أكد صيادون بحرينيون تعرضوا لانتهاكات غير قانونية من قبل السطات القطرية أثناء ممارستهم الصيد في المياه الإقليمية، التعنت الكبير والاستهداف الواضح لاعتقال العاملين على أي قارب في البحر، مبينين أن الدوحة تتقصد تخريب الطراريد وتسليمها بعد حدوث إتلاف متعمد دون مراعاة أبسط حقوق الإنسان.واستعرضوا في ندوة نظمتها "الوطن"، قصصاً مروعة واجهتهم، أثناء ممارسة هواية الصيد، من بينها دخول خفر السواحل القطري إلى مناطق بحرينية وإشهار السلاح عليهم لإجبارهم على التوجه إلى قطر وتسجيل ما يفيد دخولهم المياه القطرية على خلاف الحقيقة.وشارك في الندوة كل من رئيس جمعية قلالي للصيادين محمد الدخيل، والبحارة جعفر عبدالوهاب، وعبدالإله عبدالكريم، وحميد عيسى يعقوب، وعيسى راشد، حيث نوهوا بالمعاملة غير الإنسانية من قبل السلطات القطرية، والأوضاع المزرية في السجون.وفيما أكد الدخيل أن جمعية قلالي للصيادين تلقت 30 شكوى من انتهاكات قطر خلال عامين، قال البحار يعقوب: "تم سحب طرادي إلى قطر واعتقالي 20 يوما تم التجديد لي فيها من قبل النيابة ثلاثة أسابيع دون الاستماع إلى أقوالي البتة".وشاطره الرأي البحار جعفر عبدالوهاب في الانتهاكات الطائلة التي تنتهجها سلطات قطر، مبيناً في الوقت نفسه أنه حاول التحدث إلى القاضي لتبرئة نفسه، إلا أن القاضي رد بـ"اسكت".وثمنوا التوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، ببحث قضيتهم العادلة، وجهود الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء.. وفيما يلي نص الندوة:
"الوطن": ما دور جمعية قلالي للصيادين في رصد الانتهاكات القطرية، وهل يلجأ إليكم صيادون من مناطق أخرى؟
-الدخيل: الجمعية كانت من أول الجمعيات التي تتواصل مع الصيادين وتتابع مشاكلهم، وذلك ليس على مستوى منطقة قلالي فقط ولكن من جميع محافظات المملكة، واستطاعت أن تصل إلى حلول كثيرة بالتعاون مع الجهات المختصة لمشكلات الصيادين.لكن زادت الشكاوى خلال العامين الماضيين بشأن الانتهاكات القطرية والهجوم غير المبرر على طراريد الصيادين والقبض عليهم دون وجه حق، وسجنهم والاستيلاء على طراريدهم وتغريمهم مبالغ خيالية تسببت في خسائر فادحة لهم، إذ بلغ ما تلقته الجمعية من شكاوى من الصيادين المتضررين، بين 25 إلى 30 شكوى خلال عامين فقط.ولم تكن الشكاوى بشأن الصيد والتعامل القطري المؤسف مع الصيادين البحرينيين مقتصرا على العامين الماضيين فقط، ولكنه ممتد لسنين طويلة، وهناك عشرات الروايات التي يسردها البحارة عن المعاناة المستمرة مع السلطات القطرية، حيث أصيب أحد البحارة بطلق ناري في عام 2010، والبحار الذي توفي في عام 2009، ولا يجد البحارة تفسيرا لتلك المطاردات المحمومة من قبل السلطات القطرية.وقال "هل مثل هذه المعاملة تأتي من دولة المفترض أننا مرتبطين معها بوشائج قرابة وجيرة ولنا فيها أهل؟".. لكن المؤكد في تلك الأحداث أنها تأتي من قبل السلطات القطرية وبتوجيهات من قيادتها.
"الوطن": ما تفاصيل الشكاوى الواردة من الصيادين بشأن تعدي السلطات القطرية عليهم؟
- الدخيل: جميع الشكاوى تتحدث عن القبض على الصيادين واقتيادهم تحت قوة السلاح إلى داخل قطر وتسجيل إقرارات عليهم بأنهم دخلوا إلى مناطق قطرية، ثم إحالتهم للسجن والمحاكمة وتخييرهم بين السجن أو الغرامة المبالغ فيها، ومصادرة الطراريد لفترات طويلة تقضي على صلاحية الطراد والمكائن.. اجتمعت الجمعية أكثر من مرة مع الصيادين وطرحت القضايا للنقاش وقامت بتوصيل أصوات الصيادين إلى الجهات المعنية.لكن ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين من تعنت قطري واحتجاز لبحارة أبرياء خرجوا ليرتزقوا ويعودوا لعوائلهم بما يسد حاجتهم، وما تبعه من رد فعل بحريني وتحرك مكثف من قبل القيادة ممثلة في جلالة الملك المفدى وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء، ووزير الداخلية، يمثل لنا عودة للروح في استعادة الحقوق الضائعة للصيادين، وبارقة أمل لإيجاد حلول تضمن معايير الأمان بشأن الإبحار والصيد.أنا لا ألوم الصيادين الذين يأتوننا ويتحدثون بحرقة، لما تعرضوا له من ظلم فاحش من السلطات القطرية وما خسروه من أموال، لأن تلك الطراريد هي ذراعهم التي يسعون بها للرزق، وما أن يسلب طراد من أي بحار فهذا يعني بالنسبة له الموت.فما بعد الخسارة المتمثلة في فقدان الطراد، يبدأ الصياد في البحث عن طريقة لشراء طراد آخر والاستدانة من البنوك أو الأشخاص، والوقوع فريسة ما بين أقساط القروض والخوف من فقدان مصدر رزقه مرة أخرى، ولذلك نحن لا نتحدث عن أضرار فردية، بل أضرار للكثير من العوائل البحرينية.
"الوطن": هل حدثت معك وقائع مماثلة أثناء الإبحار؟
- الدخيل: نعم في عام 2011، كان لدي طراد تمت ملاحقته حيث كان عليه عمال آسيويون، وقامت دوريات قطر بالقبض عليهم واقتيادهم لقطر وسجن العمال 4 أشهر، ثم تسفيرهم إلى بلدانهم دون جوازات سفرهم التي كانت في البحرين، واحتجزوا طرادي لمدة 4 أشهر، لكن بقاء الطراد في الفرضة وتعرضه لصدمات الحجارة والحصى بسبب حركة الأمواج والتيارات الهوائية، سببت تلفيات كبيرة في هيكله.إلا أن إخوانا لي في قطر ساعدوني على إصلاحه واستعادته، حيث قاموا برفعه على شاحنة وجلبه إلى البحرين، ودفعت مبالغ طائلة لتصليحه وإعادته للعمل مرة أخرى.
"الوطن": لماذا يذهب الصيادون إلى تلك المناطق؟
-الدخيل: هذه المناطق هي هيرات بحرينية يعرفها جميع الصيادين سواء في البحرين أو حتى أهل قطر، وهو ما أكد عليه وزير الداخلية في مقابلته مع الصيادين مؤخرا.. كما إن جميع أهل المناطق الشمالية بقطر هم بحرينيون ويعرفون أن تلك الهيرات بحرينية، ولذلك لا يستطيع الصيادون البحرينيون نسيان هذه الأماكن وعدم الصيد فيها وترك خيراتها.
"الوطن": وماذا عن الانتهاكات التي حدثت بحقكم من قبل السلطات القطرية؟
- عبدالوهاب: لم تكن واقعة واحدة بل تم القبض عليّ مرتين في عامي 2011 و 2012 من قبل السلطات القطرية، حيث خرجت في عام 2011 مع صيادين إلى بحر الرميث الذي أبحر إليه منذ أن كان عمري 15 عاما وقبل 40 عاما من اليوم، وتفاجأنا بقوات خفر السواحل القطرية تأتينا من داخل المياه البحرينية وتجبرنا على التوجه معهم إلى منطقة الرويس، وقضيت في السجن شهرا وتم تغريمي بـ 1600 دينار، وتوقيف الطراد لمدة 6 أشهر.وعند انتهاء فترة سجني قالوا إننا سنسلمكم لخفر السواحل البحرينية، فقلت لهم: "كيف أرجع دون الطراد الذي هو مصدر رزقي الوحيد وأدفع له أقساط قرض من بنك التنمية"، لكنهم تجاهلوا شكواي وكأنني أتحدث إلى الفراغ.
"الوطن": وماذا عن التحقيقات وجلسات المحاكمة وهل من غرامات فرضت عليكم؟
- عبدالوهاب: لم يكن هناك لا تحقيقات ولا محاكمة عادلة، فقد تم اقتيادي إلى النيابة لإجراء تحقيق لكنهم لم يمنحوني الفرصة للدفاع عن نفسي، وقرروا حبسي 15 يوما على ذمة القضية، ثم ذهبت إلى المحكمة، وحاولت حينها التحدث إلى القاضي لأبرئ نفسي من واقعة دخول المياه القطرية لكن رده كان "اسكت"، وقضى بغرامة 1600 دينار.ورغم أنني دفعت الغرامة إلا أنهم احتجزوني 15 يوما آخرين لأكمل شهرا في السجن وبما لم يحكم به القاضي الذي اقتصر حكمه على الغرامة في أول مرة.وتم تغريمي وتسليمهم الطراد، وعندما سألت عنه أبلغوني بأنه محجوز عليه لمدة 6 أشهر، فأبلغتهم بأن الحكم لم يتضمن الحجز على الطراد، فأجابوا بأنه "أمر إداري يصدر من قائد خفر السواحل"!، وبعد 6 أشهر عدت إليهم لاستلام الطراد فما كان منهم إلا أن زادوا شهرين آخرين بأمر إداري جديد.وبعد مرور 8 أشهر لم أجد في الطراد ما يستحق استعادته لأنه تعرض لتلف كبير بسبب الإهمال المتعمد، حيث يتم سحب القوارب بأسلوب يتقصد تخريبه بحيث لا يستفيد منه صاحبه مرة أخرى.واضطررت لطلب قرض آخر من بنك البحرين للتنمية لأني لا أستطيع العمل دون طراد، لكن وقعت مرة أخرى في نفس المشكلة عام 2012، وفي نفس الموقع، "بحر الرميث" حيث دخلت الدوريات القطرية إلى منطقة هير العظم وهددوني بالسلاح، وأطلقوا النار على ماكينة الطراد وهيكله، ثم تم اقتيادنا إلى السجن 15 يوما، ومنها إلى المحكمة التي حكمت بغرامة 5 آلاف دينار أو السجن سنة، واضطررت لأخذ قرض من جزاف لدفع الغرامة والعودة للبحرين.أتساءل أين هذا البحر الذي يعوضني بحيث أستطيع سداد القروض التي أخذتها سواء من البنك أو من الجزاف؟. وبعد أن عدت إلى البحرين واسترجعت الطراد اكتشفت أنه أيضا لن يصلح مرة أخرى للصيد، واليوم لا أستطيع الخروج للصيد ولا أستطيع الاستدانة مرة أخرى، وبسبب قطر أصبحت اليوم في دوامة لا أعرف طريقا للخروج منها.لدي زوجة و5 أولاد كلهم يعملون في البحر، وفي واقعة اعتقالي الثانية، كان برفقتي ابني الأكبر وحينها كان عمره لم يتجاوز الثامنة عشرة، وسجنوه معي، وبعد ساعة في السجن تفاجأت بحضور أكثر من صياد بحريني تم القبض عليهم في ذات اليوم، والغريب أن كل من تم القبض عليهم في هذا اليوم، أدانتهم المحكمة بالغرامة 5 آلاف دينار، دون تفرقة بين واقعة وأخرى، وهو ما يؤكد أن القضاء القطري لا يحكم بالعدل.- عبدالكريم: ولله الحمد لم تتمكن السلطات القطرية من توقيفي أبدا، لكن المناوشات ظلت مستمرة معهم وفي كل مرة أخرج للبحر تطاردني قواربهم، لكن بسبب صغر حجم قاربي والقدرة على الدخول به إلى مناطق ضحلة، لا يتمكنون من الدخول إليها بقواربهم الكبيرة، فحين أراهم قادمين من مسافة بعيدة، أسارع بالدخول في المياه الضحلة، وأنتظر حتى يغادرون.أتذكر أن أحد البحارة حذرني منهم لأنهم توعدوا عند الإمساك بي فلن يرحموني، ويعرفون قاربي تحديدا وينتظرون اللحظة التي أقع فيها بين أيديهم بسبب المناورة التي أقوم بها في كل مرة.
"الوطن": هل هذا الأسلوب يعطيك الفرصة في الصيد أكثر من القوارب الأخرى؟
- عبدالكريم: القوراب الصغيرة ذات إمكانيات محدودة، ولا تستخدم في الصيد عادة، أنا حالياً أعمل بالقارب "تاكسي" لتوصيل بعض الهواة إلى مناطق الغوص والسباحة، وفي إحدى الوقائع كنت في بحر الرميث وشاهدتهم قادمين، فتوجهت إلى منطقة الحصى بسرعة، وتوقفت لساعات في المياه الضحلة منتظرا الفرصة للهرب من الدوريات البحرية القطرية، الذين يشعرون بغضب كبير مما أفعله، فأنا أقف أمام ناظرهم ولا يستطيعون الإمساك بي، وهذا يمثل استفزازا لهم.
"الوطن": وهل أطلقوا عليك النار؟ وهل خسائرك معدومة من تعنت السلطات القطرية؟
-عبدالكريم: لا لأنني أكون في منطقة بعيدة عنهم ولا يصل مدى الطلقات النارية إلى هذه المسافة، وهو ما يجعلهم في قمة الغضب من أفعالي، وهددوا أكثر من مرة بأنهم حين يمسكون بقاربي فسيكون العقاب شديداً.نعم هناك خسائر بالجملة، لكن في المجمل حرمنا من الإبحار والصيد في أماكن كثيرة مثل فشت الديبل وشمال الديبل وأم العويشان وغيرها من المناطق التي لا نستطيع الدخول إليها، بسبب المطاردات المحمومة من السلطات القطرية، بل إن هناك صيادين حرموا تماماً من البحر ومنهم من غير مهنته مثلي ومنهم من جلسوا في بيوتهم لأن طراريدهم صودرت من قطر ولا يجدون المال اللازم لشراء بديل عنها، وخسائرهم الفادحة أجبرتهم على مد يدهم للآخرين أو البحث عن تقاعد أو إعانة يقضي بها ما بقي له من عمر.. هؤلاء كانت حياتهم البحر، وعدم قدرتهم على العودة إليه يعني بالنسبة إليهم الموت بما تعنيه الكلمة.هناك نوخذة كبير ومعروف في سترة، ترك البحر بسبب ما حدث معه من السلطات القطرية والخوف من تكرار ما حدث حيث سجن وتم تغريمه أكثر من مرة ومصادرة طراده وحين استعاده وجده لا يصلح للعمل مرة أخرى.
"الوطن":كيف ترى مشكلة الإبحار مع ازدياد مخاطر الاعتقال التعسفي من السلطات القطرية؟
- راشد: أنا بحار منذ زمن طويل، وبلغت من العمر عتيا، ولا أعتقد أن وضعي الصحي وشيبتي ستشفعان لي عند الذين من المفترض أنهم إخواني على الجانب الآخر من البحر، لكن للأسف مبدؤهم في التعامل مع الصياد البحريني هو "لا رحمة ولا شفقة" وكأنها توجيهات تصدر إليهم بذلك ونراها واقعاً ملموساً في صيغة التعامل معنا.إن ما يحدث معنا من تعسف السلطات القطرية، يؤكد أن لديهم تعليمات وأوامر خاصة بالبحرينيين، وتبدو واضحة وجلية في معاملتهم لأي صياد كمثل المهرب وتاجر المخدرات والقاتل والسارق، بل ربما أكثر تعنتا من معاملة المجرمين.دعني أسأل أي بحار أو حتى مواطن لا يعمل في الصيد، كيف يمكن لأي شخص أن يبقى بعيداً عن أهله 6 أشهر أو سنة مسجوناً في بلد آخر ويتركهم دون مورد رزق.فدائما ما تكون الغرامة الكبيرة التي يحكم بها القاضي القطري، كالسيف على رقبة أي بحار يخشى أن يقع يوما في أيدي خفر السواحل القطرية لأنه يعلم بأنها نهاية عمله في البحر وخسارة رزقه وضياع مستقبله ومستقبل أولاده.صراحة، لا أستطيع تحمل أن يتم اعتقالي، ولذلك قررت الاستعانة بعمال أجانب، وبالفعل تم القبض عليهم وسجنهم لمدة "أسبوعين فقط" وإعادتهم بعد ذلك إلى بلدانهم بأسرع وقت ممكن، بينما لو كنت أنا في القارب لبقيت في السجن إلى أن يشاء الله ولدفعت غرامة تقصم ظهري وتضطرني للاستدانة كي أعود لبيتي وأهلي.
"الوطن": وماذا حدث تفصيلا مع العمال الآسيويين؟
-راشد: في اليوم الذي خرجوا فيه كعادتهم للصيد بالطراد، انتظرت أن يعودوا لكن للأسف لم أجدهم وأخبرني أحد البحارة أن خفر السواحل القطرية اعتقلوا العمال وسحبوا الطراد إلى داخل قطر.وفي اليوم التالي، تلقيت مكالمة هاتفية من العامل يبلغني بأنه مسجون في قطر وينتظر التحقيق معه والمحاكمة، وأبلغني بأنهم سحبوا الطراد رغم أنه لم يغادر مياه البحرين بحسب ما يظهره جهاز الملاحة GPS.وعندما طلبت منه التحدث مع الضابط المسؤول عن سبب اعتقالهم، لم يجبني الضابط بشيء سوى أنهم دخلوا إلى المياه القطرية بحسب الإحداثيات، فأكدت له أن الإحداثيات لدى البحارة تخالف رأيه، إلا أنه رفض الحديث وأغلق الهاتف.وعلمت بعد ذلك أنه حكم عليهم بالسجن أسبوعين والإبعاد، على الرغم من أن جوازات سفرهم بحوزتي ولديهم إقامات عمل سارية في البحرين، فبعد شهر تلقيت اتصالاً من العامل الآسيوي يبلغني أنه عاد إلى بلده مجبراً بعد أن ظل في السجن شهرا و3 أيام.وعندما سألت السلطات القطرية عن الطراد أبلغوني بأن عليه حجز 6 أشهر، وبعد انتهاء فترة الحجز أبلغوني بأن هناك تمديدا آخر لفترة الحجز، ولليوم ومنذ 8 فبراير 2018 وأنا أحاول استعادة الطراد الذي لا أعلم هل سيكون صالحاً للعمل بعد قرابة 3 أعوام، وأنا متأكد أنني سأتسلم هيكلاً خرباً وربما لن أفكر في استعادته لأن تكلفة الاسترجاع أكبر من قيمته بعد الإتلاف الذي حدث له.وتتواصل الخسائر حتى في أدوات الصيد "القراقير" التي أتلفت بسبب الإهمال وتركها لمدة طويلة، وكذلك تأشيرات العمال التي خسرت عليها وتذاكر سفرهم، وتوفير سكن لهم، وغيرها من الخسائر غير المباشرة التي لا يمكن حصرها، فحين يتحدث الزملاء عن خسائرهم في الطراريد، ربما لم يذكروا بقية الخسائر الأخرى.
"الوطن": وكيف ترى تلك الأحكام الصادرة من قضاة قطر؟
راشد: من المؤكد أنها أحكاماً ظالمة ولا تمت للقانون بأي صلة، بل أكاد أجزم بأن القاضي ينفذ تعليمات بالتعنت ضد أي صياد بحريني، بإصدار أقصى عقوبة في القانون وحين لا يجد أمامه سوى الغرامة فإنه يقضي بالحد الأعلى منها، ليكون الخيار أمام البحار المسكين إما الدفع أو السجن لمدة سنة.لا يوجد أي إنصاف أو استماع لأقوال المتهم، بل إن الدعوى لا تستغرق سوى بضع دقائق لكي يصدر حكمه بغض النظر عن المستندات التي تؤكد أننا لم ندخل المياه القطرية بحسب الأجهزة والإحداثيات، وإذا اعترض البحار على الحكم يمكن أن يواجه تهديدا بمضاعفة الغرامة في الحال.. وأتساءل: "هل هذا قانون أو عدل أو قضاء مستقل يحكم بين الناس ويمكن الوثوق في أحكامه؟".كما أن السلطات القطرية لا تعرف شيئا اسمه "حقوق الإنسان" في التعامل معنا، فبعد تنفيذ الأحكام القضائية الجائرة بالحجز على الطراريد أو بحبسنا لفترات محددة، نجد السلطات القطرية تمدد الحجز على المعدات وتبقينا في السجن لفترات أطول من المحكوم بها، وعندما تسألهم عن سبب ذلك يقولون "هذه أوامر إدارية" لا علاقة لها بالأحكام القضائية، ويصدرها الضابط المسؤول وبحسب ما يتراءى له.وحين يتم القبض على أي بحار في منطقة بحرينية، يقوم جنود خفر السواحل بسحب قاربه إلى داخل مياه قطر وإجباره على الإقرار بأنه دخل لمنطقة تابعة للمياه القطرية، وذلك تحت تهديد السلاح، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع الرفض أمام هذه التهديدات بإطلاق النار، ولذلك يضطر جميع البحارة للاعتراف الكاذب بأنهم دخلوا إلى المياه القطرية.أود تسجيل الإشادة بالكلمات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى والتي نقلها وزير الداخلية الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إلى البحارة، وأحسسنا فيها بعودة الأمان، ونحن على يقين بأن قيادتنا ستتخذ كافة الإجراءات التي تضمن حق البحار البحريني، وتسترجع حقوقه، فالأيام الماضية شهدت تفاعلا كبيرا لقضيتنا مع هذا التعنت القطري المسيء حتى لمن هم أشقاء وجيران ولديهم صلات قرابة لم تنقطع.
"الوطن": ولماذا برأيك تفعل السلطات القطرية هذه الانتهاكات غير المسؤولة بحق الصيادين البحرينيين؟
راشد: سمعنا من بعض الصيادين وعوائل قطرية تربطنا بها علاقات وطيدة وأقارب هناك، أن أي دورية خفر للسواحل تعتقل صياد بحريني، تحصل على مكافأة، وهو ما يفسر المطاردات المحمومة في البحر للحاق بالقوارب البحرينية.
"الوطن": وهل واجهتك مشاكل مع السلطات القطرية أثناء العمل في البحر؟
يعقوب: أولا أوجه الشكر إلى صاحب الجلالة الملك المفدى وتوجيهات جلالته السامية بشأن قضيتنا العادلة، كما أشكر كذلك التحرك الفاعل من قبل صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء والعمل على بحث أوجه تعويض البحارة جراء خسائرهم من تعنت السلطات القطرية، والعمل على تفعيلها وبحث الأمر في جلسة مجلس الوزراء الماضية بصفة مستعجلة، وكذلك الشكر إلى وزير الداخلية الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، على مقابلته لنا والتأكيد على حقوقنا العادلة في الصيد دون الخوف من تهديدات خفر السواحل القطرية.أما بالنسبة لما حدث من السلطات القطرية معي، فأود التنويه إلى أنه لم تكن هناك في فترة السبعينيات ما يعرف بالحدود، وكنا نبحر بالبوانيش ونصل إلى السواحل القطرية، ونبيت ليلتنا هناك ثم نواصل العمل والصيد في اليوم التالي دون أي مشاكل ولا أحد يعترض على ذلك.وقد كانت لي واقعتان مع السلطات القطرية الأولى في عام 2011، ولن أنساها بسبب ما سمعته حينها، فعندما أمسكني قائد خفر السواحل القطري بنفسه، أبلغته بأني أمارس عملي في البحر كما تعودت سابقا، لكنه رد قائلا "أنت دخلت الحدود القطرية"، وتم سحب طرادي إلى قطر واعتقالي 20 يوما تم التجديد لي فيها من قبل النيابة أسبوعا ثم آخر وثالث، ودون أي استماع لأقوالي البتة، بل إن وكيل النيابة لا يتحدث مع أحد بل يكتب القرار بتمديد الحبس فقط، وأخيرا تم تحويلي إلى المحاكمة حيث قضت المحكمة بتغريمي ألف دينار، فقمت بدفعها وعدت إلى البحرين دون الطراد.
"الوطن": وماذا عن أوضاع السجون في قطر؟
يعقوب: لا يمكن وصف أوضاع السجون إلا بـ"المأساة"، فالأوضاع غير إنسانية بالمرة، حيث أعداد المسجونين كبيرة في مساحات وغرف ضيقة، وحين سجنت كان معي في السجن 60 مسجونا بواقع 10 مساجين في الغرفة الواحدة لا يجدون مساحات للنوم، فضلا عن قذارة دورات المياه والأكل غير الصالح للاستهلاك الآدمي، ويجمع السجن القاتل والسارق ولا يفرق بين إنسان ارتكب جريمة وآخر جريمته فقط مخالفة لا تستدعي وجوده مع تلك النوعية من المجرمين.
"الوطن": ومتى حدثت الواقعة الثانية؟
تم اعتقالي في الأول من مايو 2012، بمنطقة شمال بالخرب وكنت حينها داخل المياه البحرينية بخمسة أميال بحسب الإحداثيات التي أراها أمامي في القارب، لكن قاموا بمطاردتي وتهديدي بالسلاح، لئن لم تتوقف أطلقنا عليك النار، وكأنني مهرب مخدرات أو سلاح أو مجرم هارب من العدالة.وعند وصولي إلى منطقة الرويس تفاجأت بفرحة عارمة لدى الجنود العاملين في السلطات القطرية، وكأنهم عثروا على كنز أو اصطادوا فريسة "يابوه.. يابوه البحريني يابوه"، ومكثت في السجن 3 أيام حتى تمت إحالتي للتحقيق، وهنا كانت المعاملة المهينة، فقد استمر التحقيق لأكثر من 12 ساعة حيث بدأ في التاسعة صباحا ولم ينته إلا بعد التاسعة من مساء نفس اليوم، لأعود مرة أخرى للسجن.ولله الحمد لم أتعرض لتعذيب، لكن بعض البحارة سردوا وقائع تعذيب بحقهم في السجون القطرية.وفي النهاية تم اصطحابي أنا وقرابة 25 بحاراً بحرينياً إلى المحكمة حيث لم يستمع القاضي لأي واحد منهم، وأصدر عقوبات متساوية على جميع الصيادين بغرامة بلغت 50 ألف ريال قطري، أو السجن لمدة سنة.واتصلت بشقيقي في البحرين والذي طلب قرضاً بنكياً بالمبلغ وإرساله لي ودفعت الغرامة.وبقيت 20 يوما في السجن تاركاً خلفي 5 أفراد من عائلتي لا عائل لهم سواي، وأحدهم معاق لا يستطيع الحركة ويحتاج إلى رعاية صحية خاصة، وقد حاولت إبلاغهم في قطر بتلك الظروف لكنهم لا ينصتون إلى أحد، وينفذون ما لديهم من تعليمات.ولحسن الحظ أني تركت بعض المال في البيت استطاعت عائلتي أن يدبروا من خلاله أمورهم أثناء اعتقالي، وعندما كنت أطالب بالاتصال الهاتفي مع أهلي، كانوا يرفضون ذلك رغم أنه من حقوق السجناء في أي دولة تحترم القوانين والأعراف الدولية، ولديها بعض من الإنسانية في التعامل مع البشر.أنا لا أتحدث هنا عن حقوق الجيرة أو العلاقات التاريخية ولا صلات القرابة والعقيدة والعروبة، بل أتحدث عن حقوق الإنسان بغض النظر عما ينتمي إليه سواء وطن أو عقيدة أو أي شيء آخر.