حسن الستري

رفضت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني النيابية مشروع قانون شوري يهدف إلى سَدّ الفراغ التشريعي الذي يتمثَّل في خلو قانون العقوبات من تجريم فعل الوسيط في جريمة الرشوة. وطلبت الحكومة إعادة النظر في المشروع لخلو نص المادة المُقترحة من بيان الغرَض من عرض الرشوة، الذي هو أساس الركن المعنوي لجريمة الرشوة ومناط التجريم، مما يجعله مخالفاً لأحكام الدستور، كما أن الغاية المراد تحقيقها من المشروع محقَّقة في النصوص المطبَّقة حالياً في قانون العقوبات، ومنها أحكام المواد: (43، 44، 45، 190، 193). وبينت الحكومة أن القانون القائم وضع تنظيماً متكاملاً لمعاقبة كافة أطراف العلاقة في جريمة الرشوة وتجريم فعل الراشي والوسيط ومعاقبتهما بذات العقوبة المقرَّرة للمرتشي (الفاعل الأصلي). ورأت الحكومة عدم انسجام مشروع القانون مع السياسة التشريعية، وافتقاره للرابطة المنطقية مع باقي نصوص قانون العقوبات المتعلِّقة بتجريم الرشوة؛ فالأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها ارتباطاً متسقاً مع أهدافها في بنيان قانوني واحد يكفل تحقيقه لأهدافه؛ إلا أن المشروع جاء متعارضاً مع ذلك الأصل. وذكرت أت مشروع القانون أحال تعريف (الأفعال المجرَّمة) إلى المادة (186) من قانون العقوبات، مما سينتج عنه خلل تشريعي يؤدي إلى اختلاف ضابط التجريم ونطاق الأفعال المجرَّمة في جريمة واحدة دون سبب واضح، مبينة أن النص المقترح خلا من تأثيم عرض الرشوة والوساطة بشكل غير مباشر، مخالفاً ما انتهجه المشرِّع في النصوص النافذة حالياً وهي (الفقرة الأولى من المادة 186)، والمادة (189)، حيث جرَّم المشروع بموجب تلك المواد إتيان السلوك الإجرامي بشكل مباشر أو غير مباشر، ولم يراع النص المقترح حكم المادة (193) من قانون العقوبات، والتي أعفت الشريك في جريمة الرشوة «الراشي أو الوسيط» من العقوبة أو تخفيفها إذا بادر إلى الاعتراف بها أو إبلاغ السلطات المختصة عنها، مما يفقده الرابطة بينه وبين باقي نصوص قانون العقوبات المتعلقة بجريمة الرشوة. واتفقت وزارتا الداخلية والعدل والشؤون الإسلامية والأوقاف مع ما جاء في مذكرة الحكومة، وبين المجلس الأعلى للقضاء أن صيغة مشروع القانون محل نظر، ونصوص قانون العقوبات في هذا الشأن كافية لتحقيق الغرض منه.