أكد باحثون في الشأن السياسي والقانوني والحريات أن تحديث مملكة البحرين للقوائم الإرهابية الوطنية تتسق مع الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، حيث تتسم هذه القوائم بشموليتها لقيادات وجماعات وكيانات متطرفة إرهابية قطرية، إلى جانب جماعات متطرفة أخرى، مشيرين إلى غياب التشريعات والقوانين في قطر التي من شأنها أن تضمن حقوق الإنسان وحرية المعتقد وممارسة الشعائر، وما تلقاه الأقليات من تضييق وتمييز.
وأشار الكاتب والباحث السياسي، عبدالله الجنيد، في حلقة من (برنامج خاص) الذي بثه تلفزيون البحرين، أن تحديث القوائم الإرهابية الوطنية التي شملت 111 شخصية و59 كياناً، بإضافة وشطب ما تم إقرار شطبه من قبل مجلس الأمن، تمثل إجراءً محموداً من مملكة البحرين كي توضح من يمثل خطرا ليس فقط على مملكة البحرين، وإنما على عموم المنطقة والعالم.
وقال الجنيد إن ما يقارب من 95% من الشخصيات والكيانات التي حددتها قائمة 2018، والتي حددتها الدول المقاطعة لقطر بأنها مدعومة من نظام الدوحة وأنها كيانات بعضها قطري وغيرها غير قطرية.
مؤكداً أن فرض البحرين تأشيرة دخول على موطني قطر يأتي في سياق حفظ أمنها، موضحاً أن هذا القرار سيادي ولا تناقش الدول في قراراتها السيادية، سواء كانت دول جارة أو دول عربية أو غير عربية، فهذا القرار اتخذ لحماية الأمن البحريني، إذ إن هناك شواهد كثيرة بأن قطر كدولة أو نظام سياسي لم تحترم تلك المواثيق مع مملكة البحرين تاريخياً، حيث وجدنا منها سياسات عبثية وعدائية للبحرين، وكان القرار الذي اتخذ بفرض تأشيرة على مواطني قطر انطلاقا من حرص البحرين على حماية أراضيها ومواطنيها.
من جانبه؛ أكد السيد اوليفير غيتا، المستشار في الشؤون الأمنية الاستراتيجية، أن لقطر تاريخ مع المنظمات الإرهابية يعود إلى العام 1992، حيث دعت قطر خالد شيخ محمد الرئيس الفعلي لتنظيم القاعدة للانتقال للعيش فيها، وعرضت عليه العمل، وتم دعوته من قبل وزير الشؤون الإسلامية السابق، الذي أصبح فيما بعد وزيراً للداخلية، عبدالله بن خالد آل ثاني، كما قام أسامة بن لادن بزيارة الدوحة مرتين في العام 1992 والعام 1996، فقد كان خالد شيخ محمد يدير عملياته الإرهابية من الدوحة، لدرجة أن الأمريكيين خططوا لاختطافه من الدوحة وإعادته إلى الولايات المتحدة لمحاكمته، حيث كانت تلك خطة (FBI)، لكن الرئيس كلينتون رفض الخطة وقال إنه سوف يتحدث مباشرة مع أمير قطر ويتأكد أن المحادثة ستكون سرية ولن تتسرب المعلومات، وعندما كانت طائرة (FBI) تحوم في الأجواء القطرية تم إبلاغ خالد شيخ محمد فغادر على متن طائرة حكومية قطرية.
وأضاف المستشار غيتا أن قطر استخدمت في وقت مبكر الجمعيات الخيرية والبنوك لتمويل الإرهاب حول العالم، خصوصاً الجماعات التي شاركت في الحرب السورية الأهلية منذ عام 2013، وقد كان لدينا حالات كجهات وعائلات قريبة من أمير قطر الذين تم تصنيفهم كممولين للإرهاب من وزارة الخزانة الأمريكية، ورأينا البنوك الرئيسية في قطر، من ضمنها بنك قطر الوطني وبنك الدوحة وبنك الريان، يشاركون بطريقة أو بأخرى في تمويل الإرهاب، وتم مقاضاتهم بشكل رئيسي في المملكة المتحدة و الولايات المتحدة لتورطهم في الإرهاب، خصوصا في الحرب السورية وتمويل جبهة النصرة، التي كانت تعرف باسم تنظيم القاعدة في سوريا، كما أن هناك دعاوى قضائية كبرى تشير إلى مسؤولية قطر في تمويل تنظيم القاعدة.
وأشار أوليفير غيتا إلى ما تقدمه الدوحة من دعم لا محدود وإيواء للجماعات الإرهابية المتطرفة وإذكاء الفكر الإرهابي، حيث كان هناك تسريب كبير لمستندات الأعمال الخيرية القطرية التي صدرت قبل عام تظهر كيفية استثمار الجمعيات الخيرية القطرية للأموال وتحويل المجتمعات الإسلامية في أوروبا إلى مجتمعات راديكالية.
وحول مسؤولية المجتمع الدولي، على وجه الخصوص بريطانيا والاتحاد الأوروبي في التعامل مع السلوك القطري، خصوصاً أن الصحافة الأوروبية تكشف مخططات الدوحة العبثية، قال اوليفير غيتا؛ هناك كثير من الحديث مؤخرا عن تأثير البلدان الخارجية على الحركات المتطرفة في أوروبا، وقد كان لدينا تحقيقات رسمية من قبل السلطات في أوروبا، بدأت في المملكة المتحدة في عام 2015، والتي عرضت دور الإخوان المسلمين في لندن ومن ثم في النمسا والسويد، وقد رأينا حركة تنبت من تداعيات الاستثمار الأجنبي في الجماعات المتطرفة، وحين يأتي الأمر لقطر يصبح الوضع أكثر صعوبة بسبب الاستثمارات القطرية الكبيرة فيها، وهذا مصدر قلق لدى السياسيين، خاصة مع ظهور تسريبات جديدة عن دور قطر في تمويل الجماعات، وعلى سبيل المثال نادي كرة القدم الرئيسي في فرنسا، باريس سان جرمان، هو ملك أمير قطر.
من جانبه قال السيد أحمد الخطيب، الصحافي المختص في شؤون الإرهاب، إن على الدوحة أن تعلم بأن الوئام مع شقيقاتها في الخليج العربي والدول العربية هو الأفضل للسلام في المنطقة، ولن يكون هناك أي مكاسب من دعم الجماعات المسلحة الإرهابية، والتي تهدف لصناعة الحروب والفتن، ويجب أن تعلم الدوحة يأن هذا الشرر سيطالها في يوم من الأيام، وهذا اليوم قادم لا محالة، طالما ظلت الدوحة على هذا النهج، ونحن نعلم ونعرف أن كثير من الدول التي لعبت بهذه الجماعات طالها ما طال من تخريب ودمار، وعلى الدوحة أن تعي بأن السلام في التنمية ودعم الشعوب وعدم إثارة الداخل وعدم استخدام الجماعات التي تقوم بكل ما ذكرت، هو الخيار الأفضل.
وأضاف؛ قبل سنين لم تكون الدوحة تنتهج هذا النهج وأصبحت دولة قوية اقتصاديا، ليس بفعل دعم هذه الجماعات إنما عندما انتهجت نهج السلام مع شقيقاتها في دول الخليج العربي والدول العربية والعالم أجمع، حتى رأينا في السنين الأخيرة أن دعم هذه الجماعات جلب على الدوحة كثير من المتاعب والأزمات، ورأينا الشقاق والخلاف مع شقيقاتها في الخليج والدول العربية، لذلك على قطر أن تعود إلى الصف الخليجي أولا والصف العربي ثانيا بالفعل وليس بالقول.
وحول واقع حقوق الإنسان والأقليات الدينية في قطر تحدث السيد سلمان ناصر، رئيس مجموعة حقوقيون مستقلون، مؤكداً أن قراءة واقع حقوق الإنسان في قطر لا يشير إلى وجود أي أمل في إصلاح التشريعات التي تعالج انتهاكات حقوق الإنسان، سواء المواطن القطري أو المقيم، خصوصاً بعد انتهاك حقوق قبيلة الغفران ونظام الاستعباد للعمالة الوافدة، حسب توصيف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وانتهاك حقوق المرأة والطفل، ويبرز الواقع أيضاً على السطح مع انتهاك حقوق المواطنين والأقليات ومنها البهائية.
وأضاف سلمان ناصر أن ما تناولته صحيفة واشنطن بوست حول الطائفة البهائية وما تعانيه في الدوحة هو أمر واقع، وتم توثيق في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية من واقع حقوق الإنسان والحريات الدينية 2020، حيث يقيد القانون القطري العبادة العامة للأديان غير الإسلامية ويحظر على الجماعات غير المسلمة عرض الرموز الدينية، والتي تشمل منع التجمعات والإعلان عن الخدمات الدينية أو وضع الرموز الدينية أمام الجمهور، وكل ذلك يجرمه القانون القطري، والذي ينص على عقوبة تصل إلى السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، حسب ما تم توثيقه بتقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن واقع الديانات في قطر المنشورة على الصفحة الإلكترونية للسفارة الأمريكية لدى الدوحة، والذي أشار إلى أن ممثلو الطائفة البهائية واجهوا تحديات ووثق في هذا الخصوص 13 حالة.
وأوضح ناصر أنه وبصفته متابعا لملفات حقوق الإنسان؛ فقد كتب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بقضايا الأقليات والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين عام 2019 رسالة إلى حكومة قطر مضمونها الإعراب عن القلق بشأن المعاملة التمييزية التي يتعرض لها البهائيين، ومنها الترحيل ورفض تجديد إقامتهم، وأكثر من ذلك التحديات التي تعرضوا لها والمتمثلة في تسجيل الزيجات وممارسة حرية العبادة.
وأضاف سلمان ناصر للأسف الشديد لا يوجد نص صريح في دستور دولة قطر يحمي الأقليات أو حتى الحريات الدينية، لقد استخدم النظام القطري كل الطرق غير المشروعة لبلوغ أهدافه وإحكام قبضته، فعلى سبيل المثال في كرة القدم العالمية والسيطرة عليها، فبعد قضايا الرشوة والفساد المالي والإداري الذي طال حصول قطر على استضافة كأس العالم 2022، لقى أكثر من 6500 عامل أجنبي حتفهم في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020، كما أن هذه العمالة لم يتمتعوا بحرياتهم الدينية أو ممارسة ثقافتهم أو حتى طقوسهم.
وأشار ناصر إلى أن النظام القطري بحاجة إلى تشريعات دستورية حتى لا يضع الأقليات تحت رحمة دستور خال من الحماية والتشريعات، والتي تسهم في تعزيز قيم التعايش والتسامح الروحي والثقافي، حيث أنهم يفتقدون لأبسط الحقوق المتعلقة بحرية الشعائر الدينية، مؤكدا أن قطر في أمس الحاجة لإصلاح منظومتها التشريعية والقانونية وأن تعيد هيكلة موادها الدستورية وصولاً لوضع التشريعات التي تحمي الأقليات والأديان.
وفي هذا السياق قال ورقاء روحاني، عضو الجمعية البهائية الاجتماعية في البحرين، إن واقع التعايش في البحرين ليس بجديد، فمملكة البحرين ملتقى للحضارات والطوائف من كل الأديان والمذاهب، والكل متعايش على هذه الأرض الطيبة، وهي مضرب للمثل في التعايش والسلام.
وأضاف؛ ومع تولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وتأسيس مركز الملك حمد للتعايش بين الأديان واختيار أعضائه من جميع الأديان والطوائف والمذاهب في البحرين، ومنهم الطائفة البهائية، عزز هذا المركز التعايش وصانه من أية أفكار طائفية هدامة، كما قام بتشجيع حرية العقائد وممارسة الطقوس الدينية في المجتمع البحريني، وانا كبهائي ولدت في البحرين وأسكن في أحيائها ومناطقها المختلفة، وأشعر بقوة التعايش والمحبة والحميمية بالتعامل مع الشعب البحريني، كما الحال مع أهلي وأقاربي من المسلمين والأديان الأخرى، ما يشكل نموذجاً جميلاً وفريداً.
وقال روحاني نحن حقيقة محظوظين بوجود قائد محب للخير والإنسانية، مثل ملكنا المفدى، فهو حريص على حماية البحرين من أي تفرقة بين شعبه.
إلى ذلك أكد السيد أيمن نصري، رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان على أن هناك كثير من المواقف التي تشير لمعاناة الأقليات في قطر، والتي قدمت شهادات بذلك، إلى جانب التميز العنصري الواضح والاستبعاد بشكل كامل من الحياة الاجتماعية والسياسية من خلال تشريعات وقوانين معوقة بشكل ظالم، منوهاً أن الأخطر من ذلك هو تربية الشباب بين الجيل الثاني والثالث على هذه الصفات، والتي ستتولى في يوم من الأيام القيادة، حيث تتربى بشكل كبير كونها مجرد أدوات تستخدم لخدمة النظام في مجتمع مغلق تماما، مما يزيد لديهم الإحساس بأنهم منبوذين وغير مرغوب فيهم وغير مرحب بهم بأي شكل من الأشكال.