تعد مملكة البحرين من الدول الرائدة في مجال الصحة والرعاية الطبيّة نظراً لما حققته من إنجازات مشهودة طوال مسيرتها التنموية، وقد حظيت الرعاية الصحية باهتمام بالغ كونها ضمن أولويات برامج الحكومة التنموية، وعملت منذ أوائل التسعينات في سبيل تحقيق مبدأ "الصحة للجميع" بما فيهم المواطنين والمقيمين.وقد حققت البحرين في السنوات الماضية تقدماً ملموساً في قطاع الرعاية الصحية عبر تحسينها لفرص الحصول على خدمات الرعاية الطبية الأولية والثانوية والثلاثية، وتطويرها المستمر للبنية التحتية القوية للرعاية الصحية، وأثبتت أزمة جائحة كورونا في الآونة الأخيرة جودة القطاع الصحي الرفيعة، حيث حصلت المملكة على إشادة دولية واسعة في طرق تعاملها مع الجائحة وتصديها للفايروس.وبهدف تطوير الرعاية الصحية ورفع مستويات الجودة المقدمة للمواطنين والمقيمين، عمل المجلس الأعلى للصحة على تنفيذ مبادرات تضمن الاستخدام الأمثل للموارد وحماية صحة الإنسان وتعزيزها، وركز الجهود لإيجاد البدائل المناسبة لتمويل النظام الصحي بطريقة مستدامة، حيث أطلق المجلس استراتيجية التسيير الذاتي للمستشفيات الحكومية والصحة الأولية، وهي أحد المحاور المهمة في مشروع الضمان الصحي الوطني في مملكة البحرين، وتسهم في تعزيز جودة الخدمات الصحية وفق أعلى المعايير العالمية.ومن أهداف برنامج الضمان الصحي، توفير منظومة صحية متكاملة ذات جودة عالية، تتسم بالمرونة والاستدامة، وتكفل الحرية للجميع في اختيار مقدم الخدمة الصحية. كما ويعنى البرنامج بتقديم خدمات صحية عادلة، تمتاز بالتنافسية، ضمن إطار يحمي حقوق كافة الأطراف.التسيير الذاتي في الصحة الأوليةتعتبر الرعاية الصحية الأولية حجر الأساس للخدمات الصحية في مملكة البحرين، وهي نقطة الاتصال الأولى للفرد بالرعاية الصحية، وتشمل على العديد من الخدمات ليتمتع الفرد بصحة سليمة، ومن ضمن هذه الخدمات تعزيز السلوكيات الصحية والاكتشاف المبكر للأمراض والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل.ويأتي مشروع التسيير الذاتي، ليعزز هذه المبادئ بخلق منظومة للصحة الأولية، مدارة ذاتيا من قبل مجلس الأمناء وإدارة الصحة الأولية، تقدم خدمات صحية متكاملة ومستدامة، وتعمل بعدالة وكفاءة وجودة عالية. ويهدف المشروع الى دعم النظام الصحي القائم على الرعاية الأولية، وزيادة حرية الاختيار، والاستفادة من فوائد "طب الأسرة" ونهجه الشمولي، كما ويهدف الى تنفيذ أساس حاسم للاستقلالية النهائية للرعاية الصحية الأولية، وتحويل الميزان نحو تعزيز الصحة والوقاية وتحسين الجودة.وقد وضعت هذه الاستراتيجية التصور الفعلي للمنظومة المستقبلية، من ساعات العمل، ومنهجية الفحص في المختبر المركزي، وتأسيس مراكز الحالات العاجلة، والخط الساخن الى خطة التوظيف والحوافز، وآلية تمويل الخدمات.هذا وقد تم التطبيق المبدئي لمشروع اختر طبيبك، الذي يهدف الى تعزيز دور طبيب العائلة للفرد، والأسرة، والمجتمع، لينال رضى المراجعين والأفراد، ويساهم في تطوير المؤشرات العلاجية لما يتسم به البرنامج من سلاسة في متابعة المرضى واستمرارية تلقيهم للرعاية والعلاج.التسيير الذاتي في المستشفيات الحكوميةتمنح الاستراتيجية المستشفيات الحكومية الحرية على اخذ القرارات لإدارة شؤونها التشغيلية من قبل مجالس أمناءها وإدارتها المعينة حسب اللوائح المالية والموارد البشرية والحد من المركزية في اتخاذ القرارات الداخلية ، ويهدف التسيير الذاتي إلى تحقيق رفع مستوى الرعاية الصحية والاستدامة المالية والتنافسية والشفافية والعدالة وحرية اختيار المريض لجهة العلاج.وتأتي استراتيجية التسيير الذاتي لتضمن استمرارية كافة الخدمات الصحية المقدمة بأنواعها، لتكون ذات جودة عالية وتتسم بالتنافسية. ومن أهدافها المرجوة، تقليل وقت الانتظار للخدمات التشخيصية والعلاجية وتعزيز الخدمات والارتقاء بها لتقليل الحاجة لإدخال المرضى الى المستشفيات. ذلك بالإضافة الى توفير حرية الاختيار للمواطن من بين المستشفيات الحكومية لتلقي كافة الخدمات بالمجان. هذا وستقوم الحكومة عن طريق رزم صحية اختيارية بدعم المواطن في تلقي العلاج في المؤسسات الصحية الخاصة.