أكد مدير عام الاستكشاف والتطوير بشركة تطوير للبترول المهندس يحيى الأنصاري ما يلقاه القطاع النفطي من دعم واهتمام كبيرين من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، مستذكراً مضامين كلمة جلالته السامية بعد الإعلان عن الاكتشاف النفطي التاريخي الكبير، والتي عكست عظيم تقدير وإيمان جلالته الكبير بالعنصر البشري الوطني وتشجيع الشباب البحريني على بذل مزيد من الجهود لتغيير ملامح المستقبل ليكون أكبر إنجاز تاريخي وأكثر مردوداً اقتصادياً، إضافة إلى ما اشتملت عليه من توجيهات قيمة لتعزيز الحركة التنموية في المملكة، كما ثمن دعم ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس الوزراء، لهذا القطاع الحيوي.وأشاد الأنصاري في حوار خاص لوكالة أنباء البحرين (بنا) بدعم وزير النفط الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، الذي تابع تطور المشروع بشكل تفصيلي منذ نشوء الفكرة إلى أن تم إثباتها بالأدلة العلمية عن طريق حفر أول بئر استكشافي، موضحاً أن حجم موارد حقل خليج البحرين المكتشف تقدر بحوالي 80 بليون برميل، وهو يمثل أكبر اكتشاف نفطي في تاريخ البحرين، ما سيحدث ثورة صناعية نفطية إنتاجية ضخمة سيترتب عليها ثورة اقتصادية مستقبلية كبيرة، مؤكداً دور العنصر الوطني الحاضر بقوة، في ظل إيمان كامل بطاقاتهم وقدراتهم.وأشار الأنصاري إلى أن اكتشاف حقل خليج البحرين يمثل قصة نجاح مكتملة الفصول تسجل في تاريخ المملكة بسواعد وجهود شبابها المتفاني المخلص، مبدياً فخره واعتزازه بأن يكون العمل على هذا المشروع منذ ولادة الفكرة حتى اليوم بسواعد بحرينية خالصة وبإشراف كادر بحريني كامل بنسبة 100%، مؤكداً أن المشروع مبني على صناعة معرفية نفطية جديدة ومتطورة تتطلب تخصصات ومهارات جديدة في القطاع.مشيراً إلى أن إدارة الاستكشاف والإدارات الأخرى بشركة تطوير للبترول تبذل حالياً جهوداً كبيرة من أجل عمل مخططات فنية تفصيلية لأفضل الأساليب والتقنيات التي تمكن من استخراج النفط من الحقل المكتشف بأقل تكلفة وأفضل الطرق الفنية، واصفاً العمل الذي يقوم به الكادر البحريني بالعمل الجبار والضخم رغم العدد المحدود، حيث يتكون الفريق من 8 متخصصين بينهم سيدتان في مجال جيولوجيا البترول والهندسة، إضافة إلى 12 موظفاً في التخصصات اللوجستية والفنية المساندة.حقل خليج البحرين.. فرضية علمية تحولت لاكتشاف بأيدٍ بحرينية مخلصةوتطرق الأنصاري إلى قصة اكتشاف حقل خليج البحرين منذ أن بدأت كفكرة عام 2009 قائلاً: "كان لدينا آبار تعمل عليها شركة أمريكية متعاقدة مع الحكومة لتنفيذ مشروع تنقيب واستكشاف عن النفط والغاز في مياه البحرين، وخلال حفر هذه الآبار قمت برصد بعض المظاهر الجيولوجية التي ولّدت لديّ فكرة وجود هذا الحقل، ورغم أن هذه الآبار حفرت لأهداف جيولوجية أخرى فإنني استطعت جمع كثير من المعلومات الجيولوجية عن الطبقة المستهدفة تمهيداً لدراستها وتقييمها جيولوجيا، وعلى أساس ذلك تكونت لديّ نظرية علمية تحتاج إلى الإثبات. وعليه شكلنا فريق عمل مصغراً لبحث فرص تحويلها إلى حقيقة علمية، وبدأنا باختيار الطلبة المميزين والمتفوقين في مدارس البحرين لدراسة التخصصات الجيولوجية والهندسية التي نحتاجها لإثبات نظرية وجود حقل خليج البحرين، وبالأخص جيولوجيا البترول والجيوفيزياء، وبما أن هذه التخصصات غير متوافرة بالجامعات البحرينية، قمنا بابتعاث الطلبة إلى جامعات عالمية مرموقة ومتابعة تطور دراستهم بجميع مراحلها إلى حين التخرج، ومن ثم إدماجهم في العمل مباشرة، واستغرقت خطة التأهيل هذه ما يقارب 5 سنوات إلى حين امتلاكهم القدرة على الخوض في هذا العمل الضخم والدقيق في آن واحد".واسترسل قائلاً: "قام الفريق الفني للاستكشاف بجمع المعلومات الجيولوجية المتوافرة وتكوين قاعدة بيانات فنية مهمة ثم بناء نموذج جيولوجي ثلاثي الأبعاد للمنطقة ودراسته بالتفصيل تمهيداً لوضع خطة الاستكشاف الفعلي، ومع نهاية البحث العلمي تم وضع مقترح فني شامل للاستكشاف عام 2016، ونفذت عملية حفر أول بئر استكشافي في مارس 2017. وفي الرابع من شهر سبتمبر 2017 تدفقت أول كمية من النفط الصخري وانطلقت شعلة الغاز من البئر لتحول النظرية العلمية إلى واقع واكتشاف نفطي ضخم، والجدير بالفخر أن فريق العمل أظهر احترافية علمية وفنية متكاملة وعالية المستوى وقدم نتائج وفق معايير صناعية معتمدة يمكن عرضها ومناقشتها مع شركات النفط العالمية والشركات المتخصصة الكبرى في هذا المجال".الدور المهم لتقنيات الاستكشاف المتطورةوأضاف الأنصاري: "كانت حقول النفط في السابق تحدد عن طريق بعض المظاهر الجيولوجية السطحية، التي يمكن رؤيتها بسهولة نسبياً، فحقل البحرين (عوالي) اكتشف عام 1932 نتيجة مسح جيولوجي لسطح جزيرة البحرين، إذ كان الشكل الجيومورفولوجي لسطح جزيرة البحرين يعتبر من أهم الشواهد لاحتمالية وجود النفط، إضافة إلى بعض الشواهد الأخرى مثل التسربات النفطية في بعض المناطق المعروفة، مثل عين قارة، حيث كان صناع السفن الخشبية يستخدمون هذا النفط المتسرب في صناعة السفن كما كان يستخدم لعلاج بعض الأمراض الجلدية.وعلى هذا الأساس استدل الجيولوجيون في ذلك الوقت من هذه الشواهد المرئية على وجود نفط تحت جزيرة البحرين، وتم اكتشاف الحقل الأول عام 1932، ومع استمرار الاكتشافات ظهرت تحديات جديدة، فاليوم نستكشف عن حقول موجودة على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض ليس لها أي شواهد أو مظاهر سطحية يمكن رؤيتها أو التعرف عليها، إضافة إلى تحديات تكنولوجية وفنية تتعلق بطرق إنتاج النفط عن طريق تكسير الصخور هيدروليكياً لتحرير النفط منها.وأوضح المهندس يحيى أن فريق الاستكشاف يقوم حالياً بدراسة التقنيات المطلوبة لإنتاج حقل خليج البحرين والتنسيق مع الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.وأشار مدير عام الاستكشاف والتطوير بشركة تطوير للبترول إلى أن تفاصيل التقنية المستخدمة لا تقتصر على اعتماد تقنية التكسير الهيدروليكي للصخور، وهي التقنية المستخدمة في أمريكا، ولكن ما نتحدث عنه هو كيفية تكييف هذه التقنية مع طبيعة طبقات الأرض لدينا بصخورها التي تختلف في تكوينها عن الطبقات الصخرية في الحقول الأمريكية، إضافة إلى بنية تحتية وجزر ستدفن وتمديدات ستتم تحت البحر، فضلاً عن توفير وسائل النقل المناسبة.وأكد أنه سيتم الاعتماد في هذا المشروع الحيوي على تقنيتين مهمتين، هما تقنية الحفر الأفقي لمسافات طويلة، وتقنية التكسير الهيدروليكي لإنتاج النفط الصخري، لتحويله من مرحلة الاكتشاف إلى اعتماده كحقل منتج ذي جدوى اقتصادية ملموسة.دعوة الشركات العالمية المتخصصة للاستثمار في حقل خليج البحرينوأوضح الأنصاري أن الشركات الأمريكية أول من اكتشفت النفط الصخري في أمريكا، وهي الأكثر تعاملاً معه، ويرتبط عملها بشكل مباشر بوضع سعر النفط في العالم، وأضاف أن الإعلان عن خمس سنوات فاصلة للاستثمار في حقل خليج البحرين جعلنا نبدأ بعرض ما لدينا من حقائق علمية وبيانات فنية على الشركات العالمية المتخصصة في حقول النفط غير التقليدي لجذبهم للاستثمار في حقل خليج البحرين تمهيداً لاختيار الأنسب منها لتنفيذ مشروع التطوير والإنتاج منه. وأكد الأنصاري اعتماد التوازن ما بين التكلفة المعقولة والطرق الناجعة على أن تكون سريعة وآمنة في الوقت نفسه، والباب مفتوح لعمل التجارب أمام جميع الشركات المتخصصة، حيث تم التواصل مع أكثر من 60 شركة نفط عالمية، ويتم التواصل حالياً مع أربع منها على أعلى المستويات.وقال: "نأمل تحسن أسعار النفط من جهة وتقديم مملكة البحرين بجهود من معالي الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، وزير النفط، التسهيلات اللازمة والمشجعة على بدء العمل مع هذه الشركات، وإثبات الجدوى والفائدة لكل من سيعمل تحت مظلة هذا المشروع".حقل خليج البحرين والمستقبل الواعدوقال الأنصاري: "وللمقارنة فإن حقل البحرين المكتشف عام 1932 هو حقل منتج حتى اليوم، ويقدر بـ9 بلايين برميل حيث لم ننتج منه إلى الآن سوى 12% فقط، وفي المقابل نتحدث عن اكتشاف آخر ضخم جداً بحجم 80 بليون برميل، وهو حقل يحتاج إلى بنية تحتية خاصة ومرافق وأنابيب نقل، وتقنيات مجهزة بحسب مراحل التنقيب والإنتاج المتبعة، وكل ذلك يحتاج إلى التأني في العمل وتخطيط دقيق، فهذا الجهد حتماً سيصب في نماء البحرين ورفاه الأجيال القادمة، فبمجرد أن يرى إنتاج هذا الحقل ستكون الأمور أكثر سهولة للتوسع واستقطاب الاستثمارات من العالم، والتي سيصاحبها حركة توظيف كبيرة وخلق صناعات نفطية إنتاجية محلية".وأوضح أنه يوجد أكثر من 2000 بئر في حقل البحرين بين بئر قائم وبئر انتهى العمل به، فكيف بحقل جديد ذي سعة مضاعفة، وندرس حالياً التوجه لحفر 8 آبار جديدة في البحر، وهنا نحن نتحدث عن عمق 8000 قدم رأسي قد يمتد إلى 13 ألف، وامتداد أفقي يبدأ من 3 آلاف قدم قد يصل إلى أكثر من 10 آلاف قدم، وحالياً العمل جارٍ على رصد حدود الحقل لاختيار أنسب المواقع للحفر.صناعة معرفية نفطية.. تخصصات فنية جديدة وفتح سوق العمل للبحرينيينوأكد الأنصاري أن مشروع حقل خليج البحرين مبني على صناعة معرفية نفطية جديدة ومتطورة تتطلب تخصصات فنية جديدة في القطاع النفطي، منها جيولوجيا البترول والجيوفيزياء وهندسة الحفر وهندسة التكسير الهيدروليكي، وذلك للمضي قدماً في واحد من أهم وأكبر المشاريع الإستراتيجية الوطنية على الإطلاق، مشيراً إلى أنه تم مؤخراً توظيف عدد من البحرينيين بمختلف التخصصات الفنية المطلوبة للعمل في هذا الحقل الجديد، ومن المأمول أن تزداد حركة التوظيف بشكل كبير مع بدء الإنتاج الفعلي خلال السنوات القادمة.وأكد مدير عام الاستكشاف والتطوير بشركة تطوير للبترول أن تطوير حقل خليج البحرين غير التقليدي يتطلب استخدام واعتماد تقنيات فنية جديدة ومتطورة ومعقدة من قبيل عمليات التكسير الهيدروليكي المتعدد المراحل للطبقات المصمتة لإنتاج النفط منها، إضافة إلى أن هذه العمليات ستطبق في المواقع البحرية لا على اليابسة، وللعلم إننا أول من قام بتطبيق هذه التقنيات المتطورة في عمليات حفر بئر خليج البحرين الاستكشافي بهذا الحجم وبابتكار طرق عمل ووسائل إبداعية أول مرة بإشراف كامل من أعضاء فريق الاستكشاف بشركة تطوير للبترول.وأضاف أن هذا الإنجاز شجع وحفز أعضاء فريق الاستكشاف لإعمال العقول البحرينية لمزيد من الابتكار والإبداع في عمليات هذا المشروع الإستراتيجي، وقال: "نحن مقبلون على مرحلة إنتاج مبدئية أو تجريبية وسوف ترتبط بهذا المشروع الإستراتيجي صناعات جديدة وتوظيف للشركات الكبرى في هذا المشروع مثل شركة أسري التي تعاملت معها شركة تطوير للبترول لتوفير بعض المعدات، إضافة إلى البتروكيماويات والحديد والصلب وألبا وغيرها ممن سنعمل معها مستقبلا".حقل خليج البحرين.. مستقبل واعد وقفزة صناعية اقتصاديةواختتم يحيى الأنصاري حديثه لوكالة أنباء البحرين بالتأكيد أن الإعداد الجيد والكبير لهذا المشروع الحيوي سوف يسهم في نجاح تنفيذ مراحل تطوير حقل خليج البحرين، والذي بدوره سيحقق قفزة صناعية واقتصادية واعدة تسهم في دفع عجلة التنمية والازدهار لمملكة البحرين وشعبها الكريم.