عقدت صباح اليوم ندوة "العلّامة السيد عبدالرحمن الزواوي واضع روزنامة الزبارة والبحرين"، التي نظمها مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي، بحضور معالي السيدة فوزية بنت عبدالله زينل رئيس مجلس النواب ومعالي السيد علي صالح الصالح رئيس مجلس النواب ومعالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعدد من كبار المدعوين والمختصين وسط إجراءات وقائية واحترازية.
وقد قام المركز بتكريم عدد من أحفاد العلّامة السيد عبدالرحمن الزواوي الذين حلوا ضيوف شرف على الندوة، حيث عبروا عن عميق شكرهم وتقديرهم لمملكة البحرين بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى، وشعب البحرين، على الاحتفاء بالدور العلمي للعلامة الزواوي، ومثمنين جهود المركز في إقامة الندوة تخليدًا لإسهاماته باعتباره ضمن أشهر أعلام البحرين الأوائل.
وقد بدأت الندوة بالسلام الوطني ثم عرض فيلم وثائقي قصير حول النهضة العلمية والحضارية في الزبارة.
وتضمنت الندوة في جلستها أربعة أوراق عمل، حيث شارك معالي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي للمركز بورقة رئيسية في الندوة، مستعرضاً جهود مركز الوثائق التاريخية في رصد الوثائق المهمة منذ تأسيسه بأمر من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد عندما كان ولياً للعهد، وداعياً المجتمع لعرض وثائقهم المحلية القيمة لتكون متاحةً للدراسة العلمية. وأكد على أن قوة الوثيقة التاريخية في قدرتها على تجديد الواقع والمستقبل، مستدلاً بروزنامة "الزبارة والبحرين" التي وضعت منهجيتها منذ ضم جزر البحرين، والتي أصبحت اليوم منهجاً للتقويم الرسمي للمملكة.
كما أثنى على دور المواطن في حفظ الوثائق مما يجعله شريكا في حفظ مسيرة وطنه مستذكراً دور المرحوم الشيخ يوسف الصديقي وحفيده السيد عبدالناصر الصديقي في حفظ وثيقة "روزنامة الزبارة والبحرين" التي أهديت لصاحب الجلالة الملك المفدى مطلع سبتمبر الحالي.
واستعرض الدكتور الشيخ خالد في ورقته (النهضة العلمية والحضارية في الزبارة خلال القرن الثامن عشر) رؤية المؤسس الشيخ محمد بن خليفة الكبير في تأسيس الدولة الخليفية في الزبارة عام 1762م، المرتكزة على تحصين الدولة قبل الشروع في التعمير. حيث أوضح بأن الدراسة أثبتت بأن مظاهر تحقق رؤية المؤسس تلخصت في: الحصول على مبايعة القبائل، وتأسيس قلعة صبحا وتسوير الزبارة، وتأسيس جيش من القبائل مع تقوية الأسطول البحري والقدرات الدفاعية، إلى جانب تعيين القضاة وإصدار تشريعات تنظيمية وإلغاء الضرائب عن القبائل.
وأوضح في ورقته دور الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة في استكمال رؤية والده المؤسس بالانتقال إلى مرحلة تعمير الزبارة، حيث بين بأن سياساته ارتكزت على: تحويل الزبارة إلى عاصمة للتجارة الحرة في المنطقة، واستقطاب التجار من مختلف الأمصار، وإعفاءهم من الضرائب الجمركية والمكوس، مع تأمين الحماية للتجار الأجانب.
وبين، بحسب الوثائق التاريخية، بأن من مظاهر النهضة في الزبارة اعتماد الدولة سياسات تحث على الارتقاء بالعلوم وبث التسامح الفكري والديني والمذهبي في الزبارة، إذ أثبتت الدراسة توافد العديد من العلماء من مختلف المذاهب والعلوم والمعارف للزبارة إلى جانب الأسر الحرفية، مما ساهموا في ازدهارها، مشيراً إلى أن "روزنامة الزبارة والبحرين" التي وضعها الزواوي تعد أقدم وثيقة علمية رصينة تم الوصول إليها في عهدنا الحالي، تؤرخ لرقي الزبارة العلمي والحضاري.
وأكد على أن تلك السياسات التي اتبعها حكام الدولة الخليفية ساهمت في تحويل الزبارة إلى مركز تجاري وعلمي تنافسي في منطقة الخليج العربي.
من جانبه، استعرض الباحث راشد عيسى الجاسم رئيس قسم البحوث بإدارة مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي السيرة الذاتية للعلامة السيد عبدالرحمن بن أحمد الزواوي، حيث أكد في دراسته على أن الزواوي يعد من كبار العلماء المالكية في الزبارة، وله باع كبير في علم الحديث والأصول واللغة ولديه إلمام تام بمسائل الفلك والحساب، كما توصلت دراسته إلى أن الزواوي له مجموعة من الانتاجات في العلوم الشرعية، كالأسئلة والألغاز (في المجال الشرعي) فيجيب عليها نثراً وبعضها نظماً، ومجموعة من الفتاوى، والقصائد الشعرية، وساهم بشكل كبير في تطوير علم الفلك.
وأشار في ورقته إلى أن الزواوي نشأ على يد علماء من مختلف المذاهب الفقهية وانتقل من الأحساء إلى الزبارة خلال فترة تعميرها، وبعد فتح البحرين استقر الزواوي في منطقة (جو) في الساحل الجنوبي الشرقي للبحرين، إذ أثبتت الوثائق بأنه عاصر ثلاثة حكام للدولة الخليفية إبان ازدهار الزبارة وتوسعها لتشمل جزر البحرين، وله علاقات وثيقة بهم وهم: الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة، والشيخ أحمد بن محمد آل خليفة (الفاتح)، والشيخ سلمان بن أحمد آل خليفة.
وأوضح الجاسم بأن الزواوي تولى في الزبارة عددا من المسؤوليات وهي: إدارة أوقاف حكام الدولة الخليفية، وكتابة الوثائق والوصايا الشرعية. إلى جانب التدريس في مدارسها. كما بين بأنه كُلف من قبل حكام الدولة بإصدار التقاويم الفلكية، ومن أهمها: روزنامة "الزبارة"، وروزنامة "الزبارة والبحرين"، مؤكداً أن منهجية الزواوي في وضع الروزنامات والحساب الفلكي باتت معتمدة لدى عدد من العلماء في المنطقة.
ومن جانب آخر، قدم عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية نائب رئيس اللجنة العليا للتقويم البحريني الدكتور عبداللطيف آل محمود ورقته حول المنهجية الشرعية في روزنامة الزبارة والبحرين، حيث أكد في دراسته أن المسلمين اهتموا بالروزنامات باعتبارها ركائز لأربعة من أركان الإسلام وهي (الصلاة والصيام والحج والزكاة)، مبيناً بأنه من الوسائل الفلكية الشائعة لوضع الروزنامات هي: الحساب الفلكي، وآلة الربع المُجَيَّب، وحساب الظل.
وأوضح بأن الزواوي أعد روزنامتين بناء على "الحساب الفلكي لطول الليل والنهار"، وهي (روزنامة الزبارة) تقريبا عام 1780م، و(روزنامة الزبارة والبحرين) بعد فتح البحرين، مشيراً إلى أنه عُمل بمنهجية الروزنامتين لمدة لا تقل عن 128 سنة قمرية، ومنوهاً بأن كان آخر روزنامة معتمدة على منهجية الزواوي هي التي أعدها الشيخ محمود بن عبدالرحمن آل محمود للأعوام (1297 - 1322هـ) الموافق (1879 - 1904م).
واستعرض آل محمود المنهجية الشرعية العلمية للروزنامتين، والتي تقوم على تحديد البداية الشرعية لجميع الصلوات الخمس بما فيها صلاة العشاء قبل (264) سنة هجرية، حيث يدخل موعد صلاة العشاء عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار 18 درجة مع غياب آخر الشفق الأبيض من الأفق الغربي، وهو ما يتفق مع معطيات علم الفلك الحديث.
وبين بأن التوافق بين منهجية الزواوي مع الحسابات الفلكية الحديثة تشير إلى أن صلاة العشاء تكون بعد غروب الشمس بـ (1:15) في منهجية روزنامة الزواوي، أي ما يوازي (1:16) في الحسابات الفلكية الحديثة، بمعدل (1:30) في الحسابين.
ومن جهة أخرى، قدم نائب رئيس جامعة الخليج العربي للشؤون العلمية والأكاديمية عضو اللجنة العليا للتقويم البحريني الأستاذ الدكتور وهيب عيسى الناصر ورقة علمية حول المنهجية العلمية والفلكية لروزنامة الزبارة والبحرين، والتي أعدها بالشراكة مع الفلكي د. محمد العثمان أستاذ الفيزياء في جامعة البحرين.
وأشار الناصر إلى أن نص الروزنامة التي وضعها العلامة الزواوي يبين بأنها أعدت قياساً على خط (عرض) الزبارة والبحرين، ولم يعتمد الزواوي بخطي طول وعرض الزبارة والبحرين، معللاً بأن خط العرض أكثر أهمية وتأثير في مواقيت الصلاة، لكون الزبارة والبحرين لهما نفس خط الطول ويختلفان في خط العرض.
وأوضح الناصر بأنه بحسب منهجية الزواوي، تم اعتماد موقعيْن جغرافيين من المناطق المأهولة لحساب أوقات دخول الصلوات في التقويم الحديث، وهما أقصى شرق البحرين لمنطقة مأهولة (جزيرة دلمونيا) لحساب وقت دخول الفجر والشروق، وأقصى غرب البحرين لمنطقة مأهولة (مدينة سلمان) لحساب أوقات الصلاة.
وأوضح في ختام ورقته بأن التقويم البحريني الهجري (المحدث) لعام 1443 اشتمل تعديلات وفق منهجية العلامة الزواوي، وكان أهمها هو جعل موعد صلاة العشاء بوقت غير ثابت يوميا (طوال أيام السنة) وإنما متغير يوميا، بخلاف التقاويم السابقة، مؤكداً أن الفارق بين موعد صلاتي المغرب والعشاء في مملكة البحرين هو في عصرنا هذا: ساعة وربع في الاعتدالين الخريفي والربيعي (سبتمبر ومارس، على التوالي)، ساعة ونصف في فترة الصيف بالقرب من موعد الانقلاب الصيفي (يونيو)، ساعة وثمان دقائق في الانقلاب الشتوي (ديسمبر).
هذا وقد أقام المركز (معرضا لوثيقة روزنامة الزبارة والبحرين)، والذي تضمن نسخا معروضة على لوحات مصورة عن الوثيقة الأصلية للمخطوط التي تسلمها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى إهداءً من قبل السيد عبدالناصر الصديقي، وذلك في لقاء خاص في 1 سبتمبر 2021م. حيث ورثها عن جده المغفور له القاضي الشيخ يوسف بن أحمد الصديقي، حيث كانت من مقتنيات مكتبته العلمية رحمه الله.
إذ يعتبر هذا المخطوط المعروض دونها ونسخها السيد محمود بن عبدالرحمن آل محمود في عام 1880م على منهجية العلامة الزواوي في إعداد التقاويم الفلكية امتدادا لروزنامتي الزبارة" الصادرة في 1780م و "الزبارة البحرين" الصادرة بعد ضم جزر البحرين، على يد الزواوي.
يذكر أن مركز الوثائق التاريخية تأسس في عام 1978م في عهد المغفور له بإذن الله أمير البلاد الراحل صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى عندما كان ولياً للعهد. وانطلاقاً من حرص جلالته واهتمامه بتراث وتاريخ وحضارة البحرين العريق، أمر جلالته بإلحاق المركز مع ديوان جلالته آنذاك. وبموجب نص المادة الثالثة من الأمر الملكي السامي رقم (18) لسنة 2008، تم اعتماد المركز رافداً ومكوناً أساسياً وأحد فضاءات وإدارات مركز عيسى الثقافي. ويسعى بأن يكون باعثا ومرجعا لمهنة وثقافة التوثيق والتأريخ، وبالتالي قِبلةً للمؤرخين والباحثين والمهتمين محلياً وعالمياً، وعلى هذا وذاك مساهماً فاعلا في تأصيل وترسيخ هوية مملكة البحرين العربية الإسلامية.
وقد قام المركز بتكريم عدد من أحفاد العلّامة السيد عبدالرحمن الزواوي الذين حلوا ضيوف شرف على الندوة، حيث عبروا عن عميق شكرهم وتقديرهم لمملكة البحرين بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى، وشعب البحرين، على الاحتفاء بالدور العلمي للعلامة الزواوي، ومثمنين جهود المركز في إقامة الندوة تخليدًا لإسهاماته باعتباره ضمن أشهر أعلام البحرين الأوائل.
وقد بدأت الندوة بالسلام الوطني ثم عرض فيلم وثائقي قصير حول النهضة العلمية والحضارية في الزبارة.
وتضمنت الندوة في جلستها أربعة أوراق عمل، حيث شارك معالي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي للمركز بورقة رئيسية في الندوة، مستعرضاً جهود مركز الوثائق التاريخية في رصد الوثائق المهمة منذ تأسيسه بأمر من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد عندما كان ولياً للعهد، وداعياً المجتمع لعرض وثائقهم المحلية القيمة لتكون متاحةً للدراسة العلمية. وأكد على أن قوة الوثيقة التاريخية في قدرتها على تجديد الواقع والمستقبل، مستدلاً بروزنامة "الزبارة والبحرين" التي وضعت منهجيتها منذ ضم جزر البحرين، والتي أصبحت اليوم منهجاً للتقويم الرسمي للمملكة.
كما أثنى على دور المواطن في حفظ الوثائق مما يجعله شريكا في حفظ مسيرة وطنه مستذكراً دور المرحوم الشيخ يوسف الصديقي وحفيده السيد عبدالناصر الصديقي في حفظ وثيقة "روزنامة الزبارة والبحرين" التي أهديت لصاحب الجلالة الملك المفدى مطلع سبتمبر الحالي.
واستعرض الدكتور الشيخ خالد في ورقته (النهضة العلمية والحضارية في الزبارة خلال القرن الثامن عشر) رؤية المؤسس الشيخ محمد بن خليفة الكبير في تأسيس الدولة الخليفية في الزبارة عام 1762م، المرتكزة على تحصين الدولة قبل الشروع في التعمير. حيث أوضح بأن الدراسة أثبتت بأن مظاهر تحقق رؤية المؤسس تلخصت في: الحصول على مبايعة القبائل، وتأسيس قلعة صبحا وتسوير الزبارة، وتأسيس جيش من القبائل مع تقوية الأسطول البحري والقدرات الدفاعية، إلى جانب تعيين القضاة وإصدار تشريعات تنظيمية وإلغاء الضرائب عن القبائل.
وأوضح في ورقته دور الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة في استكمال رؤية والده المؤسس بالانتقال إلى مرحلة تعمير الزبارة، حيث بين بأن سياساته ارتكزت على: تحويل الزبارة إلى عاصمة للتجارة الحرة في المنطقة، واستقطاب التجار من مختلف الأمصار، وإعفاءهم من الضرائب الجمركية والمكوس، مع تأمين الحماية للتجار الأجانب.
وبين، بحسب الوثائق التاريخية، بأن من مظاهر النهضة في الزبارة اعتماد الدولة سياسات تحث على الارتقاء بالعلوم وبث التسامح الفكري والديني والمذهبي في الزبارة، إذ أثبتت الدراسة توافد العديد من العلماء من مختلف المذاهب والعلوم والمعارف للزبارة إلى جانب الأسر الحرفية، مما ساهموا في ازدهارها، مشيراً إلى أن "روزنامة الزبارة والبحرين" التي وضعها الزواوي تعد أقدم وثيقة علمية رصينة تم الوصول إليها في عهدنا الحالي، تؤرخ لرقي الزبارة العلمي والحضاري.
وأكد على أن تلك السياسات التي اتبعها حكام الدولة الخليفية ساهمت في تحويل الزبارة إلى مركز تجاري وعلمي تنافسي في منطقة الخليج العربي.
من جانبه، استعرض الباحث راشد عيسى الجاسم رئيس قسم البحوث بإدارة مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي السيرة الذاتية للعلامة السيد عبدالرحمن بن أحمد الزواوي، حيث أكد في دراسته على أن الزواوي يعد من كبار العلماء المالكية في الزبارة، وله باع كبير في علم الحديث والأصول واللغة ولديه إلمام تام بمسائل الفلك والحساب، كما توصلت دراسته إلى أن الزواوي له مجموعة من الانتاجات في العلوم الشرعية، كالأسئلة والألغاز (في المجال الشرعي) فيجيب عليها نثراً وبعضها نظماً، ومجموعة من الفتاوى، والقصائد الشعرية، وساهم بشكل كبير في تطوير علم الفلك.
وأشار في ورقته إلى أن الزواوي نشأ على يد علماء من مختلف المذاهب الفقهية وانتقل من الأحساء إلى الزبارة خلال فترة تعميرها، وبعد فتح البحرين استقر الزواوي في منطقة (جو) في الساحل الجنوبي الشرقي للبحرين، إذ أثبتت الوثائق بأنه عاصر ثلاثة حكام للدولة الخليفية إبان ازدهار الزبارة وتوسعها لتشمل جزر البحرين، وله علاقات وثيقة بهم وهم: الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة، والشيخ أحمد بن محمد آل خليفة (الفاتح)، والشيخ سلمان بن أحمد آل خليفة.
وأوضح الجاسم بأن الزواوي تولى في الزبارة عددا من المسؤوليات وهي: إدارة أوقاف حكام الدولة الخليفية، وكتابة الوثائق والوصايا الشرعية. إلى جانب التدريس في مدارسها. كما بين بأنه كُلف من قبل حكام الدولة بإصدار التقاويم الفلكية، ومن أهمها: روزنامة "الزبارة"، وروزنامة "الزبارة والبحرين"، مؤكداً أن منهجية الزواوي في وضع الروزنامات والحساب الفلكي باتت معتمدة لدى عدد من العلماء في المنطقة.
ومن جانب آخر، قدم عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية نائب رئيس اللجنة العليا للتقويم البحريني الدكتور عبداللطيف آل محمود ورقته حول المنهجية الشرعية في روزنامة الزبارة والبحرين، حيث أكد في دراسته أن المسلمين اهتموا بالروزنامات باعتبارها ركائز لأربعة من أركان الإسلام وهي (الصلاة والصيام والحج والزكاة)، مبيناً بأنه من الوسائل الفلكية الشائعة لوضع الروزنامات هي: الحساب الفلكي، وآلة الربع المُجَيَّب، وحساب الظل.
وأوضح بأن الزواوي أعد روزنامتين بناء على "الحساب الفلكي لطول الليل والنهار"، وهي (روزنامة الزبارة) تقريبا عام 1780م، و(روزنامة الزبارة والبحرين) بعد فتح البحرين، مشيراً إلى أنه عُمل بمنهجية الروزنامتين لمدة لا تقل عن 128 سنة قمرية، ومنوهاً بأن كان آخر روزنامة معتمدة على منهجية الزواوي هي التي أعدها الشيخ محمود بن عبدالرحمن آل محمود للأعوام (1297 - 1322هـ) الموافق (1879 - 1904م).
واستعرض آل محمود المنهجية الشرعية العلمية للروزنامتين، والتي تقوم على تحديد البداية الشرعية لجميع الصلوات الخمس بما فيها صلاة العشاء قبل (264) سنة هجرية، حيث يدخل موعد صلاة العشاء عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار 18 درجة مع غياب آخر الشفق الأبيض من الأفق الغربي، وهو ما يتفق مع معطيات علم الفلك الحديث.
وبين بأن التوافق بين منهجية الزواوي مع الحسابات الفلكية الحديثة تشير إلى أن صلاة العشاء تكون بعد غروب الشمس بـ (1:15) في منهجية روزنامة الزواوي، أي ما يوازي (1:16) في الحسابات الفلكية الحديثة، بمعدل (1:30) في الحسابين.
ومن جهة أخرى، قدم نائب رئيس جامعة الخليج العربي للشؤون العلمية والأكاديمية عضو اللجنة العليا للتقويم البحريني الأستاذ الدكتور وهيب عيسى الناصر ورقة علمية حول المنهجية العلمية والفلكية لروزنامة الزبارة والبحرين، والتي أعدها بالشراكة مع الفلكي د. محمد العثمان أستاذ الفيزياء في جامعة البحرين.
وأشار الناصر إلى أن نص الروزنامة التي وضعها العلامة الزواوي يبين بأنها أعدت قياساً على خط (عرض) الزبارة والبحرين، ولم يعتمد الزواوي بخطي طول وعرض الزبارة والبحرين، معللاً بأن خط العرض أكثر أهمية وتأثير في مواقيت الصلاة، لكون الزبارة والبحرين لهما نفس خط الطول ويختلفان في خط العرض.
وأوضح الناصر بأنه بحسب منهجية الزواوي، تم اعتماد موقعيْن جغرافيين من المناطق المأهولة لحساب أوقات دخول الصلوات في التقويم الحديث، وهما أقصى شرق البحرين لمنطقة مأهولة (جزيرة دلمونيا) لحساب وقت دخول الفجر والشروق، وأقصى غرب البحرين لمنطقة مأهولة (مدينة سلمان) لحساب أوقات الصلاة.
وأوضح في ختام ورقته بأن التقويم البحريني الهجري (المحدث) لعام 1443 اشتمل تعديلات وفق منهجية العلامة الزواوي، وكان أهمها هو جعل موعد صلاة العشاء بوقت غير ثابت يوميا (طوال أيام السنة) وإنما متغير يوميا، بخلاف التقاويم السابقة، مؤكداً أن الفارق بين موعد صلاتي المغرب والعشاء في مملكة البحرين هو في عصرنا هذا: ساعة وربع في الاعتدالين الخريفي والربيعي (سبتمبر ومارس، على التوالي)، ساعة ونصف في فترة الصيف بالقرب من موعد الانقلاب الصيفي (يونيو)، ساعة وثمان دقائق في الانقلاب الشتوي (ديسمبر).
هذا وقد أقام المركز (معرضا لوثيقة روزنامة الزبارة والبحرين)، والذي تضمن نسخا معروضة على لوحات مصورة عن الوثيقة الأصلية للمخطوط التي تسلمها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى إهداءً من قبل السيد عبدالناصر الصديقي، وذلك في لقاء خاص في 1 سبتمبر 2021م. حيث ورثها عن جده المغفور له القاضي الشيخ يوسف بن أحمد الصديقي، حيث كانت من مقتنيات مكتبته العلمية رحمه الله.
إذ يعتبر هذا المخطوط المعروض دونها ونسخها السيد محمود بن عبدالرحمن آل محمود في عام 1880م على منهجية العلامة الزواوي في إعداد التقاويم الفلكية امتدادا لروزنامتي الزبارة" الصادرة في 1780م و "الزبارة البحرين" الصادرة بعد ضم جزر البحرين، على يد الزواوي.
يذكر أن مركز الوثائق التاريخية تأسس في عام 1978م في عهد المغفور له بإذن الله أمير البلاد الراحل صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى عندما كان ولياً للعهد. وانطلاقاً من حرص جلالته واهتمامه بتراث وتاريخ وحضارة البحرين العريق، أمر جلالته بإلحاق المركز مع ديوان جلالته آنذاك. وبموجب نص المادة الثالثة من الأمر الملكي السامي رقم (18) لسنة 2008، تم اعتماد المركز رافداً ومكوناً أساسياً وأحد فضاءات وإدارات مركز عيسى الثقافي. ويسعى بأن يكون باعثا ومرجعا لمهنة وثقافة التوثيق والتأريخ، وبالتالي قِبلةً للمؤرخين والباحثين والمهتمين محلياً وعالمياً، وعلى هذا وذاك مساهماً فاعلا في تأصيل وترسيخ هوية مملكة البحرين العربية الإسلامية.