ترأس سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون، اجتماع الدورة الـ148 للمجلس الوزاري الذي عقد اليوم، في مركز الأمير سعود الفيصل للمؤتمرات بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، بحضور أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دول مجلس التعاون، وبمشاركة معالي الدكتور نايف فلاح الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون.
وقد ألقى سعادة وزير الخارجية في افتتاح الجلسة كلمة، رفع فيها لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، حفظهم الله ورعاهم، وإلى مواطني دول المجلس الكرام، أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة مرور أربعين عامًا على مسيرة العمل الخليجي المشترك، مشيرًا إلى أن هذه المسيرة تمضي بكل عزم وثقة نحو أهدافها السامية، للحفاظ على أمن واستقرار دول المجلس ومصالح شعوبها، وتحقيق العديد من الإنجازات والمكتسبات لصالح مواطني دول المجلس، حتى صار مجلس التعاون كيانًا راسخًا شامخًا يحظى بمكانة رفيعة إقليميًا ودوليًا، ويسهم بجهود فاعلة في تعزيز الأمن والسلم والازدهار العالمي.
وأضاف إن ما تحقق من إنجازات بارزة في مسيرة مجلس التعاون المباركة، وفي مختلف المجالات والميادين، ينبغي أن يكون حافزًا ودافعًا نحو مزيد من التضامن والتعاون، ومواصلة الجهود بكل إخلاص وتفاني لتعميق التكامل الخليجي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية والاجتماعية، تحقيقًا لتطلعات شعوب دول المجلس التي طالما آمنت بعمق الأواصر والوشائج التي تجمعها ومصيرها المشترك، معتزة بتاريخها العريق وأصولها الواحدة.
وقال إن التحديات التي تواجه المنطقة تلقي بظلالها على مسيرة التعاون الخليجي، وتتطلب منا اليقظة والحذر، والعمل الجاد، والتعاون الدائم، للمحافظة على أمن دولنا واستقرارها، والدفاع عن سيادتها واستقلالها ومصالحها العليا، وحماية إنجازاتها ومكتسبات مواطنيها، ومواصلة جهودنا لتحقيق التنمية والازدهار المنشود، وتعزيز مسيرة مجلس التعاون، في ظل محيط إقليمي لا يخفي أطماعه، ولا يتوانى عن تهديد مصالحنا، ولا يتمنى لنا الخير والأمن والسلام.
وأكد سعادة وزير الخارجية أن القمة الخليجية في مدينة العلا العامرة، خطوة مهمة على طريق التضامن والتكامل الخليجي، بقراراتها البناءة ومخرجاتها الإيجابية، الأمر الذي يفرض علينا المبادرة والإسراع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، والتطلع إلى المستقبل بما يحمله من تحديات ومعوقات، وطموحات مشتركة، وعدم التردد والتلكؤ في المضي قدمًا لترسيخ هذه المنظومة المباركة وتعزيز أركانها، فالأخطار والمهددات واحدة، والمصير مشترك، ولا ينبغي علينا أن نغفل أو نتهاون أمام كافة التحديات والأزمات والصعاب، لكي تنعم المنطقة بالسلام والاستقرار والازدهار المأمول.
وأضاف سعادة وزير الخارجية أنه في ظل الظروف السياسية والأمنية التي تشهدها منطقتنا والتحديات التي تواجهها، تظل القضية الفلسطينية قضية رئيسية وهي مفتاح الأمن والسلم في المنطقة، وتتطلب من الدول الأعضاء التعاون والتنسيق المشترك المتواصل، لدعم جهود السلطة الفلسطينية، من أجل رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الشقيق، ومساندة حقه الشرعي في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة الجهود لتحقيق السلم والأمن في الدول العربية الشقيقة التي عانت شعوبها من ويلات الحروب والدمار والنزوح واللجوء، في ظل تجاهل من المجتمع الدولي لحق هذه الشعوب في الأمن والسلم والكرامة الإنسانية.
وأعرب سعادة وزير الخارجية عن الاعتزاز والتقدير للمبادرة النبيلة التي أعلنتها المملكة العربية السعودية الشقيقة في مارس الماضي، بوقف إطلاق النار في اليمن الشقيق بإشراف الأمم المتحدة، من أجل وقف الحرب في اليمن، تمهيدًا للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة دوليًا، معربًا عن مساندة دول المجلس وتضامنها التام مع المملكة العربية السعودية وشعبها العزيز، ضد كل من يحاول المساس بأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها.
وقال سعادة وزير الخارجية إن الإرهاب آفة خطيرة لا يمكن التهاون أمامها، فهو سلاح خطير تحركه وتموله وتدعمه دول وتنظيمات، مستغلة الأوضاع الإقليمية المضطربة والفكر الضال المخالف لكافة الأديان والمعتقدات والقوانين الدولية، الأمر الذي يحتم على دول مجلس التعاون، مواصلة جهودها بالتعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة التنظيمات الإرهابية وملاحقة عناصرها وتجفيف منابع تمويلها.
وأكد سعادة وزير الخارجية على أهمية العمل على مواجهة التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية، باعتبارها تهديدًا خطيرًا للأمن القومي العربي، وانتهاكًا صريحًا للقوانين الدولية، وأن نضع في الاعتبار أن المصالح العليا لدول المجلس وشعوبها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمصالح الدول والشعوب الشقيقة، التي عانت طويلاً من الانتهاكات المتواصلة لسيادتها واستقلالها وزعزعة أمنها واستقرارها.
وأشاد سعادة وزير الخارجية بالجهود المخلصة التي بذلتها الدول الأعضاء ووزارات الصحة والأجهزة المختصة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، بما اتخذته من إجراءات احترازية ووقائية، وما وفرته من حزم اقتصادية ومتطلبات الفحص والعلاج والتطعيم المجاني لكل المواطنين والمقيمين على حد سواء، للحفاظ على سلامة وصحة الجميع، مما كان له كبير الأثر في النجاح الكبير الذي حققته دول المجلس في مواجهة هذه الجائحة، والذي أشادت به منظمة الصحة العالمية، ولقي تقدير وثناء العديد من دول العالم.
ونوه سعادة وزير الخارجية بالجهود الحثيثة التي تبذلها الأمانة العامة، من أجل انتظام سير اجتماعات اللجان الوزارية المتخصصة واللجان الفنية وإنجاز المهام المكلفين بها، وبخاصة في هذه الظروف الصعبة التي فرضتها تداعيات جائحة كورونا.
وقد بحث أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الخارجية الموضوعات المدرجة على جدول أعمالهم، والمرفوعة من اللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة، وما تم تنفيذه من قرارات مقام المجلس الأعلى والمجلس الوزاري الموقر، وما تم إنجازه في إطار تحقيق التكامل والتعاون في مسيرة العمل الخليجي المشترك، واتخذوا بشأنها القرارات المناسبة.
كما بحث الوزراء الموضوعات ذات الصلة بالحوارات والعلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والدول والتكتلات العالمية، بالإضافة إلى آخر التطورات الإقليمية والدولية، والمستجدات التي تشهدها المنطقة.