بقلم: الدكتور مصطفى السيد

تشرفت على هامش افتتاح مكتب منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين، بلقاء المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسيوس، حيث كان اللقاء مُفعمًا بالمحبة والسعادة بعد اختيار مملكة البحرين لتكون مركزًا إقليميًا لمنظمة الصحة العالمية واختيار أحد أبراج الخير التي أسستها المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية لتكون مقرًا لهذا المكتب مصدر فخر واعتزاز للجميع.

وخلال اللقاء استعرضت مع الدكتور تيدروس العديد من الموضوعات وسجلت له عدة رسائل مهمة تأتي في إطار الدعم اللامحدود الذي أولته مملكة البحرين في مشروعها الوطني لمكافحة جائحة كورونا (كوفيد19) بتوجيهات سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر، حيث كان لهذه الإدارة الحكيمة الدور الفاعل والمتميز في إدارة الأزمة الراهنة وإدارة القطاع الصحي بكفاءة واقتدار من خلال العمل الدؤوب والمتواصل لتسطيح المنحنى الوبائي لأزمة كورونا وهذا ما لمسناه في الفترة الحالية بتراجع عدد الإصابات وقلة عدد الوفيات. هذه القيادة الحكيمة التي شارك فيها عدد كبير من المخلصين من أبناء هذا الوطن العزيز وبتعاون هذا الشعب الوفي، لهي قيادة تستحق الإشادة والفخر والاعتزاز للبحرين ملكًا وحكومة وشعبًا.

وأولى هذه الرسائل التي حرصت على إيصالها بأننا نفخر جميعًا ونعتز باختيار مملكة البحرين لتكون الحاضنة لمكتب منظمة الصحة العالمية الأمر الذي له دلالة واضحة على ثقة مدير المنظمة وتقديره للبحرين وقدرتها على تخطي الصعاب، فقد ضربت مملكتنا الغالية أروع التجارب في الإخلاص والإبداع وبذل الجهود الدؤوبة من الجميع بلا استثناء قيادة وحكومة وشعبًا، من خلال احتواء الفيروس والحد من انتشاره، وما هذا الاختيار إلا صورة مشرفة من صور التخليد التي سيتعلم منها الجميع في جميع أنحاء العالم، بأنه ليس هناك شيء مستحيل مهما كانت الظروف الصعبة.

كما أوصلت له تقديرنا وسعادتنا الغامرة باختيار موقع مكتب المنظمة الذي ستنطلق أعماله من خلال برج الخير وهو برج الأيتام الذي شيدته المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية بدعم من جلالة الملك المفدى ليكون صرحًا من صروح الخير ورافدًا من روافد العطاء لمشروعات الأيتام المستقبلية، الأمر الذي سيجعل من عمل المنظمة في مملكة البحرين عملًا يشع بالخير والبركة بإذن الله تعالى، فليس هناك أجمل وأنبل من خدمة الأيتام.

أما الرسالة الأهم التي حازت على إعجاب الدكتور تيدروس فهي الخاصة بالأصداء الجميلة والعالمية التي حظيت بها حملة (فينا خير)، تلك الحملة الرائعة التي تجملت بصور اللفتة الإنسانية التي حملتها مملكة البحرين على عاتقها من خلال تعزيز مفهوم التكافل الاجتماعي ومساهمة الجميع في التخفيف من الأضرار الناجمة من جائحة كورونا (كوفيد 19)، وذلك بعد أن وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية بأهمية دعم جهود الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا (كوفيد19)، حيث قام سموه بمبادرة تدشين حملة (فينا خير) التي ضربت أروع الأمثلة في التلاحم الشعبي من خلال إعطاء المواطنين شرف المساهمة في دعم مختلف المجالات التي تضررت خلال الجائحة، حيث تم جمع التبرعات من المؤسسات والمواطنين والمقيمين وتم توزيعها على عدة مجالات من أهمها دعم الفئات المتضررة خلال الجائحة وبالاخص المساعدات الاجتماعية، إضافة إلى دعم مشروعات التعليم من خلال دعم طلبة المدارس بالحواسيب، ومشروع إنتاج الكمامات وتوزيعها بالمجان في الظروف الصعبة وغيرها من المشروعات. ولعل أجمل شيء أسعدنا بالفعل المفاجأة التي أعلن عنها جلالة الملك المفدى حفظه الله ـ كعادته ـ بتوجيه جلالته ببناء مستشفى كبير بجانب المركز الخاص بالأبحاث ودراسة الأمراض المعدية، وذلك تخليدًا لوقفة المواطنين المشرفة مع القيادة والوطن.

أتمنى كل التوفيق والسداد لهذا المركز الإقليمي الجديد لمنظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين، ليقوم بدوره الفاعل في تعزيز الاستراتيجيات الصحية في جميع أنحاء العالم، وليكون صورة مشرقة لنقل التطور الكبير الذي يشهده القطاع الصحي في البحرين بدعم ومؤازرة قيادتنا الحكيمة. والشكر موصول لسعادة وزيرة الصحة الأخت فائقة بنت سعيد الصالح والطاقم الطبي على دورهم الكبير والرائع، وأن هذا المركز سيساهم بلا شك في تشكيل السياسات والبرامج الصحية العالمية.