محرر الشؤون المحلية

أكد أعضاء مجالس بلدية أن الدولة الخليفية أسست نظاماً قضائياً محكماً في الزبارة وفق تخطيط استراتيجي وفكر إداري يعكس منهجية تتطلع للمستقبل.

واعتبروا أن اهتمام الحاكم بوضع الثوابت القضائية الرصينة أسس لنظام دولة مبتكر يفوق السائد في تلك الحقبة الزمنية.

وقالوا: «إن النظام القضائي في الزبارة كان حجر زاوية في التنمية والازدهار وجعل الزبارة محط رحال الكثيرين في تلك الفترة بسبب التنظيمات التي شهدتها».

وبينوا «أن التنظيمات التي جرت في ظل السيادة الخليفية على الزبارة كانت مرحلة مهمة في تاريخ الزبارة».

وقال رئيس مجلس بلدي المحافظة الجنوبية بدر التميمي: «إن وضع أي نظام قضائي لحسم المنازعات ينبغي أن يسبقه عدد من التنظيمات ليتحقق الغرض من سن هذا النظام وهو ما قامت به الدولة الخليفية في الزبارة قبل تأسيس القضاء فكان لا بد من توفير القضاة الذين سيتولون النظر في الخلافات والحكم فيها».

وأضاف: «استقطب الشيخ محمد بن خليفة الكبيرعلماء الشريعة من كافة البقاع إلى الزبارة وأحسن وفادتهم وجعل الزبارة مقصداً للباحثين عن العلم والمعرفة وخصص أوقافاً على العلماء وأقام المدارس وهو بذلك قد استثمر في الموارد البشرية التي سيبنى عليها النظام القضائي الذي كان يقوم في تلك الفترة على علماء الشريعة».

وأضاف: «احتضنت الزبارة نخبا من العلماء المعروفين في تلك الحقبة، فقد بين لنا فيلم الوطن الوثائقي، أن الزبارة احتضنت علماء في ظل السيادة الخليفية أمثال الشيخ راشد بن خنين، والشيخ بكر لؤلؤ أحمد البصري الزباري، والشيخ عبدالوهاب بن محمد بن فيروز والشيخ أحمد بن عبدالرحمن آل عبداللطيف، والشيخ أحمد بن درويش العباسي، والعلامة السيد عبدالرحمن بن السيد أحمد الزواوي الإدريسي، والشيخ عثمان بن عبدالله بن جامع الأنصاري الخزرجي وغيرهم كثير وهو ما يعطي انطباعاً بالحالة العلمية التي كانت عليها الزبارة في تلك المرحلة الهامة».

إستراتيجية الدولة الخليفية

وقال التميمي: «إن المتابع لهذه المرحلة التاريخية بما حملته من حقائق ووقائع، يتيقن أن الدولة الخليفية كانت تعمل بتخطيط إستراتيجي يعكس تطلع حكام الدولة لمرحلة مستقبلية من الازدهار».

وأضاف: «أن تأسيس النظام القضائي في الزبارة كان ضمن نظام إداري محكم يوضح الفكر الإداري والمنهجية التي قامت عليها السيادة الخليفية».

وقال: «إن هذه المرحلة التاريخية الهامة يجب أن تكون حاضرة دوماً في الذاكرة الوطنية، ويجب أن تكون هذه الفصول من تاريخ البحرين محفوظة في وعي وذاكرة الأجيال البحرينية، فالتاريخ يشهد بأن الزبارة كانت تحت سيادة الدولة الخليفية وأنها شهدت تطوراً غير مسبوق بفضل جهود الدولة الخليفية».

وتقدم التميمي ببالغ الشكر والتقدير لصحيفة «الوطن» على الجهود المبذولة لاستذكار الحقائق التاريخية للدولة الخليفية من خلال سلسلة الأفلام الوثائقية التي بينت كيف كانت النهضة العلمية في الزبارة في ظل الدولة الخليفية وتحولت لمركز إشعاع فكري وحضاري يتسم بالتسامح.

عناصر الدولة

من جانبه قال عضو مجلس بلدي محافظة المحرق عبدالعزيز الكعبي: «إن أي دولة تقوم على مجموعة ركائز أساسية وهي العنصر البشري والعنصر الطبيعي ويقصد به الأرض والعنصر التنظيمي وهو المسؤول عن تنظيم مجتمع الدولة والإشراف على الإقليم، وتسيير أمور الشعب وبالنظر إلى التنظيم الذي جرى في الزبارة نجد هذه العناصر متوافرة».

وأوضح الكعبي «اهتم الشيخ محمد بن خليفة الكبير باستقطاب العلماء والأدباء وجعل من الزبارة بيئة علمية حاضنة للعلم والعلماء والأدباء وبذلك عزز العنصر البشري».

وقال: «أما الاهتمام بالعنصر الطبيعي فقد بدا واضحاً بالعمران وبناء القلاع لتأمين الزبارة براً وبحراً إبان الحكم الخليفي».

وعن العنصر التنظيمي يقول الكعبي: «عين الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ممثلاً سياسياً له وجعل مقره البدع (الدوحة) وبذلك يتحقق عنصر التنظيم والإشراف لتسير أمور الشعب وتبع ذلك تأسييس نظام قضائي لتكتمل عملية التنظيم ويقام ميزان العدالة بين أفراد الرعية تحت سيادة الحكم الخليفي». واعتبر الكعبي أن اهتمام الحاكم بوضع الثوابت الرصينة أسس لقيام الدولة الخليفية وفق نظام مبتكر في تلك الحقبة الزمنية».

تسجيل الأوقاف

وقال الكعبي: «إن تدوين الملكيات والأوقاف وهو ما يعرف حالياً بالتسجيل العقاري عبر النظام القضائي كان جزءاً من عملية التنظيم لتكتمل منظومة الدولة».

وبين «كل هذه التنظيمات التي جرت في ظل السيادة الخليفية على الزبارة كانت عاملاً رئيساً في جعل الزبارة مقصداً للعلماء والتجار وعموم الناس وتحويلها إلى منطقة جاذبة».

وأشاد الكعبي بمحتوى الحلقات الوثائقية التي أطلقتها «الوطن» مؤكداً أهمية توثيق التاريخ لترسيخ قيم الوطنية في نفوس الشباب.

الزبارة أنموذج بالمنطقة

من جانبه قال العضو البلدي أحمد المقهوي: «إن التنظيم الإداري الذي خضعت له الزبارة تحت السيادة الخليفية جعل منها أنموذجاً في المنطقة ولنأخذ مثلاً قرار تعيين ممثل للحاكم في الزبارة فهو من التنظيم الإداري والسياسي فممثل الحاكم هو من يتولى أمور التنظيم العامة ويبسط سيادة الدولة على الجميع ويتولى تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع». وأضاف: «أن وضع ثوابت النظام القضائي في الزبارة للفصل في المنازعات والخلافات هو حجر زاوية في تنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع وتوفير الاستقرار الاجتماعي».

وقال المقهوي: «إن إلحاق تسجيل العقارات والأوقاف بالقضاء كانت خطوة لتنظيم العقارات ورصد الأوقاف وفض الخلافات الخاصة بالمواريث والأوقاف ويمكن أن نطلق على هذا الأمر بمصطلحنا الحالي إنشاء سجل عقاري يرصد العقارات والأوقاف والملكيات».

المنجزات الإدارية

وأكد المقهوي أن السيادة الخليفية على الزبارة تجلت فيما تحقق من منجزات إدارية وعمرانية واقتصادية، فقد برزت الزبارة مبكراً في المنطقة لما تتمتع به من استقرار وأصبح لها ثقل سياسي واقتصادي واجتماعي.

وتطرق المقهوي إلى ما بثه فيلم «الوطن» الوثائقي عن المؤرخ جون غوردون لوريمر في كتابه دليل الخليج أنه دخل قطر في عام 1835م باعتبارها من توابع البحرين دائرة الهدنة البحرية التي عقدت عام 1835م.

لافتاً إلى أن هذه الشهادة التاريخية تعكس السيادة القضائية الخليفية على شبه جزيرة قطر وامتداد سلطان الحكم الخليفي في المنطقة.

وأشاد المقهوي بجهود صحيفة «الوطن»، في توثيق هذه الفترة التاريخية الهامة وبما اعتمدته سلسلة الوثائقيات من معلومات موثقة تختزل حقبة تاريخية هامة عند كل بحريني.

النظام القضائي

إلى ذلك قال عضو مجلس بلدي المحافظة الشمالية محمد الظاعن: «إن السيادة أحد ركائز أي دولة والسيادة لها عدة جوانب منها السيادة عبر وجود نظام قضائي يتولى الفصل بين الناس وهو ما قام به حاكم الزبارة وقتها بتأسيس نظام قضائي وتعيين مشايخ الشرع قضاة على هذا الجهاز الذي لم تكن مهمته فقط فض النزاع وإنما كذلك تسجيل الأوقاف وتوثيق الملكيات».

وأضاف: «إذا أردنا تنزيل المسميات الإدارية الحديثة على ما كان قائماً في ظل سيادة الدولة الخليفية على الزبارة فإننا سنجد أن الأجهزة الإدارية كانت متوافرة ولكن في صورة تناسب المرحلة وتفي بالمتطلبات، فوجود ممثل للحاكم ووجود قضاة يتولون الفصل بين الناس هو من مظاهر الدولة الحديثة».

وبين «أن منظومة العمل البلدي بدأت على يد القضاة الذين كانوا يتولون بشكل منظم عملية تسجل الأوقاف التي كانت شائعة في تلك الفترة، وتسجيل العقارات وتحديد الملكيات بل وتفويض العلماء في تولي عملية تسجيل الأوقاف فقد منح حاكم البلاد الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة صلاحية اعتماد الوقفيات للعلماء في الزبارة وهذا ما يعرف بالتفويض الإداري وفي كثير من المراحل التي تحتاج سبرا تاريخيا سنجد أن الدولة الخليفية كانت تعمل بشكل ممنهج ومنظم وبتسلسل إداري كما هو مطبق حالياً في علم الإدارة وذلك يشير إلى الرؤية الاستراتيجية التي وضعها الحكام عند التأسيس».

وتطرق الظاعن إلى ما تضمنه الوثائقي من نقل عن المؤرخ الشيخ محمد التاجر في كتابه «عقد الآل في تاريخ أوال» حين تطرق لدور الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في القبض على المتهمين في القضايا الأمنية وإرسالهم إلى جزر البحرين وبين أنه منهم من يتم محاسبته في البحرين باعتبارها مقر الحكم الرئيس. وعقب الظاعن بالقول: «إن السيادة الخليفية على الزبارة اقتضت أن يكون هناك تنظيم إداري وفي ذات الوقت تبعية لمقر الحكم الرئيسي في البحرين».

وبين الظاعن: «أن ممارسة السيادة عموماً والسيادة القضائية عنصر هام في أي دولة وهو ما أقرته السلطات البريطانية بتوقيعها اتفاقية السلم العامة عام 1820م، وتبع ذلك مسوحات بحرية وجغرافية لمعرفة حدود السيادة الخليفية على جزر البحرين وتوابعها في شبه جزيرة قطر، وأكدت هذه المسوحات أن البدع أو ما يعرف بالدوحة تابعة من توابع جزر البحرين، كما أرخ لها جون غوردون لوريمر في كتابه الموسوعي دليل الخليج القسم التاريخي حين بين أنه دخل قطر في عام 1835م باعتبارها من توابع البحرين دائرة الهدنة البحرية التي عقدت عام 1835م».