هدى عبدالحميد

أكدت الرئيسة التنفيذية لهيئة جودة التعليم والتدريب الدكتورة جواهر المضحكي على ضرورة الاسراع في مواجهة التحديات التي تواجه قطاع التعليم العالي في المملكة، مبينة ان الحل الجذري لهذه المشكلات أهم من إنشاء كيانات جديدة أو إعادة هيكلة الكيانات الحالية.

واضافت في حوار مع "الوطن" ان القطاع التعليمي ما قبل الثانوي يواجه في المرحلة الراهنة عدد من التحديات؛ من أبرزها الجهوزية لاستخدام التكنولوجيا الحديثة وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، داعية الى النظر إلى التحول الرقمي في الممارسة التعليمية على أنه عملية متأصلة غير مرتبطة بأي ظرف استثنائي وإعادة النظر في المناهج المطروحة من حيث المحتوى.

وقالت المضحكي ان ثمة صعوبة في تدريس بعض المقررات العملية للطلبة وتوفير فرص مناسبة للتدريب الميداني في ظل الوضع الراهن، هناك حاجة لبناء قدرات أعضاء هيئة التدريس فيما يتعلق بتصميم المقررات الإلكترونية، وتقييم الطلبة عن بعد.

وبينت ان نسبة المؤسسات الحاصلة على تقدير "غير ملائم" تقلصت من (%18) إلى (%16)، ومن ثم إلى (%11)، في حين يوجد ارتفاعٌ واضحٌ في نسبة المؤسسات الحاصلة على تقدير "ممتاز" و"جيد"، عبر الدورات الثلاث، حيث ارتفعت النسبة من (%21)، إلى (%40)، وصولًا إلى (%46).

واكدت المضحكي ان الهيئة على تواصل مع الجهات المعنية بالمراجعة الخارجية سواء مع الرابطة الأوروبية لضمان الجودة أومع الشبكة الدولية لضمان الجودة لتحديد موعد زيارات المراجعة.

وفيما يلي نص الحوار:

- ما هي البرامج والاستراتيجيات التي حرصتم على اتباعها لتحسين مستوى التعليم بكافة مراحله في المملكة؟

* إن الهيئة تعمل على إعداد خطتها الإستراتيجية وَفْقَ السياسات، والمبادرات، والخطط الحكومية للأعوام الأربعة القادمة، من خلال مشاركتها في "ورش التطلعات المستقبلية" التي كانت نتاج الملتقى الحكومي.

كما تعمل الهيئة على إحداث التوافق الإستراتيجي بين خطتها المستقبلية وخطة ديوان الخدمة المدنية الاستراتيجية، ضمن نطاق مشروع الأداء المؤسسي، حيث عملت الهيئة على وضع مؤشرات قياس الأداء لبطاقة الأداء المتوازن، ووضع المبادرات والرؤى الإستراتيجية، وموازنتها، وبلورتها، وبما يتوافق مع الرؤى والإستراتيجيات والمبادرات الحكومية المختلفة.

- هل سيتم تطوير او اعتماد برامج جديدة تتواءم مع طبيعة المرحلة التي يمر بها العالم؟

* إنَّ هيئة جودة التعليم والتدريب، وفي ظل الوضع الراهن، تعمل على تطوير أطر المراجعة الحالية لمؤسسات التعليم والتدريب في المملكة، بالإضافة إلى وجود آليات متابعة، وخطط مراجعة، ومراجعات تقييم مستمرة لجودة أداء المؤسسات التعليمية والتدريبية في المملكة تحت أي ظرف من الظروف الطارئة؛ وذلك من أجل الاستفادة من نتائج التقييم في تطوير أطر المراجعة للهيئة، وعمليات المراجعة بما يُمكّن الهيئة من مواصلة عمليات المراجعات والتقييم لمؤسسات التعليم والتدريب عن بُعْد، وبذات الكفاءة والمهنيّة والشفافية.

- ما هي أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية في المملكة في المرحلة الراهنة؟

* يواجه القطاع التعليمي ما قبل الثانوي في البحرين في المرحلة الراهنة عدد من التحديات؛ من أبرزها الجهوزية لاستخدام التكنولوجيا الحديثة وتطوير البنية التحتية التكنولوجية في بعض مؤسسات التعليم بما يضمن توفير الخدمات بشكل ثابت، والحرص على تضمين التمكين الرقمي والتكنولوجي كعنصر أساسي في برامج تأهيل وتطوير المعلمين والقيادات المدرسية، والنظر إلى التحول الرقمي في الممارسة التعليمية على أنه عملية متأصلة غير مرتبطة بأي ظرف استثنائي وإعادة النظر في المناهج المطروحة من حيث المحتوى، وربطها بالأساليب والإستراتيجيات والموارد التعليمية المناسبة بما يشمل تفعيل وسائط التعليم عن بُعد.

وايضا تقديم الأنشطة والدروس التي تدمج الطلبة بصورة تفاعلية في تعلمهم، وتقديم المواد الرقمية التي تسهم في تعلم الطلبة وتنمية مهارات التعلم لديهم والمهارات الحياتية، دون الاقتصار على تحويل محتوى الكتاب المكتوب إلى عروض عبر منصات التعلم، والعمل على تفعيل منصات التعليم والتعلم الإلكترونية المختلفة بصورة آمنة على مستوى الصفوف الدراسية بما يضمن رفع مستويات التفاعل بين المعلمين والطلبة، وبين الطلبة أنفسهم.

من العوامل التي تؤثر في العملية التعليمية في الوقت الراهن هو آليات التقييم ومدى فاعليتها في قياس الأداء الحقيقي للطلبة، وما إذا كانت الأنشطة التقييمية تعكس الأداء الحقيقي للطلبة، لذا من الضروري مراجعة أساليب التقويم لتقديم التغذية الراجعة الفاعلة للطلبة على الأعمال، والأنشطة، والمهام التقييمية المختلفة؛ لتحسين أدائهم، وتنمية مهاراتهم وفقًا لمستوياتهم واحتياجاتهم أثناء تعلمهم عن بُعد، والحاجة إلى دعم أولياء أمور الطلبة، ورفع نسبة وعيهم؛ نظرًا لتغير أدوارهم في الفترة الراهنة حيث ظهرت أهمية المتابعة الحثيثة من قبلهم لمدى تعلم أبنائهم، مع رفع درايتهم بأهمية تحقيق التوازن بين مساندة الأبناء في تعلمهم وتنمية مهارات التعلم الذاتي لديهم.

بالنسبة لقطاع التعليم العالي، فإن أهم التحديات تلبية احتياجات الطلبة في ظل التعليم الإلكتروني وتوفير أجهزة حاسب آلي أو أي أجهزة ذكية بديلة لهم، وايجاد حلول سريعة للمشاكل في الانترنت وسرعته وتوفره خارج الحرم الجامعي للطلبة وأعضاء هيئة التدريس، حيث أن بعض الطلبة وإن كانت فئة صغيرة ليس لديها الإمكانيات اللازمة لمواصلة التعلم عن بعد.

توجد صعوبة في تدريس بعض المقررات العملية للطلبة وتوفير فرص مناسبة للتدريب الميداني في ظل الوضع الراهن، هناك حاجة لبناء قدرات أعضاء هيئة التدريس فيما يتعلق بتصميم المقررات الإلكترونية، وتقييم الطلبة عن بعد، هناك ضرورة للتأكد من أن عبء العمل المرتبط بالدراسة والتقييم أثناء التعلم عن بعد مناسب للطلبة ومتلائم مع مستوى المقررات الدراسية ومخرجات التعلم المطلوبة وهناك ضرورة لوضع آليات مناسبة لتحقيق المصداقية والعدالة في درجات الطلبة أثناء التعليم والتقييم عن بعد، وهناك ضرورة لإيجاد الحلول لمشكلة عدم تفاعل أو استجابة بعض الطلبة مع أعضاء هيئة التدريس سواء بالمشاركة في الفصول الافتراضية أو في أداء المهمات والواجبات المطلوبة. والعمل على زيادة فاعلية تواصل الطلبة مع نظرائهم في نظام التعليم الالكتروني.

أما التحديات التي يواجهها القطاع التدريبي في البحرين عدم شمولية القوانين، والسياسات، والتشريعات؛ للاعتراف بالتدريب الإلكتروني عن بعد، مما يحتم مراجعتها وتنقيحها لتتلاءم ومتطلبات المرحلة، ولازلت البنية التحتية ومصادر التعلم الالكترونية بما فيها منصات التعلم الالكترونية التي تتناسب والاحتياجات التدريبية لدى بعض مؤسسات التدريب دون مستوى الطموح وبالأخص البرمجيات والمختبرات الافتراضية ذات العلاقة بالوحدات المتخصصة، قدرة الموارد البشرية بمن فيهم المدربين على مواكبة متطلبات هذه الأوضاع الاستثنائية لضمان تقديم تدريب فاعل عن بعد، وتمكنهم من التوظيف الأمثل للخصائص المتوفرة في منصات التعلم الإلكترونية بشكل احترافي يثري العملية التعليمية/ التدريبية، وتذبذب الدعم والمساندة التقنية المقدمين للمعلمين/المدربين والمتدربين، مما أثر على سلاسة الانتقال إلى التدريب عن بعد.

ووجود فجوات في إدارة العملية التدريبية من حيث ملاءمة استراتيجيات التعليم والتدريب وآليات وطرائق التقييم وآلية تصميم الدورات والبرامج، لاستيفاء متطلبات التعلم عن بعد وبيئة التدريب الافتراضية، تباين في مهارات التعلم الذاتي لدى المتدربين، والتزامهم تجاه تعلمهم.

- كيف تقيم الهيئة تجربة البحرين في إدارة ملف التعليم خلال الفترة الماضية؟

* تساهم تقارير مراجعة أداء المؤسسات التعليمية والتدريبية في المملكة في الكشف عن الواقع الفعلي لأداء هذه المؤسسات، وتركيز الجهود والموارد في تحسين الأداء العام للمؤسسة التعليميةمستقبلًا، حيث توضح أهم نقاط القوة، والنقاط التي تحتاج إلى تطوير، وتعطي صورة عن مستوى أدائها بصورة عامة، كما تساهم في نشر أفضل الممارسات، واتخاذ النماذج الاسترشادية، إضافة إلى مساعدة صناع القرار في المملكة فيما يتعلق بالسياسات التعليمية والتدريبية. كما أنها توفر معلومات أساسية لأولياء الأمور؛ للوقوف على مستوى ما تقدمه هذه المؤسساتمن خدمات للطالب والمتدرب.

وتأتي تقاريرعمليات الإطار الوطني للمؤهلات التي تصدرها الهيئة لإدراج وتسكين المؤهلات الوطنية، كأداة تقييمية تهدف إلى الارتقاء بأداء المخرجات التعليمية، والتأكيد على ضرورة انسجامها وارتباطها الوثيق بأهداف التحسين والتطوير المستدام في قطاعي التعليم والتدريب، من خلال ربطها بمتطلبات سوق العمل بما يدعم التطلعات التنموية المختلفة.

- لماذا نجد أن أداء المدارس الحكومية أفضل من الخاص على غير المتوقع؟

* تباينت نتائج مراجعات المدارس الخاصة ما بين الأحكام الأربع كما هو الحال للمدارس الحكومية وبشكل عام يتأثر أداء العديد من المدارس الخاصة بالموارد المادية والبشرية المتوفرة لديهم، وشهدت نتائج الدورة الثانية من مراجعات أداء المدارس الخاصة تحسن في أداء المدارس الخاصة بانخفاض نسبة غير الملائم من 40% في الدورة الأولى إلى 32% في الدورة الثانية، وهي نسبة تقارب نسبة المدارس الحكومية الحاصلة على تقدير غير ملائم في نهاية الدورة الثالثة من المراجعات والتي تتزامن مع نهاية الدورة الثانية من مراجعات المدارس الخاصة.

- هل تخصيص وزارة للتعليم العالي سيرفع من أداء التعليم في البحرين؟

* بصفة عامة لا يوجد نظام أفضل من الآخر من الناحية الشكلية، فبعض الدول لديها وزارة مستقلة للتعليم العالي والبعض الآخر لديه وزارة واحدة، الأمر يرجع لتوجه الدولة في وضع التعليم بصفة عامة تحت مظلة واحدة أو فصل التعليم العالي عن التعليم الأساسي والثانوي تحت أي مسمى آخر.

وبصفة عامة مع الزيادة المستمرة في أعداد الطلبة والجامعات، وتطلعات الدول لتشجيع البحث العلمي وإعطاءه مزيد من الاهتمام والدعم المالي، يكون من الأفضل أن تكون الجهة المشرفة على التعليم العالي والبحث العلمي جهة مستقلة، والأهم من إنشاء كيانات جديدة أو إعادة هيكلة الكيانات الحالية هو التعامل الجدي مع التحديات التي تواجه التعليم العالي ككل، وإيجاد حلول جذرية لها.

- ما هي آليات متابعة المدارس ذات التقييم المنخفض؟ والفترة الزمنية لإعادة التقييم؟

* بناء على نتائج تقرير المراجعة يتم تحديد الجدول الزمني لزيارات المتابعة للمدارس الحاصلة على تقدير غير ملائم، حيث يتم متابعة أداء هذه المدارس خلال زيارات المتابعة للوقوف على مدى ما حققته المدرسة من تقدم بالنسبة لتوصيات المراجعة، ويتم خلالها تتبع مدى تحسن أداء الطلبة أثناء الزيارات الصفية والجولة التعليمية وتقييم أعمالهم الكتابية، ومتابعة تحسن الأداء العام للمدرسة، ومن ثم تقديم التوصيات المناسبة لها بهدف التحسين والارتقاء بالأداء.

- هل نتائج تقييم مراكز التدريب تتقدم إلى الأفضل بعد اعتماد مراجعة الإطار العام للمراجعة؟

* تتم جدولة المراجعات وفق إجراءات الهيئة المعتمدة، كما يوضح دليل مراجعة أداء مؤسسات التعليم والتدريب المنشور على موقع الهيئة الإطار العام للمراجعة، والمجالات، والمعايير، ووصف الأحكام، إضافة إلى الخطوات الرئيسة في عملية المراجعة، والتي يتم أخذ التغذية الراجعة بناءً عليها من جميع مؤسسات التعليم والتدريب المهني بعد نهاية كل دورة؛ وذلك للاستفادة من وجهة نظر هذه المؤسسات عند القيام بتنقيح الإطار، وتطويره، وإعداده للدورة القادمة.

وكان هناك أثر إيجابي كبير لهذه المراجعات؛ نتيجة جدية المؤسسات في التعامل مع نتائج المراجعات السابقة وتنفيذ توصياتها، حيث تشير نتائج الدورات الثلاث للمراجعات إلى تحسن واضح في أداء مؤسسات التعليم والتدريب المهني العاملة في مملكة البحرين؛ إذ تقلصت نسبة المؤسسات الحاصلة على تقدير: "غير ملائم" من (%18) إلى (%16)، ومن ثم إلى (%11)، في حين يوجد ارتفاعٌ واضحٌ في نسبة المؤسسات الحاصلة على تقدير: "ممتاز" و"جيد"، عبر الدورات الثلاث، حيث ارتفعت النسبة من (%21)، إلى (%40)، وصولًا إلى (%46).

وبالنسبة للمؤسسات الحاصلة على تقدير: "غير ملائم" للفاعلية بوجه عام، فتقوم الهيئة بتنفيذ زيارتي متابعة بحد أقصى لها، وذلك من قبل فرق المراجعة؛ لتقييم مدى فاعلية المؤسسة في تنفيذ خطة العمل التحسينية، لاستيفاء التوصيات الواردة في تقرير المراجعة. ويتم إصدار الأحكام بشأن مستوى التقدم الذي أحرزته المؤسسة وفقًا لمقياس مكوَّن من ثلاث درجات: "تقدم كافٍ"، و"قيد التقدم"، و"تقدم غير كافٍ".

- هل يتناسب الإطار العام مع متطلبات المرحلة القادمة محليًا ودوليًا؟

* تم تحديث إجراءات مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي وكذلك الإطار الوطني للمؤهلات، وذلك بعد عملية المراجعة الشاملة والمقايسة المرجعية مع جهات مماثلة دولية ليتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة سواء محليًا أو دوليًا، حيث تم تحديث الاجراءات لتتناسب مع المرحلة القادمة مع الأخذ بعين الاعتبار التعليم عن بُعد والتعليم المختلط وكذلك تم وضع الآليات لإجراء الزيارات الميدانية عن بُعد.

-هل ستخضع الهيئة للمراجعة من قبل الجمعية الأوروبية لضمان الجودة في 2022-2023؟

* الهيئة على تواصل مع الجهات المعنية بالمراجعة الخارجية سواء مع الرابطة الأوروبية لضمان الجودة أومع الشبكة الدولية لضمان الجودة لتحديد موعد زيارات المراجعة، والتي نأمل أن تكون تتناسب مع الفترة التي تم الاتفاق عليها قبل الجائحة. والاستعدادات متواصلة للمراجعة، حتى لا تشكل العملية أي عبء عند تحديد الموعد أو اقترابه، وهذا النهج هو ما نأمل أن تسعى وتعمل عليه مؤسسات التعليم والتدريب التي تقوم الهيئة بمراجعتها في المملكة، بحيث تكون الجودة ومعاييرها عملية مستدامة وجزء لا يتجزأ من هذه المؤسسات.