حققت مملكة البحرين المرتبة الثالثة عربياً، والخامسة والثلاثين عالمياً متقدمة بخمس مراتب عن العام الماضي، في التقرير العالمي للسعادة 2021 الصادر حديثاً من قبل شبكة حلول التنمية المستدامة والتي تعتبر أحد المبادرات العالمية لمنظمة الأمم المتحدة.
وأكد مختصون أن السعادة في مملكة البحرين تعتبر أحد الأهداف الأساسية في جميع الاستراتيجيات الوطنية، معتبرين أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق دون الاهتمام بالإنسان، وقالوا إن مملكة البحرين استطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات على صعيد مؤشرات قياس السعادة وهي مؤشرات علمية عالمية.
وأوضحوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا) بمناسبة يوم السعادة العالمي الذي يوافق 20 مارس، أن خطط التنمية في جميع المجالات تستهدف مصلحة الإنسان، فالبحرين كانت ولا تزال تثبت نجاحاتها في الأزمات، وقد تعاملت مع ملفاتها الاجتماعية وتحدياتها التنموية بأسلوب إبداعي وبنهج مغاير أثبت فاعليته أمام العالم.
وأكد الدكتور شمسان المناعي أستاذ علم النفس المتقاعد من جامعة البحرين أن خطط التنمية في مملكة البحرين هدفت نحو إسعاد الإنسان فرداً ومجتمعاً، كجزء من عملية تقويم أطر السياسات العامة لتحقيق التنمية، والقضاء على الفقر وتوفير حياة أفضل للشعوب، فقد أصبح مستوى السعادة لدى الشعب مقياساً لمدى تقدمه المجتمعي وهذا ما تحقق في البحرين وانعكس من خلال المرتبة التي حصلت عليها.
وأوضح المناعي أن الانسان البحريني طيب السلوك والأخلاق، وقال أن السعادة لا تتحقق بمعايير دخل الفرد أو الدخل القومي للدولة أو بتوفر الحاجات المادية للإنسان كما كان يعمل به سابقا فكم من دولة غنية بينما شعبها غير سعيد والعكس وذلك ما جعل دول مثل فنلندا تأتي في المركز الأول فيما دول أوروبية أغنى تأخرت في مراكزها.
واستشهد د. المناعي بأن عالم النفس الأمريكي "مارتن سيليجمان" الذي عمل على تطوير علم النفس وأنشأ ما يسمى "علم النفس الإيجابي" يرى أن السعادة لها ثلاث جوانب هي الحياة الجديدة، الحياة الممتعة، الحياة ذات المعنى، وأوضح أنه يمكن الوصول للحياة الممتعة من خلال الاستمتاع بكل شيء من حولنا مهما كان بسيطاً، فحسب الدراسات تشكل الظروف الخارجية نسبة بسيطة في مستوى سعادة الفرد يقدرها بعض الباحثين بما لا يزيد على 10 في المائة.
وختم بالتأكيد على مفهوم السعادة وفق منظور الدين الإسلامي فهو شعور داخلي للإنسان يشعر فيه بالسكينة وطمأنينة القلب وراحة باله وذلك نتيجة لسلوكه المستقيم سواء الظاهر أو الباطن. فالإسلام جاء شاملاً وكاملاً بكل القواعد ونظم الحياة.
وتأكيدا على ارتباط مبادئ حقوق الإنسان بالسعادة، قال سلمان ناصر رئيس مجموعة حقوقيون مستقلون إن مؤسسات المجتمع المدني تفخر بما وصل إليه المواطن البحريني، الذي دائماً ما يؤكد نماء الإنسان القائم على أسس الالتزام والتراحم والترابط والحفاظ على مكتسباته التي تعد جزء من عملية تقويم أطر السياسات العامة لتحقيق التنمية المستدامة التي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة أحد مؤشرات السعادة.
وقال سلمان أن المواطن البحريني جزء من رسم السياسات العامة ولكن وفق معايير المواطن البحريني وذلك بتنوع خياراته المتاحة والعمل على تعزيز قوانين المساواة بين المواطنين والتضامن والتعددية والعمل على تقدم المستوى المجتمعي. لذلك نقول نحن سعداء بموطننا البحرين الذي دائماً وابداً ما يعمل على ترسيخ قيم إنسانية واجتماعية تفتقدها كثير من الدول المتقدمة.
ولفت إلى أن الشعور بالأمن والاستقرار والتعايش والتسامح وقبول الآخر والتراحم بين المجتمعات والمساواة والأمن الاقتصادي المجتمعي والأخلاق الحميدة تعتبر من أهم سمات رضا وسعادة الشعوب. وهذا ما يميز شعب مملكة البحرين حيث أثبت تلك السمات في الكثير من المواقف، ولنأخذ جائحة كورونا مثالاً حيث بادر المواطنون للإسهام مع جهود الدولة في مكافحة الجائحة عبر الإسهام في التخفيف من آثار الجائحة عن العمالة الوافدة، الذين توقف مصدر رزقهم، وكذلك الأسر غير القادرة على أن تفي بمتطلبات أبنائها في التعليم عن بعد، بعد فتح باب التبرع لحملة فينا خير، ومبادرتهم للعمل في الصفوف الأمامية حيث استقطبت المنصة الوطنية 30 ألف متطوع ومتطوعة للعمل في الصفوف الأمامية، مشيراً إلى أن هذه الأعمال الجليلة لا تأتي لو لم يكن هناك شعور بالرضا وسعادة في خدمة الآخرين مما ينم عن الأخلاق الحميدة.
وختم سلمان بتوضيح أن اختزال سعادة الشعوب بالمنظور المادي الاقتصادي رغم أهميتها، يسهم في تحويل الإنسان إلى مادة حسابية تعادل الربح والخسارة، وفي ذلك تجرد من القيم الانسانية التي تُعد أحد الركائز لاستقرار الشعوب ونمائها.
ومن جانبها بينت إبتهاج خليفة سفيرة ومستشارة السعادة وجودة الحياة أن حصول مملكة البحرين على المركز الثالث عربيا في مؤشر السعادة لعام ٢٠٢٠ دليل على أنها بدأت تخطو خطوات إيجابية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي لها علاقة بمعايير تصنيف الدول في مؤشرات السعادة كجودة التعليم والصحة وتوفير الرعاية الاجتماعية للأفراد، وأن هناك مجموعة من التدابير والاستراتيجيات التنموية المؤسسية تنفذ على النطاق المحلي فيما يخص تلك المؤشرات من منطلق المسؤولية المجتمعية.
وقالت خليفة أن 20 مارس يمثل مناسبة دولية للاعتراف بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب، واعتبرت أن الصحة هي سر السعادة، فيوم السعادة العالمي لا يعني الاحتفالات والماديات والبذخ، فبإمكاننا صناعة السعادة وتحدي تلك الأزمة بأمور أخرى، على سبيل المثال مبادرتنا للتطوع ضمن الفرق التطوعية وإطلاق مبادرات نوعية لإسعاد المجتمع من منطلق المسئولية المجتمعية هي صناعة سعادة راقية، أيضًا الالتزام بالإجراءات الاحترازية الصادرة من الجهات المهنية والتصدي للشائعات التي أصبحت أخطر من فيروس كورونا نفسه فمحاربتها سعادة مجتمعية دائمة.
وختمت بالتأكيد على أن السعادة لا تعتمد على من أنت وماذا تملك، فبإمكان كل فرد أن يساهم في بث رسائل الطمأنينة والإيجابية في نفوس أفراد المجتمع وكأنه يقدم لهم السعادة الحقيقية ويرسم الفرحة في قلوبهم.
وأكدت هاجر الفضالة، مختصة بالتدريب والجودة، أن شعار هذا العام "الجميع ينعمون بالسعادة الابدية" يأتي منسجماً مع رؤية مملكة البحرين التي تعزز مفهوم المجتمع السعيد، وأوضحت أن السعادة موجودة فعلياً ضمن أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2020 كأهداف للتنمية المستدامة.
وبينت الفضالة تقدم مملكة البحرين في المعايير العالمية التي تتضمن في تقريرها السنوي مؤشرات حول نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والرعاية الاجتماعية، ومتوسط الأعمار، والحريات، وغياب الفساد، إلى جانب جودة الصحة والتعليم، وسوق العمل.
وقالت الفضالة إن تغيير أنماط الحياة، والاهتمام بالرياضة والصحة، واتخاذ قرار السعادة، هو الأمر الذي يحقق الرضا الذاتي، فالسعادة لا تؤجل، وهناك الكثير مما يمكن عمله إذا ما قررنا التفكير خارج الصندوق.