أيمن شكل:

بشر رجال دين جميع المسلمين الذين عزموا النية على الحج ولم يتمكنوا بسبب الظروف الصحية الخاصة بجائحة كورونا، بالأجر الكامل بحسب ما أفتى به العلماء والمجمعات الإسلامية، وتصديقاً لبشارة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأصحابه بالأجر الكامل لمن نوى الطاعة ومنعه العذر عن أدائها، في غزوة تبوك.

وأوضح الشيخ يوسف فقيه أنواع الهم بالحسنة وصنفها في 3 أنواع: الأول أن تكون عوارض قلبية غير ثابتة، وهي الأمور التي تمر على القلب ولا يعزم عليها الإنسان، وتلك ليس فيها أجر. والثاني أن تكون عزائم قلبية بلا فعل فيكتب له أجر الهم. والثالث أن تكون عزائم مع محاولة فعل ولكن حالت الظروف فيكتب له أجر الهم والفعل.

وقال الشيخ فقيه إن من نوى الحج وكان عازماً عليه، وقد خطى خطوات في سبيله ثم أعيق بعائق فنرجو أن يكتب له أجر الحج، ولكن هذا الأجر لا يسقط عنه فريضة الإسلام إذا لم يحج من قبل، وعليه أن يحج إذا تيسر له في المستقبل.

ولفت الشيخ يوسف إلى ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما واللفظ لمسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات. ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة".

وفي ذات السياق أشار الشيخ عبدالله الطهمازي إلى أن المؤمن بكرم الله وفضله العظيم لا يحزن بفوات أجره بأي طاعة قد نوى عملها ومنعه عذر عن أداء هذه الطاعة، ولا سيما خلال فترة جائحة فيروس كورونا، وقال: كم من أناس تعلقت قلوبهم بالمساجد ومنعهم هذا الوضع من الصلاة والاعتكاف فيها؟ وكم ممن نوى الحج هذا العام ولم يتيسر لهم بسبب اقتصار الحج هذا العام على المقيمين بالمملكة الشقيقة.

وبشر الطهمازي جميع هؤلاء الذين منعهم العذر القهري ببشارة سيد الخلق صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأصحابه بالأجر الكامل لمن نوى الطاعة ومنعه العذر عن أدائها، مشيراً إلى ما ورد في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة، فقال: «إن بالمدينة أقواماً، ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم»، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر.

ونوه الطهمازي إلى ما أورده عدد من الأئمة الأعلام كابن حجر والنووي في شرحهم على هذا الحديث أن من نوى الطاعة فعرض له ما يمنعه حصل له ثواب نيته، وكذلك ما جاء في الحديث القدسي الذي رواه سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة".

وعلى الجانب الآخر لفت الشيخ محمد سعيد العرادي إلى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: "يهم العبد بالحسنة فيعملها، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، وإن هو عملها كتب الله له عشراً، ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء، وإن هو عملها أجل سبع ساعات، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها".

وأضاف الشيخ العرادي قائلاً إن الجزاء في الأعمال بشكل عام بالنيات بحسب قول رسول الله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" وكذلك قوله: "وعلى نياتكم ترزقون"، ولذلك كان الأصل في العمل النية التي تدفعه لفعل هذا العمل والقصد منه، وقد ورد في الحديث: "إن الله ينظر إلى قلوبكم"، فإذا عقد المسلم النية على الحج ومنعته الظروف فندعو الله أن يكتب له الحج لطفاً منه بعباده، وقد ورد في الأدعية على لسان الإمام الصادق عليه السلام: "يا من أرجوه لكل خير، وآمن سخطه عند كل شر، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحننا منه ورحمة، أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة، واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من فضلك يا كريم".

كما أشار الشيخ العرادي إلى ما تكرر ذكره في محكم التنزيل "الله لطيف بعباده" وقوله: "الله رؤوف بالعباد"، وقال إن الله يعطي الإنسان على النية وإن لم يوفق فيما نوى، وعلى الإنسان أن يسعى للعمل، ويخلص النية، ونوه إلى ما جاء في سورة الإنسان: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً" وقال: هنا تظهر النية من الإطعام في السورة، والتي يكون جزاؤها: "فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً".

وأكد الشيخ يوسف الريس أن الذي نوى الحج ولم يستطع الحج بسبب ظروف كورونا واقتصار حج هذا العام على حجاج الداخل له أجر الحج كاملاً، بحسب ما أفتى به العلماء والمجمعات الإسلامية، مستندين إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .." ولقوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة ؛ حبسهم العذر".

وأكد الريس عظمة الدين قائلاً: لا شك بأن منع الحج هذا العام بسبب هذا البلاء وخوفاً من نقل الوباء إلى الحجيج والمعتمرين وهذا التقدير يعود للدولة سواء بشكل قاطع أو بغلبة الظن، ونسأل الله أن يرفع البلاء ويجعلنا من عبيده السعداء.

من جانبه أشار الشيخ محمد عبدالوهاب إلى قول الله تعالى "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً" وفسر الرسول عليه الصلاة والسلام السبيل بالزاد والراحلة وما شابه ذلك، مثل الإجراءات التي تتخذ، وإذا كان الإنسان قد بذل وسعه للسعي لأداء الفريضة ولم يتمكن بسبب عدم الاستطاعة، فله العذر، لافتاً إلى الحديث الشريف: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" مؤكداً أن المسلم على نيته وأجره على الله سبحانه وتعالى، ونيته خير من عمله.

وأكد الشيخ عبدالوهاب أن من نوى العام أداء الحج فهو مأجور على نيته، وعليه أن يحافظ على نفقة الحج وعلى نيته حتى يتيسر الحج مستقبلاً، ودعا إلى عدم تضييع النفقة إلا في الضرورة، وناشد خادم الحرمين الشريفين بأن يسمح لنسبة ولو قليلة من حجاج الخارج، عملاً بنص الآية "يأتين من كل فج عميق".