أدانت شخصيات عربية ودولية انتهاكات السلطات القطرية لحقوق الإنسان، وحرمانها ‏للمواطنين من حقوقهم السياسية والمدنية، وفشلها في إصلاح الأنظمة المسيئة لحقوق العمالة ‏الأجنبية، وتوظيفها لقناة "الجزيرة" منذ تأسيسها كأداة استخبارية مسيسة لتأجيج الفتن وترويج ‏الأخبار الزائفة وتمزيق الأمة. ‏

‏واستنكر المشاركون في برنامج خاص على تلفزيون البحرين، التدخلات القطرية المسيئة في ‏شؤون مملكة البحرين والمنطقة العربية، وتورطها في تهديد الأمن والاستقرار العربي عبر احتضان ‏وتمويل الجماعات المتطرفة، وبث سمومها الإعلامية للإساءة إلى الدول الشقيقة، في مقابل ‏تغاضيها عن قمع ومصادرة الحقوق والحريات داخل قطر.‏

فمن جانبه، استهجن الكاتب والمحلل السياسي الكويتي فؤاد الهاشم المؤامرات القطرية ‏ضد مملكة البحرين وإساءات قناة الجزيرة ودورها التخريبي منذ تأسيس المحطة على أيدي جهاز ‏المخابرات القطرية لهدف واحد وهو تمزيق الأمة وإثارة المشاكل في ‏الدول العربية، منوهًا إلى سحب ‏العديد من الدول العربية لسفرائها من الدوحة، وإغلاق مكاتب الجزيرة في عواصم عربية بسبب ‏تغطياتها غير المهنية مقارنة بوكالات أنباء عالمية تعمل بحرفية مطلقة، وكونها مخططة ومجهزة ‏فقط للشأن الخارجي بينما "هي بعيدة تماما عن كل ما يجري ‏داخل قطر"، قائلاً إن الشعب ‏القطري بعد نحو 18 عامًا من دستور 2003 ووعده بالانتخابات لم يرى شيئًا "بل المزيد من الحكم ‏الشمولي".‏

وشدد على أن قضية العمالة الأجنبية أصبحت شوكة في الخاصرة القطرية، لافتًا إلى ‏تصاعد الدعوات المؤيدة لمقاطعة الدوحة بسبب الأحوال المأساوية للعمالة المسكينة التي تموت ‏تحت الشمس الحارقة، بينما تدفع قطر مليار دولار نقدًا لجماعة إرهابية في العراق!‏.

وتوجه الهاشم بالتحية إلى "جلالة الملك المفدى وولي عهده والشعب البحريني البطل ‏على صمودهم المذهل ‏طيلة العقدين الماضين ضد مؤامرات جارهم الكبير الجمهورية ‏الإيرانية.. لذلك لا نخشى عليها كثيرًا من مؤامرات جارتها الصغيرة ‏المحكومة بنظام الحمدين"، ‏متوقعًا أن تستمر قناة الجزيرة في إساءاتها وأنها لن تلتزم باتفاق العلا. ‏

وحذر العميد الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري ‏للفكر والدراسات ‏الاستراتيجية من خطورة إفساح الدوحة المجال أمام دول وعناصر متطرفة تهدد معادلات الأمن ‏والاستقرار العربي، وعلى وجه خاص التهديدات الإيرانية، ومواصلة قناة الجزيرة القطرية حتى بعد ‏اتفاقية العلا تغطياتها السلبية عبر تأجيج الفتن وترويج الأخبار الزائفة والمفبركة والمصطنعة ‏والمضخمة في قنواتها وأذرعها الإعلامية في منصات التواصل الاجتماعي والجزيرة مباشر والجزيرة ‏مباشر مصر وغيرها من المنصات المسيئة لمصر والبحرين والدول العربية الأخرى، داعيًا قطر إلى ‏احترام آداب المهنة الإعلامية والتوقف عن هذا النهج من الإساءات وبث عدم الثقة لدى ‏المواطن ‏العربي وتصدير وصناعة صورة مزيفة لدولنا، خاصة وأننا أعضاء في داخل بيت عربي واحد . ‏

وأكد السفير محمد منيسي سفير جمهورية مصر العربية الأسبق لدى الدوحة، ‏أنه من خلال عمله كسفير لبلاده في قطر منذ عام 1995 ومباشرة بعد الانقلاب وإطاحة الأمير ‏حمد بن خليفة بوالده الشيخ خليفة لاحظ أن "الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية السابق" ‏يتحمل جزءًا كبيرًا جدًا من تصرفات قطر العدائية تجاه ‏الدول الشقيقة، موضحًا أن قناة ‏الجزيرة ليست إخبارية محايدة ولكنها منحازة، وأن محاولتها تعديل سياستها في الفترة الأخيرة غير ‏كافية ‏وما زالت هذه القناة "تبث سمومًا كثيرة في العلاقات بين قطر وأشقائها سواء المجاورة مثل ‏‏البحرين أو المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات أو مصر". ‏

وأدان "الجشع القطري" في التعامل مع العمال المساكين، لافتًا إلى التقرير الأسود الذي ‏أعدته منظمة العمل الدولية حول الطريقة التي تتعامل بها قطر والشركات القطرية مع ‏العمالة ‏الأجنبية، وخصوصا الآسيوية، بشكل غير إنساني وينتهك جميع حقوق هؤلاء ‏العمال، رغم أن ‏دخلها الهائل يسمح لها بأن تضفي قدرًا من ‏العدالة على هذه المعاملات.‏

ومن نيويورك، عبرت المحامية الحقوقية والمحللة في الشؤون الجيوسياسية ‏والأمنية آيرينا تسوكرمان ‏عن انزعاجها من انتهاكات حقوق الإنسان في قطر والقوانين المقيدة ‏للتعبير الحر عن الرأي، منوهة إلى قمع الصحافة والجمعيات السياسية، ومنع أعضاء العائلة ‏الحاكمة من محاولة التعبير عن آرائهم في قضايا مختلفة، وسط ‏مراقبة قمعية وأمنية واسعة ‏الانتشار في دولة غير ديموقراطية. ‏

واستعرضت العديد من مشاهد الانتهاكات الحقوقية في قطر، ومن أبرزها ما كشفته ‏صحيفة الجارديان في فبراير الماضي عن وفاة أكثر من ‏6500 عامل أجنبي في قطر بسبب حوادث ‏العمل في ظروف حرارة شديدة نتيجة الإهمال والإساءة والإجهاد ونظام الكفالة وعدم التزام قطر ‏بالإصلاحات، بخلاف الإصابات وغيرها من الحالات التي رصدتها السفارات الأجنبية، وكل سفارة ‏لديها قوائم بمئات ‏الأسماء التي لن تعود إلى بلدانها ولم يتم تعويض عوائلهم عن وفاتهم أو إجراء ‏تعديلات لمنع تكرار هذه الإصابات لأكثر من مليوني عامل يشكلون أكثر من 95 % من القوة ‏العاملة، ويعيش معظمهم بشكل منفصل عن الشعب القطري في ظروف مؤسفة وغير إنسانية.‏

واستنكرت آيرينا تسوكرمان صمت معظم أجهزة حقوق ‏الإنسان حول العالم بسبب ‏تأثرها بالدعم والتمويل القطري، واكتفائها بإصدار تقارير عامة دون اتخاذ أي إجراء بفرض ‏عقوبات على المسؤولين أو أي شخص مرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان سواء التعذيب في السجون ‏أو ‏الفشل في مراجعة وإصلاح الأنظمة المسيئة للعمال وانتهاكات حرية التعبير أو الإشارة إلى ‏الصحفيين الذين يتم إلقائهم في السجون وتعذيبهم وقتلهم، داعية إلى إدانة دولية لهذه الانتهاكات ‏وتجميد أصول أي شخص ينتهك ويسيء ‏لحقوق الإنسان ويقمع الدفاع عن حقوق الإنسان.‏

وأكد الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان ‏فيصل فولاذ: "إن ‏وضع العمال في قطر مأساوي وأغلب المنظمات الحقوقية العالمية سلطت الضوء على هذه ‏‏الانتهاكات الكبيرة، وهناك ظاهرة كبيرة بأن الاتحادات الكروية في أوروبا تطالب بمقاطعة ‏كأس ‏العالم بسبب الانتهاكات الكبيرة الموجودة للعمال في بناء هذه المنشآت".‏

‏ودعا الكاتب والمحلل السياسي البحريني إبراهيم النهام السلطات القطرية إلى إعادة ‏النظر في ممارستها الخارجة عن البيت العربي، والتوقف عن احتضانها للجماعات المناوئة للأنظمة ‏في المنطقة، وتمويلها للجماعات المتطرفة الإرهابية، وعدم التعامل بسياسة "النفاق السياسي".‏

وأشار إلى أن التدخلات القطرية في الشؤون البحرينية قديمة ‏وموثقة، من تسجيلات ‏ومكالمات وصور وتقارير وشبكات تجسس، واستقطاب وتمويل العناصر المناوئة في الخارج ودعم ‏الصناديق الحقوقية في أوروبا وأمريكا لمحاولة تشويه سمعة ‏البحرين الدولية، قائلاً أن "السلطات ‏القطرية تعاني من حالة نقص وفراغ شديد، واستوردت من البحرين كل شيء، ‏الشعب، التراث، ‏التاريخ، ‏الألعاب الشعبية، كل شيء من البحرين مسروق وموجود ومستنسخ في قطر بشكل ‏مشوه، وتحاول أن تثير زوبعة من الغبار حولها عبر المال الفائض ‏والإعلام والمهرجانات واستضافة ‏الفعاليات لكي تعطي نفسها مساحة أكبر من مساحتها ‏الحقيقة، معتقدة أنه باستخدام ماكينة ‏المال سواء بالداخل أو بالخارج ‏وشراء الذمم ستقوى أواصر الدولة وتشتري كل شيء.‏

وأضاف أن قناة الجزيرة موجهة إلى الخارج ومسيسة وما هي إلا هراوة يستخدمها جهاز ‏الاستخبارات القطري، وأجهزة الاستخبارات المتغلغلة في قطر والتابعة للحرس ‏الثوري الإيراني، ‏وحزب الله، وغيرها، والتي حولتها قطر إلى ساحة لتوجيه الحراب المسنونة لمملكة ‏البحرين، ‏موضحًا أن الجزيرة رغم ادعائها بأنها "تمثل الرأي والرأي الآخر" على مدى أكثر من عقدين من ‏البث ‏المسموم، إلا أنها لم تصدر تقريرًا يدين أي ممارسة لأي جهاز حكومي قطري بشكل أو بآخر، ‏حتى صنفتها الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة بأنها قناة شبه حكومية وليست مستقلة.‏

وأوضح أن قطر خاوية من كل المراكز التي تعبر ‏عن تطلعات الشعب القطري، فلا يوجد ‏نظام عدالة يتعلق بحقوق الإنسان أو حرية الرأي أو ‏التعبير، لافتًا إلى غياب الإعلام الحر من ‏تلفزيون وإذاعة وصحافة في دولة تحكمها أجهزة الأمن بالدرجة الأولى، فأي شخص يتحدث بكلمة ‏تناقض ‏السياسات القطرية يتم إزالته والقبض عليه وجره في الدهاليز المظلمة، ولا قنوات لتتبع ‏أحوال المعتقلين أو أخبار المساجين، بينما على النقيض نرى مملكة البحرين دولة تقوم على النهج ‏المؤسساتي في إطار العدالة والمساواة بين المواطنين وحرية الصحافة والإعلام، وعدم التدخل في ‏شؤون الدول الأخرى، ورفض التدخلات المسيئة في سيادتنا الوطنية أو محاولة حرف مسار ‏‏مشروع جلالة الملك الإصلاحي.‏

وشدد النهام على أن مملكة البحرين تكن كل التقدير والاحترام للشعب القطري الشقيق ‏والذي لا يتحمل أي مسؤولية من قبل ‏ممارسات السلطات القطرية المعادية للبحرين، موضحًا أن ‏قرار فرض تأشيرات على المواطنين القطريين هو قرار سيادي، ومن حق المملكة‏ أن تحمي أمنها ‏الداخلي، والقطريون يعرفون أكثر من البحرينيين أن المملكة لم تكن أبدًا دولة معادية، وأن هذه ‏السياسات القطرية هي التي أوصلت الشعب القطري إلى حالة من العزلة والتقوقع على نفسه ‏والانشقاق في العلاقة مع البحرين، بالرغم من وجود الكثير من روابط ‏الأخوة والقرابة، وما قدمته ‏مملكة البحرين قيادة وشعبًا من مبادرات لمد يد الخير ‏والتعاون وإعادة العلاقات، قائلاً "إن ‏الشعب القطري قريب منا وعزيز علينا ونكن له كل الود ‏والاحترام ولكن ما يمس السيادة الوطنية ‏والأمن القومي البحريني خط أحمر لا نسمح ‏به منذ بداية تأسيس الدولة الحديثة قبل 200 عام".‏

وأكد تلفزيون البحرين في ختام البرنامج التزام مملكة البحرين بنهجها الراسخ في الترفع عن ‏الإساءات ‏والهجمات المستمرة التي تقودها الجزيرة القطرية، وسيبقى شعب البحرين متحدًا ‏خلف ‏القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك المفدى، أيده الله، وسيبقى حلم زعزعة الأمن والاستقرار ‏‏واستهداف النسيج المجتمعي في البحرين عصيًا على من لفظتهم أوطانهم واختارت لهم قطر وطنًا ‏‏مشوهًا تسعى من خلاله إلى تشويه محيطها.‏