محرر الشؤون المحلية
أكدت مراسلات بريطانية رسمية أجريت في العام 1937م، السيادة القضائية للدولة الخليفية في إقليم الزبارة، إذ بينت المراسلات ممارسة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة السيادة القضائية في إقليم الزبارة.

كما كان رؤساء القبائل في الزبارة يتولون الفصل في النزاعات بين أفراد القبيلة بتفويض من حاكم الدولة المرجع الأعلى للسلطة القضائية الذي يرجعون إليه في حال تعذر حل النزاعات.

ومع بدايات تأسيس مؤسسات الدولة الحديثة في البلاد كانت إرادة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مواصلة النهضة الإدارية الحكومية الشاملة في البحرين وتوابعها، فاستحدث عام 1924م دائرة التسجيل العقاري، التي كانت تسمى دائرة الأراضي كما قام سمو الشيخ حمد بن الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ولي العهد نائب الحاكم في عام 1925م بتخصيص ميزانية لتطوير تسجيل الأراضي في البلاد.

وانتقل تسجيل الأملاك العقارية من قضاة وعلماء الشرع إلى دائرة التسجيل العقاري «دائرة الأراضي». وأصدر في عام 1929م قانوناً شاملاً ومتقدماً لتنظيم عملية التسجيل العقاري في جميع أراضي الدولة بجزر البحرين وملحقاتها كالزبارة.

الاستقصاء البريطاني

وأكد استقصاء بريطاني أجري في عام 1937م السيادة القضائية للدولة الخليفية في إقليم الزبارة.

ووفقاً للوثائق التاريخية فقد قام المعتمد البريطاني في البحرين، بإرسال برقية مؤرخة في 30 مارس عام 1937م للمقيم السياسي البريطاني، أكد فيها حقائق تاريخية بخصوص السيادة القضائية للدولة في إقليم الزبارة، حيث أوضح للمقيم البريطاني بأن السيادة القضائية في إقليم الزبارة كانت لصاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الممتد عهده من عام 1869م إلى عام 1932م، حيث كان صاحب العظمة يمارس سلطته القضائية بشكل مؤكد.

حاكم الدولة

المرجع الأعلى

للسلطة القضائية


وكما هو معروف فقد كان نمط القضاء المتبع في ذلك الوقت تبني أحكامه على العرف القبلي، حيث إن كل رئيس قبيلة هو الذي يتولى الفصل في النزاعات بين أفراد قبيلته، ويكون حاكم الدولة هو المرجع الأعلى للسلطة القضائية.

واستمر القضاء القبلي لرعايا الدولة الخليفية في إقليم الزبارة حتى عهد صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة.

تفويض حاكم

البحرين زعماء القبائل


ويؤكد عيسى بن مبارك الكبيسي، ما عاصره بنفسه في إقليم الزبارة قبل أن ينتقل مع والده وأسرته بعد العدوان عام 1937م إلى البحرين، حيث يبين بأن إقليم الزبارة يسكن في محيطه عدد من القبائل التي كانت تعتبر من رعايا حاكم البحرين وتوابعها، وأنهم جميعاً يخضعون لنظام القضاء القبلي.

ويقول: «إن المبدأ الأساسي في الولاء عند أبناء القبائل هو مرجع الاحتكام عند نشوب الخلافات أو النزاعات، وزعماء القبائل المذكورة قد حصلوا على تفويض من حاكم البحرين بحل خلافاتهم داخل نسيج القبيلة فيما كان يتم اللجوء إليه أي (حاكم البحرين) كمصدر أعلى للسلطة القضائية في حال تعذر حل هذه النزاعات».

تثبيت ملكية العقارات

أما عن التعامل في الأملاك غير المنقولة والعقارات في البحرين وتوابعها سابقاً، فلم يكن يختلف عما جرى عليه العمل في أغلب البلدان العربية الأخرى، سواء من حيث التسجيل العقاري أوإجراء التوثيق أو حتى شهادة الشهود لإثبات ملكية العقار، وكانت روح الشريعة الإسلامية تظلل هذه التعاملات، فقد كانت ملكية العقارات تثبت في المحاكم الشرعية، ويختم القاضي على سند الملكية أويمنح الحاكم صلاحية توثيق عقود البيع لأحد علماء الشرع الشريف، بحيث يختم الصك أو السند بختمه الخاص.

وبين الجزء الثاني من فيلم «الوطن» الوثائقي «القضاء والأوقاف والتسجيل العقاري في الدولة الخليفية»، أنه مع بدايات تأسيس مؤسسات الدولة الحديثة في البلاد، والتي انطلقت من تأسيس بلدية المنامة وانطلاق مشروع التعليم النظامي وتأسيس الشرطة عام 1919م، كانت إرادة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مواصلة النهضة الإدارية الحكومية الشاملة في البحرين وتوابعها.ففي عام 1924م استحدثت دائرة التسجيل العقاري «دائرة الأراضي» في البلاد، وجاء ذلك التحديث على شكل قانون من أجل التنظيم القانوني لهذا القطاع.

تأسيس دائرة

التسجيل العقاري


كما قام سمو الشيخ حمد بن الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ولي العهد نائب الحاكم وقتئذ، بمواصلة الجهود لتأسيس دائرة التسجيل العقاري، حيث قام في 27 أبريل 1925م، بتخصيص ميزانية تتراوح بين 20 ألفاً إلى 50 ألف روبية كحد أقصى من أجل تطوير تسجيل الأراضي في البلاد. فتحول تسجيل الأملاك العقارية من قضاة وعلماء الشرع الشريف إلى دائرة التسجيل العقاري «دائرة الأراضي».

وفي يوليو 1929م تم إصدار قانون، يتضمن مواد مهمة لتنظيم عملية التسجيل العقاري في البلاد. وما يميز هذا القانون كونه شاملاً ومتقدماً في ذلك العصر، وقد شمل جميع أراضي الدولة سواء في جزر البحرين أو ملحقاتها كالزبارة.

تحديث دائرة

التسجيل العقاري


واستمرت عمليات التحديث في دائرة التسجيل العقاري في عهد صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة.

وبين التقرير الحكومي لعام 1937م، نبذة عن دور الإدارة في توثيق ملكيات توابع البحرين، وذكر في التقرير ما يلي:

«العرب في الزبارة يسجلون حقوقاً في ملكية الأراضي لدى حكومة البحرين المتمثلة بدائرة الأراضي».

ولا شك بأن تسجيل العقارات الواقعة في إقليم الزبارة هو جزء من سيادة الدولة الخليفية، ويؤكد بأن دائرة التسجيل العقاري في المنامة تعد من أقدم إدارات التسجيل العقاري بمفهومها العصري الحديث في تاريخ شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، وما زالت وثائق الملكيات العقارية في إقليم الزبارة محفوظة في أرشيف جهاز المساحة والتسجيل العقاري في مملكة البحرين حتى يومنا هذا.