قال الدكتور بيير لومبارد رئيس البعثة الأثرية الفرنسية لدى مملكة البحرين إن حضارة "تايلوس" شهدت في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد ازدهارا استثنائياً على أرض المملكة مشكلة بذلك مركزاً حضارياً هاماً في المنطقة وامتداداً للحضارة الدلمونية السابقة.
جاء ذلك خلال تقديمه المحاضرة الثقافة من سلسلة محاضرات متحف البحرين الوطني الخاصة بجهود التنقيب في مملكة البحرين، والتي نظمتها هيئة البحرين للثقافة والآثار الأسبوع الماضي، والتي تناولت الاكتشافات الأثرية الأخيرة في مقبرة تايلوس في منطقة أبو صيبع ما بين عامي 2017م و 2021م.
وأشار د. بيير لومبارد إلى أن حضارة تايلوس يمكن التعرّف عليها بشكل عام من خلال المدافن، موضحاً أن المشروع البحثي في تل أبو صيبع رقم 1 شمال المملكة يكشف جوانب هامة من تاريخ وحكاية تلك الحضارة.
ونوّه إلى أن التل يظهر على شكل تل دائري صغير يبلغ قطره الأقصى 70 مترًا ، وارتفاعه الحالي يتراوح بين 4 أمتار و 4.5 مترًا.
كما وتناول د. بيير تفاصيل أخرى حول المشروع، حيث أشار على أنه تم بالفعل تحديد قرابة 70 قبراً مبنياً في الموقع، وتم التنقيب عن نحو 40 قبرًا منها بشكل كامل ودراستها من قبل فريق يضم عالماً متخصصاً في الآثار البيولوجية. وقد وُجِد فوق العديد من هذه القبور تل رملي مغطى بالحجارة المسطحة - وهي علامة تقليدية للمكانة الاجتماعية العالية - الأمر الذي يدل على أهمية الأشخاص المدفونين في الموقع.
وقال د. بيير إن هذه القبور تعرضت لعميات نهب متكررة ولكن ليست ممنهجة، إلا أن قرابين الدفن (الأواني والزجاج والمجوهرات والحلي التي تُستخدم في الطقوس) التي بقيت سليمة تشير إلى أن تاريخ الموقع يعود إلى الفترة بين القرنين الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، وتؤكد خصوصية عادات وطقوس الدفن خلال الفترة الهلنستية في البحرين. واستدرك قائلاً إن وجود عدد كبير من شظايا فخار العصر البرونزي بين القبور يعتبر أمراً محيراً، ومن المحتمل أن يكون إشارة إلى وجود مقبرة أو مستوطنة أكثر قِدَماً تحت الموقع يعود تاريخها إلى أواخر عصر دلمون.
هذا وتستمر سلسلة المحاضرات حتى نهاية شهر سبتمبر الجاري حيث تستضيف خبراء ومتخصصين من البعثات التنقيب العالمية والمحلية وهي البريطانية والدنماركية والفرنسية واليابانية والبحرينية. ويمكن للجمهور التسجيل لحضور المحاضرة من خلال ملء الاستمارة على الموقع الإلكتروني لهيئة البحرين للثقافة والآثار www.culture.gov.bh .
فيوم 15 سبتمبر يقدم البروفيسور روبرت كارتر من البعثة الأثرية البريطانية محاضرة حول الآثار التاريخية في موقع مسار اللؤلؤ بمدينة المحرّق. أما يوم 22 سبتمبر فيقدّم الباحث مصطفى سلمان من فريق الآثار البحريني محاضرة حول نتائج التنقيبات الأثرية في التل الأثري بمزرعة عبدالله جمعة في مقابة. وختام المحاضرات يكون يوم 29 سبتمبر مع الدكتور ماساشي آبي من البعثة الأثرية اليابانية، حيث يتحدث حول مشروع وادي السيل الأثري.