أكد حسين الحليبي رئيس جمعية الصداقة للمكفوفين على تميز مملكة البحرين واعتبارها من الدول السباقة في دمج المكفوفين مع المجتمع على مستوى الخليج، مبيناً أن مملكة البحرين رائدة في استخدام طريقة برايل، وقال: "لدينا اليوم ثلاثة آلاف كفيف في مملكة البحرين، وبدأنا قبل دول المنطقة في عدة مشاريع هامة، وكان التعامل مثمرا جدا مع وزارة التربية والتعليم، ولدينا طباعة للكتب المدرسية وكتبا أخرى أكثر تنوعاً مثل الكتب الثقافية ودستور البحرين والميثاق، والكتب الوثائقية، ويتم توزيعها على الجهات المقصودة".

وأكد حسين الحليبي على الرعاية الكبيرة والمحبة التي يلقاها المكفوفون من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وقال: "يتميز المجتمع البحريني بأنه مجتمع متكاتف ومؤازر للمكفوفين خاصة وذوي الاحتياجات الخاصة عامة، وثمة شواهد كثيرة على هذا الدعم منها تمكن أي خريج من الثانوية العامة مهما كان مجموعه التراكمي من الحصول على بعثة دراسية في جامعة البحرين أو أي جامعة خاصة أخرى داخل المملكة، الأمر الذي يسهم في ضمان حقهم في التعليم العالي وتوفير التأهيل العلمي لهم وإتاحة فرص العمل اللائقة مستقبلا، وأيضا منح أي معاق أو ولي أمره ساعتي راحة من كل يوم مدفوع الأجر، إلى جانب توفير منحة ومكافأة شهرية 100 دينار لكل معاق مهما كان عمره أو مدخوله، وفي ما يتعلق بسن التقاعد لهم، فقد تم تحديد 15 سنة لتقاعد الرجل و10 سنوات للإناث، وكل هذه مكتسبات تصب في دعم هذه الفئة المجتمعية الهامة.

وعن دور لغة برايل في تشكيل العلم والثقافة، قال الحليبي: " يتعامل 50 مليون كفيف حول العالم مع هذه اللغة، وثمة نتاج بحثي وعلمي ومعرفي أيضا، هي لغة الثقافة والتقنيات، وفيها اختصارات عجيبة، لتقليل الجهد على الكفيف، وأيضا لدينا اختصارات عربية لطريقة برايل، وهناك وسائل جديدة وحواسيب خاصة لبرايل، وأصبح الكفيف اليوم أكثر مواكبة للعصر، إذ يشارك في المؤتمرات والورش والدورات، ويستخدم التقنيات التي فتحت لهم أبوابا واسعة على العالم، فبالنقاط الست التي تكون أساس لغة برايل نستطيع أن نكون الحروف والتشكيل وعلامات الترقيم والأرقام والمعادلات والرموز في كل لغات العالم، كما إن القرآن الكريم مطبوع ببرايل، وقد انتقلت إلى التقنيات الحديثة والحواسيب والتلفونات".

ومن جانبها قالت النائب الدكتورة معصومة عبدالرحيم أن مملكة البحرين خطت خطوات ثابتة ومدروسة نحو تحقيق العديد من الامتيازات لذوي الاحتياجات الخاصة، وساهمت بشكل فعال في رسم خطة تطويرية وتأهيلية لإدماجهم في المجتمع عن طريق العديد من البرامج التي أنشأتها بدءًا من المدارس الحكومية وتوفير سبل الدعم اللازم نحو تحقيق الغايات المرسومة لفائدتهم، أو من خلال مراكز التأهيلية التي تديرها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

وأوضحت النائب الدكتورة معصومة عبدالرحيم بمناسبة اليوم العالمي للغة برايل أن هذه اللغة تهدف إلى تشجيع مساعدة فاقدي البصر نحو المشاركة الفاعلة في المجتمع، مبينةً أن البحرين قطعت شوطًا كبيرًا في توفير الدعم اللامحدود لكافة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام ووفرت الدعم المادي لهم من أجل تلبية احتياجاتهم.

ونوهت إلى أن مجلس النواب قدم العديد من الاقتراحات خلال دوري الانعقاد الأول والثاني ولا يزال مستمرًا في تقديم التشريعات الداعمة للفئة الغالية على قلوبنا جميعًا من أجل تحقيق ما نصبو إليه بهدف رفع امكانياتهم وتطورهم ومساندتهم قدر المستطاع، مشيرةً إلى أن البحرين كذلك ملتزمة بكافة الاتفاقيات التي وقعت عليها والتي تنصب في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتحدثت خديجة رضي ولية أمر طالبة كفيفة عن تجربتها قائلة: "حرصت على تشجيع ابنتي على التعليم منذ أن كانت صغيرة، فهي من أوائل المكفوفين الذين مروا بتجربة الدمج في المدارس الحكومية منذ الصف الأول، ففي العادة يكون هناك تهيئة قبل الانتظام، ولكني تقدمت برسالة لوزارة التربية أشرح فيها قدرة ابنتي على الانتظام المباشر على مقاعد الدراسة، فقدموا لها اختبارا بلغة برايل ونجحت فيه، وبعد انتظامها لم يكن الكثير من المعلمات يجدن التعامل مع لغة برايل، وهذا كان في 2011، ولكن اليوم ثمة الكثير من المعلمات اللاتي لمسن أهمية تعلم لغة برايل إيماناً منهن بدورهن الكبير في تعليم هذه الفئة".

وكشاهدة على أهمية لغة برايل في حياة الكفيف، قالت زينب المؤمن، طالبة في الصف الأول الثانوي: "تعتبر لغة برايل مهمة جدا، فدونها لم أكن لأستطيع تحقيق ما حققته حتى اليوم من نجاح في مسيرة تعليمي، حيث يتجذر جمال اللغة في بساطتها، وثمة قيمة في تعلمها والانتاج من خلالها، وأرى أن الدمج كان له الأثر الكبير في مملكة البحرين، فمن خلاله عرفت الانخراط في المجتمع، وقد لمست التعاون من المدرسات والطالبات حيث أعطيت الفرصة لإثبات ذاتي، وها أنا أطمح اليوم كطالبة كفيفة إلى تعلم اللغة اليابانية والعمل في هذا الحقل فيما بعد".

وختمت زينب حديثها قائلة:" شاركت في تحدي القراءة، ومن هنا أطرح فكرة زيادة كمية الكتب حسب المراحل العمرية، وأن تتوفر الدروس بلغة برايل قبل بدء العام الدراسي بما يجعلنا أكثر قدرة على المتابعة".

يذكر أن اليوم العالمي للغة برايل ينسب ليوم ولادة لويس برايل في 1809، وقد فقد بصره في عين واحدة في الثالثة من عمره ثم فقد الثانية في عمر الخمس سنوات، وكان من أوائل من انتقل في قريته بالعصا، حيث كان التعليم في فرنسا يتمثل بالكتابة بالقلم الناشف والخط المضغوط، فحصل على منحة للدراسة في معهد من معاهد باريس فسمع عن ضابط عسكري يستخدم النقاط وكان يستخدم 12 نقطة 6 من اليمين و6 من اليسار، وكان يكون منها أوامره العسكرية، فقلل منها وجعلها 3 من اليمين و3 من اليسار وكون الحروف الفرنسية منها، وكان يثقب الورقة لرسمها، ومنها تولدت لديه فكرة لغة برايل، ولم يعش سوى 43 سنة فقط، وقد أهدى البشرية طريقة يقرأ منها اليوم 50 مليون كفيف حول العالم.