أطلقت هيئة البحرين للثقافة والآثار مساء أمس سلسلة فعاليات تقيمها أول مرة على مدار يومين متتاليين للاحتفاء بالفن الإسلامي، وذلك ما بين مركز الفنون ومتحف البحرين الوطني بحضور رئيسة الهيئة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وتواجد دبلوماسي، إضافة إلى عدد من المهتمين بالشأن الثقافي.
وقالت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" أودري آزولاي بمناسبة افتتاح معرض "فنون من العالم الإسلامي" بمتحف البحرين الوطني إن الفنانين المشاركين في المعرض يسردون بأسلوبهم الخاص حكاية التبادل والحوار ويدعون العالم إلى التعرف أكثر على الفن الإسلامي الذي يؤكد التعرّف على الآخر، وهو تعارف يقع في صميم كل منهج فني، مشيرة إلى أن أعمال المعرض مستمدة من تاريخ عريق متعدد القرون والمعاني الغزيرة التي يحملها كل فنان من المشاركين.
من جهتها قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "نحتفل المرة الأولى باليوم العالمي للفن الإسلامي، الذي انطلقت مبادرته من مدينة المحرّق عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2018 وأقره الاجتماع العام لمنظمة اليونسكو العام الماضي".
وأضافت: إن هذا اليوم يعكس عراقة الفن الإسلامي الذي مد جسور التواصل الحضاري والإنساني ما بين مختلف مناطق العالم وساهم في إثراء المشهد الحضاري لشعوب كثيرة، وكان له أثر واضح في ظهور أنماط جمالية عديدة في أوطاننا".
وأشارت إلى أن العديد من المتاحف العالمية تخصص أقساماً للفن الإسلامي، معرفة بذلك زوّارها وروّادها على هذا الفن وجماله وما يتميز به من هوية أصيلة.
معارض فنية ومعمارية من الخليج إلى المحيط
وشهدت الساحة الخارجية لمركز الفنون افتتاح "جداريات مستوحاة من الفن الإسلامي"، شارك في نسج تفاصيلها الفنية التشكيلية 12 فناناً، حيث صاغوا الخط العربي بكل ما فيه من تفاصيل جمالية مع عناصر بصرية لونية أخرى لتظهر نزاهته وانسجامه. والفنانون المشاركون في الجداريات هم: علي البزاز، وعلي مليح، وعمار المحمود، وحسين فتيل، ونجود ناجي، وخليل المدهون، ومحمد رضا، ومحسن غريب، وموسى الخزاز، ومصطفى الحلواجي، وسيد مرتضى الساكن وسيما باقي.
أما متحف البحرين الوطني فشهد افتتاح معرضين، الأول معرض "فنون من العالم الإسلامي" الذي يقدّم أعمال فنانين من خلفيات ثقافية إسلامية من منطقة الخليج، وشمال إفريقيا، والأندلس (إسبانيا) وجنوب شرق آسيا وهم: الفنان إبراهيم بوسعد والفنانة غادة خنجي من البحرين، والفنان أحمد عنقاوي من المملكة العربية السعودية، والفنان نجا مهداوي من تونس، وإليزابيث بولزا من إسبانيا، وغلام محمد من باكستان، وللا السعيدي من المغرب، حيث استوحى الفنانون أعمالهم من عناصر تراثية إسلامية كاللغة العربية، والأنسجة التقليدية، والعمارة، والحِرف اليدوية وغيرها، كما يتضمن المعرض أعمالاً من مجموعة متحف البحرين الوطني وإعارات فنيّة من عدد من المتاحف الخاصة وأصحاب المجموعات الفنيّة في المملكة.
ويلقي المعرض الثاني، الذي تم افتتاحه في المتحف، الضوء على المنهجية العلمية والمعمارية المتعبة في ترميم "منارة الفاضل"، وهو مشروع يأتي بدعم من سمو الشيخة مريم بنت سلمان بن حمد آل خليفة وبنك البحرين والكويت، حيث شكّلت منارة الفاضل هويّة بصريّة على مدى التاريخ، وجسدت التّلويحة الأولى لكل القادمين عبر فرضة المنامة. وضمن سعيها لإعادة أحياء جماليّات المنارة ورمزيتها التاريخية، تشتغل الهيئة على ترميم منارة الجامع التاريخي، عبر استعادة تصميمها وهيئتها الجمالية الأصلية، حيث سيتم إرشاد زوار المعرض لمشاهدة تدشين العمل في منارة جامع الفاضل.
نقاش عالمي "عن بعد" حول الفن الإسلامي
على منصّة زووم، كان الموعد مع ثلاث شخصيات من شرق الأرض وغربها، في حديث شيّق حول الفن الإسلامي، حيث تناول كل من د. هبة نايل بركات رئيس شؤون قسم التقييم الفني متحف الفن الإسلامي - ماليزيا، د. آلريكا الخميس القائمة بأعمال مدير عام متحف الآغا خان - كندا وسيف الرشيدي - المدير العام لمؤسسة "بركات"- المملكة المتحدة، الفن الإسلامي كونه أسلوباً ذا وجوه متعددة وكونه عبارة عن تراكم يمتد على مدار 1400 عام مضت من التاريخ والتنوع الجغرافي الباهر. وهدف هيئة الثقافة من هذه الحلقة النقاشية هو استكشاف آفاق العالم الواسع للفن الإسلامي، وكيفية تفاعل الجمهور معه اليوم وفرص وإمكانات استثماره المستقبلية.
عروض أفلام تستكشف زوايا مخفية من الفن الإسلامي
وانتقالاً من العالم الافتراضي، كانت الساحة الخارجية لمتحف البحرين الوطني على موعد مع أول عرض سينمائي يتناول الفن الإسلامي، فشاهد الجمهور فيلم "الفن الإسلامي: مرايا العالم الخفي"، الذي يأخذ المشاهدين في رحلة إلى تسع دول وأكثر من 1400 عام من التاريخ، لزيارة بعض أجمل المباني في العالم. ويستكشف الفيلم موضوعات مثل الكلمة، والفضاء، والزخرفة، واللون والماء، ويعرض القصص من خيال العديد من الأعمال الرائعة في الفنّ والعمارة الإسلاميّة الموجودة في متاحف مثل متحف المتروبوليتان للفنون في مدينة نيويورك، ومتحف آرثر إم ساكلر في جامعة هارفارد.
أما الفيلم الثاني فسيتم عرضه يوم غد اليوم، وهو فيلم "آثار الروح" الحائز على جوائز عالمية، ويمكن للجمهور حضور هذه الفعالية بالتسجيل المسبق عبر موقع هيئة الثقافة على الإنترنت www.culture.gov.bh. ويستكشف الفيلم من خلال عيون 12 فناناً، وعالم الخط المعاصر وكيف أصبح شكلاً فنياً وثيق الصلة بالعصر الرقمي. كما يكشف كيفية انعكاس فنون وفلسفات وقصص وحياة هؤلاء الفنانين، على العالم الحديث وسبل تفاعلها معه.
المطبخ الإسلامي حاضر في مقهى دارسين بمتحف البحرين الوطني
وما بين 25 نوفمبر و3 ديسمبر القادم، يقدّم مقهى دارسين بمتحف البحرين الوطني قائمة طعام خاصة تتكون من ستة أطباق شهية يمثّل كل منها إرثاً إسلامياً غير مادي ضمن خارطة بلدان العالم الإسلامي التي تمتد من الصين حتى المغرب، وعلى الراغبين في خوض تجربة التذوق هذه الحجز المسبق، كما يمكن تذوق هذه الأطباق في أثناء عرض الفيلم اليوم 26 نوفمبر في الفضاء الخارجي للمتحف.