محرر الشؤون المحلية
أكد أعضاء بمجلس الشورى أن الزبارة حاضرة في تاريخ ووجدان البحرينيين رغم الاحتلال والاعتداءات المستمرة عليها.
وبينوا أن محاولات استكشاف النفط في الزبارة، كانت أحد أبرز الأسباب وراء التغيرات التي طرأت على المنطقة بعدما ظهرت أطماع أصحاب المصالح في شبه جزيرة قطر للاستحواذ على نفط الإقليم.
ورأوا أن الوثيقة التي أرسلها سكان الزبارة للمعتمد البريطاني في الخليج لتأكيد ولائهم لحكام الدولة الخليفية، أكبر دليل على تمسك الرعايا في الزبارة بالدولة الخليفية.
وقال عضو مجلس الشورى جواد بوحسين: «إن المكتبات تحفل بعشرات الوثائق التي تتناول النهضة التي حققها حكم الدولة الخليفية في الزبارة منذ القرن الثامن عشر، وحتى فترة الاحتلال والاعتداء على الأهالي والقبائل».
وأضاف، أن أهالي القبائل والعشائر التي كانت تتردد على مناطق الحكم الخليفي ما بين الزبارة والبحرين، هم من حملوا تلك الوثائق وكتبوا أيضاً أحداثاً تاريخية موجودة عند أحفادهم.
وأوضح بوحسين، أن بعض العوائل التي كانت مستقرة في الزبارة، ولها بيوتها هناك، قررت النزوح إلى البحرين بعدما تم احتلال الزبارة واشتداد الاعتداءات الهمجية عليها، ولم يكن ذلك إلا ولاء لحكام الدولة الخليفية لما عايشوه معهم من عدل وأمن وازدهار في إقليم كان الأبرز على الخليج العربي، وقال: «إن تلك العوائل أرسلت مكاتيب لحكام الدولة الخليفية يعلنون تضامنهم وولاءهم وتأييدهم وتثبت تبعية الزبارة لحكم آل خليفة، حتى بعدما احتلت من المعتدين في 1937».
ونوه بوحسين، إلى أن فترة حكم الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة التي شهدت الكثير من الأزمات والصراعات بالمنطقة لذلك لجأت إلى توفير الحماية لرعاياه في الزبارة بعقد اتفاقيات مع بريطانيا، حيث كان جل تركيزه على حماية الرعايا وهي عقيدة القائد الذي دائماً يضع الخطط والسبل لحماية حقوق من هم تحت رعايته، واستطاع بالفعل أن يخفض نسب الاعتداءات على الإقليم، من خلال تلك الاتفاقيات، وبهدف حفظ وحدة أراضي الدولة، فقد كان شديد التمسك بأرضه ولا يرضى بالتنازل عنها لأي جهة، كما اهتم بتحقيق الأمن الداخلي للإقليم، خاصة للذيم فضلوا البقاء فيه وعدم الانتقال إلى البحرين».
وتطرق إلى أن الرعايا في الزبارة الذين تركوها واستقروا في البحرين قسمين: الأول الرعايا الذين قرروا الانتقال مع الحاكم حين تم نقل مقر الحكم إلى البحرين، باعتبار أن العاصمة توفر كثير من التسهيلات للصناع والحرفيين والتجار وباعتبارها منطقة جديدة تحتاج لعمران وستشهد نشاطاً تجارياً بسبب وجود مقر الحكم فيها، أما القسم الثاني هم الذين مكثوا في الزبارة حتى عام 1937م، حين بدأت الاعتداءات على الإقليم تتزايد طمعاً لما كان يتميز به، وهذه الاعتداءات أجبرت عائلات كثيرة على الهجرة إلى البحرين، بينما ثبت البعض الآخر وكانوا دائماً يؤكدون على أن ولاءهم لآل خليفة بكافة السبل.
وقال بوحسين: «إن التسامح والتعايش الذي تتصف به مملكة البحرين كان وراثة من الأسلاف من حكام الدولة الخليفة الكرام الذين وضعوا أسسه عبر، توقيع اتفاقيات السلم وتوطيد العلاقات مع حكام الخليج في تلك الفترة، وانعكس ذلك أيضاً على الوضع الداخلي من خلال تشجيع الناس على الزراعة والصناعة وصيد اللؤلؤ وتوفير الأمن والموارد لكي تزدهر الدولة».
وأوضح أن حكام الدولة الخليفية كانت لهم رؤية أبعد بالتوجه لتنويع مصادر الدخل، ولم يقتصر الأمر في تلك الفترة على الصيد كما كانت تتميز به مناطق أخرى ساحلية في الخليج العربي.
وأشار بوحسين أيضاً، إلى التنوع السياسي والاجتماعي الذي هيأه حكام الدولة الخليفية وانعكس على المواطنين، حيث استطاع المجتمع أن يتعايش مع بعضه البعض على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وكانت تجمعهم عقيدة الانتماء لهذه الأرض وحكامها الذين وفروا لهم سبل العيش الكريم، وقال إن التنوع هو ما أغنى البحرين وأثراها وجعل تاريخها مشرفاً لا يخفى على أحد في المنطقة.
من جانبه أكد عضو مجلس الشورى فؤاد الحاجي، أن إقليم الزبارة عرف على مر تاريخه بتبعيته لحكم الدولة الخليفية، وقال: «إن كل الدوائر السياسية سواء في الخليج العربي أو دولة بريطانيا في تلك الحقبة، يعرفون أن الزبارة هي إحدى المناطق التابعة لحكم الدولة الخليفية، وعندما جاء آل خليفة إلى البحرين بدعوة من أهلها، ظل مقر الحكم في الزبارة لفترة من الزمن إلى أن تقرر بعد ذلك نقل المقر إلى البحرين»، مشيراً إلى أن أهل البحرين دعوا آل خليفة لحكم البحرين حتى يتخلصوا من الحكم الفارسي الذي كان مستحوذاً على البحرين في تلك الحقبة.
وأوضح أن مرحلة اكتشاف النفط كانت محورية على المنطقة بالكامل، وخاصة حين تم اكتشافه لأول مرة في البحرين، لتبدأ الشركات النفطية التنقب في باقي دول الخليج على اعتبار أنه إذا وجد النفط في البحرين فبالتالي سيكون موجوداً في باقي دول المنطقة، وكانت شبه جزيرة قطر الأقرب للبحث عن النفط، وحين بدء العمل فيها تحرك الشركات إلى إقليم الزبارة الذي كان تحت سلطة حكم الدولة الخليفية، بحسب ما ذكرته الوثائق والرسائل المتبادلة حول رغبة الشركات في التنقيب عن النفط بالإقليم.
وأكد عضو الشورى، أن الشيخ عيسى بن علي، حرص عند عقد الاتفاقيات النفطية على حفظ حقوق الرعايا في الزبارة، ووضع شروطاً تضمن لهم حقوقهم، وقال «إن الحاكم لم يكن يفكر سوى في حماية شعبه وتحقيق الرفاهية لشعبه والازدهار لبلده، لكن بدأت الأطماع تتزايد في الإقليم، خاصة بعد انتقال مقر الحكم إلى البحرين، وكانت هناك أطماع للاستحواذ على عوائد النفط في حال تم اكتشافه في الزبارة، ومع الأسف بدأ أصحاب المصالح النفطية في مفاضلة مصلحة شركاتها على المصالح السياسية وعلى حقوق حكام البحرين ورعاياهم.
وأضاف الحاجي، أن ما يؤكد حرص حكام الدولة الخليفية على أن يبقى إقليم الزبارة ضمن الاعترافات الدولية، هو ذكر ذلك في كافة الاتفاقيات التي عقدت مع القوى المهيمنة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، وهؤلاء لم ينكروا في أي وثيقة الأدوار التي لعبها حكام الدولة الخليفة في تطوير إقليم الزبارة وجعله الميناء الأهم في المنطقة، ولذلك حاول الكثير من القراصنة استهداف سفن التجارة في الخليج، فما كان من حكام الدولة الخليفية إلا أن عقدوا اتفاقيات السلم والأمن التي وفرت الحماية للسفن والتجارة، وإلى أن ظهر النفط لتتغير المعادلات السياسية.
وقال: «إن الزبارة كانت منذ عام 1762م تحت حكم الدولة الخليفية، ولذلك ستجد أهل القبائل يتوارثون هذا التاريخ ويعرفونه فيما بينهم، وهو ما تؤكده الوثائق التاريخية المحفوظة في بريطانيا وكتب المؤرخين العرب تلك الفترة».
وتطرق عضو مجلس الشورى نوار المحمود، إلى ظهور النوايا السيئة والأطماع الدنيئة لدى أصحاب المصالح السياسية في الدوحة، عندما علموا أن بريطانيا تتفاوض مع حاكم البحرين وتوابعها بشأن التنقيب عن النفط في الزبارة.
وقال: «إنهم لم يتجهوا إلى عقد الاتفاقات كما كان سائداً في تلك الفترة، وإنما أرادوا الاستحواذ على النفط بطرق همجية، حيث قاموا بالدفع بمرتزقة لكي يقوموا بالاعتداء على رعايا الدولة الخليفية في الزبارة، ومحاصرتها، تحقيقاً لفرض الأمر الواقع بأنهم المسيطرين على الإقليم، ولكي يستطيعوا الاستيلاء على ما سينتج من عوائد النفط».
وقال المحمود: «إن أصحاب المصالح السياسية في الدوحة ظهروا مثل العصابات التي تهاجم الأبرياء والآمنين وتفرض عليهم دفع ضرائب».
وأشار إلى انعكاس ذلك الاعتداء على أهالي وقبائل شبه جزيرة قطر الذين لم يعرفوا في تاريخهم حكاماً سوى حكام الدولة الخليفة، فما كان منهم إلا أن قاموا بالتوقيع على رسالة إلى المعتمد البريطاني في الخليج، يؤكدون فيها ولائهم لآل خليفة وتطالب بريطانيا بالتدخل لوقف الاعتداء على الحريات والأرواح، بعدما تبدلت أحوالهم من الأمن والاستقرار إلى سيطرة عصابات على الدولة وسلب ثرواتهم وفرض الضرائب عليهم دون وجه حق.
وفي ذات السياق، أكد نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى درويش المناعي أن الزبارة ستبقى حاضرة في تاريخ ووجدان البحرينيين رغم الاحتلال والاعتداءات المستمرة عليها.
وبنين المناعي أن الرسالة التي رفعها 536 فرداً من سكان الزبارة، وهم يمثلون حوالي نصف السكان في ذلك الوقت، إلى المعتمد البريطاني في الخليج، يؤكدون فيها ولائهم لآل خليفة خاصة وأنهم منذ أكثر من 100 سنة في الزبارة.
وقال: «إن هذه الرسالة ومستندات أخرى موثقة تحمل معانٍ كثيرة لها قيمتها القانونية بثبوت تبعية ملكية الزبارة إلى حكام البحرين، وانتماء أهلها لهم رغم ما حدث بعد ذلك من تغيرات في الخريطة السياسية».