أكد عدد من العدليين والقانونيين والحقوقيين على ما شهدته السلطة القضائية من التطوير الذي شمل تعديلات وتغييرات واستحداث لعدد من المرافق والإجراءات والسياسات والتشريعات من بين أهمها تلك المرتبطة بالمحاكم الشرعية والمعنية بالأسرة مشيرين إلى النقلات النوعية المُنجزة على مدار عقدين من عُمر ميثاق العمل الوطني .

وفي هذا الصدد أكد الدكتور عبد الله الحاي- رئيس شؤون المحاكم الشرعية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن المنظومة العدلية والقضائية كان لها الحظ الوافر من التطوير الذي أرساه المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه وما نصت عليه وثيقة ميثاق العمل الوطني التاريخية خاصة تلك المرتبطة بالمحاكم الشرعية والمعنية بالأسرة، وذلك بدعم من المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله.

وأوضح أن هذه التطورات قد تمثل أبرزها في إصدار قانون الأسرة المُوحد، وإنشاء مكتب التوفيق الأسري وإقرار إلزامية عرض المنازعات الأسرية عليه قبل إحالتها للمحاكم ، وفتح باب الطعن في الأحكام الشرعية أمام محكمة التمييز، و إصدار لائحة تنظيمية جديدة لعمل المأذونين، وتحديد سن الزواج بأن لا يقل عن 16 سنة للزوجين، وإنشاء صندوق النفقة، وتدشين خدمة رفع الدعاوى الشرعية إلكترونيًا بجميع إجراءاتها ودرجاتها وصولاً الى إصدار الأحكام بحيث أصبحت منظومة المحاكم الشرعية بالإضافة لمحكمة التنفيذ الشرعية متاحة إلكترونيًا بشكل كامل.

وقال الدكتور الحاي إن افتتاح مجمع القضاء الشرعي في الرفاع شكل محطة مهمة في تطوير الخدمات العدلية والقضائية المقدمة للأسرة، حيث ضم تحت سقف واحد المحاكم الشرعية والتنفيذ الشرعي ومكتب التوفيق الأسري وكل ما يتعلق بخدمات شؤون المحاكم الشرعية تعزيزاً لفاعلية وسرعة وسهولة إنجاز التقاضي والعدالة وأيضا تكريساً لخصوصية الأسرة والنأي بأمور التقاضي السرية بعيداً عن المحاكم الأخرى المدنية والجنائية.

بدورها أشادت المُحامية والمُحكم الدولي منار التميمي بالقفزات الكبيرة التي شهدتها أروقة المحاكم و المنظومة العدلية والقضائية في مملكة البحرين بفضل إدراك المُشرع البحريني تماماً لاحتياجات وخصوصية المجتمع البحريني وهو ما انعكس بشكل ملموس في ثمرة التعاون بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للمرأة بفصل المحاكم الشرعية والأسرة في مجمع متكامل يوفر كافة الخدمات العدلية الشرعية تحت سقف واحد الأمر الذي شكل نقلة نوعية في شكل وآلية و حيثية التقاضي.

وأشارت المحامية التميمي إلى أنها وبحسب خبرتها الطويلة في الترافع في القضايا الشرعية والأسرة، لمست الفرق الكبير في الإنجاز الذي تحقق عن ذي قبل بعد تخصيص مجمع منفصل للمحاكم الشرعية بشقيّها السُني والجعفري، وكذلك تحديث المنظومة الالكترونية وتدشين خدمات التقاضي ورفع الدعاوى وحفظ ملفات المتقاضين الكترونيا خاصة في ظل امتداد جائحة كورونا وما ترتب عليها من الزامية تقديم كثير من الخدمات العدلية والقضائية الإلكترونية والتقاضي عن بُعد مما أدى الى توفير النفقات المادية واللوجستية والوقت والجهد سواء على المحامين والمتقاضين وأيضا القضاة وصولاً لتحقيق الهدف المنشود وهو كفالة عدالة ناجزة للجميع.

ومن جهته أشاد الدكتور عبد الجبار أحمد الطيب رئيس جمعية الحقوقيين البحرينية، بالعناية الملكية السامية التي تجلت بعد صدور ميثاق العمل الوطني و قد رسخت دولة القانون والمؤسسات بحيث يكون القضاء هو الحصن المنيع والأخير لضمان حماية وتعزيز وصون حقوق الانسان .

وأكد الدكتور الطيب أن ميثاق العمل الوطني أحدث بالفعل نقلة كبيرة في مجال حماية واحترام حقوق الإنسان حيث أن أول ومضة كانت من خلال إنشاءٍ فعلي للمحكمة الدستورية لتُعلي من شأن احترام الحقوق والحريات الدستورية عبر الأحكام الرصينة التي تصدرها.

وأشار الطيب إلى أن التطور القضائي والعدلي توالى عبر إنشاء النيابة العامة المستقلة والتي هي شعبة أصيلة من شعب القضاء، ومن ثم إنشاء نيابات أخرى ترتبط في جوهر عملها بحقوق الإنسان كنيابة المرأة والطفل ونيابة الاتجار بالأشخاص ووحدة التحقيق الخاصة في شبهات التعذيب والمعاملة المهينة أو الحاطّة بالكرامة، كما تولت المحكمة الإدارية دوراً مهماً في وضع الكثير من القواعد التي تحمي سيادة القانون والحقوق الوظيفية، وهي في مجملها إجراءات مهمة جداً على صعيد تكريس الحريات وصون حقوق الإنسان في المملكة.

فيما أشاد الباحث القانوني السيد محسن علي الغريري رئيس جمعية المرصد البحريني لحقوق الإنسان بما تحقق من منجزات في المجال القضائي والقانوني عقب تفعيل مباديء ميثاق العمل الوطني موضحاً أن هذه المرحلة بدأت مع صياغة وثيقة الميثاق التي أكدت على عدد من المبادئ القانونية الراسخة، وعكست مدى حرص جلالة العاهل المفدى حفظه الله ورعاه على الاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته، والتأكيد على سيادة القانون واستقلال القضاء، والتوجيه الدائم بتحديث مؤسسات الدولة واستكمال الهيئات القضائية التي تختص بالمنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ليصدر بناء عليها التعديل الدستوري لعام 2002 وما لحقه من إنشاء المحكمة الدستورية وديوان الرقابة المالية والإدارية وغيرها من المؤسسات الدستورية والحقوقية والقانونية التي تكفل الرقابة والنزاهة والشفافية.

ويرى الغريري أن الاهتمام برعاية وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية في المجال القضائي والقانوني والاستثمار الأمثل في الكفاءات البحرينية يعتبر من أهم ما تحقق في المجال العدلي مشيداً في هذا الخصوص بالمبادرات الفاعلة التي تم إطلاقها لتطوير الكوادر الوطنية الشابة والتي بدأت بإنشاء كليات الحقوق في الجامعات البحرينية وتخريج آلاف الكوادر المؤهلة الواعدة إلى سوق العمل، فضلاً عن إطلاق مشروع قضاة المستقبل الرائد والذي يستند إلى التدريب النظري والعملي المكثف لتأهيل أجيال جديدة من أعضاء السلطة القضائية، وكذلك إنشاء معهد الدارسات القضائية والقانونية للمساهمة في إعداد وتدريب وتثقيف العاملين في المجال القضائي والقانوني.