تحتفي مملكة البحرين بيوم الصحة العالمي، الذي يصادف اليوم، السابع من أبريل، تحت شعار "إقامة عالم يتمتع بقدر أكبر من العدالة والصحة" لهذا العام، وسط إنجازات رائدة في توفير أفضل الخدمات الصحية لجميع المواطنين والمقيمين، ونجاحات نموذجية في التعاطي مع جائحة فيروس كورونا، في إطار التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، أيده الله.
وأثبتت التحديات الراهنة سلامة النهج التحديثي لصاحب الجلالة الملك المفدى والحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، والذي وضع الارتقاء بالإنسان في مقدمة أولوياته عبر الاستثمار في الصحة والتعليم، استنادًا إلى تاريخ البحرين العريق في المجال الصحي، ومواصلة توفير الرعاية الصحية للجميع، باعتبارها حقًا أساسيًا لكل مواطن بتأكيد المادة الثامنة من الدستور عناية الدولة بالصحة العامة، وكفالة وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء المستشفيات والمؤسسات الصحية بجميع أنواعها وتخصصاتها.
وعززت مملكة البحرين من إنجازاتها الصحية في ظل منظومة تشريعية وتنظيمية متكاملة من خلال جهود وزارة الصحة في تطوير الخدمات الصحية بالتعاون مع القطاع الخاص، وإنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية (نهرا) عام 2009، والمجلس الأعلى للصحة في عام 2013، وإقرار القانون رقم 23 لسنة 2018 بشأن الضمان الصحي، وغيرها من التشريعات المتطورة بالتوافق مع الدستور والقانون رقم (3) لسنة 1975 بشأن الصحة العامة وتعديلاته، والتزامات المملكة بموجب المواثيق الحقوقية الدولية نحو "مجتمع صحي ينعم برعاية وقائية شاملة ومستدامة ومعززة للصحة".
وأدى الاستثمار في القطاع الصحي إلى ارتفاع عدد مرافق الرعاية الصحية المسجلة بحسب تقرير (نهرا) إلى 788 منشأة صحية بنهاية عام 2020، منها 20 مستشفى و280 مركزًا طبيًا مرخصين بموجب المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2015 بشأن المؤسسات الصحية الخاصة، هذا إلى جانب دور القطاع الحكومي ممثلاً في سبع مستشفيات و30 مركزًا صحيًا تقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية مجانًا لجميع المواطنين، وارتفاع إجمالي عدد الصيدليات المرخصة إلى 332 صيدلية، والعمل على إنشاء أربع مصانع لإنتاج الكمامات والمستلزمات الطبية لاكتشاف الفيروسات، والمغاسل الطبية وتقديم الوجبات الصحية، وإنتاج الأدوية والمكملات الغذائية، والمشاركة ضمن الجهود الدولية لإنتاج التطعيمات المضادة لفيروس كورونا.
وبتوجيهات ملكية سامية، وبفضل جهود فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، واستنادًا إلى هذه المنظومة الصحية والعلاجية المتقدمة من كوادر طبية وتمريضية وجهات مساندة وتجهيزات ومنشآت صحية عصرية ومتكاملة؛ استطاعت مملكة البحرين أن تقدم أنموذجًا عالميًا يحتذى به في مواجهة جائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19) وتداعياتها، عبر اتخاذها حزمة من الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي أسهمت في التوازن بين الحفاظ على صحة وسلامة جميع المواطنين والمقيمين، واستدامة المسيرة التنموية، في ظل سياسة متوازنة مبنية على معايير مدروسة بالتنسيق مع الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا.
أولى هذه الإجراءات تمثل في تقديم رعاية صحية مجانية لجميع المواطنين والمقيمين بعدالة وشفافية ودون أي تفرقة، إذ يتم تقديم فحوصات لرصد الفيروس بالمجان، إلى جانب توفير اللقاحات المجانية للجميع والتي بلغت لغاية الآن أكثر من نصف مليون للجرعة الأولى وقرابة 300 ألف لجرعتي التطعيم، لتحقق نسباً متصدرة عالمياً في هذا الجانب. كما تم اعتماد بروتوكولات العلاج والمتابعة للمصابين بتطبيق إجراءات الحجر الصحي وتقديم العلاج مجانًا، وتضمن ذلك تعزيز سلامة النزلاء والعاملين في مراكز الإصلاح والتأهيل وفق رعاية صحية متطورة وبروتوكولات وقائية واحترازية تتوافق مع المعايير العالمية، وغيرها من الخدمات الصحية.
وفي إطار التعامل مع التحدي الصحي وتبعاته؛ تم إطلاق حزمة مالية واقتصادية في مارس 2020 بتوجيهات ملكية سامية تجاوزت قيمتها 4.5 مليار دينار بحريني (حوالي 12 مليار دولار أمريكي)، أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، لإسناد الأفراد والقطاعات الأكثر تضررًا من الجائحة، مع الحرص على تطبيق الإجراءات الاحترازية دون تقييد حرية الحركة والتنقل أو فرض أي إغلاق أو حظر تجوال جزئي. وتم مراعاة البعد الاجتماعي بتقديم المساعدات الإنسانية لمحدودي ومتوسطي الدخل بمتابعة من المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية ودعم المجلس الأعلى للمرأة خلال العام الماضي، وفي العام الحالي صدرت توجيهات سمو ولي العهد بمضاعفة صرف مخصصات المساعدات الاجتماعية للمستحقين في شهر رمضان المبارك، وزيادة الميزانية المخصصة لقطاع الحماية الاجتماعية إلى أكثر من 435.5 مليون دينار سنويًا في إطار الميزانية العامة للدولة لعامي 2021 و2022.
واستوعب برامج التحول الرقمي متطلبات التباعد الاجتماعي؛ فقد وصل عدد الخدمات الالكترونية الحكومية إلى 504، من بينها 44 خدمة صحية، وتم توظيف التقنية الرقمية أيضاً في التعامل مع الجائحة من خلال تطبيق (مجتمع واعي) الذي تم تحميله 1.5 مليون مرة منذ تدشينه نهاية مارس 2020، وهو يقدم خدمات متعددة مثل متابعة المصابين في الحجر الذاتي وحجز مواعيد الفحوصات والتطعيمات وشهادات التطعيم الالكترونية وموافاة المستخدمين بجميع المستجدات والقرارات حول الإجراءات الاحترازية. وجاءت التقنية الرقمية كذلك لتسهم في ضمان استمرارية الخدمات التعليمية عن بعد في المدارس الحكومية والخاصة.
وتثمن مملكة البحرين عاليًا التضحيات المخلصة للكوادر الوطنية العاملة في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة فيروس كورونا من الكفاءات الطبية والتمريضية في القطاع الصحي، حيث تضم المملكة أكثر من 17 ألفًا من ممارسي المهن الصحية المسجلين في الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بحسب تقريرها السنوي لعام 2020، منهم؛ 3696 طبيب بشري و955 طبيب أسنان، و8169 ممرض، و1392 صيدلي، و2831 ممارس للمهن الصحية المعاونة، وغيرهم من أعضاء "فريق البحرين" من الكوادر العاملة في المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الفحص والعزل والعلاج والحملة الوطنية للتطعيم، وفي قوة دفاع البحرين، ووزارة الداخلية، والجهات الحكومية المساندة في المنافذ والمؤسسات الإعلامية والتعليمية والسلطة التشريعية، والقطاع الخاص.
إن مملكة البحرين، وهي تحتفي بيوم الصحة العالمي، لتؤكد فخرها واعتزازها بنجاح فريق البحرين بكافة عناصره في إدارة الأزمات ومواجهة التحديات بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المفدى بدعم من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتزام المجتمع البحريني ووعيه، محققة في هذا الصدد إنجازات رائدة في مواجهة جائحة كورونا بإشادة من منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي، ومعززة من مكانتها الدولية المرموقة في المركز الثاني عربيًا في مؤشر رأس المال البشري الصادر عن مجموعة البنك الدولي، والـ (42) عالميًا ضمن الدول ذات "التنمية البشرية العالية جدًا" وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2020، بما يعكس تميزها بالاستثمار في الإنسان وحماية حقوقه في الصحة والتعليم والمستوى المعيشي اللائق.