أكد سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، أن الشراكات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط ضرورية للحفاظ على الأمن الإقليمي والوطني، وقال إنه لا توجد دولة في المنطقة، أو ربما حتى في العالم، يمكنها ضمان أمنها بمعزل عن غيرها، مضيفًا أن العقود الأخيرة أكدت بوضوح أن أمن الخليج والشرق الأوسط يتم حمايته بشكل أكثر فعالية عندما تعمل البلدان معًا مع الحلفاء الإقليميين ومع الشركاء الدوليين، مؤكدًا أنه سيتم تعزيز هذه الديناميكية في السنوات القادمة.
وأكد سعادة وزير الخارجية أن التعاون الأمني ضروري، إلا أنه لا يكفي بمفرده لضمان السلام والاستقرار الإقليميين، مشيرًا الى أن هناك حاجة إلى شراكات أوسع بكثير؛ وخاصة مع تلك الدول التي تعترف بالأمن بمعناه الأوسع؛ وتلك التي تفهم عددًا كبيرًا من الروابط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلاقات بين الناس والتي تعتبر أساسية للسلام الحقيقي، قائلاً إن هذا الأمر صحيح في الشرق الأوسط تمامًا كما ثبت بشكل متكرر في مناطق وقارات أخرى في جميع أنحاء العالم.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها سعادة وزير الخارجية اليوم الأحد، في الجلسة العامة الختامية لمؤتمر حوار المنامة في دورته السادسة عشرة بعنوان: " شراكات أمنية جديدة في الشرق الأوسط".
وأشار سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني إلى أن أهم تطور حدث في منطقة الشرق الأوسط في هذا العام كان التوقيع على إعلان مبادئ إبراهيم، والفرصة التي وفرها لنا لإقامة شراكات جديدة حقيقية للأمن الإقليمي، وقال إنه بينما ننظر إلى الشراكات والتعاون الأمني الجديد والراسخ على حد سواء، يجب أن ننظر إليها من حيث كيفية مساهمتها في الأمن الإقليمي، بدلًا من رؤيتها على أنها تستهدف أي دولة أو مصلحة.
وقال إن هدفنا الشامل يجب أن يكون على الدوام هو حماية مصالحنا الوطنية والمشتركة في إطار منطقة تتمتع بالأمن والاستقرار والسلام الذي يعود بالنفع والخير على جميع دولها وشعوبها، مشيرًا إلى أنه عند تقييم وتطوير شراكات أمنية "جديدة"، يجب أن لا نغفل عن الشراكات التي خدمت المنطقة جيدًا لعقود عديدة، ويجب أن يُنظر إلى الشراكات الجديدة على أنها مكملة للشراكات القديمة وليست بديلة لها.
وأوضح أنه يجب أن يكون أي أمر من شأنه تعزيز التعاون أكثر من المواجهة مفيدًا للأمن الإقليمي، خصوصًا أن النهج السابق على مدى عقود عديدة لم يحقق إلا القليل جدًا في حل المشكلات الأساسية، مضيفًا أنه من خلال إنشاء وتعزيز سبل جديدة للتعاون الأمني، سنكون مجهزين بشكل أفضل لتحديد وتقييم وردع ومعالجة أي تحديات محتملة للأمن الإقليمي، وبالطبع يجب أن يكون هذا الأمر مفيدًا للدول المعنية ولكن أيضًا للشرق الأوسط بمفهومه الواسع.
وقال سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني إنه منذ التوقيع على إعلان مبادئ إبراهيم، أظهر نهج الدول الإقليمية الثلاث، مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة إسرائيل، بوضوح أن هذا التعاون ليس تعاونًا ضيقًا وتعامليًا يركز على الأمن، فبدلاً من ذلك، عملت البلدان الثلاثة بسرعة لتطوير تعاون واسع وعميق يضمن تعزيز البعد الأمني بقوة من خلال جميع الجوانب الأخرى والتي تعتبر أساسية جدًا للأمن الشامل والدائم، مؤكدًا في هذا الصدد أنه بالنسبة لمملكة البحرين فإن التعاون الجديد مع دولة إسرائيل ليس رد فعل على أي تهديد ولا يستهدف أي دولة، وإنما هو خطوة استباقية تهدف إلى المساعدة في توطيد الأمن والاستقرار والازدهار للشرق الأوسط بأكمله ودوله وشعوبه.
وأضاف في السياق ذاته أن الهدف النهائي المثالي سيكون الوصول إلى هيكل أمني إقليمي يشمل جميع دول الشرق الأوسط على غرار تكتلات التعاون الأمني الأخرى في أماكن أخرى من العالم، وسيتعين علينا أن نبدأ ببناء شراكات فردية ثنائية ومتعددة الأطراف تثبت قيمتها بمرور الوقت الأمر الذي سيشجع الدول الأخرى على المشاركة لاحقًا.
وقال إن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين على النحو المتصور في مبادرة السلام العربية، من شأنه أن يحمي حقوق ومصالح وأمن جميع الأطراف، وسيثبت بما لا يدع مجالًا للشك قيمة وأهمية العمل المشترك لحل القضايا المعلقة، وعلاوة على أن ذلك سيزيل أخيرًا الذريعة المستخدمة لتبرير بعض التهديدات التي رأيناها للأمن الإقليمي، سواء كانت من دول أو جهات فاعلة غير حكومية، وقال إننا نريد أن يكمل هذا التعاون علاقاتنا الحالية، لا أن يحل محلها، مؤكدًا أن من الضروري أن يقدم أصدقاؤنا وحلفاؤنا في المجتمع الدولي أقوى وأوسع دعم ممكن لهذه الجهود في تحقيق الأمن الإقليمي الحقيقي والحفاظ عليه وفي حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأكد سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورًا فعالًا في تحقيق إعلان مبادئ إبراهيم، وبلا أدنى شك ستستمر في لعب دور مستمر وحيوي في الأمن الإقليمي، معربًا عن أمله أن تشهد المنطقة شراكات متجددة ومضاعفة مع حلفاء دوليين آخرين يشاركون ويدعمون رؤيتنا لشرق أوسط يسوده الأمن والسلام والازدهار.
وفي نهاية الجلسة الحوارية الختامية أعرب سعادة وزير الخارجية عن بالغ الشكر والامتنان لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس الوزراء، حفظه الله، على الثقة الكبيرة التي تجلت في تنظيم حدثين عالميين مهمين، سباق الفورمولا 1، ومؤتمر حوار المنامة، ووسط ظروف صحية طارئة بسبب تداعيات (كوفيد 19)، الأمر الذي يعكس العزيمة والإرادة والتصميم الذي تتحلى به القيادة وشعب مملكة البحرين، معربًا عن تمنياته للمملكة بدوام العزة والرفعة والرقي.