أدار الندوة : أنس الأغبش - أعدها للنشر: عباس المغني
"تصوير: سهيل وزير"
رأي رجلا أعمال مختصان في شأن الشركات العائلية أهمية وضع ميثاق عائلي يساهم في ديمومة العائلة وخدمة مصالحها بالدرجة الأولى، مشددين على ضرورة فصل الملكية عن الإدارة والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال.
وقالا في ندوة نظمتها "الوطن"، حول "تحديات الشركات العائلية خلال كورونا.. الواقع والحلول" بمشاركة الرئيس الفخري لاستثمارات الزياني خالد الزياني، والمدير العام لشركة المناعي للتجارة والاستثمار درويش المناعي: "إن عدد الشركات العائلية في المملكة يصل إلى نحو 16 ألف شركة وتمثل 95% من إجمالي الشركات"، موضحين أنها تشكل إحدى دعائم التنمية للاقتصاد الوطني، وتواجه تحديات في استمراريتها بسبب الخلافات ما بين أعضاء العائلة الواحدة.
وأكدا أن الشركات العائلية تساهم في توطيد العلاقات التجارية بين البحرين ودول العالم، كما تساهم في إنتاج كثير من السلع والخدمات التي يتم استيرادها، ما يحقق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات وتدعيم موقف الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
ونوها إلى أهمية دعم وجود العنصر النسائي في مجالس إدارات الشركات العائلية، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنه على الرغم من انفتاح الشركات العائلية في البحرين فإن العنصر النسائي مازال غائباً عن مجالس الإدارات.
وفيما أكد المناعي أن غياب الأساليب الحديثة للإدارة يتسبب في ضعف الإدارة، أكد الزياني أن الصراعات الداخلية بين الأعضاء من أبرز الأسباب التي تؤثر على وحدة العائلة وتماسكها.. وفيما يأتي نص الندوة:
"الوطن": ما هي أبرز التحديات التي تواجهها الشركات العائلية وكيف يمكن مواجهتها؟
- المناعي: الصراعات الداخلية وخلافة الأجيال من أهم الأسباب، حيث تحصل خلافات ما بين الأعضاء ويمكن التغلب عليها بتعيين موظف يكون حلقة وصل بين الشركاء. ومن التحديات ضعف الإدارة بسبب غياب الأساليب الحديثة للإدارة، وهناك كثير من الشركاء لا يفرقون بين الملكية والإدارة.
ميثاق حوكمة الشركات أقر من وزير الصناعة والتجارة والسياحة في عام 2018، ويبين بشفافية كافية المسؤولية على الشركاء ويساعد على إحداث نقلة نوعية في إدارة الشركات.
ونرى من الواجب تفعيل مشاركة أعضاء الشركات العائلية في اللجان والهيئات والمجالس التي تنشئها الحكومة، لأن هذه الشركات -بحسب الإحصاءات- يبلغ عددها 16 ألف شركة عائلية وتمثل 95% من إجمالي الشركات المسجلة في البحرين والمنضوية تحت مظلة الاقتصاد الوطني.
الشركات العائلية تتمتع ببعض المزايا مقارنة بالكيانات التجارية الأخرى والتي تتمثل في تركيزها على المدى الطويل، والتزامها بالجودة، والذي يرتبط غالباً باسم العائلة، ورعايتهم واهتمامهم بالموظفين، لكنها في المقابل تواجه أيضاً مجموعة فريدة من التحديات الإدارية الناجمة عن تداخل قضايا الأسرة والأعمال، والتي يمكن أن تظهر في نمو هذه الشركات بسرعة دون توافر المواهب الإدارية داخل الأسرة، ما يعني أن الشركة ستفتقد فرصاً قيمة، وفي بعض الأحيان يفوق عدد أفراد الأسرة قدرة الشركة على استيعاب اهتماماتهم وتوجهاتهم المتنوعة ما يقودهم إلى صراع.
- الزياني: التحديات هي دروس للشركات العائلية، كيف نحافظ على الشركة مع تعاقب الأجيال؟ فكثير من الشركات لا تدوم حتى جيلين.
تحدث خلافات داخل الشركات العائلية، فمثلاً بمجرد أن يتخرج أبناء ملاك الشركة العائلية يتم تعيينهم مباشرة رؤساء أقسام ومديرين وهم يفتقرون إلى الخبرة والدراية، وبالتالي من الطبيعي أن تتأثر أعمال الشركة العائلية.
وفي نفس الوقت بعض الأبناء يحققون نجاحاً وأرباحاً ويضيفون إلى الشركة أشياء جديدة، بينما لا ينجح بعضهم في إدارة أقسامهم وتكون أرباحهم قليلة جداً، وهنا تبدأ الصراعات بين ابن حقق نجاحاً وآخر لم يحقق، بين مكافأة من حقق أرباحاً أكبر وبين من حقق أرباحاً أقل وغيرها من الأمور التي تفتح أبواب الصراع وتؤثر على وحدة العائلة وتماسكها.
وبحسب خبرتي من الواقع الذي شاهدته والتحديات التي واجهتها الشركات العائلية، عملت على تنظيم شركة استثمارات الزياني بطريقة أفضل تحفظ تماسك العائلة، ونفذت فصلاً نهائياً بين الإدارة والملاك، فأصحاب الشركة لا يجب أن يديروا ويفضلوا أبناءهم في الإدارة على حساب الكفاءة.
استجلبنا مختصين يمتلكون الخبرة والإدارة، وليس لهم علاقة بالعائلة، وهذا يوازن بين الإخوان إلى جانب تنظيم طريقة التعامل فيما بيننا، فكل عمل له رئيس تنفيذي وهناك مجلس إدارة يستلم من الرئيس التنفيذي خطة العمل. كما أن دور العائلة عبر مجلس الإدارة فتح أبواباً للرئيس التنفيذي ليتمكن من تحقيق خططه وليس إعاقته، وإذا عمل الابن في الشركة فيكون له راتب مثل الموظفين تفادياً للصراعات التي تهدم الشركات.
أبناؤنا كلهم درسوا ماجستير، ويعملون سنين ليتعلموا الحياة، ويكون رئيسهم ليس من العائلة، وبعد أن يكتسبوا الخبرة ويتدرجون في سلم النجاح، لا نجعلهم رؤساء تنفيذيين بل ننقلهم إلى مجلس الإدارة الأم، ويكون الابن مشرفاً عبر مجلس الإدارة على شركة وليس رئيساً تنفيذياً، ونعطيه اسماً ومسمى له وزن بهدف فتح الأبواب للرئيس التنفيذي، إذا طلب مساعدة في جهة معينة.
الأبناء عندما يكونون في مجلس الإدارة تكون لديهم مساحة لإدخال أعمال جديدة، فالشركة الأم تنتج كل سنة شركتين جديدتين أو أكثر بهدف التوسع في العديد من القطاعات كالسيارات والصحة والصناعة وغيرها، والجيل الجديد لديه الفكر والطاقة، ونجحوا في تطوير وتوسيع قطاع العقارات في شركة الزياني حتى توسعنا في خارج البحرين.
جعلنا لكل قسم مجلس إدارة، والأبناء الذين يريدون العمل في الشركة لهم معايير، بهدف الحفاظ على العائلة، ونحافظ على العمل، ووضعنا نظاماً بأن كل من يبلغ عمره 65 يخرج من مجلس الإدارة، ويفتح المجال لغيره، وهذا يساعد على تنفيذ أفكار جديدة وأعمال جديدة، ولهذا كل ما حدث من تطوير وأعمال وأفكار هو بفضل الأبناء، أنا طلعت من مجلس الإدارة، وخلفني أخي حامد، ثم أخي زايد، والآن الأبناء هم أعضاء مجلس الإدارة، اليوم الجيل الثالث في مجلس الإدارة ومعهم أشخاص من خارج العائلة.
"الوطن": لماذا المرأة غائبة عن مجالس إدارات الشركات العائلية؟
- الزياني: أؤيد وأدعم وجود العنصر النسائي في مجالس إدارات الشركات العائلية، وأشجع مشاركة النساء في مجالس الإدارات، وأعتبر وجود المرأة مهماً في مجلس الإدارة، لكن في النهاية لهن أفكارهن ونحترم خصوصياتهن، والباب مفتوح لتواجدهن في مجال الإدارات إذا رغبن.
"الوطن": تتحفظ الشركات العائلية على إعلان أرباحها في وسائل الاعلام بعكس الشركات المساهمة، فما السبب؟
- الزياني: الشركات التي تعلن في وسائل الإعلام هي الشركات المساهمة العامة، أما الشركات العائلية فهي شركات مقفلة وليست ملزمة بالإعلان عن أرباحها للعامة، ولكن كل بياناتها المالية وأرباحها موجودة لدى وزارة الصناعة والتجارة والسياحة.
تتحول الشركات العائلية المقفلة إلى مساهمة عامة إذا كانت بحاجة إلى رأس مال، ونحن في طريق لا يدفعنا إلى طلب المال عن طريق بيع الأسهم، وللعلم نظام شركاتنا يدار بنظام الحوكمة كما لو أنها شركة عامة، وتعقد جمعية عمومية ويحضر مندوب من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، وتكون هناك نسخة للبيانات المالية لدى الوزارة ولكن ليست للعامة.
- المناعي: في السابق كانت هناك سرية في إصدار ميزانيات الشركات العائلية، واليوم ليست هناك سرية فبموجب الحوكمة الكل يرسل ميزانيته إلى وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، والوزارة لديها كل المعلومات والإحصاءات الصحيحة.
الشركات العائلية مقفلة، والسوق الاستثمارية لتحول الشركات المقفلة إلى مساهمة عامة وتداول أسهمها في البورصة متوافرة، ويمكن إعطاء حوافز مالية عن طريق تمكين، وهناك شيء جديد بتحويل الشركات المقفلة من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة إلى بورصة البحرين لإعطاء ثقل للبورصة. ولكن في النهاية يبقى الملاك هم أصحاب القرار في تحويل شركتهم إلى مساهمة.
- الزياني: الرقابة على الشركات العائلية من قبل الوزارة وليس إشهار المعلومات، فالشركة المقفلة هي مقفلة، وإذا أدرجت في بورصة البحرين فلن تكون مقفلة، وكل عائلة تستطيع تحويل شركتها إلى البورصة إذار رغبت.
كل فرد يريد أن تحقق شركته ربحاً ويسعى لذلك، والشركة المقفلة نفس الشركة العامة، لكن الملكية تختلف، ملكية المقفلة ليست مطروحة للبيع، ولكن الحوكمة ومراقبة الدولة موجودة لكل الشركات المقفلة والمساهمة.
"الوطن": لماذا تنهار أغلب الشركات العائلية بعد الجيل الثالث أو الرابع؟
- المناعي: أولاً، هناك 18% من الشركات العائلية تستمر إلى ما بعد الجيل الثالث، ولاستمراريتها تحتاج تشجيعاً من الدولة، مثل تأهيل منتجات الشركات العائلية، ومنحها الأولوية في تنفيذ مشاريع الدولة، وتطوير مساهمة الشركات العائلية في التصدير، ما يعزز الميزان التجاري وميزان المدفوعات لمملكة البحرين وخصوصاً بعد إنشاء مركز البحرين لتنمية الصادرات.
وحتى يتم تشجيع الشركات العائلية على التصدير يجب أن تكون هناك إعفاءات، لتكون منتجاتهم تنافسية. هناك أمور كثيرة تحتاجها هذه الشركات لضمان الاستمرار، وهناك دعم ومساندة من تمكين للشركات العائلية.
- الزياني: هناك شركات في دول أوروبا تأسست منذ مئات السنين، وتعمل في أعمال متنوعة، مثلاً شركة بي إم دبليو BMW تمتلكها عائلة، وهي لا تدير الشركة، وإنما الشركة بالنسبة إليهم بمثابة وقف يدر عليهم أرباحاً، ونحن بحاجة إلى الارتقاء لذلك المستوى بحيث تتعاقب أجيال دون أن تنهار الشركة، يجب أن يكون هناك برنامج لانتقال الشركة من جيل إلى جيل، وهذا يتطلب جرأة على تسليم الخلافة إلى جيل يمتلك طاقة جيدة ويعطي أفكاراً جديدة.
اتفقت مع إخواني على إعطاء مجال للجيل الجديد لقيادة مجلس الإدارة بعد اكتسابهم الخبرة والتدرج في السلم، وخصوصاً أن المؤسسين الكبار جيل له مجاله وفق معطياته وزمانه، أما الجيل الجديد فله نظرة مختلفة، وقد نجح الجيل الجديد في تطوير قطاع العقار أكثر مما فعلنا نحن، لديهم "الشطارة" في كثير من المجالات، وقاموا بإدخال أفضل النظم التكنولوجية والرقمية للشركة، كنا نستخدم المعاملات الورقية مدة تصل إلى 26 عاماً، أما الآن فبفضل الجيل الجديد لا يوجد لدينا شيء اسمه ورق كل شيء من خلال أجهزة الكمبيوتر.
- المناعي: أوروبا الغربية قامت على الشركات العائلية، والولايات المتحدة الأمريكية قامت على الشركات المساهمة، أما بريطانيا فتأسست على الشركات العائلية ثم أصبحت مساهمة مقفلة.
الشركات العائلية ليست محصنة ضد التحديات الاقتصادية، لكن للحوكمة دور إيجابي وفعال وعلى الشركات تطبيق قواعد الحوكمة بتحقيق ترتيب البيت الداخلي، وتعظيم الرقابة والشفافية، حيث إن الحوكمة مشروع الحوكمة لم يعد خياراً، وإنما أصبح ضرورة.
للحوكمة فوائد منها تعزيز فرص استمرارية الشركة وتقلل الخلاف بين ملاك الشركة العائلية، وتعزز من قيمة سمعة الشركة وعلامتها التجارية وتزيد الثقة والقيمة المرتبطة بها، بالإضافة إلى إدارة نقل الملكية والقيادة من جيل إلى جيل.
"الوطن": هل هناك حاجة لمزيد من التشريعات فيما يتعلق بالشركات العائلية؟
- المناعي: لدينا تشريعات متجددة وتواكب التطورات العالمية الحديثة، هناك عدة تشريعات، فمثلاً قانون الشركات الجديد عدل بعض الأحكام إلى جانب قانون تنظيم الإفلاس، وهناك مرسوم بقانون أعلى الاستقلالية لغرفة تجارة وصناعة البحرين وجعل مهمة وزير الصناعة والتجارة والسياحة تنسيقية، وكان آخر تشريع هو البيع بالتقسيط لغرض حماية جميع الأطراف، وهناك تجديد للتشريعات القديمة.
"الوطن": ما هو دور الشركات العائلية في دعم صادرات البحرين للعالم؟
- المناعي: أسس مركز البحرين لتنمية الصادرات، وسقف الدعم كان يقدم لعدد محدود للشركات بسبب المعايير، ثم تم رفع المعايير لتتماشى مع أكبر عدد من الشركات في البحرين، وندعو إلى تشجيع الشركات التي تكون صادراتها أكبر مما تبيعه في السوق المحلي.
- الزياني: هذا يعتمد على الشركة، هل هي تعتمد في تسويق منتجاتها على السوق الخارجي أم السوق المحلي، فأغلب الشركات الصناعية تعتمد على التصدير.
على سبيل المثال نحن في شركة ميدال كايبل اعتمادنا الكلي على التصدير، ما قمنا ببيعه داخل سوق البحرين هو 5 كيلومترات من الكابلات فقط، بينما كل إنتاجنا الضخم الذي يبلغ 300 ألف طن سنوياً يباع في الخارج في دول أمريكا، ودول آسيا، وإفريقيا، وخصوصاً السعودية ودول الخليج ودول منطقة الشرق الأوسط.
وفتحنا مصنع للكابلات في تركيا للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي لدى تركيا مع دور الاتحاد السوفييتي السابقة إلى جانب دول أوروبا، وكذلك فتحنا مصنعاً في موزمبيق لوجود مصهر ألمنيوم مثل ألبا في البحرين، ولديهم اتفاقيات تجارة حرة مع دول ليس للبحرين معها اتفاقية حرة.
"الوطن": كيف ترون تأثير المنافسة على الشركات العائلية؟
- الزياني: المنافسة لمصلحة الاقتصاد الوطني بشكل عام ولمصلحة الشركات بشكل خاص، لا مانع من تضاعف المنافسة بمقدار 60 ضعفاً عما هي عليه، لأنها تخدم الاقتصاد الوطني.
بدون المنافسة تسير الشركات على نماذج غير متقنة تضر بالاقتصاد، لكن مع وجود المنافسة تسعى الشركات لتحسين إنتاجها وتطوير مواردها، ورفع قدراتها من جميع النواحي وكل هذا يمنحها القوة وقوة الشركات هو قوة للاقتصاد الوطني.
فنحن في شركة ميدال كايبل تطورت أعمالنا بسبب المنافسة، حتى نصدر وننافس في أسواق أسكتلندا ودخول مناقصات في ألمانيا وبيع في تكساس وجنوب إفريقيا، هذا بفضل هذه المنافسة الشريفة.
- المناعي: المنافسة الشريفة مرحب بها، وهناك تشريعات تحمي المنافسة وتفتح الأسواق. المنافسة الشريفة تجعل الشركات تهتم بالاحتياجات الفعلية للعملاء ورغباتهم ومطالبهم وتجعلها أكثر اهتماماً بخدمتهم بشكل أفضل من الشركات الأخرى، وتجعل الشركة تدرك نقاط القوة والضعف الفعلية، وتجعل الشركات تركز على أكثر من مجرد أسعار المنتجات؛ فتجعلها تركز على التسويق والعلامات التجارية وخدمة العملاء والاحتفاظ بالعملاء، كما تبقي الشركات على أهبة الاستعداد وتحث الشركات على عادة الابتكار المستمر وتحسين المنتج.
المنافسة تثقف الشركات حول تعقيدات كيفية عمل السوق المعتاد، وكيفية وضع العلامة التجارية، وكيفية الإنتاج بكفاءة، وكيفية البيع الفعال في السوق إلى جانب حصول العملاء على خيارات عديدة للاختيار من بينها في أثناء التسوق.
"الوطن": كم يبلغ عدد الشركات العائلية في البحرين؟
- المناعي: بحسب إحصاءات أخيرة لوزارة الصناعة والتجارة والسياحة، هناك أكثر من 16 ألف شركة عائلية تمثل 95% من إجمالي الشركات المسجلة لدى الوزارة، وتشكل عصب الناتج القومي وهي البنية التحتية للاقتصاد الوطني والمحرك الأساسي لنموه إلى جانب أنها تعمل في كل الأنشطة الاقتصادية والأساسية في الاقتصاد وتوفر فرص عمل كثيرة وتساهم في أكبر نسبة من توظيف الأيدي العاملة وتمتص البطالة.
- الزياني: الشركات العائلية إحدى دعائم التنمية الصناعية في البحرين، تساهم في إنتاج كثير من السلع والخدمات التي يتم استيرادها من الخارج ما يحقق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات وتدعيم موقف الميزان التجاري وميزان المدفوعات، إلى جانب التخصص في الأنشطة والعمليات الإنتاجية أو الخدمية، وتساهم في إنشاء صناعات وخدمات محلية جديدة وتطوير الصناعات القائمة باعتبارها نواة لإنشاء صناعات أكبر حجماً يمكن أن تساهم في توسيع القاعدة الإنتاجية وتوفير مستلزمات الإنتاج التي تحتاجها المؤسسات الصناعية الكبيرة.
"الوطن": كيف استفادت الشركات العائلية من الدعم الذي قدمته الحكومة خلال جائحة كورونا؟
- المناعي: الحكومة قدمت جهوداً جبارة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ساعدت الشركات في البحرين على مواجهة أكبر التحديات التي نتجت عن فيروس كورونا (كوفيد19)، وكانت الحزمة المالية والاقتصادية التي تم اعتمادها غير مسبوقة؛ إذ تبلغ 4.3 مليارات دينار أكبر مساهم لتلك الشركات.
وكان صندوق العمل "تمكين" أداة مهمة في دعم القطاع الخاص، وأرى أن ميزانية "تمكين" يجب أن تصرف على دعم القطاع الخاص وتأهيل وتدريب البحرينيين للعمل لأن ميزانيتها تأتي من القطاع الخاص نفسه، وتقليل صرف ميزانية تمكين في أمور أخرى.
- الزياني: أفتخر بما قام به صاحب السمو الملكي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فهو أول من وقف وقال: "يجب أن نحمي الصحة العامة ونحمي الاقتصاد"، وذلك في يناير 2020 قبل أن تبدأ الجائحة بدخول المنطقة.
ولولا حكمة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء لكنا اليوم في مصيبة، ولولا حكمته في مساعدة القطاع الخاص للحفاظ على الشركات والوظائف، لكنا اليوم في كارثة حجم البطالة، أصبحت البحرين اليوم في مكافحة كورونا مضرب المثل في العالم، وشهادة منظمة الصحة العالمية خير دليل.
كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزارء كانت ضرورية وعين الحكمة، ولو شكرناه فلن نستطيع أن نوفيه حقه على ما بذله من جهود في حماية الصحة العامة وحماية الاقتصاد والوظائف. وما قام به صندوق العمل "تمكين" محل فخر، وأتمنى أن يعي المواطنون هذا الشيء.
- المناعي: الشركات العائلية مثلها مثل المؤسسات الأخرى ساهمت بروح وطنية في عملية إنقاذ الوطن، هذه الشركات شعرت بمسؤوليتها وقامت بالعديد من الأمور منها تطهير مرافق الدولة، وساهمت في حملة "فينا خير" التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب وبلغت الحصيلة 100 مليون دولار، وهذا يؤكد حقيقة تعاون القطاع الخاص والحكومة في السراء والضراء.
"الوطن": ما هي إستراتيجيات وأجندات الشركات العائلية وتأثيرها على الاقتصاد؟
- المناعي: شكلنا لجنة باسم أجندة الأعمال الوطنية، بهدف وضع أجندة الأعمال الوطنية من رؤية القطاع الخاص، وقمنا بتعيين خبراء محايدين لدراسة 6 قطاعات اقتصادية للحصول على عمق التحديات وتقديم التوصيات، واستخرجنا كتاباً عن التحديات والتوصيات بمساعدة مركز المشروعات الدولية الخاصة التابع لغرفة التجارة الأمريكية، وقدمنا التوصيات إلى الحكومة، ونفذت الحكومة نسبة كبيرة من التوصيات، وبعضها في طور التنفيذ.
ونحن فخورون بأن نكون أول دولة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لديها أجندات أعمال وطنية، ومجلس الوزارء عندما اطلع على الأجندة طلب أن تدرس بهدف تنفيذ التوصيات.
- الزياني: مجلس إدارة الشركات العائلية يضع إستراتيجية للشركة، ويقرر نوع العمل، وعندما وصل الجيل الجديد إلى مجلس الإدارة في شركة استثمارات الزياني، كانت لديهم أفكار جديدة في عدة قطاعات منها العقار، وأنا أتنور بأفكارهم؛ فمجلس الإدارة هو القلب النابض للشركة وهو من يضع الإستراتيجية المناسبة.
"الوطن": ما هو دور الشركات العائلية في توطيد العلاقات التجارية بين البحرين ودول العالم؟
- المناعي: الشركات العائلية وطدت العلاقات الدولية للبحرين مع معظم دول العالم، من خلال الاتفاقيات التجارية والاستثمارية المتعددة، والزيارات والمعارض الدولية في الشأن الاقتصادي.
- الزياني: هناك أمور تتعلق بتوطيد العلاقات التجارية تأتي عن طريق الشركات بدلاً من السفارات، والشركات العائلية تمتلك علاقات واسعة مع العالم الخارجي من حيث الاستيراد والتصدير، أاي علاقة لشركة عائلية بحرينية مع شركة في أي دولة كانت في العالم هي توطيد للعلاقات التجارية.
صحيح أن السفارات لها دور كبير في توطيد العلاقات مع العالم الخارجي، ولكن للشركات العائلية دور مكمل، وخصوصاً في العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية.
فالوفود التجارية القادمة من دول العالم إلى البحرين تأتي بهدف الالتقاء مع رجال الأعمال والشركات من أجل اقتناص فرص تجارية واستثمارية وإقامة تعاون، وكذلك الوفود البحرينية التجارية عندما تذهب لزيارة أي دولة في العالم، فإنها تهدف إلى إقامة شراكات ومشاريع تعود بالفائدة الاقتصادية على الجميع.
"تصوير: سهيل وزير"
رأي رجلا أعمال مختصان في شأن الشركات العائلية أهمية وضع ميثاق عائلي يساهم في ديمومة العائلة وخدمة مصالحها بالدرجة الأولى، مشددين على ضرورة فصل الملكية عن الإدارة والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال.
وقالا في ندوة نظمتها "الوطن"، حول "تحديات الشركات العائلية خلال كورونا.. الواقع والحلول" بمشاركة الرئيس الفخري لاستثمارات الزياني خالد الزياني، والمدير العام لشركة المناعي للتجارة والاستثمار درويش المناعي: "إن عدد الشركات العائلية في المملكة يصل إلى نحو 16 ألف شركة وتمثل 95% من إجمالي الشركات"، موضحين أنها تشكل إحدى دعائم التنمية للاقتصاد الوطني، وتواجه تحديات في استمراريتها بسبب الخلافات ما بين أعضاء العائلة الواحدة.
وأكدا أن الشركات العائلية تساهم في توطيد العلاقات التجارية بين البحرين ودول العالم، كما تساهم في إنتاج كثير من السلع والخدمات التي يتم استيرادها، ما يحقق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات وتدعيم موقف الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
ونوها إلى أهمية دعم وجود العنصر النسائي في مجالس إدارات الشركات العائلية، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنه على الرغم من انفتاح الشركات العائلية في البحرين فإن العنصر النسائي مازال غائباً عن مجالس الإدارات.
وفيما أكد المناعي أن غياب الأساليب الحديثة للإدارة يتسبب في ضعف الإدارة، أكد الزياني أن الصراعات الداخلية بين الأعضاء من أبرز الأسباب التي تؤثر على وحدة العائلة وتماسكها.. وفيما يأتي نص الندوة:
"الوطن": ما هي أبرز التحديات التي تواجهها الشركات العائلية وكيف يمكن مواجهتها؟
- المناعي: الصراعات الداخلية وخلافة الأجيال من أهم الأسباب، حيث تحصل خلافات ما بين الأعضاء ويمكن التغلب عليها بتعيين موظف يكون حلقة وصل بين الشركاء. ومن التحديات ضعف الإدارة بسبب غياب الأساليب الحديثة للإدارة، وهناك كثير من الشركاء لا يفرقون بين الملكية والإدارة.
ميثاق حوكمة الشركات أقر من وزير الصناعة والتجارة والسياحة في عام 2018، ويبين بشفافية كافية المسؤولية على الشركاء ويساعد على إحداث نقلة نوعية في إدارة الشركات.
ونرى من الواجب تفعيل مشاركة أعضاء الشركات العائلية في اللجان والهيئات والمجالس التي تنشئها الحكومة، لأن هذه الشركات -بحسب الإحصاءات- يبلغ عددها 16 ألف شركة عائلية وتمثل 95% من إجمالي الشركات المسجلة في البحرين والمنضوية تحت مظلة الاقتصاد الوطني.
الشركات العائلية تتمتع ببعض المزايا مقارنة بالكيانات التجارية الأخرى والتي تتمثل في تركيزها على المدى الطويل، والتزامها بالجودة، والذي يرتبط غالباً باسم العائلة، ورعايتهم واهتمامهم بالموظفين، لكنها في المقابل تواجه أيضاً مجموعة فريدة من التحديات الإدارية الناجمة عن تداخل قضايا الأسرة والأعمال، والتي يمكن أن تظهر في نمو هذه الشركات بسرعة دون توافر المواهب الإدارية داخل الأسرة، ما يعني أن الشركة ستفتقد فرصاً قيمة، وفي بعض الأحيان يفوق عدد أفراد الأسرة قدرة الشركة على استيعاب اهتماماتهم وتوجهاتهم المتنوعة ما يقودهم إلى صراع.
- الزياني: التحديات هي دروس للشركات العائلية، كيف نحافظ على الشركة مع تعاقب الأجيال؟ فكثير من الشركات لا تدوم حتى جيلين.
تحدث خلافات داخل الشركات العائلية، فمثلاً بمجرد أن يتخرج أبناء ملاك الشركة العائلية يتم تعيينهم مباشرة رؤساء أقسام ومديرين وهم يفتقرون إلى الخبرة والدراية، وبالتالي من الطبيعي أن تتأثر أعمال الشركة العائلية.
وفي نفس الوقت بعض الأبناء يحققون نجاحاً وأرباحاً ويضيفون إلى الشركة أشياء جديدة، بينما لا ينجح بعضهم في إدارة أقسامهم وتكون أرباحهم قليلة جداً، وهنا تبدأ الصراعات بين ابن حقق نجاحاً وآخر لم يحقق، بين مكافأة من حقق أرباحاً أكبر وبين من حقق أرباحاً أقل وغيرها من الأمور التي تفتح أبواب الصراع وتؤثر على وحدة العائلة وتماسكها.
وبحسب خبرتي من الواقع الذي شاهدته والتحديات التي واجهتها الشركات العائلية، عملت على تنظيم شركة استثمارات الزياني بطريقة أفضل تحفظ تماسك العائلة، ونفذت فصلاً نهائياً بين الإدارة والملاك، فأصحاب الشركة لا يجب أن يديروا ويفضلوا أبناءهم في الإدارة على حساب الكفاءة.
استجلبنا مختصين يمتلكون الخبرة والإدارة، وليس لهم علاقة بالعائلة، وهذا يوازن بين الإخوان إلى جانب تنظيم طريقة التعامل فيما بيننا، فكل عمل له رئيس تنفيذي وهناك مجلس إدارة يستلم من الرئيس التنفيذي خطة العمل. كما أن دور العائلة عبر مجلس الإدارة فتح أبواباً للرئيس التنفيذي ليتمكن من تحقيق خططه وليس إعاقته، وإذا عمل الابن في الشركة فيكون له راتب مثل الموظفين تفادياً للصراعات التي تهدم الشركات.
أبناؤنا كلهم درسوا ماجستير، ويعملون سنين ليتعلموا الحياة، ويكون رئيسهم ليس من العائلة، وبعد أن يكتسبوا الخبرة ويتدرجون في سلم النجاح، لا نجعلهم رؤساء تنفيذيين بل ننقلهم إلى مجلس الإدارة الأم، ويكون الابن مشرفاً عبر مجلس الإدارة على شركة وليس رئيساً تنفيذياً، ونعطيه اسماً ومسمى له وزن بهدف فتح الأبواب للرئيس التنفيذي، إذا طلب مساعدة في جهة معينة.
الأبناء عندما يكونون في مجلس الإدارة تكون لديهم مساحة لإدخال أعمال جديدة، فالشركة الأم تنتج كل سنة شركتين جديدتين أو أكثر بهدف التوسع في العديد من القطاعات كالسيارات والصحة والصناعة وغيرها، والجيل الجديد لديه الفكر والطاقة، ونجحوا في تطوير وتوسيع قطاع العقارات في شركة الزياني حتى توسعنا في خارج البحرين.
جعلنا لكل قسم مجلس إدارة، والأبناء الذين يريدون العمل في الشركة لهم معايير، بهدف الحفاظ على العائلة، ونحافظ على العمل، ووضعنا نظاماً بأن كل من يبلغ عمره 65 يخرج من مجلس الإدارة، ويفتح المجال لغيره، وهذا يساعد على تنفيذ أفكار جديدة وأعمال جديدة، ولهذا كل ما حدث من تطوير وأعمال وأفكار هو بفضل الأبناء، أنا طلعت من مجلس الإدارة، وخلفني أخي حامد، ثم أخي زايد، والآن الأبناء هم أعضاء مجلس الإدارة، اليوم الجيل الثالث في مجلس الإدارة ومعهم أشخاص من خارج العائلة.
"الوطن": لماذا المرأة غائبة عن مجالس إدارات الشركات العائلية؟
- الزياني: أؤيد وأدعم وجود العنصر النسائي في مجالس إدارات الشركات العائلية، وأشجع مشاركة النساء في مجالس الإدارات، وأعتبر وجود المرأة مهماً في مجلس الإدارة، لكن في النهاية لهن أفكارهن ونحترم خصوصياتهن، والباب مفتوح لتواجدهن في مجال الإدارات إذا رغبن.
"الوطن": تتحفظ الشركات العائلية على إعلان أرباحها في وسائل الاعلام بعكس الشركات المساهمة، فما السبب؟
- الزياني: الشركات التي تعلن في وسائل الإعلام هي الشركات المساهمة العامة، أما الشركات العائلية فهي شركات مقفلة وليست ملزمة بالإعلان عن أرباحها للعامة، ولكن كل بياناتها المالية وأرباحها موجودة لدى وزارة الصناعة والتجارة والسياحة.
تتحول الشركات العائلية المقفلة إلى مساهمة عامة إذا كانت بحاجة إلى رأس مال، ونحن في طريق لا يدفعنا إلى طلب المال عن طريق بيع الأسهم، وللعلم نظام شركاتنا يدار بنظام الحوكمة كما لو أنها شركة عامة، وتعقد جمعية عمومية ويحضر مندوب من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، وتكون هناك نسخة للبيانات المالية لدى الوزارة ولكن ليست للعامة.
- المناعي: في السابق كانت هناك سرية في إصدار ميزانيات الشركات العائلية، واليوم ليست هناك سرية فبموجب الحوكمة الكل يرسل ميزانيته إلى وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، والوزارة لديها كل المعلومات والإحصاءات الصحيحة.
الشركات العائلية مقفلة، والسوق الاستثمارية لتحول الشركات المقفلة إلى مساهمة عامة وتداول أسهمها في البورصة متوافرة، ويمكن إعطاء حوافز مالية عن طريق تمكين، وهناك شيء جديد بتحويل الشركات المقفلة من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة إلى بورصة البحرين لإعطاء ثقل للبورصة. ولكن في النهاية يبقى الملاك هم أصحاب القرار في تحويل شركتهم إلى مساهمة.
- الزياني: الرقابة على الشركات العائلية من قبل الوزارة وليس إشهار المعلومات، فالشركة المقفلة هي مقفلة، وإذا أدرجت في بورصة البحرين فلن تكون مقفلة، وكل عائلة تستطيع تحويل شركتها إلى البورصة إذار رغبت.
كل فرد يريد أن تحقق شركته ربحاً ويسعى لذلك، والشركة المقفلة نفس الشركة العامة، لكن الملكية تختلف، ملكية المقفلة ليست مطروحة للبيع، ولكن الحوكمة ومراقبة الدولة موجودة لكل الشركات المقفلة والمساهمة.
"الوطن": لماذا تنهار أغلب الشركات العائلية بعد الجيل الثالث أو الرابع؟
- المناعي: أولاً، هناك 18% من الشركات العائلية تستمر إلى ما بعد الجيل الثالث، ولاستمراريتها تحتاج تشجيعاً من الدولة، مثل تأهيل منتجات الشركات العائلية، ومنحها الأولوية في تنفيذ مشاريع الدولة، وتطوير مساهمة الشركات العائلية في التصدير، ما يعزز الميزان التجاري وميزان المدفوعات لمملكة البحرين وخصوصاً بعد إنشاء مركز البحرين لتنمية الصادرات.
وحتى يتم تشجيع الشركات العائلية على التصدير يجب أن تكون هناك إعفاءات، لتكون منتجاتهم تنافسية. هناك أمور كثيرة تحتاجها هذه الشركات لضمان الاستمرار، وهناك دعم ومساندة من تمكين للشركات العائلية.
- الزياني: هناك شركات في دول أوروبا تأسست منذ مئات السنين، وتعمل في أعمال متنوعة، مثلاً شركة بي إم دبليو BMW تمتلكها عائلة، وهي لا تدير الشركة، وإنما الشركة بالنسبة إليهم بمثابة وقف يدر عليهم أرباحاً، ونحن بحاجة إلى الارتقاء لذلك المستوى بحيث تتعاقب أجيال دون أن تنهار الشركة، يجب أن يكون هناك برنامج لانتقال الشركة من جيل إلى جيل، وهذا يتطلب جرأة على تسليم الخلافة إلى جيل يمتلك طاقة جيدة ويعطي أفكاراً جديدة.
اتفقت مع إخواني على إعطاء مجال للجيل الجديد لقيادة مجلس الإدارة بعد اكتسابهم الخبرة والتدرج في السلم، وخصوصاً أن المؤسسين الكبار جيل له مجاله وفق معطياته وزمانه، أما الجيل الجديد فله نظرة مختلفة، وقد نجح الجيل الجديد في تطوير قطاع العقار أكثر مما فعلنا نحن، لديهم "الشطارة" في كثير من المجالات، وقاموا بإدخال أفضل النظم التكنولوجية والرقمية للشركة، كنا نستخدم المعاملات الورقية مدة تصل إلى 26 عاماً، أما الآن فبفضل الجيل الجديد لا يوجد لدينا شيء اسمه ورق كل شيء من خلال أجهزة الكمبيوتر.
- المناعي: أوروبا الغربية قامت على الشركات العائلية، والولايات المتحدة الأمريكية قامت على الشركات المساهمة، أما بريطانيا فتأسست على الشركات العائلية ثم أصبحت مساهمة مقفلة.
الشركات العائلية ليست محصنة ضد التحديات الاقتصادية، لكن للحوكمة دور إيجابي وفعال وعلى الشركات تطبيق قواعد الحوكمة بتحقيق ترتيب البيت الداخلي، وتعظيم الرقابة والشفافية، حيث إن الحوكمة مشروع الحوكمة لم يعد خياراً، وإنما أصبح ضرورة.
للحوكمة فوائد منها تعزيز فرص استمرارية الشركة وتقلل الخلاف بين ملاك الشركة العائلية، وتعزز من قيمة سمعة الشركة وعلامتها التجارية وتزيد الثقة والقيمة المرتبطة بها، بالإضافة إلى إدارة نقل الملكية والقيادة من جيل إلى جيل.
"الوطن": هل هناك حاجة لمزيد من التشريعات فيما يتعلق بالشركات العائلية؟
- المناعي: لدينا تشريعات متجددة وتواكب التطورات العالمية الحديثة، هناك عدة تشريعات، فمثلاً قانون الشركات الجديد عدل بعض الأحكام إلى جانب قانون تنظيم الإفلاس، وهناك مرسوم بقانون أعلى الاستقلالية لغرفة تجارة وصناعة البحرين وجعل مهمة وزير الصناعة والتجارة والسياحة تنسيقية، وكان آخر تشريع هو البيع بالتقسيط لغرض حماية جميع الأطراف، وهناك تجديد للتشريعات القديمة.
"الوطن": ما هو دور الشركات العائلية في دعم صادرات البحرين للعالم؟
- المناعي: أسس مركز البحرين لتنمية الصادرات، وسقف الدعم كان يقدم لعدد محدود للشركات بسبب المعايير، ثم تم رفع المعايير لتتماشى مع أكبر عدد من الشركات في البحرين، وندعو إلى تشجيع الشركات التي تكون صادراتها أكبر مما تبيعه في السوق المحلي.
- الزياني: هذا يعتمد على الشركة، هل هي تعتمد في تسويق منتجاتها على السوق الخارجي أم السوق المحلي، فأغلب الشركات الصناعية تعتمد على التصدير.
على سبيل المثال نحن في شركة ميدال كايبل اعتمادنا الكلي على التصدير، ما قمنا ببيعه داخل سوق البحرين هو 5 كيلومترات من الكابلات فقط، بينما كل إنتاجنا الضخم الذي يبلغ 300 ألف طن سنوياً يباع في الخارج في دول أمريكا، ودول آسيا، وإفريقيا، وخصوصاً السعودية ودول الخليج ودول منطقة الشرق الأوسط.
وفتحنا مصنع للكابلات في تركيا للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي لدى تركيا مع دور الاتحاد السوفييتي السابقة إلى جانب دول أوروبا، وكذلك فتحنا مصنعاً في موزمبيق لوجود مصهر ألمنيوم مثل ألبا في البحرين، ولديهم اتفاقيات تجارة حرة مع دول ليس للبحرين معها اتفاقية حرة.
"الوطن": كيف ترون تأثير المنافسة على الشركات العائلية؟
- الزياني: المنافسة لمصلحة الاقتصاد الوطني بشكل عام ولمصلحة الشركات بشكل خاص، لا مانع من تضاعف المنافسة بمقدار 60 ضعفاً عما هي عليه، لأنها تخدم الاقتصاد الوطني.
بدون المنافسة تسير الشركات على نماذج غير متقنة تضر بالاقتصاد، لكن مع وجود المنافسة تسعى الشركات لتحسين إنتاجها وتطوير مواردها، ورفع قدراتها من جميع النواحي وكل هذا يمنحها القوة وقوة الشركات هو قوة للاقتصاد الوطني.
فنحن في شركة ميدال كايبل تطورت أعمالنا بسبب المنافسة، حتى نصدر وننافس في أسواق أسكتلندا ودخول مناقصات في ألمانيا وبيع في تكساس وجنوب إفريقيا، هذا بفضل هذه المنافسة الشريفة.
- المناعي: المنافسة الشريفة مرحب بها، وهناك تشريعات تحمي المنافسة وتفتح الأسواق. المنافسة الشريفة تجعل الشركات تهتم بالاحتياجات الفعلية للعملاء ورغباتهم ومطالبهم وتجعلها أكثر اهتماماً بخدمتهم بشكل أفضل من الشركات الأخرى، وتجعل الشركة تدرك نقاط القوة والضعف الفعلية، وتجعل الشركات تركز على أكثر من مجرد أسعار المنتجات؛ فتجعلها تركز على التسويق والعلامات التجارية وخدمة العملاء والاحتفاظ بالعملاء، كما تبقي الشركات على أهبة الاستعداد وتحث الشركات على عادة الابتكار المستمر وتحسين المنتج.
المنافسة تثقف الشركات حول تعقيدات كيفية عمل السوق المعتاد، وكيفية وضع العلامة التجارية، وكيفية الإنتاج بكفاءة، وكيفية البيع الفعال في السوق إلى جانب حصول العملاء على خيارات عديدة للاختيار من بينها في أثناء التسوق.
"الوطن": كم يبلغ عدد الشركات العائلية في البحرين؟
- المناعي: بحسب إحصاءات أخيرة لوزارة الصناعة والتجارة والسياحة، هناك أكثر من 16 ألف شركة عائلية تمثل 95% من إجمالي الشركات المسجلة لدى الوزارة، وتشكل عصب الناتج القومي وهي البنية التحتية للاقتصاد الوطني والمحرك الأساسي لنموه إلى جانب أنها تعمل في كل الأنشطة الاقتصادية والأساسية في الاقتصاد وتوفر فرص عمل كثيرة وتساهم في أكبر نسبة من توظيف الأيدي العاملة وتمتص البطالة.
- الزياني: الشركات العائلية إحدى دعائم التنمية الصناعية في البحرين، تساهم في إنتاج كثير من السلع والخدمات التي يتم استيرادها من الخارج ما يحقق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات وتدعيم موقف الميزان التجاري وميزان المدفوعات، إلى جانب التخصص في الأنشطة والعمليات الإنتاجية أو الخدمية، وتساهم في إنشاء صناعات وخدمات محلية جديدة وتطوير الصناعات القائمة باعتبارها نواة لإنشاء صناعات أكبر حجماً يمكن أن تساهم في توسيع القاعدة الإنتاجية وتوفير مستلزمات الإنتاج التي تحتاجها المؤسسات الصناعية الكبيرة.
"الوطن": كيف استفادت الشركات العائلية من الدعم الذي قدمته الحكومة خلال جائحة كورونا؟
- المناعي: الحكومة قدمت جهوداً جبارة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ساعدت الشركات في البحرين على مواجهة أكبر التحديات التي نتجت عن فيروس كورونا (كوفيد19)، وكانت الحزمة المالية والاقتصادية التي تم اعتمادها غير مسبوقة؛ إذ تبلغ 4.3 مليارات دينار أكبر مساهم لتلك الشركات.
وكان صندوق العمل "تمكين" أداة مهمة في دعم القطاع الخاص، وأرى أن ميزانية "تمكين" يجب أن تصرف على دعم القطاع الخاص وتأهيل وتدريب البحرينيين للعمل لأن ميزانيتها تأتي من القطاع الخاص نفسه، وتقليل صرف ميزانية تمكين في أمور أخرى.
- الزياني: أفتخر بما قام به صاحب السمو الملكي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فهو أول من وقف وقال: "يجب أن نحمي الصحة العامة ونحمي الاقتصاد"، وذلك في يناير 2020 قبل أن تبدأ الجائحة بدخول المنطقة.
ولولا حكمة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء لكنا اليوم في مصيبة، ولولا حكمته في مساعدة القطاع الخاص للحفاظ على الشركات والوظائف، لكنا اليوم في كارثة حجم البطالة، أصبحت البحرين اليوم في مكافحة كورونا مضرب المثل في العالم، وشهادة منظمة الصحة العالمية خير دليل.
كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزارء كانت ضرورية وعين الحكمة، ولو شكرناه فلن نستطيع أن نوفيه حقه على ما بذله من جهود في حماية الصحة العامة وحماية الاقتصاد والوظائف. وما قام به صندوق العمل "تمكين" محل فخر، وأتمنى أن يعي المواطنون هذا الشيء.
- المناعي: الشركات العائلية مثلها مثل المؤسسات الأخرى ساهمت بروح وطنية في عملية إنقاذ الوطن، هذه الشركات شعرت بمسؤوليتها وقامت بالعديد من الأمور منها تطهير مرافق الدولة، وساهمت في حملة "فينا خير" التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب وبلغت الحصيلة 100 مليون دولار، وهذا يؤكد حقيقة تعاون القطاع الخاص والحكومة في السراء والضراء.
"الوطن": ما هي إستراتيجيات وأجندات الشركات العائلية وتأثيرها على الاقتصاد؟
- المناعي: شكلنا لجنة باسم أجندة الأعمال الوطنية، بهدف وضع أجندة الأعمال الوطنية من رؤية القطاع الخاص، وقمنا بتعيين خبراء محايدين لدراسة 6 قطاعات اقتصادية للحصول على عمق التحديات وتقديم التوصيات، واستخرجنا كتاباً عن التحديات والتوصيات بمساعدة مركز المشروعات الدولية الخاصة التابع لغرفة التجارة الأمريكية، وقدمنا التوصيات إلى الحكومة، ونفذت الحكومة نسبة كبيرة من التوصيات، وبعضها في طور التنفيذ.
ونحن فخورون بأن نكون أول دولة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لديها أجندات أعمال وطنية، ومجلس الوزارء عندما اطلع على الأجندة طلب أن تدرس بهدف تنفيذ التوصيات.
- الزياني: مجلس إدارة الشركات العائلية يضع إستراتيجية للشركة، ويقرر نوع العمل، وعندما وصل الجيل الجديد إلى مجلس الإدارة في شركة استثمارات الزياني، كانت لديهم أفكار جديدة في عدة قطاعات منها العقار، وأنا أتنور بأفكارهم؛ فمجلس الإدارة هو القلب النابض للشركة وهو من يضع الإستراتيجية المناسبة.
"الوطن": ما هو دور الشركات العائلية في توطيد العلاقات التجارية بين البحرين ودول العالم؟
- المناعي: الشركات العائلية وطدت العلاقات الدولية للبحرين مع معظم دول العالم، من خلال الاتفاقيات التجارية والاستثمارية المتعددة، والزيارات والمعارض الدولية في الشأن الاقتصادي.
- الزياني: هناك أمور تتعلق بتوطيد العلاقات التجارية تأتي عن طريق الشركات بدلاً من السفارات، والشركات العائلية تمتلك علاقات واسعة مع العالم الخارجي من حيث الاستيراد والتصدير، أاي علاقة لشركة عائلية بحرينية مع شركة في أي دولة كانت في العالم هي توطيد للعلاقات التجارية.
صحيح أن السفارات لها دور كبير في توطيد العلاقات مع العالم الخارجي، ولكن للشركات العائلية دور مكمل، وخصوصاً في العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية.
فالوفود التجارية القادمة من دول العالم إلى البحرين تأتي بهدف الالتقاء مع رجال الأعمال والشركات من أجل اقتناص فرص تجارية واستثمارية وإقامة تعاون، وكذلك الوفود البحرينية التجارية عندما تذهب لزيارة أي دولة في العالم، فإنها تهدف إلى إقامة شراكات ومشاريع تعود بالفائدة الاقتصادية على الجميع.