيانات كبيرة تساهم في المشاريع ضمن الإصلاحات الحاصلة، ومن الممكن أيضاً أن تؤدي إلى قدرة البنوك على الانتشار عالمياً؛ فكلما زادت المنافسة تبدأ البنوك بالبحث عن فرصة في الأسواق الناشئة لتعزيز قاعدة حقوق الملكية والمساهمين.
كما تخلق الاندماجات بيئة جيدة بين البنوك لتحفيز قطاع الشركات للقيام بخطوات مماثلة، وبشكل عام هناك اتجاه متنامٍ نحو الاندماجات وسيزيد في الفترة القادمة.
"الوطن": تعاني المؤسسات الصغيرة والمتوسطة جراء جائحة كورونا.. كيف سيتم تمويلها للخروج من أزمتها؟
-عارف جناحي: فيما بعد كورونا سننظر إلى مدى تأثر القطاع، ومن الذي لا يستطيع الصمود، حيث سيتضح ذلك بشكل أوضح خلال عام 2021، فهناك برامج سيتم تقديمها لدعم هذه الشريحة المهمة، ولن تتقلص أو يقنن حجم التمويلات والقروض لتلك الشركات، بل سنستمر في مساعدتها ودعمها لتخطي الأزمة.
يمكن أن تكون هناك خدمات ومنتجات متطورة أكثر رقمية سيقدمها مصرف البحرين المركزي خلال الفترة المقبلة، بحيث يتم الأخذ في الاعتبار مصلحة الطرفين.
- محمود غالب آل محمود: المؤسسات المتوسطة والصغيرة مؤسسات مهمة لأي اقتصاد في العالم، ومن الضروري دعم هذه المؤسسات ومساعدتها لاجتياز هذه المرحلة الحرجة، وجاءت تشريعات مصرف البحرين المركزي لتهيئ الأجواء والبيئة المناسبة للتعامل مع الوضع الحالي وتجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر قدر المستطاع، ونصيحتي للتاجر أو رائد العمل المتضرر أنه من الأفضل إعادة الجدولة مع المصرف الذي يتعامل معه.
بعض الشركات بسبب أزمة "كوفيد19"، وأسباب أخرى منذ عام 2019، كانت تواجه تحديات في أنشطتها التجارية وجاءت الجائحة التي أجبرت تلك الشركات على إعادة النظر في أعمالها.
يجدر بصاحب العمل أن يحصل على الاستشارة التجارية حول نشاطه وعمله وكيفية تطويره، إلى جانب النظر في الأنشطة التي يجب تقليصها أو وقفها، فهي مرحلة إعادة هيكلة لأعمال الشركة.
ما أود تأكيده هو أن بيت التمويل الكويتي - البحرين مستمر في تمويل الأفراد والمؤسسات بانتقائية، وأن تكون عملية التمويل مجدية للعميل، بحيث تساعد على نموه وإعادة هيكلة أعماله وتطوير أنشطته والمحافظة على استمراريته.
- محمد بوشهري: بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة مصيرها الإغلاق بكل تأكيد، ولكن ليس بسبب التمويلات البنكية، بل نتيجة عدم قدرتهم على التعايش مع جائحة كورونا، وعدم قدرتهم على ابتكار كل ما هو جديد.
"الوطن": هل هناك قوانين تعمل عليها جمعية المصارف بالتشاور مع البنوك لرفعها إلى "المركزي"؟
- د. حسن العالي: لدينا بعض الأمثلة، مثل موضوع الخدمة اللاتلامسية التي أطلقها مصرف البحرين المركزي، عبر النقال لاستخدامها في نقاط الدفع، وهي جزء من الجهود لتمكين القطاع المصرفي للتكيف مع هذا وضع بشكل أفضل وخدمة العملاء، وتجنب تداعيات كورونا. أعتقد أن القطاع المصرفي بشكل عام في البحرين أثبت قدرته على التكيف مع هذا الوضع، ويواصل تقديم الأعمال بشكل اعتيادي .
لاحظنا أن البنوك صامدة في وجه كل التحديات بما فيها جائحة كورونا، حيث لوحظ أنه حتى مع استمرار الجائحة، فإن بيانات مصرف البحرين المركزي تبين أن تمويلات البنوك لم تتوقف، حيث ارتفعت التسهيلات الممنوحة للأفراد، بقيمة تصل إلى حوالي 170 مليون دينار.