قال الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، إن دماء جنود مملكة البحرين البواسل امتزجت مع أشقائهم من دولة الكويت في معركة التحرير.
وبالتزامن مع احتفالات دولة الكويت الشقيقة بالعيد الوطني والذكرى الثلاثين للتحرير، اصدر مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" كتاب "ملحمة العطاء في محنة الأشقاء: دور مملكة البحرين تجاه أحداث غزو وتحرير دولة الكويت (أغسطس 1990 - فبراير 1991م)"، الذي يلقي الضوء على كافة الجهود الرسمية والشعبية البحرينية تجاه أحداث الغزو وصولاً إلى مرحلة تحرير دولة الكويت، ودور المملكة تجاه الحفاظ على أمن واستقرار أشقائها من دول الخليج العربي، وهو دورٌ أشاد به القاصي والداني، لتبقى دولة الكويت حرةً وأبيةً على الغزاة والطامعين، وليبقى تلاحم مملكة البحرين ودولة الكويت نموذجاً للتضامن بين الأشقاء بما يعزز التعاون الخليجي المشترك.
يضم الكتاب خمسة فصول، تتمحور حول تاريخ العلاقات البحرينية – الكويتية، والمساهمات العسكرية، وتحركات الدبلوماسية البحرينية لتحرير الكويت، وكذلك الجهود الرسمية والشعبية لمساعدة الأشقاء الكويتيين، الذين قصدوا بلدهم الثاني مملكة البحرين، خلال فترة الاحتلال العراقي، بالإضافة إلى تناول مستقبل العلاقات الثنائية، وآفاق تطويرها في مختلف المجالات.
وفي معرض تقديمه للكتاب، قال الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات": "إن أزمة الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة، في الثاني من أغسطس عام 1990م، جسدت عدواناً صارخاً على سيادة ومقدرات دولة مستقلة، وتحدياً أمنياً غير مسبوق، كما شكلت اختباراً حقيقياً للمقومات والروابط المشتركة، للمنظومة الخليجية بأسرها، والتي تستند إلى الأخوة والتضامن والمصير المشترك".
وأضاف: "منذ اللحظة الأولى لاندلاع تلك الأزمة، أعلنت مملكة البحرين الإدانة الصريحة والرفض القاطع لذلك العدوان، وطالبت النظام العراقي بالانسحاب الفوري وغير المشروط من كامل الأراضي الكويتية. وقد سعت البحرين لترجمة هذا الموقف الثابت والمبدئي في كافة القرارات الخليجية والعربية والإسلامية والأممية ذات الصلة، من خلال دبلوماسية نشطة وفاعلة، قادها بحكمة واقتدار المغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، ومجلس الوزراء الموقر ووزارة الخارجية، وتوازى مع ذلك تسخير مملكة البحرين لكافة إمكاناتها ومرافقها لاستقبال الأشقاء من دولة الكويت، وتوفير سبل الإقامة والمعيشة لهم، من خلال جهود رسمية وشعبية تكاملت معاً، ورسمت ملحمة عطاء في محنة الأشقاء".
وتابع: تجلى دور قوة دفاع البحرين الباسلة، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه – "ولي العهد – القائد العام لقوة دفاع البحرين آنذاك" – بأفرعها الثلاثة البرية والجوية والبحرية، في حرب تحرير الكويت، لتمتزج دماء جنود مملكة البحرين البواسل مع أشقائهم من دولة الكويت، وتجتمع بذلك أسمى صور التضحية والفداء، مع أواصر المحبة والإخاء الضاربة في عمق التاريخ، متطلعةً نحو مستقبلٍ زاهر، وسلامٍ دائم.
وبين الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" إن البلدان الآن يمضيان قُدُماً نحو تعزيز ركائز النهضة الشاملة، القائمة على نهجٍ قويمٍ رسّخه الآباء والأجداد، في إطار مسيرة ديمقراطية متطورة، ومؤسسات وطنية راسخة، وجهود متواصلة لتحقيق التنمية المستدامة، بما يخدم تطلعات الشعبين الشقيقين".
ويتناول الفصل الأول من الكتاب أبرز ملامح تاريخ العلاقات البحرينية – الكويتية، من خلال تحليل تأثير التاريخ المشترك والعوامل الجغرافية في تعزيز التآخي والتضامن بين الدولتين الشقيقتين، فضلاً عن الامتدادات الأسرية والقبلية على أراضي الدولتين اللتين تجمعهما أواصر مشتركة تضرب بجذورها في التاريخ، وسطرتها انتصارات كان لها أبلغ الأثر في بناء اللبنات الأولى للدولتين.
فيما يسلط الفصل الثاني الضوء على الدور المحوري الذي أدته مملكة البحرين في تحرير دولة الكويت، إذ تمثلت مساهمة مملكة البحرين في الدعم اللوجستي لقوات التحالف، حيث كانت مرتكزاً رئيسياً لعمل تلك القوات، فضلاً عن المساهمات العسكرية المباشرة، حيث كانت القوات البحرينية بأفرعها الثلاثة البرية والجوية والبحرية في طليعة القوات الخليجية، وكان أداؤها متميزاً للغاية، ومحل إشادة وتقدير من كافة القوات المشاركة في حرب التحرير، بالإضافة إلى قصص المتطوعين البحرينيين البواسل.
ويستعرض الفصل الثالث دور الدبلوماسية البحرينية في دعم دولة الكويت الشقيقة في أزمة الغزو عام 1990م، سواءً في صياغة القرارات التي أدانت الغزو أو طرح الرؤى للتعامل معه، بالإضافة إلى التحرك في كافة المحافل الدولية لحشد المواقف الإقليمية والدولية لدعم عودة الشرعية إلى دولة الكويت، وسعي مملكة البحرين إلى تفنيد ادعاءات النظام العراقي، وتوجيه السفارات في الخارج للمشاركة في كافة اللقاءات والفعاليات ذات الصلة بالغزو. ولم يتوقف دعم مملكة البحرين للكويت إبان الأزمة، بل تواصل إلى ما بعد تحريرها، من خلال المطالبة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالغزو، أو طرح رؤى بشأن تحقيق أمن الخليج العربي.
كما يتطرق الفصل الرابع إلى الدور الحكومي والشعبي في مساعدة الأسر الكويتية التي قصدت البحرين خلال الأزمة، والتي قُدّر عددها آنذاك بنحو 12 ألف فرد، حيث تم تشكيل لجنة تُعنى بشؤونهم تتبعها جهات عديدة، ثم تفرعت عنها لجان أخرى، وكانت جميعها تعمل بدأب لتدبير شؤونهم، وقد تمت معاملة الإخوة الكويتيين على قدم المساواة مع أشقائهم من أبناء مملكة البحرين في الخدمات الصحية والتعليمية والرياضية، فضلاً عن الجهود الشعبية من خلال الجمعيات والنوادي، كما تواصلت جهود مملكة البحرين لدعم دولة الكويت فيما بعد التحرير، سواءً من خلال الدعم الطبي أو إصلاح البنية الأساسية.
ويخلص الفصل الخامس من الكتاب – من خلال تسليط الضوء على واقع ومستقبل العلاقات الكويتية البحرينية – إلى أن حرب تحرير دولة الكويت لم تكن سوى فصلٍ من فصول تاريخ العلاقات بين الدولتين، حيث لا تزال تلك العلاقات تشهد تطوراً ملحوظاً في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، ويجمعها عنوان واحد هو المصير المشترك.
ولا تزال مملكة البحرين ودولة الكويت تتقدمان بخطواتٍ مشهودةٍ في مجال التنمية وبناء الدولة المنيعة والمبادرة، واستطاعتا أن تشكلا نموذجاً مرموقاً للنهضة بالمجتمع والمواطن، يمثل تمازجاً بين الأصالة والمعاصرة، وتمثّلان صوت الحكمة والعقل في المنطقة العربية بشكلٍ عام، ومنطقة الخليج العربي بشكلٍ خاص.